أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - هل سيدخل الإخوان المسلمون القفص الذهبي؟















المزيد.....

هل سيدخل الإخوان المسلمون القفص الذهبي؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تاريخ طويل وحافل
تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أعرق حزب سياسي عربي - إسلامي موجود الآن على الساحة العربية. وهم قضوا حتى الآن حوالي 79 سنة (1928-2005) في العمل السياسي/ الديني على الساحة العربية. ومن حيث عدد الأعضاء والتنظيم، تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أكبر الأحزاب السياسية العربية في عدد الأعضاء وأكثرها تنظيماً وقوة ومالاً. وهي منتشرة في كافة أنحاء الوطن العربي وبعض دول العالم الإسلامي وفي الغرب عموماً.

وجماعة الإخوان المسلمين حركة بدأت دينية للهُدى والنشاط الاجتماعي، وانتهت سياسية للقضاء بين الحاكم والمحكوم. لذا، فقد قال لهم مرشدهم حسن الهضيبي: "كونوا هُداة لا قُضاة". وقد لعبت هذه الحركة أكثر الأدوار السياسية أهمية في التاريخ السياسي العربي. فهي التي حاولت اعادة الخلافة الإسلامية متمثلة بالملك فؤاد والملك فاروق بعد سقوطها في تركيا عام 1924. وقرأت القرآن الكريم ورسالة الاسلام قراءة عنيفة متشددة على عكس القراءة العقلانية أو التاريخية. وجاءت بـ "إسلام الإخوان" وهو "إسلام" كتبه سيد قطب وصالح العشماوي وغيرهما في الخمسينات والستينات. وهي جماعة كانت تبعث على القشعريرة والرعب في نفوس الناس في أوروبا والغرب كله. وكان الغربي غير المسلم يرى في التسمية ذاتها تهديداً له كما قال الباحث الفرنسي كزافييه تيرنسيان في كتابه الجديد عن الإخوان (Les Fréres Musulmans) (الإخوان المسلمون، دار فايار، باريس، 2005). وهي التي شاركت في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر، وشاركت في الحرب العربية – الإسرائيلية في فلسطين 1948. وهي التي شاركت فكرياً في قيام ثورة 23 يوليو 1952. وكانت اللاعب السياسي الوحيد على الساحة الأردنية طيلة ثلاثين عاماً، (1957-1987). وهي التي وقفت في وجه المدِّ الناصري (1956-1970). وهي التي وقفت إلى جانب السادات في رحلة السلام. وهي التي كانت سبباً في مقتل عشرين ألفاً من الأبرياء في مدينة حماة السورية 1982. ووقفت إلى جانب صدام حسين في غزوه الكويت. وهي التي ضمّت تحت جناحيها معظم الجماعات السلفية الدينية "الجهادية"، وتزعمت الفكر السلفي في تكفير الآخر خاصة في السعودية والخليج. فأصبحت بلاءً بعد أن كانت عزاءً كما وصفها وزير الداخلية السعودي (جريدة "السياسة" 13/9/2003). وهي التي فرّقت بين المواطن المسلم والمواطن المسيحي في مصر. ودعا مرشدها العام السابق مصطفى مشهور إلى طرد المسيحيين من الجيش المصري، واعتبار الأقباط أهل ذمة، ودبِّ الرعب في قلوبهم، مما دفعهم الى مقاومة أي تقارب بين الإخوان المسلمين والإدارة الأمريكية (انظر مقالات الكاتب المصري/ الأمريكي القبطي مجدي خليل، ومعارضته الشديدة لطروحات سعد الدين ابراهيم). وحاولت الاستيلاء على السلطة من خلال محاولات الاغتيال في مصر وسوريا. وقامت بتجهيل العصر الحديث (جاهلية القرن العشرين – سيّد قطب). وانكرت التعددية والديمقراطية. وقالت بالحزب الواحد (حزب الله). وأنكرت الانتخابات وأخذت بالشورى. وهي تختار مرشدها العام (الزعيم) ليس بالانتخاب، وانما بالاستفتاء. وتقف موقفاً معارضاً وقوياً من الانتخابات النيابية. وتنادي بالبيعة على سُنّة السلف الصالح من قبل أصحاب (الحل والعقد) من الفقهاء الذين ينوبون عن الأمة في البيعة، علماً بأن لا أحد أنابهم في ذلك. وما زال الإخوان حتى الآن في تنظيمهم الداخلي يأخذون بالبيعة، ولا يأخذون بالانتخاب. فالمرشد العام ( يجب أن يكون مصرياً. المرشدون من مصر، على غرار شعار: الأئمة من قريش) الذي يحكم الملايين من الإخوان في أكثر من خمسين بلداً في العالم، يختاره بالبيعة 15 شخصاً فقط من مكتب الارشاد، وهم (أهل الحل والعقد)! وهذه هي الشورى التي ينادي بها الإخوان المسلمون، والتي لا يُستشار فيها أحد، والتي هي مُعلّمة كما يقول الشعراوي والقرضاوي والغنوشي وغيرهم، وليست مُلزمة كالديمقراطية الغربية كما يقول خالد محمد خالد ومحمد الغزالي وجمال البنا وغيرهم. ولكن حسن البنا عاد ووافق على مبدأ الانتخابات ورشح نفسه في العام 1942 للانتخابات، ولكن رئيس الوزراء آنذاك، النحاس باشا رفض ترشيحه، وطلب منه الانسحاب وقَصْرِ نشاطه على الدعوة الدينية للهداية فقط. فانسحب في صفقة مكاسب سياسية مع حزب الوفد. وما زالت بعض حركات الإخوان في العالم العربي تؤمن بالبيعة لا بالانتخابات. وآخرها كانت بيعة الإخوان المسلمين السودانيين لجعفر النميري التي وصفها ياسين الإمام أحد قياديي الإخوان بأنها بيعة كـ "بيعة الرضوان"، وأنها تستعيد ذكرى السيرة العطرة ، ومواقف الصحابة في" بيعة الرضوان" (محمد القندال، الإسلام والسياسة في السودان ، ص221).

