أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - الاقتصاد والماركسية .. 15















المزيد.....


الاقتصاد والماركسية .. 15


فواز فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 18:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقايا الاقطاعية في العصر الحديث ..

كانت المؤسسات الصناعية الرأسمالية التي نشأت في قلب النظام الإقطاعي تتميز في البداية عن ورش الحرفيين بعدد العاملين فقط , بينما بقيت تقنية الإنتاج واحدة في كل منهما , إلاّ أن الورش الرأسمالية كانت تشغّل عمال مأجورين يفوق عددهم كثيراً الاجراء والصنّاع عند الحرفيين ..
كان الرأسمال يُخضِع العمال في البداية على أساس التكنيك الذي وجدهُ , لقد أتاح اشتغال عدد أكبر من العمال في الورش الرأسمالية تنظيم عملية الإنتاج بشكل أكثر عقلانية , وخلق الشروط لتحسينهِ باستمرار , ويكفي القول أن التعاونية الرأسمالية البسيطة ( المشاركة الجماعية للكثير من العمال المأجورين في سياق العمل الذي لم يتجزأ بعد الى عدد من العمليات المرتبطة فيما بينها ) تتمتع بمميزات كثيرة قياساً الى الورش الحرفية , أنها ساعدت على خلق قوى منتجة جديدة تؤمن انتاجية عمل أكبر , ويتمتع الرأسمالي بجميع فوائدها مجاناً ..
لقد سارت التعاونية الرأسمالية البسيطة في كل مكان نفذ اليه الرأسمال واستُخدِم فيه , فكانت هذه التعاونية نقطة انطلاق تطور اسلوب الانتاج البرجوازي , وقد دلّت التجربة باستمرار على أن أكثر الأعمال الإنتاجية يتم تأمينها عند تقسيم العمل الى الكثير من العمليات ( التخصص ) , وعلى هذا الأساس تم ادخال تقسيم العمل الى الورش الرأسمالية التي تضم العمال مهما كبر عددهم أو قل ..
فالمؤسسات الرأسمالية التي تستخدم عمالاً مأجورين , يعملون يدوياً على أساس تقسيم العمل تسمى بالمشاغل ( مفردها كلمة .. مَشغَلْ ) وبتعبير أصح .. ان المشاغل هي عبارة عن تعاونية قائمة على تقسيم العمل ..
ولدت المشاغل ( المانيفاكتورة ) في القرنين الرابع عشر والخامس عشر , ولم تصبح الشكل المميز للإنتاج الرأسمالي إلاّ في منتصف القرن السادس عشر , وسادت حتى الثلث الأخير من القرن الثامن عشر , ولهذا السبب سمّيت مرحلة تفكك الإقطاعية بمرحلة المانيفاكتورة ( مرحلة المشاغل ) للرأسمالية .
وقد تحول انتاج المشاغل فيما بعد الى انتاج رأسمالي , ومع نشوء الصناعة الآلية الضخمة تغلبت الرأسمالية نهائياً على الإقطاعية , وأصبحت اسلوب الانتاج السائد .
لقد حدثت عملية تفكك الاقطاعية ونشوء الرأسمالية في اوربا الغربية بشكل واسع وسريع , على العكس من باقي مناطق العالم , وقد وجدت هذه البلدان ظروف ملائمة كل الملائمة لتطور الرأسمالية وتقدمها ..
أما في آسيا وباقي قارات العالم ومنها اوربا الشرقية فبقيت الاقطاعية سائدة في قسم كبير منها بسبب الغزوات التي تعرضت لها وحالات التدمير المتكررة لبنيتها التحتية ونهب مقدراتها , ومن العوامل التي لعبت دوراً هاماً في تطور اقتصاد بلدان اوربا الغربية هو أن قواها المنتجة لم تتعرّض في الماضي لمثل هذا الدمار المتواصل والناتج عن الغارات والحروب الاستعمارية التي أفقرت قارات العالم الاخرى وبعض بلدان اوربا الشرقية نفسها , وهكذا كانت بلدان اوربا الغربية تتمتع بظروف أكثر ملائمة لتطور القوى المنتجة والأشكال الرأسمالية للإنتاج , وكانت الرأسمالية في هذه الظروف اسلوب الانتاج الأثر تقدمية والذي خلف الاقطاعية ..
