أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روبير البشعلاني - صعلوكيات : لماذا يريد الاميريكيون الديمقراطية في الشرق الاوسط ؟















المزيد.....



صعلوكيات : لماذا يريد الاميريكيون الديمقراطية في الشرق الاوسط ؟


روبير البشعلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 08:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


1_الاشكالية:

تفجرت الانتفاضات العربية فجأة وفجرت معها الكثير من الامال والطموحات الكامنة لدى شعوب مقهورة مسلوبة ومحتلة .... مما فتح شهية الحلم .
التحرك المفاجىء هذا والاعجاب المسبق باي تحرك "للجماهير" افاق بعض النخب التقدمية المثقفة من سبات عميق وجعلها مثلها مثل اي فائق من النوم لتوه , ويرى الى هدير الجمهور في الساحات العامة, ليس فقط يصفق ويحيي بل راح يسقط عليها بكل طوباوية احلامه وطموحاته المكبوتة وشعاراته التي كانت في الدرج تنتظر الظرف المناسب.
فوجئت النخب هذه المرة بالثورة لكنها لم تتردد في الانخراط بها واحيانا ولما لا لقيادتها . واليوم الفكر الترويجي والدعائي للثورة يشغل النخب عن اعمال النقد في التحرك وهويته الاجتماعية والسياسية والوطنية وطبيعة الصراع وموازين القوى المحلية والاقليمية والدولية.
ولم يكتف البعض الثالث في الترويج بل راح وبدون تكليف يبتدع فكر التبرير . يقال له ان الثورة هذه تشبه وضع طبيب لبى طلب المريض فورا بالحضور مع العدة كلها وشرع فورا بالجراحة دون تشخيص للعلة ودون معرفة الهدف من الجراحة فيجيب ان لكل ثورة خصائص واستثناءات وان الجما هير لا تخطىء وتعرف دائما علتها .
تبدو الثورة من خلال الفكر هذا وكأنها جزيرة معلقة لا ارض لها ولا فضاء, وكأنها منفصلة عن المجتمع وتركيباته السوسيولوجية وتاريخه ايضا وعن العالم والاقليم والصراعات التي تلف بنا وبهم. لا سابق ولا لاحق ولا محيط.
بالنسبة لعلاقتها بالاجتماع بينا سابقا ان الجماعة القرابية ,الدينية منها ام الرحمية,الطائفية ام القبلية , لا يمكنها حمل ما نحملها من اهداف لا مصلحة لها فيها اصلا.هي تريد "الحرية" لا اكثر ولا اقل.تريد اسقاط الاستبداد لا اكثر ولا اقل .
فهي لو قبلت بدولة القانون العلمانية , او المدنية اذا شئتم, تكون كمن يقبل الانتحار طوعا وبدون سبب .تكون كأنها تنتقل بكل بساطة من السياسي والسلطة الى الانتروبولوجيا بل وحتى الى الاركيولوجيا du politique à l antropologie et à l archéologie.
المفارقة المذهلة في هذه الثورة هي في المصادفة في التوقيت وتوارد الافكار بينها وبين الاميركيين.الشعار نفسه وفي الوقت نفسه. التقاء او تقاطع مصالح ؟
لماذا يريد الاميريكيون الدمقراطية في الشرق الاوسط؟ ما هو غرضهم في ذلك؟
لماذا تابع الرئيس اوباما ما بدأه بوش الابن في المجال هذا؟ لماذا غيرت السياسة الاميركية اذا استراتيجيتها في المنطقة ؟ لماذا تتخلى عن الاستقرار الذي يؤمن النفط باحسن الشروط ؟لماذا صار الاميركي ينحو الى "فوضى خلاقة"؟

هل يحذو الاميركي حذو السوفيات بعد ان تغلب عليهم من باب: في ان الغالب مولع ابدا بالاقتداء بالمغلوب ؟
في محاولة الظفر ببعض الاجوبة وجب ربما وضع اهداف السياسة الامريكية في نصاب العلاقة مع ازمة الامبراطورية الاميركية نفسها داخل النظام الراسمالي العالمي.

2_صلة الربيع بالمحيط الدولي او سمات العالم الراسمالي اليوم

تؤكد مختلف المؤشرات أن العالم الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية يشهد في داخله منذ بداية ثمانينات القرن الماضي حركتين متعاكستين ، واحدة تتمثل بشكل رئيس في بعض الدول الاسيوية ولا سيما الصين كما الهند والبرازيل وافريقيا الجنوبية وتاخذ منحى تصاعديا ديناميا باطراد, واخرى تتمثل اساسا في الولايات المتحدة واوروبا الغربية التي بدأت تتخلى عن مواقعها تحت ضغط المنافسة سالكة طريقا تنازليا بطيئا في البداية ولكنه سرعان ما اشتد مع الأزمة المالية العالمية التي انفجرت عام 2008،
صحيح ان الولايات المتحدة الاميركية ما تزال القوة الاقتصادية الاكبر إذ تمثل ربع الناتج الاجمالي للعالم وهي بقيت في مقدمة الاقتصاد العالمي على مدى ما يقرب من المئة عام الماضية بخاصة بعد ان خرجت من الحرب العالمية الثانية أقوى اقتصادياً وأكثر ازدهاراً، وساهمت في اعادة بناء ما دمرته الحرب في العديد من دول العالم مما عمق امكاناتها المادية وسيطرتها الصناعية ونفوذها التجاري وعزّز مكانتها في قيادة العالم الرأسمالي.

