أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - توحش سياسة ميزانية الدولة البرجوازية















المزيد.....

توحش سياسة ميزانية الدولة البرجوازية


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 06:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


حضرت مؤخرا بالمكتبة الوطنية لقاءا دراسيا حول القانون المالي لسنة 2014 من تنظيم الجمعية المغربية لحقوق الانسان والفضاء الجمعوي، وقد وزع المتدخلون الثلاثة مداخلاتهم للحديث أولا عن أزمة سياسة الميزانية في المغرب وخضوعها لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية(سعيد السعدي)، وثانيا كيف تخدم الضرائب مصالح رؤوس الأموال على حساب ذوي الدخل المحدود(عبد العزيز المسعودي) وثالثا كيف تحيد الميزانية العامة عن تمثيلها لمصالح ممولي هذه الميزانية من عامة الشعب، وتستند بالتالي على مصادر غير دستورية(علي فقير).

الخلاصة التي يمكن للمرء أن يخرج بها لدى استماعه لتلك المداخلات هي أن الميزانية العامة مثلها مثل البوليس والعسكر ورجال الدين عبارة عن كيان طفيلي يوظف لخدمة مصالح التحالف الطبقي الحاكم بشكل مباشر وبشكل غير مباشر على غرار الضريبة المباشرة والضريبة غير المباشرة.

لقد أكدت المداخلات أنه مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تلجأ الدولة كأداة للطبقات الحاكمة الى استعمال الميزانية لتسهيل نقل فوائض مالية هائلة من ذوي الدخل المحدود المسحوقين نحو أصحاب الثروات الكبرى من أرباب الشركات وملاكي العقارات الكبرى وملاكي الاراضي الفلاحية الشاسعة. وسواء تحدثنا عن كيفية استقطاع الضرائب أو كيفية صرف النفقات فإن النتيجة هي من جهة نهب صارخ لجيوب الكادحات والكادحين ومن جهة أخرى حرمان هؤلاء من أبسط المرافق العمومية مقابل اعفاء اصحاب الشركات من سنوات من الضريبة وتمييز أصحاب الريوع والفوائد والارباح والعقارات ... الخ ومن جهة ثالثة اسراف وتبذير كبيرين لفائدة ما يسمى بمؤسسات السيادة والامن والدبلوماسية.

الخلاصات الأساسية التي يمكن الوصول اليها وهي أولا أن الدولة البرجوازية التي كانت تتسم بطابع التوحش منذ القرن السادس عشر وحتى قبيل الحرب العالمية الثانية، قد استطاعت الثورة البلشفية في روسيا والأزمة العالمية التي عاشتها خلال العشرينيات من القرن الماضي أن تخفف من توحشها، وتتنازل بواسطة تطبيق تعاليم الكينيزية عن جزء صغير من فائض القيمة المنهوب لخدمة عدد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وذلك حتى يتسنى للبرجوازية القضاء على غريمها الجديد المتمثل في دكتاتورية البروليتارية. لكن بعدما تحقق لها تحطيم المنظومة الشيوعية السابقة داخليا وخارجية انطلاقا من بداية التسعينيات، فإن ملامح الدولة البرجوازية بدأ يميل بسرعة وقوة نحو التوحش من جديد.

توحش الدولة البرجوازية في المغرب أصبح يبدوا جليا منى خلال سياساته التبعية والرجعية والمتمثلة في سياسات التقويم الهيكلي منذ بداية عقد الثمانينات. وها نحن الآن أمام فصل جديد من من هذه السياسات بمواصفات أكثر عنفا من سابقتها.

ثانيا، أن كافة الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وفي كافة الدول البرجوازية ومنها بلادنا تلعب لعبة تمرير السياسات المتوحشة للدولة على كاهل ذوي الدخل المحدود، ولا تعدم الدولة الوسائل لإجبار هذه الأطراف للتعاون الطبقي، وهذا ما سيجعلنا نتابع مسرحية هزلية في البرلمان خلال مناقشة القانون المالي، فقد طلب بدون شك من هذه الأطراف تخفيف حدة نقدها للحكومة على هذا المستوى وتمرير "كل ما يمكن تمريره" من اجراءات لا شعبية ولا ديموقراطية.