لقد تعرّض تاريخ دراسة الاقتصاد السياسي في الماضي لتشويه كبير للتعتيم على حقيقة أن الجزء الوحيد في العالم حتى منتصف القرن العشرين والذي كانت الرأسمالية فيه هو نظام الانتاج الملائم هو اوربا الغربية , لا روسيا ولا الصين ولا الهند ولا أية بقعة من العالم دخلتها طلائع الرأسمالية الناشئة إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية , فالحروب التي دارت على أراضي هذه البقاع من العالم تسببت في عدم تشكل المقدمات الأولية لظهور علاقات الانتاج الرأسمالي , ولكن بعد الحربين العالميّتين وقعت قسماً من هذه البلدان تحت تأثير الرأسمالية الاوربية الفتيّة كمادة للاستعباد الاقتصادي والنهب , وتحولت بالتالي الى بلدان مستعمرَة اقتصادياً ..
بالإضافة الى الحروب الاستعمارية ساهم تشديد عمل السخرة , واستغلال الفلاحين الأقنان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في عرقلة وصول روسيا وبلدان آسيا الى مرحلة الانتاج الرأسمالي , وهو أمر كان مرتبطاً بزيادة الانتاج السلعي للقمح في اراضي الاقطاعيين في هذه الدول من اجل تصديرها الى بلدان الرأسمالية الناشئة في الغرب ..
كان التسلسل الاقطاعي والعلاقات الاقطاعية المتبادلة يربط جميع الاقطاعيين من الملك الى أصغر اقطاعي في الدولة في منظومة سياسية موحدة ( سينيورات , بارونات , لوردات .. وغيرها ) , وكان الاقطاعيون النبلاء يتزعمون الدولة ويحتلون مركز الصدارة في الطبقة السائدة , ويتمتعون بأعظم الامتيازات السياسية والاقتصادية , يضاف اليهم رجال الدين الذين كانوا من المالكين للأراضي الشاسعة كطبقة اقطاعية محسوبة على الطبقة السائدة ..
كانت السمة المميزة لنظام الاقطاعية السياسي هي تفتته الواسع , وكان يُنظر للملك كصاحب سلطة واسع , إلاّ أن أهمية هذه السلطة في فجر الإقطاعية كانت تافهة لا تتعدى حدود ملكيات الملك الخاصة , وكثيراً ما كانت هذه السلطة اسمية في البداية , في هذا الزمن كانت اوربا مقسّمة الى مملكات كبيرة جزئت بدورها الى ملكيات اقطاعية كبيرة وصغيرة , وكل اقطاعي في هذه الملكيات هو السيد في ملكيته ويتمتع بسلطة مطلقة فيها , كان يجمع بين يديه سلطة الادارة والشرطة والقضاء ,كما كان يجني الضرائب والرسوم الجمركية , ويشرّع القوانين ويراقب تنفيذها , ويشكل جيشهُ الخاص ويخوض الحروب ضد الاقطاعيات الاخرى , ويعقد الاتفاقات وغيرها ..كان اقطاعيو الطبقة الأدنى يتشبهون بكبار الاقطاعيين الأسياد ويحاولون تقليدهم في كل شيء ..
أما التفتت السياسي في فجر الاقطاعية فيجد تفسيرهُ في التطور الضعيف للتقسيم الاجتماعي للعمل , وفي ضآلة الروابط الاقتصادية القائمة بين اقطاعات الاقطاعيين , باعتبار ان كل اقطاعية كانت استثمار طبيعي مغلق , وكان التفتت الاقطاعي عائقاً كبيراً أمام تطور القوى المنتجة , والإنتاج السلعي , والتبادل ..
وكان تقدم التطور الاقتصادي والإنتاج السلعي يتطلبان تصفية ذلك التفتت ..