لكن الصحيح ايضا ان الولايات المتحدة تواجه منذ عقود ثلاثة وبخاصة بعد العام 2000 أكبر تحد منذ الحرب العالمية الثانية تعزز اكثر مع ازمة 2008 المالية الكبرى ووصل اليوم الى ما يشبه الذروة. ففيما تواصل تراجعها بخطى ثابتة يعلن صندوق النقد الدولي ان الصين ستلحق بالولايات المتحدة عام 2016 اي قبل عشر سنوات من التوقعات السابقة .
الأزمة عميقة اليوم داخل الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الاوروبي. فالاقتصاد الامريكي ينمو بمعدل ضعيف جداً دون 2 بالمائة ومعدل البطالة يزيد عن 9.2 بالمائة وتتوالى عمليات التسريح الجماعي للعمال والمدرسين. وهناك حالة من الركود الاقتصادي ويستمر ركود الرواتب والاجور على مدى ثلاثة عقود مما أدى الى انهيار سوق العقار نتيجة الانهيار الاقتصادي، وهناك الملايين من الأسر الامريكية التي اصبحت مهددة بالطرد من مساكنها. ويتصاعد العجز في الميزان التجاري مع تراجع الاستثمار في البنية الاساسية.
من المفيد ربما الاشارة هنا الى ان نسبة 40% من العجز التجاري الاميركي مسؤولة عنه المبادلات التجارية مع الصين بالتحديد.

صحيح ان الولايات المتحدة الاميركية ما تزال تدر دخلا سنويا يدور حاليا حول 15,008 تريليون دولارا حسب توقعات العام 2011 لكن الصحيح ايضا ان ديونها صارت اليوم متساوية مع الدخل هذا. فمن المعروف ان سقف الدين العام الامريكي محدد بموجب القانون ويبلغ 14.3 تريليون دولار وهو يشكل 69 بالمئة من الدخل القومي. لكن هذا الدين وصل في اواخر شهر آيار الماضي الى السقف المحدد، الأمر الذي تتطلب رفع السقف بعد ازمة سياسية غير مسبوقة، إذ بدون ذلك لا توجد أية اموال للانفاق، وبالتالي الدخول في حالة العجز عن الدفع، أي عدم دفع معاشات التقاعد والديون المستحقة على الخزينة وتغطية نفقات الادارة المختلفة وغيرها.
ومن الجدير بالذكر انه جرى رفع سقف الدين العام الامريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن سبعين مرة منها سبع مرات في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأبن. ولكن عجز الموازنة الذي اسهم بشكل كبير في تطوير وزيادة المديونية، نجم عن المبالغة في الانفاق العام..ان هذا العجز هو السبب الأهم للازمة الحالية، والذي تطور بشكل كبير منذ عهد رونالد ريجان حتى الوقت الحاضر. ويبلغ العجز السنوي للموازنة حالياً حوالي تريليون دولار وينجم
هذا عن الانفاق المبالغ فيه خاصة على الحروب في افغانستان والعراق التي يقدر البعض انها كانت حتى الآن حوالي 3.7 تريليون دولار

ومع ارتفاع عجز الموازنة ومستوى المديونية فان الاقتصاد الامريكي يعاني من عدم القدرة على التعافي الاقتصادي بما يسمح بمواجهة المستحقات الجديدة.فالادارة الحالية ورثت عجزاً متراكماً للموازنة، وأضافت اليه ما يقرب من أربعة تريليونات دولار لانتشال الشركات الكبيرة التي افلست في أعقاب الأزمة المالية عام 2008. وأمام معضلة حالة العجز عن الدفع، فإن تباطؤ النمو يساهم في زيادة معدل البطالة حيث يوجد في الولايات المتحدة حالياً 14 مليون عاطل عن العمل أي حوالي 9 بالمئة.
وبذلك تنضم الولايات المتحدة الى الدول التي يتخطى دينها ناتجها المحلي الاجمالي،اما اذا اضفنا الى الدين العام دين القطاع الخاص فان العجز يرتفع الى 419% من الناتج الاجمالي حسب ارقام 2010
وهكذا يتضح ان شبح أزمة اقتصادية عميقة يحوم في الافق.

3_ الصين راس القوى الصاعدة او ثأر الرأسمال الصناعي من الرأسمال المالي

في مقابل هذا المنحى التنازلي للاقتصاد الاميركي الذي يظهر علامات الشيخوخة برزت مجموعة من الدول يطلق عليها اسم الناشئة اهمها الصين والهند وافريقيا الجنوبية والبرازيل تتميز باقتصادات دينامية صاعدة وواعدة.وتبدو الصين من بينها وبفضل "اقتصاد السوق الاشتراكي" المعتمد ابتداء من الثمانينات تبدو اليوم لاعبا رئبسا في الاقتصاد العالمي .اعتمدت الصين بداية على صناعات اليد العاملة.واستطاعت ان تزاحم في السوق العالمية بواسطة اسعار رخيصة جدا وذلك بفضل يد عاملة متوافرة بكثرة و رخيصة وبفضل معدلات صرف مؤاتية جدا.

