أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ملكوت هذه الارض -هدى بركات-















المزيد.....

ملكوت هذه الارض -هدى بركات-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 12:55
المحور: الادب والفن
    


والتراث الماروني اللبناني ملكوت هذه الأرض
هدى بركات

تشكل هذه الرواية التي تحدث عن أوضاع مسيحي لبنان وخاصة الموارنة منهم وثيقة تاريخية عن موارنة لبنان، فهي تتناول أحوالهم وأوضاعهم منذ العهد التركي مرورا بالاستعمار الفرنسي ثم الاستقلال وفترة التألق والرفاهية التي امتاز بها لبنان، مرورا بالحرب الأهلية وتهجير العديد من اللبنانيين إلى الخارج، فهناك قيمة تاريخية للرواية، وذلك لإبرازها هذه المعطيات الاجتماعية والفكرية لمسيحي لبنان.
السرد الروائي يشكل أهم ميزة في هذا العمل، فهناك قدرة غير عادية عند الكاتبة على السرد، وبطريقة فذة، فقد استطاعت أن تشكل وتنوع رواه السرد الروائي، من سلمى إلى طنوس وبطريسة إلى الخال، فالكاتبة استطاعت أن تحرر ذاتها من عملية السرد من خلال إعطاء ذلك الدور لأبطالها.
كما أن الرواية تحدثت عن مجموعة من الحكايات الشعبية التي يتناولها اللبنانيون، حكاية عطارد التي ولدت امرأة الجان، وحكاية الجد حنا واوائه للزائر الذي منحه ليرة ذهب، وحكاية مارينا التي ترهبنت بصفتها رجلا باسم (مارينوس) وليس امرأة، وتحملت وزرا زورا وبهتانا عندما اتهموها باغتصاب ابنة لفنوتيوس، فقبلت التهمة وتربية الطفل، مع أنها كانت قادرة على تفنيد وتكذيب التهمة مباشرة، وبعد وفاتها، وعندما اخذ الرهبان يجهزون الميت عرفوا بأنها امرأة وليس رجلا، وعندها "فجثى الرهبان أمام الجثمان الطاهر مستغفرين يسوع وروح القديسة الطاهرة مارينا" ص117، فهي توثق تلك الحكايات من خلال إعادة سردها في الرواية، وهذا ما أعطا الرواية لمسة تراثية ناعمة.
كما أن الأناشيد الدينية المسيحية تناولتها الكاتبة من خلال "أنا الأم الحزينة ولا من يعزيها.. لهفي على أمة قتلت راعيها.. ناح الحمام على تشتت أهليها .. عذاري أورشليم تبكي على بنيها" ص83، فالرواية تهتم بالتفاصيل التراثية اللبنانية كتأكيد على أصالتها أولا، ثم التذكير بها والحفاظ عليها ثانيا.
التراث الديني الماروني كان حاضرا في الرواية، فهناك العديد من المشاهد التي قدمتها لنا الكاتبة في روايتها تتحدث عن هذا التراث "وقال خي لابا لطنوس، بان الناس يتمازحون اثنين الفصح، والرجال يرشون نسائهم بالماء قائلين لهن: حتى لا تذبلن يا مباركة.. فالفصح هو موسم الماء واقتراب ربيع الشجر والنبات" ص99،
قدمت لنا الرواية الصورة الزاهية للرهبان الأتقياء وذلك عندما تحدثت عن ريس الدير الذي عمل على تقليد السيد المسيح بغسل أرجل التلاميذ "بعد أن لبس طنوس المسوح، لباس المبتدئين الصوفي السميك الذي يهري الرقبة، جلس إلى جانب الإخوة ورفع رجليه ـ كما فعلوا ـ ليغسل بونا ألخوري أقدام الجميع، يجففها بالفوطة ثم يقبلها، كما فعل يسوع لتلاميذه" ص91، مشهد يشير إلى التواضع والعطاء عند الرهبان، فهم يمثلون حالة من الصوفية والتواضع الذي يرفعهم عن الآخرين، وهذه الصورة النقية للرهبان تحدثنا عن الطابع الديني النقي والمحب للآخر.
استخدم الكاتبة للهجة المحكية اللبنانية، جعل من الرواية رواية لبنانية بامتياز" أيش في؟ يا عدرا دخلك.. أيش في؟" ص138، فحضور اللبنانية كان قويا من خلال هذه اللهجة، لكن ما يؤخذ عليها هو استخدام عين اللفظ غير ألائق عندما يسب الرب أو الدين كما في الصفحة 52 و146، وهنا كانت عملية نقل الشتم تمس مشاعر المتلقي وتجعله يشعر بخروج النص عن المألوف.

