أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - صعلوكيات: النخب الشبابية بين مطرقة الطموحات وسندان الاجتماع العربي















المزيد.....

صعلوكيات: النخب الشبابية بين مطرقة الطموحات وسندان الاجتماع العربي


روبير البشعلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 21:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحماس المرافق ل "لربيع العربي" الآتي بعد طول انتظار اثار موجة من التفاؤل لكنه تفاؤل حذر .الجميع يده على قلبه على الحركة الشبابية التي كانت في اساس انطلاقة الربيع هذا.
منهم من يخاف على الحركة الشبابية من الاصولية او الاصوليات الدينية ومنهم من الجيوش ومنهم من غياب برنامجها ومنهم من تضييعها البوصلة عندما تضع انظمة الممانعة في السلة نفسها ومنهم من يخاف عليها من القوى العظمى التي قد تستعملها في حساباتها الاستراتيجية لتفتيت المنطقة الخ.

قد يكون كل ذلك صحيح او بعضه. لكن بالرغم من الحماس السؤال هو هل حصل في الاجتماع العربي تغييرات جذرية تؤهل "الشباب" موضوعيا للتنكب لمثل النوع هذا من الادوار؟ وفيما عدا التغييرات الديمغرافية هل تغير في بلادنا شكل الاقتصاد الريعي المهيمن والمؤمن للمصالح العالمية للراسمالية الشكلية ؟ وهل نشأت في غفلة منا قوى اجتماعية جديدة غير تلك التي ثبتها الراسمال الشكلي كما هي اثناء ربطه لبلادنا في نمط انتاجه ؟
في بلادنا حيث ما يزال الصراع على السلطة ينحصر في الكيانات السياسية التي تتألف منها مجتمعاتنا اي الكيانات القرابية وشكلها الارفع الطوائف هل يمكن الحركة الشبابية ان تشق طريقا مستقلا ؟
ما يتردد من هنا وهناك لا يشير للاسف الى ما يسمح بالتفاؤل هذا. فالشيعة حسب اخر الاخبار هم وراء الانتفاضة في البحرين والقبائل هي المسؤولة عن الربيع في اليمن وفي ليبيا و"الجهات" في تونس والشيعة والاكراد في العراق والاكراد والسنة في سوريا وانيمية في السودان الخ. وحدها التجربة المصرية تتمايز بعض الشيء وتحتاج الى متابعة منفصلة .انقسام عامودي او "اهلي" كما يحلو لبعضنا ان يسميه .

الاجسام الاجتماعية _السياسية هذه تمنع انبزاغ "العام" الوطني الشرط الاساس لقيام "الشعب" بتحركات يستطيع فيها ومعها "الشباب" القيام بدور مركزي.انقسام افقي او "مدني" كما يحلو لبعضنا ان يسميه.
تصيغ "الاجسام" القرابية هذه السياسة وفق مفهوم يضعها او لنقل يضع وجودها على رأس الاوليات ترسم حدودا ضمن الحدود واقتصادا ضمن الاقتصاد ودينا ضمن الدين . تركيبتها هي الاساس كما اعادة انتاجها.

الطائفة , كأعلى اشكال القرابة التي تفتق اجتماعنا عنها ,تقدس نفسها مصالحها بقاءها اولا واخيرا اما المقدس الفكري والمبادىء فتتركه للاخرين, للمدني . وهي بهذا المعنى انتهازية ووصولية , او واقعية كما يقول البعض .
تستخدم المعطيات الاقليمية و الدولية والمحلية في صراعها وفق "المصلحة العليا" اي مصلحة غلبة الطائفة واستمرارها او على الاقل الدفاع عن وجودها. بهذا المعنى فإن "الخيانة الوطنية" بمفهوم المدني لا تتعدى عدة الشغل الطبيعية بمفهوم الاهلي . هي تعادل مفهوم الواقعية السياسية عند المدني.
فالتحالف مع "الشيطان" احيانا ليس فقط غير منبوذ بل هو مطلوب ومرغوب وضروري .الطائفة تنطلق من مبدا ان وجودها هو فوق كل مبدأ .واذا حصل ان وجدت الطائفة حليفا ينسجم مع افكارها فاهلا وسهلا واذا لم تجد فهي لا ترتبك ولو للحظة واحدة وتقوم باجراء تحالفات تبدو للبعض "العقلاني" ضد الطبيعة.