فمعالجة الأزمة متفق عليها والاختلاف فقط يكمن في كيفية صياغة الكلمات المناسبة للامعان في إفقار الكادحين، وافراغ الأجور والرواتب من محتواها من السلع والخدمات الضرورية، وكأن الشعب الذين يتحدثون باسمه ويتكلمون ويقررون ويحلفون به هو الفئة الأضعف في المجتمع، على الرغم من ضخامته العددية.
ويكفي أن تستسهل الدولة، وتدمن، هذا الحل حتى تؤكد بنفسها على أن تمثيلية البرلمان والحكومة للشعب، هي، ولجهة قوتها تعكس في صدق وأمانة واستقامة قوة أجور ورواتب الشعب، فكيف لطفل صغير أن يقتنع بأن حكومة وبرلمان الغلاء والمنظمين بما يزيد الاثرياء ثراء، هي التي أتى بها الشعب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي كانت "نزيهة" في اعلام الصحافة الحزبية المتواطئة.

الحديث حاليا عن يدور حول معالجة تفاقم العجوزات المالية ، عجز الميزانية، عجز الخزينة، عجز ميزان الأداءات، العجز الضريبي حيث تغطي الضرائب بصعوبة 55 في المائة من نفقات الميزانية، فما الأسباب الحقيقية لهذه الوضعية:

- يبدوا من جهة أولى أن الدولة لا تحصل على جزء عظيم من مواردها المالية من التحالف الطبقي المهيمن على جهاز الدولة، والذي لو دفع للدولة ما ينبغي أن يدفعه لحلت مشكلة العجز جزئيا؛

- ويبدوا من جهة ثانية أن الدولة تبذر الكثير من مواردها المالية، المتأتية جلها من فقراء الشعب، أي من غالبيته العظمى، وهو ما يشكل دليلا على أنه في أوجه الانفاق وطرائقه وأساليبه وغاياته يتركز الجزء الأعظم من الفساد(مهزلة عفا الله عما سلف). ولو أننا حررنا الانفاق من الفساد لما بقي لدينا من عجز في الميزانية، ولتحول هذا العجز إلى فائض.

في الانفاق العمومي تكمن الكعكة التي يتقاسمها ويسعى الى اعادة اقتسامها جيش من الفاسدين والمفسدين وهذا الجيش يكبر ويصغر، وإن كان قادته يتضاءلون عددا، ويزدادون في نفس الوقت سمنة، وهذه الكعكة الكامنة في الانفاق العمومي هي سر تواطؤ الاحزاب السياسية والبيروقراطيات النقابية من أجل اقتسامها، واعادة اقتسامها بما يتناسب مع تبدل ميزان القوى، مدار صراعهم، المستتر تارة والصريح تارة أخرى، وهي أيضا مدار وحدتهم الأسرية، أنظر مسرحية العفاريت والتماسيح التي أطلقها عبد الاله بنكيران قبل أن يعقد قرانه عليهم في نسخة حكومته الثانية.

وكلما تقلص حجم هذه الكعكة، أي حجم الانفاق الذي منه يرزقون، اشتدت الحاجة إلى زيادة الموارد، فمن أين يحصلون على هذه الموارد الاضافية؟

بطبيعة الحال هناك الشعب الفقير، البقرة الحلوب، الذي لا حول له ولا قوة، والذي لا يملك من سلاح يدافع به عن آدميته، ولو كان على شكل حراك شعبي، من قبيل حركة 20 فبراير.