تفكير الموارنة
تناولت الكاتبة العديد من الافكار التي يفكر بها الموارنة، خاصة تلك التي تتعلق بالمحيطين بهم إن كانوا لبنانين أم غير لبنانين، فهي تحدثنا عن الفكرة السلبية التي يفكر بها الموارنة عن الفلسطيني، وأيضا عن الطواف اللبنانية الأخرى، "قال خالي:مع الاحترام يا أبونا كيف ننسى؟ ثم معلش أنا أسألك سؤالا واحدا" أمام كل الأعداء المحيطين بنا، شيعة بعلبك المحميين من بلاد فارس، وإسلام الضنية وطرابلس الذين يحميهم بنو دينهم من تركيا حتى بلاد الكعبة، وروم الكورة الذين ترد الأخطار عنهم سفن موسكوبية تصلهم من هناك بلحظة، داير داير من تبقى؟ هذه دائرة النار التي تحيط بنا، ماذا يتبقى لنا غير السماء، إلى فوق. عند الرب. الرب لنا، وحده .." ص147 فمثل هذا النقل الموضوعي كان يوحي لنا بان هناك مشكلة حقيقية عن الموارنة تتمثل في طريقة تفكيرهم بالآخرين، فمنهم من يعتقد بأنهم (الفئة الناجية ) الوحيدة من دون المسيحيين وأيضا دون البشر، وهذه الصورة وغيرها كانت تأكيد من الكاتبة على وجود خلل داخلي في البنية المارونية اللبنانية في الأساس، كما أن مثل هذا الطرح يشير إلى أن الموارنة كانوا في عزله عن المحيط اللبناني، وكأنهم يعشوا في كهوف الجبال.
وقد توغلت الكاتبة أكثر في نقدها للموارنة وطريقة تفكيرهم المتحجرة عندما تحدث خالها بعد عملية النصب التي تعرض لها في مصر فيقول "لا تقل أنت حمار، لكن هذا هو عالم الفن. نصابون وعكاريت. عالم شراميط. ومسلمون يتكاتفون على المسيحي. قد تقول لي أن صباح وبديعة وآسيا و... نجحوا في مصر وهم مسيحيون. أنا أجيبك أنهم اسلموا سرا ولا يقولون. لا يعترفون. وألا ، مثلا، على سبيل المثال، كيف تزوجت صباح من مسلم وتزوجت وطلقت عدة مرات إن لم تسلم؟ هاه؟ كيف؟" ص275 و276، إذن هناك مشكلة في طريقة التفكير عند الموارنة، تتمثل في ( المؤامرة) التي يحيكها الآخر لهم، فالكاتبة من خلال هذا الطرح كانت تؤكد على وجود خلل واضح وصريح في طريقة التفكير عند هؤلاء القوم، وهي من خلال هذه النقد، تكون تحررت من المباشرة، حيث طرحت فكرتها الناقدة، عن طريق شخوص الرواية.
تطرق الكاتبة إلى عبد الناصر، يشير بطريقة أو بأخرى إلى الأثر التي تركه هذا الرجل على المجتمعات العربية، بصرف النظر عن هذه النظرة إن كانت سلبية أم ايجابية، فحضور هذا الرجل يعد أمرا لا مفر منه عندما يكون الحديث عن واقع المنطقة عربية، "اليهود احتلوا فلسطين من زمان وطردوا الناس، أو إنهم باعوا بيوتهم وأراضيهم وهربوا، من زمان حدث هذا الأمر فلماذا هذه الحرب الآن..؟ ثم صارت الناس تقول عبد الناصر يريد أن يتمرجل على اليهود. وراح البعض يتحمس لعبد الناصر، فلو ربح الحرب سيأخذ الفلسطينيين ويريحنا منهم ويردهم إلى أرضهم.. والبعض الآخر كان يقول أن عبد الناصر سيكسر شوكة المسيحيين إن هو ربح على اليهود، من اجل أن يسيطر، وسيربي القمل في رؤوس الموارنة على نحو خاص إذ هم الأصل في استقلال لبنان. فالآخرون من روم وغيرهم، وفيهم الشيوعيون والقوميون، لا يهمهم لبنان الوطن بل هم يتحالفون مع المسلمين والروس والسوريين ضد الوطن، وكل عمرهم خونة يتآمرون ويحضرون لانقلابات" ص316، هذه السرد يوضح حجم الجدار الكبير الذي يفصل الموارنة عن محيطهم، فهم يعتبرون أنفسهم خارج الجغرافيا والسكان، وكـأنهم مختارون من الله، بطائفتهم، فما دونهم كفار متآمرون خونة، وهم الأتقياء.
الاستمرار في نقل الواقع الماروني، والكيفية التي يفكرون بها، كان يؤكد ليس على إصرار الكاتبة على نقد هذا الواقع وحسب بل والتناقض معه، فهي قد أعطتنا صورة الجهل والتخلف الذي يغطي عقول الطائفة المارونية، وكيف أنهم يشعرون بالتقارب مع اليهود لوجودهم كأقلية في محيط معادي، "صارت مارغو، على سطح بيتها، تلوح بما في يدها للطائرات وتقول فيفا فيفا أشكول. والله الشاطر ما يموت. احرقوا دينهم. فيفا أشكول. فيفا بنغوريون. اكتسحوا ملاين المسلمين بكم يوم، وهم مثلنا قليلون. فيفا انزلوا هنا أعمل لكم طاولة لآخر الساحة، ...قلت لها :لماذا افرح؟ هناك بحر من دم القتلى. الله يعين أمهاتهم.. ثم لماذا افرح وسيكثر عندنا عدد الفلسطينيين. قالت: لكننا سندعسهم بهذه الصرماية مهما كثروا." ص317، بمثل هذا التفكير تريدنا الكاتبة أن نكفر، فهي قدمت لنا الكثير من النماذج كتأكيد على تناقضها معه، مارغو تمثل حال الذين يفكرون بطريقة طائفية، فهم يقلبون المفاهيم، يتشبثون بالأوهام، يجعلون الحق باطل والباطل حق، من هنا نقول بان الكاتبة نجحت في جعل المتلقي يشمئز من طريقة التفكير الطائفية، وأيضا أكدت بان الطائفة تشكل السرطان الذي ينخر جسد الوطن والمواطن، فهي من خلال أحداث الرواية جعلتنا نوقن بوجود قنبلة هائلة ستنفجر بنا جميعا، في حالة استمرار وجودها، ألا وهي الطائفة.