ومع تشكل الاسواق الوطنية فيما بعد .. خلقت أيضاً المقومات الاقتصادية لتمركز السلطة الحكومية , وكانت البرجوازية الناشئة ذات مصلحة في القضاء على الحواجز الاقطاعية وإقامة السلطة الحكومية المركزية ..
كان الملوك يحققون هذهِ السلطة الحكومية المركزية عن طريق مكافحة كبار الاقطاعيين والوقوف ضدهم , واعتمد الملوك في خطواتهم هذهِ على كبار المثقفين , وبرجوازية المدن الناشئة , وعلى متوسطي الاقطاعيين , وقد وجهوا ضربة قاضية في العديد من البلدان للأرستقراطية الإقطاعية وتمكنوا من توطيد سلطتهم , ونتيجة لذلك تشكلت الحكومات القومية الكبرى , تحت شكل ملكيات مطلقة , ولقد ساعد هذا الأمر على تصفية التفتت الاقطاعي وعلى تطوير علاقات الانتاج الرأسمالية ..
بالإضافة الى سيطرت الحكومات القومية الكبرى التي ساعدت على تصفية التفتت الاقطاعي , كان هناك عاملاً آخراً ساهم الى حد كبير في تسريع الانتقال الى علاقات الانتاج الرأسمالية , وهو ثورات الفلاحين عبر العالم ..
ومن هذه الثورات ..
ــ أكبر ثورة للفلاحين في العالم في انكلترا في القرن الرابع عشر بزعامة أويت تايلر ..
ــ ثورة الفلاحين في فرنسا في القرن الرابع عشر ..
ــ حرب الفلاحين في المانيا في القرن السادس عشر بقيادة توماس ميونتسر ..
ــ حربي الفلاحين في روسيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر بزعامة كل من ستيبان رازين , وايميليان بوغاتشيف ..
ــ حرب الفلاحين التبتيين في الصين في القرن التاسع عشر ..
كانت الأهمية الثورية لهذه الحروب , وثورات الفلاحين في العالم تتجسد في أنها زعزعت أركان الاقطاعية , وعمقت ازمتها , طبعاً باستثناء روسيا والصين التي لم تحقق ثورات الفلاحين فيها أي نجاح بل ساهمت الى اعادت علاقات الانتاج خطوات كبيرة الى الوراء بدلاً من تحقيقها النجاحات المرجوة ..
أما ثورات الفلاحين في اوربا فقد استخدمتها البرجوازية بقوة للسيطرة على السلطة السياسية في هذه القارة , واستبدال الاقطاعية بالرأسمالية , وكان الفلاحون دائماً الطبقة الثورية في الثورات البرجوازية التي حدثت في السابق , إلاّ أن ثمرة هذا النضال الثوري كانت تقطفهُ دائما الطبقة البرجوازية المتسلقة الى السلطة على اكتاف الفلاحين وهو العنوان الابرز لكل ثورات الفلاحين في التاريخ ..
وإذا ما تم تسليط الضوء على ثورات الفلاحين هذه سنجد انها كانت تحمل طابع العفوية والفوضى , فقد كانت تحمل تحت جناحها صغار الفلاحين والملاكين منهم , وكانت مبعثرة لا تجمعها روابط مشتركة , ولم تكن تحمل برنامجاً قوياً موحداً , كما أن الطبقة العاملة منذ القرن الرابع عشر وحتى القرن التاسع عشر كان طبقة ضعيفة العدد وضئيلة القوة والتأثير وحتى تتمكن الثورات الفلاحية بالفعل من الوصول الى النهاية كان يتوجب عليها التحالف مع طبقة العمال إلاّ أن الاسباب المذكورة اعلاه حالت دون هذا التحالف وبالتالي تركت الساحة للبرجوازية للظفر بثمار هذه الثورات ..
ورغم الزعم القائل في أغلب كتب الاقتصاد السياسي بأن الاقطاعية انتهت من الوجود إلاّ أن هذا الكلام لم يكن يلقى صداه على ارض الواقع عندما وجد ماركس ان الخلاص منها يرجع الى تطور العلاقات الانتاجية في المجتمعات وهذا ما لم يحدث في القسم الأكبر من دول عالمنا المعاصر ..

