أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الفعل ورد الفعل في التجاوز على الشعائر الدينية















المزيد.....

الفعل ورد الفعل في التجاوز على الشعائر الدينية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 21:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفادت وسائل الإعلام عن قيام موظف مصري، ومهندس بريطاني، يعملان في حقول الرميلة النفطية، بالإساءة للشعائر الحسينية وعدم احترامهما لشهر محرم الحرام، والمشاعر الدينية للسكان مما أثار غضب الأهالي، فتم إبعادهما من العراق. وقد شاهدنا لقطات الفيديو لجمع من الشباب الغاضب الهائج ينهالون بالضرب على المهندس البريطاني وتسيل الدماء من وجهه مما أثار سخط واستنكار المشاهدين. والجدير بالذكر أن مدير الشركة(G4S) رحب بطرد المسيء إلى بلده (1).

أشغلتْ هذه الأنباء والتعليقات عليها، حيزاً في الإعلام، وأثارت جدلاً واسعاً في المجتمع العراقي ومواقع التواصل الاجتماعي. كما وطالبني عدد من الأصدقاء أن أبدي رأيي بمقال عن هذه الأحداث المؤسفة لأن هناك من يستغلها للتصيد بالماء العكر وتجييرها للطعن بالعملية السياسية والإساءة لسمعة الشعب العراقي. فترددت في أول الأمر، لأنه في رأيي لا يمكن الدفاع عن أي من الطرفين. فالموظفان الأجنبيان اللذان أنزلا ومزقا الراية الحسينية ارتكبا تجاوزاً على المشاعر الدينية للسكان، إذ ظهر أن المصري هو من أخوان المسلمين، وتصرفه الأهوج هذا كان بدوافع طائفية مقيتة. أما تصرف المهندس البريطاني فكان بسبب التكبر والعجرفة والجهل بثقافة وأعراف الشعب العراقي وعدم احترامه للمشاعر الدينية لأهل البلاد، خاصة وأن البريطانيين وغيرهم من الشعوب الغربية ما انفكوا يرددون القول أن على المهاجرين احترام قوانين ومعتقدات وأديان وأعراف الشعب المضيف، ونحن نؤيدهم على ذلك بحرارة، فلماذا لم يحترم هذا الموظف البريطاني مشاعر الشعب العراقي وهو لا بد وأن يعرف دور الدين في حياة العراقيين وبالأخص في هذه الفترة الانتقالية العصيبة؟ إذ تفيد الحكمة:
"لا تنه عن خلق وتأتي مثله... عار عليك إذا فعلت عظيم"

كما وكتب لي صديق مطلع على الوضع، ما يلي: ((استباقا لما قد تكتب عن موضوع ضرب الأجانب في حقول النفط في البصرة، أودّ تبيان بعض الأمور التي قد تفيد لمعرفة حقيقة ما يجري. فمن خلال عملي هناك لاحظت كثرة تجاوزات رجال الحمايات على من يعمل معهم من العراقيين كسواق وأعمال بسيطة اخرى. وقد توقعت ان تحصل مشكلة كبيرة في أحد الأيام، فكتبت الى مسؤول في الدولة واقترحت عليه ان يحجب الفيزا عن بعض من قليلي الأدب من الأجانب. وقد اجاب المسؤول قائلا: "ليذهبوا الى القضاء عند حصول اي تجاوز"، وهذا الاقتراح لا يمكن تنفيذه لأن من يقدم على خطوة كهذه سيخسر عمله فورا...للعلم رجاء)). انتهى
إذنْ، هذه الحادثة وأمثالها كانت متوقعة بسبب سوء تصرفات البعض من العاملين الأجانب ضد العراقيين.
لذلك وجدت من المفيد أن أدلو بدلوي فوجدتني لأول مرة أتفق مع ما صرح به السيد مقتدى الصدر كما نقلته (السومرية نيوز) بغداد – حيث وصف (حادثة إنزال راية الإمام الحسين "عليه السلام" من قبل عامل بريطاني في حقل الرميلة بـ"الشنيع والجريمة، فيما أكد أن الاعتداء على الموظف كانت "اشنع وأفظع"، مشدداً على أن من قام بالاعتداء عليه "بلا قلب أو أدب أو عقل".) (2)

لا شك أن العراق يمر في مرحلة حساسة وعصيبة جداً من الصراعات الطائفية الدموية، وهناك فئات في الداخل، ومؤسسات دولية وحكومات أجنبية في الخارج تغذي هذه الصراعات ولا تريد للعراق الاستقرار، بل تعمل على إثارة المزيد من المشاكل، ودعم حرب الإبادة ضد الشعب العراقي وبالأخص الشيعة وإظهارهم بمظهر الوحوش لتبرير إبادتهم. إن المنظر المقزز في فيديو الاعتداء على المهندس البريطاني بشع لا يزيده بشاعة إلا فيديو عملية قتل الشيخ حسن شحاته وأربعة من أتباعه في مصر، والتي ارتكبها بوحشية مجرمون من السلفية وبتواطؤ من الرئيس المخلوع محمد مرسي العياط في تأجيج الطائفية.