إن جماعة الإخوان المسلمين تُعتبر الحركة الأكثر تأثيراً في السياسة العربية وفي الشارع العربي، بحيث لو أجريت انتخابات تشريعية ديمقراطية وشفافة الآن وفي السابق لفازت هذه الجماعة بالأغلبية. والسبب في ذلك هو فساد الأنظمة العربية، وتحكّم الديكتاتورية الحزبية والعائلية بالسلطة، وعدم ممارسة جماعة الإخوان المسلمين للحكم حتى الآن، وتلوثها بالفساد والتسيّب. ولعل هذا مبعث خوف الحكم في مصر من عدم اعطاء هذه الجماعة التصريح القانوني بإنشاء حزب رسمي بحجة منع اقامة الأحزاب الدينية، وعدم فتح الباب أمام المسيحيين لاقامة حزب ديني قبطي في مصر.



التقدم نحو الواقعية السياسية



من خلال هذا التاريخ الطويل الحافل لجماعة الإخوان المسلمين، ومن خلال هذا التأثير الكبير لهذه الحركة على الشارع العربي، ومن خلال الخطوات التي خطتها هذه الجماعة نحو البراجماتية السياسية، فكّر بعض المثقفين الليبراليين ممن لهم صلات قوية بجماعة الإخوان المسلمين وبالإدارة الأمريكية كذلك، أن يجمعوا الخصمين على وسادة واحدة (ويا بخت من جمّع رأسين بالحلال). وكان اللاعب الرئيس في هذا المشهد السياسي الأمريكي- الإخواني هو المفكر والناشط السياسي د. سعد الدين ابراهيم ، الباحث الآن في "معهد وودرو ويلسون" بواشنطن، والذي قيل بأنه استطاع أن يجمع عصام العريان (فكَّ الله أسره) قبل سجنه بمسؤولين امريكيين. ثم كتب بعد ذلك مقالاً في جريدة "نيويورك تايمز" نشرته "الهيرالد تربيون انترناشونال" في 30/5/2005 يُبشّر به بهذه الخطوة ويدعو إلى دعمها ونصرتها. وما زال يُقنع الإدارة الأمريكية بضرورة التعاون مع الأحزاب الدينية الإسلامية التي هي أكثر الأحزاب شعبية وتنظيماً في الشارع العربي، أسوة بالأحزاب المسيحية في المانيا (حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي) وسويسرا (الحزب الديمقراطي المسيحي ) وايطاليا ( الحزب الديمقراطي المسيحي). وهي أحزاب علمانية صِرفة، تأخذ من الدين اسمه لا فعله. علماً بأن هذه الأحزاب هي من نتاج الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة. وظهرت لاستغلال مشاعر المسيحيين في صراعاتها . وبعد انتهاء الحرب الباردة بدأت هذه الأحزاب بالزوال. فانتهى وجود " الحزب الديموقراطي المسيحي" في ايطاليا، الذي كان من بين أقوى الأحزاب السياسية الأوروبية. وتراجعت قوة بقية الأحزاب المسيحية في أوروبا.



لماذا دعوة الحوار الآن مع الإخوان؟



إن حجة د. سعد الدين ابراهيم في افساح المجال للحوار الأمريكي مع الإخوان المسلمين تتركز في سببين رئيسيين:

1- من الواضح أنّه يجدر بالغربيين، انطلاقاً من المبدأ والبراغماتية، ألا يخافوا من فكرة السماح لأحزاب دينية بالاضطلاع بدور في الهيكليات السياسية التي تبرز في العالم العربي. وذلك أنّه يجب أن يتمتّع الإسلاميون، بصفتهم مواطنين، بالحقوق الأساسية نفسها التي يتمتّع بها الآخرون. فإطلاق الدعوات لإحلال الديموقراطية في هذه البلدان وفي الوقت نفسه إنكار حقوق مجموعات تريد التنافس بطريقة سلمية على المناصب المختلفة، هو ضرب من ضروب الرياء.