أمثلة ..

الولايات المتحدة .. يعتبر البعض الولايات المتحدة الدولة الرأسمالية الاولى في العالم , لكن .. توجد الاقطاعية بنظامها الدموي الاكراهي بأسطع صورة في العديد من ولايات هذه الدولة حتى يومنا هذا , ويستخدم الفلاحون القادمون من امريكا الوسطى والجنوبية في اقطاعيات كثيرة , ويستخدم الاقطاعيون اجهزة الشرطة والجيش لبسط نفوذهم والسيطرة على الفلاحين في بعض الأحيان والتهديد بالسجن والترحيل في أحيان اخرى ..
بالإضافة الى وجود النظام الاقطاعي في الولايات المتحدة هناك الكثير من الأنظمة الاقتصادية المطبقة في الولايات الشمالية التي يقطنها اغلبية المانية واسبانية , كالاشتراكية المسيحية وغيرها ..
الصين ..
عندما حدثت ثورات الفلاحين في الصين في القرن العشرين والتي انتهت بالثورة الصينية التي اطلق عليها الثورة ( الشيوعية ) لم تكن الصين قد وصلت مراحل متقدمة في الاقطاعية , فوجد الصينيون صعوبة بالغة في اختيار الشكل السياسي للحكم , من المهم ملاحظة أن أكثر من نصف الدولة الصينية وخاصة منطقتي الشمال والغرب بقيت حتى بعد ما يسمى بالثورة الشيوعية في الصين بيد الاقطاعيين , ومكث اتصال السلطات الصينية بتلك البقعة في البلاد من خلال التفاوض مع ممثلي الاقطاعيين في تلك المناطق للحفاظ على الأمن فقط أما التدخل في شكل النظام الاقتصادي فيها فكان مستحيلاً بسبب قلة أفراد السلطة الجديدة والسلطة المطلقة لإقطاعيي الشمال والغرب وكثرة عدد الجيوش الخاصة التابعة لهم ..
وحتى يومنا هذا تحكم الاقطاعية مناطق شاسعة من الصين , وبعد اصلاحات دينغ شياو بينغ دخلت طلائع الرأسمالية وبنوكها ( الأمريكية والبريطانية بالذات ) والشركات العملاقة في مقدمتها ( جنرال ألكتريك وتفرعاتها سوني وسامسونغ وبوش ومازدا وميتسوبيشي وغيرها الساحة الصينية بالإضافة الى شركات بريطانية والمانية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالرأس ) الى الصين وبمساعدة قادة الشيوعية هناك وراحت تعبر المراحل في خمسة من كبريات المدن الصينية لتحدث هوة واسعة بين المدن والأراضي الأخرى في الشمال والغرب , وليس غريباً أن يكون لقادة الحزب الأسهم الكبرى ( في نسبة ال 10% المخصصة للشركات الوطنية التي تتحالف مع الشركات الكبرى عالمياً ) في الشركات والمشاريع الجديدة التي غزت البلاد ..
وإذا اردنا ان نحكم على شكل النظام الاقطاعي في الصين ما قبل الثورة الفلاحية الشيوعية وما بعدها سنجد أنها لا تختلف إلاّ في تغيير الاقطاعية الصينية من ملابسها الشعبية القديمة الى ملابس عسكرية ومدنية حديثة وبقي النظام في الحقبتين اقطاعي الاول اكراهي علني يحمل طابعاً اقتصادياً , والثاني اقطاعية شيوعية بمساعدة من الشركات الكبرى بشكل سري والتي هلهلت لهذا التغيير في شكل الاقطاعية وملابسها , فلم تقدم الاقطاعية الشيوعية للصين إلاّ المقدمات الضرورية لخلق طبقة عاملة متعلمة تتأهب لحقبة الرأسمالية المستوردة من الغرب والتي تشهدها الصين منذ الاصلاحات التي تحدثت عنها ..
وبقي الفلاح الصيني يعاني الجوع في الحقبتين وتوسع الفارق بين العامل في شنغهاي من ناحية الاجور ( 400 دولار أمريكي في الشهر ) عن العامل في الشمال والغرب ( 4 دولارات في الشهر ) . الأول خضع لدورات تدريب مهني تقوم بها الشركات الغربية الوافدة لعمالها من الصينيين , والثاني يقع تحت نير حكومته الفاشلة التي لا تعي ما يحدث على ارض الواقع اقتصادياً ..

