أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - قصة قصيرة __ القيامة














المزيد.....

قصة قصيرة __ القيامة


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 20:44
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة .... ____ .. القيامة ..! ___
*________________________ لم يجتاحوا البلدة دفعة واحدة ..كان قد سبق اجتياحهم لغط مشوب باحزان قاسية , مكثت تتصاعد في نفوس الخليقة , تاركة آثارا من الخوف تطبع ملامحهم , وتعكّر سحنهم الشاحبة , وقلوبهم الناضحة بالرعب من اولئك الذين سيحيلون كلّ شيء إلى خراب , خراب سيأتي على كلّ شيء ..في مسيرة عصيبة حافلة بالموت والمكابدات , .. فشرع اغلب السكان المحلّين ,بحفر انفاق وسراديب ومواضع شقّية احتلت معظم مساحة البيوتات ! المتباعدة والمتصلة وحتى تلك التي تطل , على جروف الانهار بمنأى عن الكارثة ,والقائمة وسط براري نائية ,.. حتى اولئك اعتراهم الفزع , فشرعوا بانشاء انفاقا طويلة تتصدر مداخل البلدة , وأٌغلقت اغلب المماشي السالكة والممرات الفرعية . اغلقت ببراميل تالفة وحجارة واكياس معبأة بالتراب والحصى , وجعلوا يسيّجون الساحات العامة , المشرفة على الشوارع الئيسة بالآجر والصفائح والأنابيب الصدئة , فبدا السياج في تشّكيلته الغريبة اقرب ما يكون الى آثار انقاض , بلدة او مديّنة تحت القصف , كما باشروا بتشّيد ربايا ونقاط محصّنة للحراسة والرصد , تتصل بخنادق ممتدّة على طول المماشي المفضية للنهر , خنادق تفيض بالمؤنة التي كانوا قد دخروها للاوقات العصيبة ,... ومكثوا ينتظرون , .. مرّ وقت مهوّل على انتظارهم , نمت خلاله اوجاع وتفشت اوبئة وراحت الأنيميا تغزو ملامحهم ,وسادت فوضى عارمة , وخوف ما انفك ينمو ويتصاعد لوقت طويل لم تخفت خلاله جذوة الرعب .. لم يكن احد يفكّر بالعودة إلى البيت .. بل بقي هائما على خوفه واحلامه في النجاة ..مكثوا ينهبون الشوارع المقفرة , مشيا طوال الليل والنهار ! باقدام راعشة . يترامقون وجلين , يتبادلون الندم والذكريات في صمت مريع ! عازفين عن الكلام المخيف متوجسين , يترقبون مذعورين هلعين حلول طلائع الغزاة الذين احالوا نهاراتهم المضية الى ظلام متصل تتعاقب فيه الاحزان تترى وتزداد نموا وصعودا تتدفق من اعماق ذلك الصمت المريب . صمت المدينة ,ذلك الصمت لقاسي الذي يحفر في الاسماع والنفوس . صمت له وقع الموت .. صمت يشبه تلك الانباء غير السارة التي جعلت تتوتر اليهم وهي تنتشر في مفاصل المدينة فاشاعت الرعب ودفعت السكان في تشكيلات يسودها الوجع الى المكوث وراء الجدران الرطبة والظلام , وملازمة سراديبهم الناضحة بردا وخوفا ! ... ولما افاقوا مذعورين ذات نهار مهول على صوت منبهات صفارات الانذار , لم يتمالكوا نفوسهم من شدة الخوف والحزن المطبق على نفوسهم ..جفلوا لما سمعو نساءهم تطلق عويلا متصلا مباغتا يخترق الاسماع والصمت والجدران ويتصاعد صاخبا ساخطا ملتحما بصراخ الاطفال وحفيف الريح والاشجار وصرير الابواب وأنين العجائز والكهول .. ولما اطلّت طلائع الصباح باشرعة النور لاحت عبرالنور المنسفح كثيفا اكوام من الجثث النافقة المفروشة عند مداخل المدينة .. جثث مشوّهة تحت خراب الجدران والملاذات الهشّة .. جثث تطفو على سطوح برك عطنة وعلى صفحة النهر وسط الطحالب والجروف المدّغلة .. جثث تتحلل تحت الشمس عند دكات متاجر وتحت الجسور وفي باحات مشفيات مهجورة , ومباني وزارات , وجدران المحاكم والازقة والحدائق , والخلوات المريبة وحطام العمارات .. جثث مبقورة ومدماة ومجفّفة وليّنة ..جثث بلحي وشعور طويلة نافرة , وبرؤوس حليقة وبسراويل رثة ولامعة .. جثث ببطون منتفخة واحشاء مندلقة وبعيون منطفئة .. جثث بلا رؤوس بلا علامات فارقة بلا سيقان بلا ملامح .. جثث تتوسد احلاما وخرابا وذكريات وحطاما وغبارا وظلاما .. كانت تلول وصفوف واكوام مهوّلة من الموت والصمت ولخوف والجثث .........فتملكهم الرعب ,, فشرعوا يجرون في الشوارع المقفرة بلا هدى , رجالا ونساء واطفالا وكهول وعجائز وكلابا وقططا وجرذان وخرقا ونفايات !! يركضون باتجاه الريح الخافقة بالحزن والويلات والشقاء والحرمان , حاسرين الرؤوس يسابقون الريح والغبار والموت , يرتطمون بالصمت والجثث والخوف . يركضون متدفقين من منافذ شتى , يبحلقون مرعوبين في ملامح الموت المطبوع على الجثث فيزداد جريهم ورعبهم وصراخهم .. فحين كانت الطائرات تحلّق على ارتفاعات خفيضة , فوق رؤوسهم ترسل موتا بالجملة والمفرد يحوم في الفضاء والريح والشجر والحجر . ترسل موتا زئاما جعل هذه المرة يتدفق من مواطن شتى غامضة , فلم يملكوا الا ان يواصلو الركض في مسيرة عصيبة عاصفة بالحطام والخراب والبكاء والندم واليأس .. كانوا تشكيلات مروعة من الخراب والموت تجري في الازقة والساحات , مولين ظهورهم للبيوتات التي ظلت مشرعة على افق من الموت والريح والتحلل .. يجرون اثر الريح . يتعقبون بقايا اصداء نواح ترسله الريح فيشتد جريهم الحافل باللاجدوى , غير مكترثين لما يحدث هناك وراءهم عند البيوتات التي بقيت نهبا للقصف والخراب .. في الطريق العصيب الوعر طالعتهم مبان اتى القصف على اغلبها فازداد ركضهم .. ولكن إلى اين .. انتهت ..



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية مخطوطة في مقاطع / بقايا الجندي الطائر / 2
- رواية مخطوطة / بقايا الجندي الطائر / المقطع 3
- مقطع من روايتي المخطوطة / بقايا الجندي الطائر
- رائحة الجندي
- الرصاصة والزنبقة
- النهار الاخير
- ..... يحدث في زمن البكاء والنسيان ..
- عزف على وتر الخراب
- نوافذ الأباء والنساء
- دهشة
- منزل عند الضاحية البعيدة من الوجود */ قصة قصيرة
- نهارات سود
- شرخ في جدار الذاكرة
- تحت سماء محايدة
- الطفولة ليست بريئة دائما
- كلهم سيهربون
- نزوح صوب مرافىء الجوع والتيه


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - قصة قصيرة __ القيامة