وبما ان الطائفة تتعاطى السياسة بواقعية فانها تفهم تماما التعاطي مع ميزان القوى الفعلي سواء في الداخل ام الخارج وتبني استراتيجيتها باستمرار وفق هذا الميزان وتحولاته ايضا وخصوصا .
من هنا فان سياسات هذه البنى قصيرة المدى اذ هي تعيد النظر فيها في كل لحظة. اي تعديل في ميزان القوى هو فرصة للتغيير .ومن هنا هذا اللا استقرار السياسي الذي تتميز به منطقتنا وبلادنا وبخاصة في الدول التي تتركب ليس فقط من طائفة او اثنتين بل من عدد لاباس به منها .ومن هنا سرعة البعض منها الى تغيير تحالفاته ثلاث مرات احيانا في اليوم.
فكلما قويت شوكة احداها او ضعفت اخرى انفرط "العقد الاجتماعي" واستدعى "حربا" سياسية او عسكرية لا تنتهي الا ب"تسجيل" هذا التغيير في "الكتاب" السياسي للسلطة .
في السياق هذا يمكن فهم استراتيجيات الطائفة و التحالفات التي تجريها فهي ليست مبدأيا لا مع اميركا او اسرائيل او ضد امريكا او اسرائيل او تركيا او فرنسا او ايران او او او.................هي فقط مع هذه القوة العظمى او تلك في لحظة معينة ترى فيها بوليصة تأمين لنفسها او تعزيزا لمشروعها السلطوي.
كل ذلك مبرر طالما ان "العدو" الرئيس هو "اخونا" اي الجار اي الطائفة المنافسة .غريم الكار: الاحمر القذاذفة السني العلوي الشيعي التكفيري الصوفي الاخواني وما شابه. اما "الدولي" القوي المسيطر فليس الا وسيلة للاهلي . ولكي بفوز برضائه يقدم الاهلي اغلى ما عنده من اجل ازاحة غريمه المحلي وتسنم السلطة .

اذا كانت الطوائف تنطلق من مصلحتها "الشخصية"هي لتحدد سياستها ومجموع تحالفاتها فان النخبوي الصعلوك (غير الطائفي) هو ينطلق من مكان آخر تماما .فهو يضع نفسه اساسا في "العام" اي في المصلحة العامة لل"الشعب" ككل مفترضا وجودهما عندنا كما جاء في كتبه ,ويروح يرسم سياسة تدافع عن مصالح هذا الشعب بوجه من يتربص به شرا ومن يحاول ان ينهبه وينهب ثرواته او يقمع حريته وكرامته. وانطلاقا من ذلك يفرز القوى ,المحلي منها والاقليمي والدولي بناء على المصلحة العامة, الوطنية, تلك فيحالف هذا او يعادي ذاك انسجاما مع الوجهة العامة هذه.
وبما ان النخبوي هو من حيث المبدأ انسانوي اي يرى الى العالم على مستوى البشرية ككل (universel) وليس فقط على المستوى المحلي , فهو صاحب افكار تشمل العالم , تنظيمه تناقضاته مصالحه وكيفية حلها , فان رؤيته لمنطقته ومشاكلها لا يمكن ان تنفصل عن مشاكل الكون . ومن هنا وعلى عكس الطوائف تماما تبني النخب المدنية سياساتها لا وفقا لمصالحها هي بل وفق المصلحة العامة لذلك هي سياسة "مبدئية" مبنية على تحليل للكون محدد لا يقبل التغييرات اليومية او المحلية الصغيرة لموازين القوى .والا كيف يمكن فهم معاناة القوى المدنية المعارضة في سوريا للتدخل الاجنبي في مواجهة القوى الاهلية التي لا تفعل الا استجلابه ؟

سياسة النخب غير القرابية طويلة المدى اذا لا تتلون وفقا لقوة الخصم وحجمه ,تتمايل احيانا لاسباب تكتية ,لكنها لا ترضخ ولا تعدل في وجهتها العامة .
عندما ترى النخب هذه الى اوضاع منطقتنا تضعها طبعا في "اطارها الصحيح" اي الصراع العالمي على تقاسم العالم ومصالح كل من هذه القوى في اخضاع المنطقة لمصالحه وتقوم ترسم افضل الاستراتيجيات لمواجهة العدو عبر تحرير الشعب من الاستبداد والتخلف وتحرير الاقتصاد من الهيمنة واستكمال معركة التحرر الوطني . تسعى الى ايجاد مكان لبلادها تحت الشمس.
من هنا فإن "العدو" عندها ليس الجار في الوطن بل اعداء الوطن ككل . عدو خارجي وكل محلي يقبل بدور الخادم له. الصدمة هنا هي ان الخادم هذا ليس شريحة بسيطة من المجتمع .والصدمة الثانية ان عدو الخادم المحلي هذا لا يطمح في غالب الاحيان لاكثر من لعب الدور نفسه عند "المعلم" الكبير.