سيكولوجية الجماهير
إن ما يحصل في هذه الحالات من أعمال وحشية بشعة لها علاقة بسيكولوجية الجماهير. فمعظم الدراسات التي قام بها متخصصون في علم النفس الاجتماعي تؤكد أن الإنسان الفرد تذوب شخصيته ويفقد فردانيته في الجمهور. ومن المفيد هنا أن نشير إلى مقال للدكتورة حنان هلسة حول كتاب العالم الفرنسي غوستاف لوبون، الموسوم (سايكولوجية الجماهير) فتقول:
(يرى لوبون أن للجماهير خصائص تميزها عن الافراد، حيث تتناول الخاصية الاولى ذوبان الشخصية الواعية للأفراد وتوجيه المشاعر والأفكار في اتجاه واحد. الجمهور النفسي "ايا تكن نوعية الافراد الذين يشكلونه، وايا يكن نمط حياتهم متشابها او مختلفا، وكذلك اهتماماتهم ومزاجهم او ذكاؤهم، فإن مجرد تحولهم جمهوراً يزودهم نوعاً من الروح الجماعية، هذه الروح تجعلهم يحسون ويتحركون بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر كل فرد منهم لو كان معزولا". في حالة الجمهور تتلاشى الشخصية الواعية للفرد وتصبح شخصيته اللاواعية في حالة من الهياج، ويخضع الجميع لقوة التحريض وتصيبهم عدوى انفلات العواطف، بحيث تلغى شخصية الفرد المستقل ويصبح عبارة عن انسان آلي ابتعدت ارادته عن القدرة على قيادته". (د. حنان هلسة، الحوار المتمدن، 6/2/2011)(3)

غني عن القول أن هذه الحالة العنفية ليست خاصة بشعب معين، كما يحاول البعض إلصاقها بالشعب العراقي دون غيره من الشعوب، بل هي عامة لها علاقة بالطبيعة البشرية في كل مكان وزمان وخاصة في مرحلة الثورات والهيجانات الجماهيرية، إذ حصلت في الثورة الفرنسية، والصراعات والحروب الطائفية في أوربا، والثورة الثقافية في الصين، وكذلك في العراق في السنة الأولى من ثورة 14 تموز 1958.
كذلك أعتقد أنه ليس كل الناس معرضين لعدوى الذوبان في الجمهور في مثل هذه الحالات، إذ هناك من لهم مناعة تحميهم من هذا السقوط، أشبه بالمناعة ضد الأوبئة، فمثلاً عندما يحل وباء الكوليرا في بلد ما لا يصاب به جميع السكان وإنما نسبة منهم.

الموقف من الشعائر والطقوس الدينية
قد يعترض البعض على ممارسة هذه الشعائر، كما جاء في بعض التعليقات كقولهم أن الحسين قتل قبل 14 قرناً، فلماذا كل هذه المراسيم والشعائر وغيرها الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين. أقول، بغض النظر عن كوننا نتفق أو نختلف مع هذه الشعائر، فهذا الاعتراض غير مقبول، لأسباب عديدة منها أن تراجيدية مقتل الحسين وصحبه ومعظمهم من عائلته وأقربائه بينهم ستة من أخوته، لها رمزيتها ضد الظلم، وثانياً، لأن الشعائر الدينية يجب احترامها في جميع الأحوال، فحق ممارسة الطقوس والشعائر الدينية جزء من حقوق الإنسان. فإذا كنا حقاً نطالب بحرية الأديان والعبادة وممارسة الطقوس والشعائر الدينية فعلينا احترام مشاعر الطائفة الشيعية أيضاً، وإلا سقطنا في الانتقائية والتحيز لطائفة دون أخرى. فهذه الشعائر والطقوس حتى ولو كانت خاطئة، لا يمكن التخلص منها عن طريق القسر والقوة والتجاوزات على من يمارسها، لأن هذه السياسة تؤدي إلى المزيد من التخندق والتعصب والإصرار على ممارستها. فما يجري الآن في العراق من تطرف ومبالغة في ممارسة هذه الطقوس هو رد فعل على سياسة البعث الطائفية لمنع الشيعة من ممارسة مراسيم عاشوراء خلال 35 سنة وباسم التقدمية المزيفة. إذ كما قال لينين: "الدين كالمسمار في الخشبة فكلما طرقتَه زاد ثباتاً فيها".

