أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - «اليسار لبس» بعد «اليسار شلح»/ صعلوكيات














المزيد.....

«اليسار لبس» بعد «اليسار شلح»/ صعلوكيات


روبير البشعلاني

الحوار المتمدن-العدد: 4313 - 2013 / 12 / 22 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت حدثتكم عن «اليسار شلح»، اي اليسار الذي شلح (خلع) ثوبه لكنه حافظ على اللغة اليسارية، واليوم أحدثكم عن «اليسار لبس».
ففي بداية سبعينيات القرن الماضي، وما ادراك ما السبعينيات في التاريخ اليساري اللبناني، كان لي رفيق يساري من أصول بقاعية شمالية يسكن مثلي في عين الرمانة ضاحية سكان الريف المسيحيين والدروز إجمالا.
وكان هذا الرفيق قوي البنية والشكيمة شجاع النفس مستنداً الى ميليشيا ضمنية مؤلفة من 11 شقيقاً ما عدا أولاد العم والخؤولة. وكنا، نحن التكتيكيين، نضعه في الواجهة في كل مرة يحاول سمير جعجع، رفيق الطفولة والمدرسة أيضاً، أن يأتي الينا بالاذرع العالية واللولبية لحزب الكتائب بغرض ترويعنا وردعنا عن التمدد والنمو.
وبالبرغم من صغر سنه و”قطعته” كان رفيقي يخيفهم كثيرا، ميليشياه غير قليلة ونعرتها طبيعية، فيجاولون تحييده فلا يقبل طبعاً فتنتهي الأمور على خير إلا مرة واحدة وهي الأخيرة عشية حرب الـ 1975 حيث لم تنفع القوة الردعية لـ”البعلبكي” أمام تصميم الكتائب الذين صاروا قواتاً قبل الإسم طبعاً.
الآن القصة ليست هنا. نتيجة الحميمية بيننا كنت أزور هذا الرفيق- الصديق في بيت أهله في حي معمل الحديد في الشياح شارع غنوم ونتبادل الكتب والأحاديث والتقارير الحزبية وما شابه من مهمات أيضاً.
وفي إحدى المرات وصلتُ الى بيت صديقي الذي لم يكن قد عاد بعدُ من مهمة توزيع جريدة “الأخبار” – كانت توزع باليد عبر شبكة الرفاق على فكرة- فاستقبلني والده بحفاوة وحرارة أهل البقاع المعروفة.
ورغم حياء الشباب يومها قمت بكل شجاعة بـ”فتح موضوع” مع أبي حليم لا يمكنني ان أنسى تفاصيله حتى اليوم.
دعكم من التفاصيل عن الوضع السياسي العام ومحاولاتي البائسة طبعا في إعادة تكوين رأس ابي حليم أي تصوراته عن الكون والطبيعة والمجتمع كما كان يحلو لنا ان نقول.
العبرة ليست في ما حاولت أنا، الطليعة، أن أقوله له بل في ما علمني هو، العفوي غير الطليعي، إياه عن بلادي الجميلة. قال لي علينا يا “إبني” أن نكون جد حذرين في محيطنا قال. التهوّر لا يفيد. قلت لا أفهم ما تقصد. قال الحياة تفرض علينا أن نكون موجودين في كل الأماكن لا في مكان واحدٍ.
قلت له طبيعي أن نكون متواجدين في كل الأمكنة وظننت أنه يتحدث “عنّا ” وعن أمكنتنا. لكن الأمكنة طعمها عنده غير نكهتها عند الثوري الذي يريد أن يغيّر المجتمع. فالـ«نا» عنده تعود لغير الـ«نا» عندنا. قال لي أبو حليم : يا إبني لدي 11 شاباً وعليي مسؤولية عيشهم وتأمين مستقبلهم. قلت له عندك 13 ولداً يا أبا حليم. قال لي البنتين غير موضوع. هنا وجدتُ الفرصة ذهبية لكي أشرح لأبي حليم “اللعبة ” كلها وكيف هو من المستحيل موضوعياً “في ظل النظام الرأسمالي الإحتكاري ” أن يجد حلا لأولاده، بمفرده، وتأمين مستقبلهم بدون التنظم والنضال لإسقاط هذه “البنية” التي تتحكم بمصائر البشر ويموقعه شبه النهائي في سلم الطبقات.
حاولت طبعاً. فوالد صديقي لديه وجهة نظر أخرى بالموضوع بالرغم من كونه “صديق” الحزب بلغة ذلك الزمن. قال لي يا إبني الحل في توزيع الأبناء على الجميع. قلت كيف ؟ من الجميع ؟ الكبير، قال، ” لبّستُه ” دركي. والثاني لبّستُه جيش. والثالث زوجته من كتائبية. والرابع أجبرته على الدخول الى دار المعلمين لكي يصير دولة أيضاً. والخامس لابس معكم كما السادس اما الباقين فما زالوا بالمدرسة.
قلت له لكنه سلوك انتهازي، متوقعاً أن ينهرني للشتيمة كما هي في ظني. لكنه ضحك ووافق ثم أضاف ” هكذا يجب ان نكون في مجتمعنا وإلا لمتنا كلنا “.
فكبرنا وبقي صديقي صديقي ووفياً وأسدى لي خدمات إنسانية لن أنساها حتى بعد أن شلح ثوب اليسار وصار سكرتيراً لزعيم شمالي كبير خصوصاً يوم صار هذا الزعيم وزيراً للصحة في لبنان الكبير. لبس صديقي ثوب أمانة سر الوزير وبقي ” يخدم الفقراء” كما كان يؤكد. لا بل صار فعالا أكثر كما كان يحلو له أن يردد.
فيما بعد علمت أن الأشقاء الآخرين، الصغار قبل الحرب، صاروا أثناء الحرب لابسين وموزّعين على جميع فرقاء الحرب تقريباً. أهمهم واحد ” بَدْقَة ” فهم الدرس أكثر منهم. فقد لبس عدة فرقاء دفعة واحدة.
أتذكر هذه القصة في كل مرة أرى تلك الرؤوس في “خَدَمَة الفقراء” وهم ” لابسين ” سلطة ما، يراهنون على مستقبلها ومستقبلهم، المستقبل عامة. إلى ذلك يتابعون المهمة-الخدمة في مواقعهم الجديدة الأثيرة دون أن يتنازلوا عن الاقتباس من غرامشي وماركس ولينين وغيفارا.
وهكذا طلعوا هم ايضا ” بَدْقَة ” إذ تمكنوا من أن ” يلبسوا ” فقراء ماركس وزناكيل السعودية في ذات الوقت. التناقض مقولة ديالكتيكية على كل حال. مساكين. لأن آخر الرقص حنجلة.