2- أنّ الإسلاميين منظّمون جيداً ويحظون بالشعبية. صحيح أنّ بعضهم أنشأ ذراعاً مسلّحاً داخل حركته هدفها الظاهري مقاومة الاحتلال الأجنبي ("حزب الله" في لبنان، "الجهاد الإسلامي" في فلسطين) أو مواجهة الأنظمة الاستبدادية، لكن في مختلف الحالات، هناك نواة إسلامية معتدلة وأقلّ عنفاً. ومن شأن استبعاد الأحزاب الدينية من الاتجاه السياسي السائد أن يؤدّي إلى هيمنة الفصائل المسلّحة على حساب الوسط الأكثر اعتدالاً.



ظهور "الإخوان الجُدد Neo-Bros "



ولعل دعوة د. سعد الدين ابراهيم جاءت في الوقت المناسب الآن. فقد حصل تطور مهم في الفترة الأخيرة في "الإسلام السياسي" الإخواني. وهذا ما يجعل بعض المراقبين يعتقدون بأنهم سوف يشهدون بروز أحزاب إسلامية ديمقراطية بكل معنى الكلمة – كما قال سعد الدين ابراهيم – على غرار الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. ومن هذه الأحزاب جماعة الإخوان المسلمين التي أخذت في الفترة الأخيرة تتبنى ما في البراجماتية السياسية من حداثة وليبيرالية، بحيث غدا "الإسلام السياسي" بالنسبة لها عبارة عن قشرة طلاء ذهبية برّاقة لأغراض التسويق السياسي المحلي فقط، وارضاءً لغرائز الشارع العربي الدينية. في حين أنها قدمت نفسها للعالم الخارجي وللإدارة الأمريكية على وجه الخصوص كحزب حداثي ليبرالي، يؤمن بالتعددية السياسية، وينفي مطالبتة باقامة الخلافة الإسلامية أو "الدولة الدينية"، ويطالب بإقامة "الدولة المدنية". ويريد الوصول إلى الحكم من خلال صناديق الاقتراع. ولا يضع قيوداً على حرية المرأة. وغير ذلك من الشعارات الليبرالية التي تنقل جماعة الإخوان المسلمين من خانة الأحزاب الدينية السلفية المنغلقة والظلامية إلى خانة الأحزاب السياسية التقدمية والليبرالية. وهو ما سوف نقرأه من خلال بيانات وتصريحات الجيل الجديد من القياديين الإخوانيين كعصام االعريان، ومحمد السيد حبيب، وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم في مقالنا القادم. وهم الذبن يمثلون تياراً سياسياً جديداً نُطلق عليه اليوم "الإخوان الجُدد Neo-Bros" الذين يحاورون الآن "المحافظين الجُدد Neo-Cons"، ويشهد عليهم ويشجعهم "الليبراليون الجُدد Neo-Libs".

فهل سيدخل الإخوان المسلمون القفص الذهبي؟!

في المقال القادم نكمل الحديث من خلال شرح أبعاد "البرجماتية السياسية الجديدة للإخوان المسلمين" ، و "ضرورة فن الممكن الآن".

[email protected]



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف كانت الأصولية عائقاً سياسياً للعرب؟
- هل بقي ببيروت مكانٌ لقبر آخر؟
- حصاد التوغّل الأمريكي في الشرق الأوسط
- هل غرقت أمريكا حقاً في -المستنقع العربي-؟
- كيف دخلت أمريكا جهنم العرب؟
- الطريق إلى الديمقراطية السعودية
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟!
- الكويت تولد من جديد للمرة الرابعة
- لماذا لم يشربوا دم العفيف الأخضر حتى الآن؟
- العَلمانية والديمقراطية جناحان لطائر الحرية
- العَلمانية في العالم العربي : إلى أين؟
- لماذا يحبُ العربُ أمريكا كلَّ هذا الحب؟!
- أولويات العهد العراقي الجديد
- ما أحوجنا الآن الى ثورة التغيير في الإسلام
- فوبيا التغيير تفتك بالعالم العربي
- أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
- العرب بين تحديات العصر وعوائق التغيير
- العراق في العام الثاني بعد الميلاد
- لماذا ننادي بثقافة التغيير؟
- عودة الوعي السياسي الفلسطيني: -حماس- أنموذجاً


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر النابلسي - هل سيدخل الإخوان المسلمون القفص الذهبي؟