ومما يجدر ذكره أن اللطم وضرب الجسم بالسلاسل والتطبير هو سلوك البعض من عوام الشيعة، لا علاقة له بالفقه الشيعي، فأغلب فقهاء الشيعة أصدروا فتاوى ضد هذه الممارسات. ولدي مجموعة كبيرة من هذه الفتاوى آخرها فتوى مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي حرم فيها التطبير والزحف على البطون أمام أضرحة الأئمة واعتبرهما بدعة وضلالة. كذلك أفتى المرحوم آية الله السيد محمد باقر الصدر، مؤسس حزب الدعوة الاسلامية قائلاً: "إن ما نراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء بل هم دائبون على منعه وتحريمه". (4 و 5)

التعامل مع الشعائر الدينية
من نافلة القول أن الطقوس والشعائر الدينية لها مكانة عميقة في نفوس المؤمنين بها، وفي حالة الطائفة الشيعية فهم يشكلون الغالبية العظمى من الشعب العراقي، ونسبة كبيرة منهم يؤمنون بها كما نلاحظ ذلك من زحف الجماهير المليونية في مناسبات عاشوراء وزيارة الأربعين. لذلك فهذه المسألة حساسة جدا يجب التعامل معها بمنتهى العقلانية والشعور بالمسؤولية. وقد قرأنا في الأدبيات السياسية أن الحزب الشيوعي العراقي في العهد الملكي كان يستثمر هذه المناسبات ويجيرها لصالح الحركة السياسية المناهضة للسلطة، فكان الشيوعيون يتصدرون مواكب العزاء ويؤلفون الأهازيج (الردات) ويجعلون من ذكرى واقعة الطف مناسبة لربطها بما يجري في ذلك العهد من مظالم، ويحيلونها إلى تظاهرات وأهازيج سياسية ضد السلطة، والمعروف أن أغلب الرواديد الذي كانوا يقرؤون القصائد والأهازيج الحسينية كانوا متهمين بالشيوعية.
إن هذه الطقوس والشعائر تنتهي تدريجياً بالتثقيف وتطور المجتمع وليس بالإكراه والقسر والاستعلاء والاستهانة بمعتقدات ومشاعر الناس الدينية، فالمردود في هذه الحالة يكون معكوساً، وعلى الأجانب الذين يعملون في العراق أن يحترموا معتقدات وأعراف المجتمع العراقي ويلتزمو بالحكمة: يا غريب كن أديب.
ــــــــــــــــــــــــــ
مصادر:
1- شركة بريطانية ترحب بقرار طرد أحد عامليها لتمزيقه الرايات الحسينية في البصرة
http://alakhbaar.org/home/2013/11/157526.html

2- الصدر ينتقد ردة فعل المواطنين تجاه الموظف الأجنبي في حقل الرميلة
http://alakhbaar.org/home/2013/11/157530.html

3- حنان هلسة: سيكولوجية الجماهير
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=244767

4- أسامة مهدي، إيلاف: مرجع شيعي يفتي بحرمة التطبير
http://www.elaph.com/Web/news/2010/12/618056.html

5- أراء بعض المراجع لمسألة التطبير
http://bahrainonline.org/showthread.php?t=196379

روابط ذات علاقة
المالكي يوجه بطرد مهندس أجنبي "مزق راية حسينية" في حقل الرميلة
http://akhbaar.org/home/2013/11/157377.html

عمليات البصرة تبعد موظفا مصري الجنسية إلى خارج العراق
http://akhbaar.org/home/2013/11/157394.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة المالكي لأمريكا، نجاح أم فشل؟
- قوانين لتكريس الصراعات الطائفية
- مَنْ الذي تسبب في كوارث العراق؟
- التقارب الإيراني الأمريكي وجنون البقر السعودي
- في عشية زيارة المالكي إلى واشنطن
- إصرار العراقيين على تدمير أنفسهم
- الفتنة أكبر من القتل
- من يهن يسهل الهوان عليه
- التفاهم الإيراني- الأمريكي انتصار للسلام والحكمة
- اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم مجدداً
- على أمريكا إما أن تحتل سوريا أو تتركها لحالها
- هل ستقضي تكنولوجية الدمار على البشرية؟
- حرب الناتو على سوريا بالنيابة عن إسرائيل والسعودية
- العراقي المغترب وحلم العودة.. هل ثمة ما يغري؟*
- في مواجهة الدعيات المضلِّلة(2)
- دروس من أبو غريب
- في وداع العفيف
- رحيل المفكر التونسي العفيف الأخضر
- لا يصح إلا الصحيح
- إن حبل الكذب قصير


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الفعل ورد الفعل في التجاوز على الشعائر الدينية