بعدها انتقلت الى خطة" المناطق الاقتصادية المتخصصة "منحت بموجبها المنشآت الاقتصادية الغربية الباحثة عن تخفيض اكلافها تسهيلات كبرى لكن عبر اجبارها على نقل التكنولوجيا الى الصينيين . ولقد اصابت الخطة هذه من النجاح ما جعل المناطق هذه تحتل اليوم الشاطىء الصيني كله. وبفضلها حققت الصين نموا اقتصاديا استثنائيا يبلغ ثلاثة اضعاف النمو المتوسط لبقية دول العالم : متوسط النمو الاقتصادي الصيني السنوي حوالي 10% خلال السنوات الاخيرة.
بعد العام 2000 اخذت الصين بالاهتمام في تنمية قوة مالية بفضل احتياطيات الصرف بلغت 2400 بليون دولارا في العام 2010 .وبعد استثمار غالبيتها في سندات الخزينة الاميركية انتقلت الصين في العام 2007 الى تأسيس "صندوق الصين السيادي" براسمال اولي من 200 بليون دولارا انحصر عمله بداية في شراء اسهم شركات صينية واميركية .
ثم طورت الصين سياسة استثماراتها فقامت بتنويعها والانتقال الى الاستثمار المباشر غير الورقي سواء في الولايات المتحدة ام غيرها. من دول اميركا الاتينية انتقلت الاستثمارات الصينية الى افريقيا ابتداء من العام 2000 في محاولة لتامين وضمان الموارد النفطية والمنجمية .ونظرا لاهمية ذلك فقد عززت الصين انغراسها في المناطق هذه عبر اتفاقيات مميزة مع بعض الدول منحتها بموجبها قروضا ميسرة ولا سيما في ميدان الطاقة.

وكنتيجة طبيعية للنمو المتسارع هذا ازداد الاستهلاك الصيني من الطاقة يشكل كبير جدا .يمثل الفحم 70% من الطاقة المستهلكة مقابل 30% للنفط . واذا كان انتاج الصين من الفحم يغطي استهلاكها فانها تحتاج الى استيراد نصف استهلاكها من النفط اي ما يعادل4 ملايين برميل يوميا ما يجعلها ثاني اكبر مستهلك في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية.
نمو ضعيف بطالة ديون انكماش ديموغرافيا مريضة تكاد لا تجدد الاجيال من جهة ونمو كبير وظائف وفوائض وتوسع ووفرة سكانية هائلة من جهة ثانية. امبراطورية مريضة على طريق الافول من حهة وضباع راسمالية صاعدة "ناشئة" من جهة ثانية .

المفارقة بين الديناميتين هي من الوضوح بحيث حملت البعض على اعتبار المعركة شبه محسومة فقام حتى بتفريق ورقة نعي الامبراطورية الاميركية وحليفتها الاوروبية ما عدا المانيا .
اليكم ما كتبه مؤخرا روجيه كوهين في نييورك تايمز :" بنيت أوروبا الموحّدة الحالية على رماد أمبراطوريات متعاقبة – من الأمبراطورية الرومانية إلى الأمبراطورية البريطانية – انتهت في شكل أو آخر من الاضطرابات العنيفة. والآن ها هي شبه الأمبراطورية الأميركية، أو في شكل عام سلطان الغرب، تنتهي، ليس بسرعة إنما باطّراد , يكمن النمو والوظائف والتوسّع والحماسة – ونعم، الفرص – في القوس الكبير غير الغربي من الصين مروراً بالهند وصولاً إلى جنوب أفريقيا والبرازيل. هيّا نحو الجنوب! هيا نحو الشرق! هذا هو شعار العصر، لكنه ليس قابلاً للتطبيق دائماً في مقاطعة بيكهام أو بيوريا في الولايات المتحدة. لقد انقلب العالم رأساً على عقب. وما نشهده الآن هو حجم الزلزال الذي أحدثه هذا الانقلاب في المجتمعات الغربية مع ظهور قوى جديدة"