علاقة أسم الرواية بمضمونها
هناك انسجام واضح بين اسم الرواية ومضمونها، فالعلاقة بين الاسم الذي يوحي إلى مدلول ديني مسيحي، وبين الحديث عن موارنة لبنان كان يؤكد على الترابط والانسجام بين الاسم والمحتوى، فالنص الروائي كان بشكل شبه دائم يعمد إلى التذكير بمسيحية الشخوص من خلال الأحداث الروائية والحوار، فمثل كانت كلمة "العذراء" تتكرر كثيرا دليلا على مسيحية الأبطال وأيضا على لبنانيتهم، وهناك القسم بها بشكل كبير حتى أن المتلقي كان يشعر بان حضور العذراء كان اكبر وأكثر من المسيح نفسه، ولعل هذا الأمر كان مقصودا من الكاتبة، لإعطائنا صورة واقعية عن طبيعة الدين المسيحي.

رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستمع أيها الصغير
- خربشات عربية
- طريقة تفكير العربي
- مسرحية الإستثناء والقاعدة بريخت
- المرأة بكل تجلياتها في رواية -الوطن في العينين- لحمدة نعناع
- الحضارة الهلالية والتكوين التوراتي (النص الكامل)
- الحضارة الهلالية (الفلاح والراعي)
- قصة حب مجوسية
- الحضارة الهلالية (الجنة)
- الحضارة الهلالية (البعل راكب السحب)
- اللغة في غير محلها
- سفر الموت في -مفتاح الباب المخلوع
- الحضارة الهلالية (قدسية رقم سبعة)
- التكوين الهلالي والتوراتي
- نحن العرب
- التأثر المصري في التكوين التوراتي
- الخطوط البارزة في التاريخ (المدن الشامية)
- الخطوط البارزة في التاريخ (الدولة الاشورية)
- الخطوط البارزة في التاريخ ( الدولة البابلية)
- عصر الدويلات السومرية (آور)


المزيد.....




- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ملكوت هذه الارض -هدى بركات-