#روبير_البشعلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الحرية والتفتيت
- مأزق اليسار
- بعد القصير: نابليون ضد بونابارت
- غَزْلُ الأوهام أو الخروج من المأزق الطائفي
- صعلوكيات/ ولكن من هو العدو ؟ أسرائيل فقط ؟؟؟؟
- صعلوكيات/ -الارثوذكسي- نعمة أم نقمة على لبنان ؟
- اليسار إبن تركيبته الإجتماعية
- السياسوية -علم- الرغبات
- صعلوكيات / -إعلان دمشق- وجبهة النصرة : زواج العقل ؟
- فلسطين ,كرسي القش و-سفريات ابو عساف-
- الثورة الخرساء في سوريا ليست من اجل الحرية
- الطائفة مقولة فلسفية أم جسم اجتماعي قرابي حديث ؟
- اليسار شلح السوري يخوِن اليسار الفرنسي
- الاستبداد والحرية اوهام العمران البشري
- صعلوكيات / بيان من أجل الدولة العربية
- صعلوكيات/ الرأسمال الشكلي الطائفة و-الواسطة-
- صعلوكيات / نقطة على فاصلة جهاد بزي
- صعلوكيات/ يتحدثون بلغة السماء ويأخذوننا الى الجحيم
- صعلوكيات/ الربيع العربي : ثورة الصعاليك
- صعلوكيات: النخب الشبابية بين مطرقة الطموحات وسندان الاجتماع ...


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - «اليسار لبس» بعد «اليسار شلح»/ صعلوكيات