قوى جديدة لا يجمع بينها غير الرأسمالية الصناعية وكل اسباب وعوامل النهوض من مزايا تفاضلية اقتصادية وبشرية . كأننا ازاء مشهد ثأر الرأسمال الصناعي من الرأسمال المالي . دليلنا الى ذلك المثال الالماني. المانيا وحدها من بين الامبراطوريات "القديمة" "العجوز" تمكنت من النأي بنفسها عن الافول الآتي لانها تبنت سياسة اقتصادية صناعية متميزة خاصة بها.وبدلا من الاعتماد على فوائضها المالية الهائلة او الدخول في منافسة خاسرة مع الدول الناشئة ولا سيما الصين بسبب من ضعفها الديموغرافي عملت المانيا على تعزيز الصناعة العالية الدقة التقنية وتخصصت بها مما أهلها للاحتفاظ بحصصها من السوق لا بل عززها وجنبها الضمور الاقتصادي.
وبهدف تجنب الدخول في منافسة السلعة "الجماهيرية" التي تحتاج الى يد عاملة متوافرة ورخيصة حولت المانيا نقاط ضعفها الى نقاط قوة فاستثمرت في قوة عاملة عالية الكفاءة والمهنية واستخدمت العمّال في وظائف تتطابق مع مهاراتهم. وركزت على تصنيع التجهيزات عالية الدقّة التي لا يستطيع الآخرون صنعها. وعزّزت التعاون بين النقابات العمّالية وأرباب العمل، وبين الصناعيين والحكومة دفاعاً عن الوظائف الألمانية. نسبة البطالة لدى الشباب هي أقل من عشرة في المئة.

حول هذا الموضوع يقول روجيه كوهين في مقالة في " نيويورك تايمز" عن انهيار الامبراطورية الاميركية :" لم تحاول
ألمانيا خوض سباق القعر للتنافس مع الصين، ولم تتخيّل لها أنه بإمكان الخدمات المالية وسواها من الخدمات أن تؤمّن بقاء مجتمع، ولم تتجنّب التدريب، ولم تحاول تفكيك النقابات، ولم يتهيّأ لها أن الأسواق تحمل كل الحلول. لقد ساهمت المحنة التي عرفتها ألمانيا في ماضيها في قدرتها على تجاوز غرورها من أجل الخير العام الضروري لتحقيق الاستقرار".
هل " انقلب العالم راسا على عقب" ؟ كما تساءلت نييورك تايمز . ليس بعد لكن الاكيد انه يسير بالاتجاه هذا والايقاع آخذ بالتسارع . الامبراطوررية المسيطرة لم تستسلم بعد وهي تحاول ان تغالب او على الاقل ان تمانع لكي تبعد ما امكن مجيء" الساعة". لكل مغالبته وممانعته على ما يبدو.


4_مغالبة وممانعة الامبراطورية الاميركية"العجوز", رجل العالم المريض

ما هي الحلول الممكنة والى ماذا تؤدي؟
تواجه الامبراطورية "العجوز" ,او ما يمكن ان نسميه من الان وصاعدا رجل العالم المريض , هي وحلفاؤها, تواجه معضلتين كبيرتين: واحدة داخلية واخرى خارجية.تعطل النمو والديون والبطالة الخ داخليا ونشوء منافسين اقوياء يقلصون حصصها من السوق في الخارج . وفد يكون ثمة علاقة سببية ما بين الاثنين . اما بالنسية الى الداخل فان السياسات الاقتصادية التي اعتمدت حتى الان والتي تعززت اخيرا مع الهزة المالية الحالية التي تعصف بالاسواق المالية وفي الاقتصاد الفعلي فتهدف الى وضع حد للمديونية المتزايدة بشكل دراماتيكي عبر وسيلتين اساسيتين: ضبط الانفاق او حتى عصره من جهة وزيادة الضغط الضريبي من جهة ثانية .

وغني عن القول هنا ان سياسة لحس المبرد هذه بشقيها زادت وسوف تزيد من تفاقم المشكلة ذلك ان عصر الانفاق سوف يقود حكما الى تراجع اكبر في النمو هذا اذا لم يؤد الى الانكماش وبالتالي الى زيادة البطالة والمشاكل الاجتماعية,تماما كما ان الضغط الضريبي سوف يؤدي الى حجب حصة اضافية من الدخل المخصص للاستهلاك يقود بدوره الى المزيد من الانكماش والى مزيد من تقلص فرص العمل.

زد على ذلك ان هذا وذاك سوف يعمقان من اجواء انعدام الثقة التي تنعكس غالبا زيادة في التوفير لدى الافراد والمنشآت الاقتصادية مما يعود فيؤثر على النمو اعاقة.
بمواجهة المعضلة الخارجية وبعد ان كشفت الازمة الجديدة الاخيرة بوضوح أنه ليس بمقدور الرأسمالية الاميركية القضاء على أزماتها الكثيرة والمتتالية من الداخل قررت الامبراطورية اللجوء الى وسائل مختلفة تؤدي في المحصلة الى تصديرها لمختلف دول العالم، وبخاصة نحو الدول النامية والتابعة وكذلك الناشئة , وذلك باسم تشابك المصالح ووحدة المسار والمصير الناتجة عن العولمة .ازمة الامبراطورية تم تصويرها كما لو كانت ازمة النظام الراسمالي ككل وهذا غير صحيح اطلاقا للاسف.
لم يبق امام الامبراطورية الا ان تحاول استثمار ما تبقى لها من قوة اقتصادية وعسكرية من اجل الوصول الى هدفين متصلين: الاول يتمثل بتمويل عجزها وديونها عبر اجبار الجميع على شراء سندات الخزينة الاميركية ولو بعائد متواضع جدا قياسا بشروط العرض والطلب ونسبة المخاطرة العالية ( لا يزيد العائد عن 2%).
الحل هذا يعتبر سلاحا ذا حدين اذ يشكل خشبة خلاص لها على المدى القصير وحبلا قد يشنقها على المدى الطويل.