روسيا ..
لم تتمكن الثورة الروسية من احداث تغيير جذري في شكل المرحلة الاقتصادية الاقطاعية التي عاشتها روسيا حتى لحظات الانتقال الجذري للسلطة , فرغم تفهم لينين لشكل النظام الاقتصادي ومحاولة ايجاد بديل جذري له لم يتمكن من اكمال مشروعه فعادت روسيا الى الاقطاعية بملابس جديدة بعد وفاته , وبقيت جمهوريات ومدن عديدة تعيش تحت نفس النظام الاقتصادي الاكراهي , بينما تخبطت الدولة بأكثر من شكل لإدارة الاقتصاد طوال سبعة عقود , وبعد خلع العسكر لملابسهم الاقطاعية عادت جمهوريات عديدة الى حالتها الطبيعية التي تشبه في بعض جمهورياتها الهند , فقسماً عاد الى المشاعة البدائية والقسم الآخر للرق وقسم واسع للإقطاعية بينما انفردت موسكو سان بطرس بورغ باستقبال طلائع الرأسمالية علانية بعد أن كانت مخبئة بعباءة اخرى طوال الفترة التي تلت وفاة لينين ..

البرازيل ..
تعيش مساحات شاسعة من اراضي البرازيل تحت اقطاعية واسعة تسمى شركة الفواكه المتحدة , وهذه الاقطاعية التي تأخذ أكثر من نصف مساحة البرازيل تجعل عمالها يعيشون عبودية اكراهية لا يتخيلها المرء في القرن الحادي والعشرون , ولهذه الاقطاعية جيش وطائرات وأسلحة ووسائل اعلام ومؤسسات فنية وثقافية ورياضية , وتمنع دخول أي برازيلي الى الاقطاعية بدون عقد عمل او رخصة بهذا الخصوص ..
بينما تعيش كبريات المدن البرازيلية عصراً رأسمالياً متوسطاً فهو ليس بالمتقدم الذي يتمكن من بسط نفوذه على العالم بسبب ربطهِ بالرأس الأكبر عالمياً لهذا النظام , وبالتالي تحكم الرأس بحركته تقدماً وتراجعاً , وليس متخلفاً الى تلك الدرجة التي تجعل واقعه الاقتصادي متقهقراً الى عصر الاقطاع ..

هذه البقايا ليست وقفاً على الدول المذكورة في الأمثلة بل هناك العديد من دول أمريكا اللاتينية وآسيا تنطبق عليها وصف الحالة الاقتصادية هذه ..
ففي ايران الاسلامية الحديثة تحمل الزراعة طابعاً اقطاعياً في العديد من مقاطعاتها , ويكفي ان نقول ان 50% من مجموع أراضي البلاد تحت سيطرة كبار الاقطاعيين , و 35% تحت سيطرة المؤسسة الدينية التابعة لولاية الفقيه , و 10% للدولة , و 5% فقط للفلاحين .. لذلك فهناك 95% من نسبة الاراضي تحت سيطرة الاقطاع ويضطر الفلاح لاستئجار الأرض منهم حتى يتمكن من زراعتها , مع العلم أن القسم الأعظم من اجور هذه الاراضي يقوم على اساس الحصص , ويحصل الاقطاعي على أكثر من نصف الارض كثمن ايجار وفي بعض الاحيان تصل الى ثلاثة ارباع مساحة الارض تاركاً الربع للفلاح الفقير ..
وفي تركيا .. لا تزال مناطق شاسعة في جنوب شرق البلاد وتمتد حتى المناطق القريبة من الساحل الغربي تعيش نظاماً اقطاعياً حتى يومنا هذا , ورغم دخول اسطنبول وبعض المدن التركية الاخرى عصر الرأسمالية , إلاّ أن ذلك لم يمنع في بقاء الاقطاع في الكثير من المناطق التركية ..

الهند ..
تنفرد الهند عالمياً بوجود المراحل الأربعة الاقتصادية في هذا البلد دفعة واحدة , ففي أكثر من ولاية هندية يعيش المجتمع حالة المشاعة البدائية بكل تفاصيلها , وفي مناطق اخرى من البلاد الواسعة المساحة تعيش ولايات اخرى عهد الرق بكل تفاصيله منذ عقود طويلة وحتى يومنا هذا بينما تتسيد الاقطاعية الأكثر نفوذا مناطق شاسعة من البلاد , وأخيراً نظاماً رأسمالياً لا تتجاوز حدوده المدن الكبرى للهند , والذي تسيطر عليه بالكامل الشركات الكبرى ..
ان آثار العلاقات الإقطاعية كبيرة في الشرق رغم أنها شعرت بشيء من الراحة بعد استبدال الاستعمار العسكري المباشر بآخر اقتصادي , وحسب معطيات الاقتصادي الهندي ( نجوفان سين ) وهو يقول ..
(( كان الاقطاعيون الذين يشكلون 2% من سكان القرى عشية القيام بالإصلاح الزراعي يملكون 71% من الأراضي , في حين كان الفلاحون الذين يشكلون الاغلبية الساحقة يملكون 29% من الاراضي , وعلى هذا كانت نسبة 71% من الفلاحين لا يملكون أراضٍ .!! هكذا كانت ثلاثة أرباع الأراضي الهندية تجري في ملكية الاقطاعيين ..))
نجوفان سين .. العلاقات الزراعية في بلدان الشرق .. ص 29 ــ 30