كل شيء متناقض اذا بين الطرفين فالاهداف ليست واحدة ولا الوسيلة ولا التركيبة ولا طرق التفكير . فبينما تسعى الحركة الشبابية المدنية الى نظام ديمقراطي منفتح وارساء دولة القانون, تسعى القوى الاخرى الى تصفية الحسابات مع الطائفة المسيطرة على السلطة وقلبها و"صهر" الجميع في "بوتقة" واحدة وبينما تسعى الاولى الى اقامة اوسع تحالف "شعبي" في وجه الاستبداد تشحذ الاخرى قواها الطائفية الخاصة وتتهرب من الدخول في اطار تحالفي جامع يتفق على برنامج حد ادنى , وبينما تأبى الاولى الا الاعتماد على شعبها في عملية التغيير تتسلق الاخرى الوسائل كافة لكي تستجلب القوى الخارجية والتدخل الاجنبي , وبينما تقود الاولى معركة بناء اقتصادها المستقل تقوم الاخرى بتقديم الضمانات للراسمال الشكلي لكي يعزز من درجة ونوعية سيطرته, الخ.الخ.
ولهذا فان القوى القرابية تتهرب من الالتزام بالبرامج السياسية المحددة لانها قد تقيدها في تحالفاتها الممكنة وهذا برايي المتواضع احد الاسباب الرئيسة لغياب مواقف محددة لهذه الانتفاضات العربية من القضايا المركزية المطروحة على بساط البحث و الاكتفاء بشعارات عامة سالبة ك"الشعب يريد اسقاط النظام".

دخول القوى الشبابية المدنية في حلبة الصراع هذا بالتحديد محفوف بالمخاطر الوجودية الا اذا كانت تعتبر نفسها اليوم اقوى من القوى هذه وقادرة على ادخالها في معركة هي التي تقودها . لكن المثال العراقي اواللبناني اوالليبي وووو. لا ينبىء ابدا بذلك . زد على ذلك ما يعتري القوى هذه من اختلافات في الرؤى يزيد من وهنها وانشقاقها.
بين النخب هذه اختلاف كبير اليوم حول مكان البوصلة والنقطة المحدِدة .منهم من يرى ان المسألة الوطنية هي الاساس حاليا وان العدو يستهدفها هي اولا بينما يرى الاخرون ان تحرير الشعب من الاستبداد هو الشرط الاولي لاية عملية سياسية اخرى بما فيها مواجهة العدو.
على اهمية الاختلاف هذا فانه برأيي لا يغير في جوهر الامر شيئا لانه كما اعتقد طالما ان الطائفة القرابية الدينية هي التي تهيمن على مجتمعاتنا بجميع مستوياتها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني ايضا ( لا ننسى هنا ان تفسير الطائفة الذرائعي للدين هو الذي يهيمن على التفسير الديني للدين) فإن رؤيتها هي المهيمنة وهي التي تقود الصراعات بشكل رئيس وفق مصالحها هي ووفق اهوائها وحتى بأدواتها اما باقي الاطراف فلا يبقى لها غير الهامش او التزيين.

الشباب ما يزال ,رغم عدده, نخبة غير جماهيرية مهمشة لا تمثل قوى اجتماعية كبيرة او فاعلة بسبب قوة ومنعة علاقات القرابة التي نجحت في تجديد شبابها عبر بنية اجتماعية جديدة حديثة معاصرة تناسب العصر هي الطائفة .
في خضم الصراع هذا لا يترك لل"الشباب" غير نقطة الهبوط فقط فإذا كانوا من انصار المسألة الوطنية تجدهم ورغما عنهم يهبطون في خندق طائفة مقاومة ضد طائفة اخرى "عميلة" او "انعزالية" او "رجعية" واما اذا كانوا من انصار الحرية فيهبطون في احضان الطائفة المقابلة والعكس بالعكس.

يجري كل ذلك في سياق منطقي طبيعي لا رد له فهل من عاقل يستطيع ان يؤيد اسرائيل ضد شعبه ؟ هل من عاقل يستطيع ان يؤيد الاستبداد ضد شعبه المقاتل من اجل الحرية والكرامة؟ الانزلاق اسهل من سهل .

الاصطدام بالحقائق الاجتماعية العنيدة غير المفهومة كما اعتقد من قبل الجيل التقدمي الشاب يجعله في وضع سياسي لا يحسد عليه اذ يجدد الفشل نفسه الذي واجهه الجيل السابق : يضع شعارا يعتقد انه يناضل من اجله وانه عنوان المرحلة وإذ به يقع في معادلات الاخرين ومعارك الطوائف وعناوينها .فاذا خسرت خسر واذا ربحت خسر ايضا. حساب الحقل غير حساب البيدر .

وبسبب من ذلك تنتهي الصراعات دائما بتهميش "البطل" الذي افتتحها باسم الشعارات "الكبرى" وفوز "الطائفي" ايا يكن اسمه بشعاراته "الصغرى" .
هل ما يجري امام اعيننا اليوم خروج عن القاعدة هذه ؟ هل انتهى عصر في غفلة منا وبدأ عصر جديد في بلادنا ؟ هل جاء عصر "الشباب"؟
المقدمات للاسف لا تشي بذلك والله اعلم .



#روبير_البشعلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعلوكيات : لماذا يريد الاميريكيون الديمقراطية في الشرق الاوس ...
- الطائفة : مشروع ديني ام سياسي ؟
- صعلوكيات : الدولة بين الطائفة والراسمال الشكلي. رد على سياسو ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - روبير البشعلاني - صعلوكيات: النخب الشبابية بين مطرقة الطموحات وسندان الاجتماع العربي