من جهة ثانية فهي تحاول ان تحاصر تمدد وتوسع الدول الناشئة كما الحلفاء ايضا.ولا توفر الامبراطورية وسيلة الا وتستخدمها من اجل استعادة حصتها في السوق والهيمنة على المواد الاولية .وبعد ان كان الهدف بالامس تكديس الارباح تحول اليوم الى تمويل العجز ومواجهة الخصم والحليف من اجل نزعة البقاء. الدينامية التاريخية ليست الى جانبها.
استخدام اميركا لقوتها الاستراتيجية والسياسية المتبقية في العالم يستهدف منع الدول الناشئة من الوصول الى الموارد الاولية الضرورية والمدخلات الاساسية الحيوية كما تحاول الوقوف سدا في امكان توصلها للاسواق المهمة الغنية في العالم .حصار يمنع الدول الناشئة من توسيع استثماراتها في غير سندات الخزانة الاميركية ومن ضمان مدخلاتها الاستراتيجية من نفط ومواد اولية ,اي تمويل العجز الامريكي بالقوة .
السيطرة على بنية المدخلات والموارد تتيح امكان التحكم بالاسعار والاحجام والكميات والتوقيت مما يرهن مفاتيح الصناعة والاقتصاد في الدول الناشئة للقرار الاميركي. وبالاضافة الى ذلك يتيح التحكم المباشر تمويل جزء من العجز الاميركي عبر ربط الاقتصاد المحلي للدول النامية مباشرة بالمركز وحده دون غيره بما يجعله سوقا مفتوحة لبضائعه وخدماته وكذلك لنهب فوائضه عبر اللعب بمعدلات الصرف والاسواق المالية والنقدية عموما وكذلك عبر صفقات اسلحة خيالية مبررها الوحيد التخويف المبالغ من الجيران والجماعات المتناحرة في اطار الفوضى الخلاقة.

في ظل المواجهة القائمة بين الامبراطورية الاميركية المتأزمة وبين الدول الناشئة الصاعدة والتي يحاول كل طرف فيها تحسين شروطه تندرج علاقة الامبراطورية العجوز بمنطقة الشرق الاوسط الغنية بالنفط والثروات والاهمية الجغرافية والجيو_سياسية. في ظل ازمة اقتصادية خانقة لا تنفك تتفاقم حول عنق الامبراطورية الاميركية لجأت هذه الاخيرة الى القيام باستثمار 3,750 تيريليون دولارا على " سوق" الديمقراطية في الشرق الاوسط ومن الطبيعي ان تتوقع عائدا متناسبا مع استثمارها هذا.
ازاء الهجوم المضاد الاميركي تعتمد الدول الناشئة حتى الان سياسة ناعمة تتجنب فيها المواجهة المباشرة لكن دون الانحناء لها او تلافيها . تتقبل الدور المالي في شراء السندات لكنها تهدد بالتوقف واعتماد عملة غير الدولار في مبادلاتها وتحويل فوائضها الى سلة عملات بدل ابقائها بالدولار ايضا . تستفيد من الازمات العميقة للغرب كي تسجل بعض الاختراقات هنا او هناك. الصين اعلنت مرارا انها مقتنعة بان العالم يمكن ان يكون متعدد القطب .
الصين على ما يبدو غير راغبة حتى الان في الدخول في لعبة السباق على التسلح ورصد مبالغ هائلة من فوائضها في هذا المجال خوفا ربما من تكرار تجربة الاتحاد السوفياتي المرة.
في خضم الصراع هذا يمثل الشرق الاوسط اهمية فائقة نظرا لموقعه الجغرافي المميز ولثرواته الكبرى ولا سيما النفطية منها .

5_ الشرق الاوسط في الحسابات الاميركية

ضمن الاطار التنافسي هذا وفي ظل الوضع العالمي هذا ,, تتعاطى الولايات المتحدة الاميركية مع "الشرق الاوسط". وفي ظل الوضع نفسه ايضا نشبت الثورات العربية . في ظل التنافس الحاد هذا بين المراكز الراسمالية طرحت الامبراطورية علينا وبيننا شعار الديمقراطية مقترنا بحقوق الانسان والتدخل الانساني والفوضى الخلاقة ضد الاستبداد والدكتاتورية فماذا تريد منه؟

ذكرنا اعلاه ان من اسباب زيادة المديونية الاميركية الزيادة في الانفاق ولا سيما في المجال العسكري. واشرنا الى ان كلفة الحرب في العراق وافغانستان بلغت وحدها 3,750 تريليون دولارا حتى الان, اي ما يساوي ربع الدين العام الاميركي.
ربع المديونية الاميركية العامة الاسطورية مسؤولة عنه الديمقراطية في العراق وافغانستان , واذا ما اضفنا كلفة الديمقراطية في ليبيا مع كلفتها القادمة ,اغلب الظن, في سوريا فإن الفاتورة ستكون مسمنة جدا. ازاء ذلك ما هو التفسير العقلي والعقلاني؟ اما ان القيادة الاميركية قد جنًت لانها تقامر بوجودها ووجود امبراطوريتها من اجل عيوننا واما ان الديمقراطية الموعودة هي بلغة الاقتصاد استثمارا يتوقع الاميركي منه ان يعود عليه بالربح الوفير اقتصاديا وسياسيا.