أما الجناح الطبقي الثاني للدولة، وهو العائلات التجارية والمالية والاستثمارية الكبرى، فيعفى من الدفع، الذي لو أكره عليه، لهربت رؤوس الأموال إلى الخارج. فها هي الحكومة نصف ملتحية تبرر محاباتها الطبقية الضريبية وما تسميه بقانون العفو الضريبي والسماح بافلات مجرمي المال العام بمقولة عفا الله عما سلف، أن ذلك هو من أجل استمرار هذه الفئات الطبقية كحافز على الاستثمار، ولأن كل وضع حد للتهرب الضريبي سيؤدي لا محالة إلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، مما سيؤدي الى قتل الاستثمار.

ولا تكتفي الدولة بذلك وانما تتبرع لهؤلاء باسم الخوصصة على منشآت اقتصادية مدرة للأرباح تعود ملكيتها الشرعية والقانونية للشعب، بأثمان زهيدة، فما أكرمها عليهم، وما أبخلها على الشعب.

وعندما تتواطؤ التحالفات الطبقية الاقتصادية والسياسية والنقابية وبدعم مطلق من أجهزة الدولة لكي يستمر هذا الظلم الاجتماعي للعمال والكادحين من أبناء الشعب، فإن هذا الاخير يجد نفسه مشلولا بسبب هذا الحصار وبسبب تفاقم أوضاعه المزرية، لكن كما قال كارل ماركس لا يوجد في الفقر بالضرورة غير الفقر، بل انطلاقا من هناك تبدأ مرحلة ثورية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد انتقاد تيار البديل الجذري المغربي
- اغتراب الجماهير الكادحة في ظل هيمنة الاسلام السياسي
- اطلالة نقدية عامة حول سياسة الميزانية المعتمدة في اطار القان ...
- قوة الثورة المضادة في المغرب
- قراءة مادية موجزة في السياق الرأسمالي الدولي الحالي
- نداء لمشاركة الطبقة الشعبية في اليوم الوطني للمعطل
- نظام المقايسة وحقيقة الوضع الاقتصادي والسياسي في المغرب
- حقيقة منجزات الحكومة التي يتغنى بها لحسن الداودي
- لا للغلاء لا للإفقار
- هل هو الخوف أم مفعول تخدير حكومة بنكيران نصف ملتحية؟
- دعوة للتظاهر ضد الحرب الامبريالية على سوريا
- قراءة سريعة في طبيعة ازمتنا الراهنة
- الطبقة العاملة بيت الميثاق الاجتماعي الجديد والحوار الحكومي
- الطريق البروليتاري
- أزمة النظام الضريبي المغربي سنة 2013
- الاعتقال السياسي في المغرب قضية طبقية
- مؤامرة الحكومة البرجوازية ضد الطبقة العاملة عشية فاتح ماي 20 ...
- ماذا تنتظر الطبقة العاملة المغربية من الحكومة نصف ملتحية؟
- الطبقة العاملة في حاجة الى منظمة سياسية ثورية
- الثورة المضادة البرجوازية الصغرى على ثورة 1917


المزيد.....




- بورصة -وول ستريت- الأمريكية تتلون بالأحمر بعد بيانات اقتصادي ...
- شويغو: عرض النصر سيقام العام الجاري بمشاركة الحائزين على الم ...
- “الاصفر عامل كام عراقي“ سعر مثقال الذهب اليوم في العراق عيار ...
- ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف في ظل توترات الشرق الأوسط ...
- انخفاض أسعار الصرف اليوم…سعر الدولار في السوق السوداء الأربع ...
- الأكبر في العالم.. تفاصيل مشروع قطري جزائري جديد بميزانية ضخ ...
- ما المكتوب على القناع الذهبي للملك المصري توت عنخ آمون؟ وما ...
- وزيرة الخزانة: اقتصاد أميركا قوي والخيارات متاحة للرد على ال ...
- -بلومبرغ-: فريق ترامب يدرس إجراءات ضد الدول التي تتخلى عن ال ...
- الاقتصاد الأمريكي ينمو 1.6% في الربع الأول من العام بنسبة أق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - توحش سياسة ميزانية الدولة البرجوازية