أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - تحرير العقل والعودة للبدهيات














المزيد.....

تحرير العقل والعودة للبدهيات


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 07:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


نندهش حين نكتشف أن الإبداع الفكرى أو السياسى يبدأ بالعودة الى البدهيات، فالعقل التابع لا يبدع بل يقلد غيره، وبالتالى يستهلك دون أن ينتج، هذه بديهية تغيب عن عقولنا، فإذا بجميع أفكارنا منقولة عن الآخرين، ليس فقط فى مجالات الطب والفضاء والفيزياء والكيمياء بل أيضا فى علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون والفلسفة والتاريخ.
دأب الاستعمار الأوروبى على اعتبار مفكرى اليونان القديم هم أول من بدأ الفلسفة فى العالم، متجاهلين فلسفة مصر القديمة، التى أنتجت (بعقول نسائها ورجالها) أول حضارة فى التاريخ، وأول علوم الطب والهندسة والقانون والعدل، توقف العقل المصرى عن الإبداع والانتاج منذ وقع الشعب المصرى تحت سطوة الاستعمار الخارجى والحكومات الداخلية التابعة له، والتى أخضعت العقل المصرى، بالتربية والتعليم منذ الطفولة، لقانون الطاعة العمياء للسلطة المطلقة الأرضية والسماوية لم يتحرر العقل الأوروبى (والأمريكى) الا بالثورات الشعبية التى قام بها النساء والرجال المقهورون والمقهورات، وأصبحوا قادرين على الابداع بعد التحرر من سجن الدولة الدينية.
لم ينجح العقل المصرى رغم ثوراته المتكررة فى الخروج من هذا السجن، وأصبح مستهلكا لنظريات أوروبا وأمريكا العلمية والفنية وأدواتهم، مما يوضح التناقضات المنتشرة فى بلادنا بين بعض المفكرين، مثل أستاذ جامعى مصرى يؤمن بالماركسية اللينينية ويعلق فى أذنيه سماعة أمريكية ويتزوج ثلاث أو أربع نساء تبعا لشرع الله، وعميدة فى الجامعة متخصصة فى علوم الفضاء تعتبر رأسها عورة وتخفيه بالحجاب، ورئيس حزب ليبرالى ديمقراطى، يتمسك بمادة دستورية تنص على الدولة الدينية تحت اسم التوفيق والوفاق، وزعيم حزب شيوعى يدعم اقتصاد السوق الحرة ويعارض القيود عليها من الدولة خوفا من الاتهام بالدكتاتورية أو انتهاك الديمقراطية، من البدهى أن الانسان المستقل (غير التابع لمذهب أو نظرية) لا يقع فى هذا التناقض والازدواجية، فقدت أغلب البلاد استقلالها الفكرى والسياسى بسبب الأزمات الاقتصادية التى اجتاحت العالم، وفشلت الثورات الشعبية فى التخلص من النظم الرأسمالية الأبوية الدينية التى يدعمها الاستعمار الجديد والقديم، وتفكك الاتحاد السوفيتى ومعه الفكر الاشتراكى فأصبحت الرأسمالية هى السائدة حتى فى روسيا والصين الشيوعية، ارتبطت السيطرة الرأسمالية العالمية بفكرة أمريكية خادعة عن الحرية الشيوعية، موروثة عن الاستعمار الأوروبى، تختزل الديمقراطية فى السوق الحرة والانتخابات الحرة.
فشلت الاثنتان (السوق الحرة والانتخابات الحرة) فى تحقيق الحرية والعدالة والكرامة لأغلب شعوب العالم، لسبب بدهيى هو أن السوق الحرة يحكمها قانون القوة، وليس العدل، وتقوم الحرية فيها على حرية الربح والتنافس والخداع التجارى، مما أدى إلى اتساع الهوة بين الأثرياء والفقراء، وأصبح 1% من الشعوب يملكون 99% من ثروة العالم وسلاحه واعلامه، وفى هذا القرن الحادى والعشرون هبت الثورات الشعبية فى أغلب البلاد (بما فيها أمريكا وأوروبا) ضد الفقر المدقع والبطالة المتزايدة والحروب العسكرية والفتن الطائفية والتجسس والقمع والخداع الإعلامى. هذه الثورات تم اجهاضها بالقمع البوليسى فى كل البلاد بما فيها أمريكا، وانتصرت الرأسمالية الأبوية الدينية رغم قهرها للشعوب كافة.
فى بلادنا نشهد حرائق ودماء تراق كل يوم، فشلت الثورة المصرية على مدى ثلاث سنوات فى تحقيق أهدافها من الحرية والعدالة والكرامة والمساواة للجميع بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو الطبقة، تعاون الاستعمار الامريكى الاوروبى الاسرائيلى مع الحكومات المصرية المتتالية منذ يناير 2011 فى اجهاض الثورة وتدعيم الاخوان المسلمين، والتيارات الدينية الارهابية بما فيها تنظيم القاعدة، بهدف إضعاف مصر وتقسيمها طائفيا، كما يحدث فى العراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن والسودان، أملا فى إخضاع المنطقة كلها، والاستيلاء على ثرواتها تحت الارض وفوقها.
لن تحرر بلادنا من هذا الكابوس الا بتحرير عقولنا من سجن التبعية لأكذوبة السوق الحرة والانتخابات الحرة والدولة الدينية والتنمية القائمة على المعونات.
أن نعيد الثقة بعقولنا القادرة على الابداع والانتاج فى جميع المجالات، والتحرر الكامل من التبعية لأمريكا على الأخص برنامجها للديمقراطية. الحكومة الامريكية أعلنت (أوائل يناير 2014) عن تقليص المعونة التى تدفعها لمصر لما تسميه برامج الديمقراطية، وتغيب البدهيات عن عقولنا ونصدق أنها تدفع لنا لتدعمنا ضدها.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا أحب الأعياد؟
- الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس
- الجبل وشابات لبنان
- هل تتغير المهن مع تغير النظام؟
- المنطق الغائب والصدق
- التناقضات الصارخة فى الدستور
- هل هو فيروس مجهول ؟
- الثورة تبدأ فى العقل
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نوال السعداوي - تحرير العقل والعودة للبدهيات