ديمقراطية ,حقوق انسان, تدخل انساني, فوضى خلاقة .ان تراتب هذه المفاهيم وانتقاءها من بين غيرها لا يمكن ان يكون محض صدفة في الاستراتيجية الاميركية .
وبعيدا عن الاتهامات الجوفاء والافكار المسبقة والجمل التعبوية والكره الاعمى للامبريالية نحاول ان نفهم عقلانيا وبناء على لغة المصالح التي تبني السياسة الاميركية برامجها على اساسها على حد علمي نحاول اذا ان نفهم ماهية الشعارات الاميركية لمنطقتنا واهدافها بالاضافة الى فهم ترابطها وتراتبها فيما بينها وذلك على ضوء ظروفها الموضوعية السياسية والاقتصادية .

في ظل التركيب الاجتماعي للجماعات القرابية في بلادنا الجميلة حصر الموضوع بالاستبداد والديمقراطية غير بريء لانه ينتج "حرية كثيرة وقليلا من الديمقراطية " على قول سليم الحص . الحرية في الحالة هذه هي حرية تناحر الجماعات , لكي تعود اكثرياتها الى الاستبداد من جديد . في ظل التركيب الاجتماعي للجماعات القرابية في بلادنا الجميلة الديمقراطية هي "تنصيب" الجماعة القرابية الاكثر عددا على الجماعة او الجماعات الاضعف , هي عملية استيلاد دكتاتورية من نوع جديد. وفي احسن الاحوال هي ديمقراطية مشاركة على الطريقة اللبنانية او العراقية .وفي كلتي الحالتين ترجمتها الفعلية على الارض
. صراعات لا تنتهي ,"فوضى خلاقة", ودول "كسيحة" لا مفر من "الخارج" لادارتها. وهنا بيت القصيد.

في معرض تقويمه لنتائج الثورة العربية يقول نصري الصايغ في "السفير": " رأس المخاطر، إقامة «معسكر ديموقراطي» بوجوه طائفية وإثنيه وقبلية، لا يكون لها ثقل إقليمي ولا حيثية خارجية يقودك هذا الخوف إلى لبنان. خطر انزلاق الحرية إلى الجماعات لا إلى الأفراد. تنشأ ديموقراطيات على الطريقة اللبنانية، تعطل مسار الحرية وتخلق دولاً كسيحة، لا مفر من الخارج في إدارة شؤونها الداخلية ولا كذلك، من الامتثال لإملاءاته في الشؤون الخارجية... والخارج هنا، غرب لا ضمير له ولا مبادئ".
الديمقراطية بغياب المواطن الفرد وفي ظل دولة الجماعة تقود حكما الى "الفوضى الخلاقة" التي تعني تنازعا دائما على السلطة يمنع الاستقرار والتطور ويشغل الافرقاء عن الامبراطورية المتربصة بهم وبثرواتهم وعن ربيبتها اسرائيل . الفوضى لنا والخلاقة لها.بالطبع خلاقة لانها تضمن تفتيت وتشظية مجتمعنا ومصالح الامبراطورية في آن . طرح الديمقراطية بدون التطرق الى هوية الدولة هو اذا طرح غير بريء يستهدف الاستقرار في بلادنا وخلق حالات من التوتر الدائم بين الجماعات ,هو الفوضى الخلاقة, يستوجب تدخل طرف خارجي يؤدي دور الحكم الدائم وذلك بعد ان يكون الطرف هذا قد سبق وادى " واجبه الانساني" في الدفاع عن "المدنيين" وحقوق الانسان.
خلاقة لانها تثير نزاعات اهلية تقود "حتما" الى التعرض الى "حقوق الانسان" مما يبرر للامبراطورية التدخل" الانساني"تماما كما اعد له وجرى في ليبيا وسوف يجري غدا "اغلب الظن" في غيرها .
تدخل انساني ينظم ما بعده من اقتصاد وسياسة واعادة اعمار وخصوصا ب"مدخلات" اقتصاد الدول الناشئة.