هذه المعطيات تتحدث بكل قوة عن طابع الاقطاع الزراعي في الهند , ولم توّجه الاصلاحات الزراعية في الهند حسب الولايات نحو تصفية الملكيات الاقطاعية , كان هدف هذه الاصلاحات توجيه تطوير الاستثمارات الإقطاعية نحو الرأسمالية , لكنها فشلت في تحقيق هذا الأمر ..
لقد أدت هذه الاصلاحات في الهند من حيث الجوهر الى تخفيض مقادير الملكية لفئة معيّنة من الاقطاعيين , ولكنها لم تقتلع اسس الملكية الاقطاعية في عموم الهند ..
وينطبق هذا الأمر على باكستان ومصر ودول عديدة في العالم تعيش نفس مستوى التطور من الناحية الاقتصادية , وكذلك فان مثل هذه الأشكال من العلاقات الانتاجية الاقطاعية وذات الشكل البربري منتشرة انتشاراً واسعاً في البلدان الافريقية , وهذا ما يدعم بوضوح أكبر مصلحة الرأسمالية العالمية في الابقاء على العلاقات الاقطاعية والعشائرية وتوطيدها ..
لذلك فإن مختلف ألوان الاقطاعية وأعمقها منتشرة في بلدان عديدة من عالمنا المعاصر , وحتى في البلدان الرأسمالية في يومنا هذا ..

أسئلة تتعلق بالموضوع ..
ــ ما هي أوجه الفرق بين الورش الحرفية في العصر الإقطاعي عن التعاونية الرأسمالية البسيطة ؟
ــ ما الذي مثلتهُ التعاونية البسيطة في مطلع اسلوب الانتاج الرأسمالي ؟
ــ ما هي المشاغل ( المانيفاكتورة ) .. ؟
ــ هل حدث تفكك الإقطاعية في اوربا بنفس الوتيرة عن نظيراتها في الشرق ؟
ــ ما هي العوامل الحاسمة التي لعبت دوراً كبيراً في تطور القوى المنتجة في اوربا ؟
ــ لماذا تأخرت القوى المنتجة في الشرق عن التطور بموازاة نظيرتها في الغرب ؟
ــ ما هي السمة المميزة لنظام الإقطاعية السياسي ؟
ــ أين وجد التفتت السياسي للإقطاعية تفسيره ؟
ــ هل لعبت السلطة السياسية في عصر الاقطاعية متمثلة بالملوك والحكومات القومية دوراً في القضاء على الاقطاع ؟
ــ أين حدثت أكبر الثورات الفلّاحية في العالم ؟
ــ لمصلحة من يتم التعتيم على وجود الإقطاعية كأسلوب للإنتاج في أغلب بلدان العالم في العصر الحالي ؟



#فواز_فرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد والماركسية .. 14
- الاقتصاد والماركسية ..13
- الاقتصاد والماركسية .. 12
- الاقتصاد والماركسية .. 11
- الاقتصاد والماركسية .. 10
- الاقتصاد والماركسية .. 9
- الاقتصاد والماركسية ..8
- الاقتصاد والماركسية ..7
- الاقتصاد والماركسية .. 6
- الاقتصاد والماركسية .. 5
- الاقتصاد والماركسية .. 4
- الاقتصاد والماركسية .. 3
- الاقتصاد والماركسية .. 2
- الاقتصاد والماركسية .. 1
- كيف تعمل الرأسمالية اليوم ... 2 6
- كيف تعمل الرأسمالية اليوم ..؟ 1 6
- ماركس .. وترجمة الأفكار
- حوار مع الاستاذ علي الاسدي ..
- بقايا الستالينية ..!
- كيف ساهم العراق في النصر السوفيتي على النازية ؟


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فواز فرحان - الاقتصاد والماركسية .. 15