اي مطلع على خلفيات صنع القرار الاميركي يعرف مدى اهمية مصلحة الشعوب فيه واي وزن يقيمه لها ومن السذاجة تصديقه في دعمه لها لا سيما اذا ما دققنا في البلاد التي "يدعم" الحرية فيها , ومما يؤكد شكوكنا في خطة الامبراطورية استنسابيتها في الديمقراطية .فلو تابعنا خط التدخل "الانساني" الاميركي لوجدنا انه يقتصر على العراق وليبيا والسودان ومصر وتونس ولبنان وفلسطين وسوريا .لا ترمي وردة على حلفائها الخليجيين "المحتاجين" برايي الى الديمقراطية اكثر من غيرهم وبشكل عاجل الا اذا كانت تحيدهم تكتيكيا ومؤقتا حتى تعود اليهم بعد اكل الثور الابيض.
التركيز على الديقراطية وفي هذه الشروط هو لانها تزيد التفتت و"الفوضى" في مضارب القرابة فاي ديمقراطية بدون مواطنة وبدون دولة القانون؟ هل اعطت الديمقراطية وحدها في لبنان مثلا دولة وهل ادت لغير المزيد من التفتت والحروب وهجرة خيرة شبابه ؟ هل الغت الاستبداد ام وزعته على المضارب القرابية التي تدعى الطوائف؟ هل حمت السيادة الوطنية ؟ هل ضمنت استقلال اقتصاده؟
ماذا اعطت الديمقراطية في العراق؟ هل بنت الدولة الموعودة؟ وهل قادت الى الدولة الوطنية الواحدة؟
لماذا حض الاميركي الجزائريين ثم الفلسطينيين على الديمقراطية ولما ربح الاسلاميون رفضها ؟ هل كان يجهل ميزان القوى يومها؟
ام انه يعرفه تماما وبسبب ذلك دفع اليها؟
الديمقراطية في الجزائر اغرقتها في حرب اهلية استمرت لسنوات اما في فلسطين فقد قسمت نصف الشعب الباقي الى ربعين والسودان الى فسطاطين وحولت العراق الى كوكبة من "الاطياف" و لبنان الى ساحة لا تحكم ولا تدار .والحبل على الجرار. فقط اسرائيل تستفيد من المشهد هذا من الفوضى "الخلاقة" لها طبعا .

يتهيأ لي ان اميركا بشعارات اشرفت هي على اعدادها والترويج لها ,وهي شعارات تدغدغ مخيلة جيل الشباب بخاصة فتقحمه في المعركة مزينة له امكان الانتقال الى العصر الحديث , تريد ان تلعب على المستوى العربي ككل الدور الذي سبق وان جربته مع النظام السوري في لبنان اثناء ما عرف بفترة الوصاية . الفوضى الخلاقة تخلق دولا "كسيحة" لا تدار الا من الخارج . والخارج هنا هو المركز الامبراطوري المتأزم الذي يسعى الى النزال مع الدول الناشئة الصاعدة على حسابه , هو الوصاية الجديدة. دليلنا الى ذلك مفارقة فائقة الاهمية: لاحظوا من هي الدول التي تعارض التدخل"الانساني"في سوريا والممانعة للتدخل الغربي بشكل عام في العالم العربي يا للصدفة انها الدول الناشئة نفسها التي تهدد الاقتصاد الاميركي ومركز الامبراطورية : الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب افريقيا. جواب الراعية على الراعي كما يقول المثال الفرنسي .
الوصاية الجديدة تستهدف اذا ابعاد الدول الناشئة عن منطقة الشرق الاوسط كما تستهدف التوصل الى العائد المأمول من مجموع ما استثمرته" في "الديمقراطية" في بلادنا حيث تقدر اكلاف اعادة اعمار العراق وحده ب 3.500 تيريليون دولارا.
في مقابلة مع تلفزيون الجزبرة في 03/09/2011 قال الدبلوماسي الاميركي جيفري فيلتمان ردا على سؤال "الا تخشون عودة التطرف الاسلامي الى الربيع العربي "قال :"طالما ان الجميع متفق على قوانين اللعبة ,على الديمقراطية, فنحن لا نخشى شيئا".
يقول احد الاصدقاء ان الديمقراطية قد تكون وسيلة اميركية لزرع الازمة في النظام الصيني الذي يعاني من التناقض بين نسقه الاقتصادي ونسقه السياسي.وسيلة اذا نجحت يمكنها ان تودي بالصين تماما كما جرى مع الاتحاد السوفياتي .

6_ دور الشباب التقدمي في استرجاع الربيع العربي

رهان الوصاية الجديدة في منطقة الشرق الاوسط هو تسلم اعادة الاعمار والهيمنة على السوق وعلى المواد الاولية , استغلال الفوضى الناتجة عن ديمقراطية الجماعات القرابية وتحويلها الى خلاقة لبيع المزيد من السلاح واجبار الدول التي تملك الفوائض المالية على الاستثمار في سندات الخزينة الاميركية الخطرة وغير المجزية فقط لتمويل العجز الاسطوري الاميركي .الرهان ايضا على احكام المنطقة وسد اية منافذ قد تستخدمها الدول الناشئة للنفاذ اليها. الوصاية الجديدة تريد حلا لازمتها المالية المستعصية على حساب المنطقة كما تريد استخدامها كدرع و نفطها كسلاح تشهره بوجه الدول الناشئة التي سوف تتزايد احتياجاتها اليه يوما بعد يوم.

لو كان الاميركيون صادقين في نواياهم بمساعدتنا على التحرر من الاستبداد فعلا ,كما يتوهم بعضنا, وان ثمة "التقاء مصالح"لم اره فلماذا الاقتصار على الديمقراطية ؟ التحرر من الاستبداد فعلا يمر بالدولة العلمانية ودولة القانون, فهي التي تتيح قيام الديمقراطية فعلا لا قولا , ديمقراطية المواطن لا الجماعة, ويمر بدولة جغرافيا الدولة "العيٍيشة" (القابلة فعلا للحياة, سياسيا واقتصاديا, غير دول سايكس بيكو الوظيفية المفصلة على قياس الطوائف القرابية المانعة "للذوبان في المساحات الكبيرة") وبالدولة الوطنية التي تدافع عن حدود الجغرافيا العيٍيشة هذه وتصد النوايا والاطماع العدوانية والمشاريع التوسعية والاحتلالية للعدو الاسرائيلي.التحرر من الاستبداد فعلا يمر في فك العلاقة التابعة للمستبد الكبير الذي يثبت هو المستبد المحلي . فمن الذي ثبت مثلا آل سعود على شبه الجزيرة العربية على حساب آل الرشيد والهاشميين في اوائل القرن العشرين ؟ من الذي ثبت النظام السوري في لبنان ومن اخرجه؟
ولماذا نسيان دولة العدالة والاقتصاد المستقل وحماية الثروات الوطنية ؟

على ذكر الجغرافيا تجدر الاشارة الى ان آل الرشيد , خصوم آل سعود ,وحدهم قد بنوا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر دولة حائل مساحتها تعادل ثلاث الى اربع دول من النوع الموجود حاليا وهي دولة ضمت بين 1850 و1902، المناطق ما بين جنوب دمشق وشمال نجران قرب اليمن، وما بين حدود الحجاز حتى نجد.
نحن علينا بديمقراية الجماعات فقط في دول غير قابلة للحياة حدودها "دولية" وهم يبنون كل يوم التجمعات الجغرافية الكبرى . فرنسا بامها وابيها لم تعد "عييشة" بدون اوروبا و قطر آل ثاني عندنا دولة عظمى لا تتناول هيلاري كلينتون الغذاء او العشاء من دون وزير خارجيتها لتستزيد من علمه ولبنان اولا "بلاد الارز" "الضارب في التاريخ" الذي لا ينهي حربا اهلية الا بعد ان يكون قد حضر للحرب المقبلة حدودهما "دولية" لا تمس .
نحن علينا بديمقراطية العشائر فقط ضد المستبد "الداخلي" اما المستبد الخارجي الذي يعمل الداخلي "مقاطعجي" في امبراطوريته " فكيف بدي قلك ما الك عين تقلو شي لانه صار معنا بنفس الخندق" بالاذن من زياد الرحباني.
المؤسف في هكذا وضع بالنسبة الى تقدميين مثلنا ان ضعفنا وضعنا امام خيارين احلاهما مر : استبداد ذوي القربى او التفتيت لمصلحة
الامريكي في معركته مع منافسيه للحفاظ على الدور المركزي في الراسمالية العالمية .

وراء الربيع العربي برأيي شريحتان واحدة متحالفة مع الامبراطورية وتنفذ سياساتها واخرى تقدمية ولبرالية شبابية صادقة تسعى فعلا الى التقدم . لكن الشريحة الثانية لم توفق كما ارى عندما قبلت السير بشعار الديمقراطية وحسب .انه شعار ملغوم .عليها ان تستعيد الثورة المصادرة عبر طرح الشعارات وفق تراتب يناسبها ويناسب شعوبنا: دولة ,القانون دينها ,المواطنة عمادها, والديمقراطية شكل حكمها, دولة وطنية تحمي حدودها العييشة وثرواتها وتوزعها بشكل عادل . هكذا وهكذا فقط يمكنها ان تحمي ظهرها من الطعن الغادر ويغنيها عن اهداء نضالاتها مجانا الى من يسعى الى اغراضه لا اغراضها.
تعالوا نبني حلما لنا بدل الانخراط في لعبة الاميركيين القاتلة بدل جر الشباب الى اليأس والفشل ,
تعالوا نستفيد من صراع الكبار من اجل ان ندل شعوبنا على طريق ممكنة تتيح لها الارتفاع الى مصاف الامم ببناء دولتها هي الدولة الوطنية "العييشة" التي تنهي حفلة الزجل القائمة حاليا بين الحرية والمقاومة , الدولة التي تدافع عن حدودها وايضا عن حقوقها في ثرواتها وعن توزيعها العادل , دولة المواطنة والقانون فالديمقراطية.ذلك ان لا ديمقراطية بدون مواطنة ولا مواطنة بدون قانون ولا قانون ولا ديمقراطية ولا دولة اصلا بدون دولة وطنية تحمي حدودها وثرواتها.



#روبير_البشعلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفة : مشروع ديني ام سياسي ؟
- صعلوكيات : الدولة بين الطائفة والراسمال الشكلي. رد على سياسو ...


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - روبير البشعلاني - صعلوكيات : لماذا يريد الاميريكيون الديمقراطية في الشرق الاوسط ؟