أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل غرقت أمريكا حقاً في -المستنقع العربي-؟















المزيد.....

هل غرقت أمريكا حقاً في -المستنقع العربي-؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1216 - 2005 / 6 / 2 - 13:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الذي سقط في المستنقع؟


دأبت الأدبيات السياسية العربية الحالية سواء كانت من التيارات الدينية أم من التيارات القومية على وصف الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط الآن بأنه غرق في "المستنقع العربي" الموحل والمليء بالزواحف القاتلة، من الصعب على امريكا الخروج منه بسهولة، إلا بعد أن تدفع ثمناً غالياً من جنودها القتلى، وملياراتها المهدورة، وأعددتها المعطوبة. ويشارك هذا الرأي وهذا التحليل كثير من المثقفين الأمريكيين والأكاديميين الذين يكتبون في الدوريات الفصلية الأمريكية الرزينة، ويلقون المحاضرات والأحاديث في المنتديات الثقافية والإعلامية من أمثال كينيث بولاك Pollackصاحب كتاب (الرأي العام العربي) المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، والعضو في "معهد دراسات الشرق الأدنى"، ومن أمثال بيتر واتسون Watson الذي كتب بحثاً عن "الضياع في مستنقع الحداثة"، وصاحب كتاب (الجمال المخيف: تاريخ الناس والأفكار التي شكّلت العصر الحديث) والكاتب اليساري المعروف نعوم تشومسكي وغيرهم. وهؤلاء وغيرهم يردون على وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد وخطته العسكرية المُسمَّاة (تجفيف مستنقعات الارهاب Draining the Sawmps ( وهي الخطة التي من أجل تحقيقها جهزت امريكا حملاتها العسكرية على افغانستان والعراق، وتستعد الآن لتجهيز حملات جديدة على بلدان أخرى من العُصاة والبُغاة في الشرق الأوسط وحاضني "مستنقعات الارهاب" على حد التعبير الأمريكي الرسمي.

فمن الذي سقط في فخ هذه المستنقعات، الإرهاب أم من جاء ليحارب ويستأصل ويقضي على هذا الارهاب؟

ما هو المستنقع الذي وقعت فيه امريكا؟

أُطلق على الوجود الأمريكي في العراق خاصة "المستنقع العراقي"، في حين نجا الأمريكيون على ما يبدو من "المستنقع الأفغاني" الذي سبق أن وقع فيه السوفيت (1979-1989) وغرق فيه 300 ألف جندي، وخسروا فيه أكثر من عشرة آلاف جندي. وأدى وقوع السوفييت في هذا المستنقع إلى تدهور الاقتصاد السوفييتى ، وعدم تمكنه من تحمّل نفقات حرب كبيرة خارج حدوده، ومعارضة الجنود السوفييت للحرب ،وظهور موجات من المعارضة لهذه الحرب داخل الاتحاد السوفييتى، ووصول جورباتشوف الى الحكم فى عام 1985 الذي كان ضد هذا الغزو. ولكن لم يكن المستنقع الأفغاني سبباً لانهيار الاتحاد السوفييتى عام 1991 كما تقول الأدبيات السياسية للجماعات الدينية الأصولية .

فهل وضع امريكا في العراق يعتبر "الغرق في المستنقع"، كما كان حال الاتحاد السوفياتي في أفغانستان؟

وهل سيؤدي "المستنقع العراقي" إلى افلاس مالي أمريكي، وانهيار الامبراطورية الأمريكية كما تقول الأدبيات السياسية الأصولية القومية منها والدينية؟

إن "المستنقع الأفغاني" ومن قبلة "المستنقع الفيتنامي" الذي غرق فيه نصف مليون جندي أمريكي، وقُتل خمسون ألف جندي منهم، وجُرح أكثر من 250 ألف جندي، قد كانا "مستنقعين حقيقيين" للسوفييت وللأمريكان للأسباب التالية:

1- أن المقاومة في كلا المستنقعين كانت شاملة من كافة السكان، وليس من فئة واحدة معينة ضد الاحتلال الأجنبي.

2- أن المقاومة في كلا المستنقعين كان لها مطلب رئيسي وهو جلاء القوات الاجنبية والاستقلال.

3- أن المقاومة في كلا المستنقعين كانت مدعومة من الخارج بقوى عظمى ذات مال غزير، وسلاح وفير.

4- أن المقاومة في كلا المستنقعين كانت مدعومة بالرأي العام العالمي والشرعية الدولية بما فيهما الرأي العام الأمريكي والرأي العام السوفياتي، اللذان كانا سبباً رئيسياً للخروج والخلاص من هذين المستنقعين.

5- أن المقاومة في كلا المستنقعين كانت تلقى تعاطفاً خاصاً من كافة فئات المجتمع الإسلامي وشعوب العالم الثالث المستضعفة.

6- أن المقاومة في كلا المستنقعين لم تكن ضد أهداف وطنية كرجال الشرطة والجيش الوطني وطلبة المدارس والجامعات والأساتذة والمرافق العامة من ماء وكهرباء ونفط.. الخ. ولم تستهدف الأطفال والنساء والأبرياء من المواطنين.

7- لقد خلّف هذان المستنقعان حرباً باردة طويلة بين القوتين العظميين، وأديا إلى سباق التسلح الدولي، وسقوط احدى القوتين العظميين، وقيام معادلات وقيم ونُظم سياسية جديدة في العالم.

8- وأخيراً، إن هذين المستنقعين لم تغرق فيهما "قوات تحالف"، وانما غرقت فيه دولتان كلٌ على حدة. رغم أن هذا "التحالف" في "المستنقع العراقي" رمزي وهش، أكثر منه حقيقي ودولي شامل.

فهل هذه الحقائق تنطبق الآن على "المستنقع العراقي"؟

ومن هنا نقول، أن حدود "المستنقع العراقي" ضيقة ومحصورة - إلا إذا وسّعت أمريكا دائرة هذا المستنقع، باستهداف ما يُطلق عليه "ضفتا الإرهاب" (سوريا وايران) - مهما طال به الزمن. ولن تطول كما كان عليه الحال في "المستنقع الفيتنامي" الذي مكثت فيه امريكا احدى عشرة سنة (1964-1975) للأسباب التي ذكرناها أعلاه، حيث كانت فيتنام مجالاً وأرض معركة لصراع القوتين العظميين في العالم، كما كان لبنان (1975-1989) مجالاً وأرض معركة لصراع القوتين العربيتين الرئيسيتين: حزب البعث السوري (القيادة القطرية) مع بعث العراق ( القيادة القومية).

ومن هنا، فإن بقاء القوات الأمريكية في العراق لن يطول إلا إذا أراد له الأصوليون السُنّة في العراق أن يطول، بفعل الاعتداءات اليومية المسلحة على الحرس الوطني وقوات الأمن العراقي والجيش العراقي ومرافق الدولة الحيوية، وشعور العراقيين بأنهم بحاجة إلى قوة ضاربة لحماية السلم الأهلي والأمن الوطني، وهو ما عبر عنه رئيس الجمهورية جلال طالباني مؤخراً.



ما هي آثار "المستنقع العراقي" على أمريكا؟



ينقسم الرأي العام الأمريكي حيال وجود القوات الأمريكية في العراق إلى قسمين:

الأول، يمثل عامة الناس البسطاء، ورجل الشارع، والطبقة المتوسطة، واليسار الأمريكي، والشبيبة الأمريكية. وبُغضاء الإدارة الأمريكية الحالية، وعائلات الجنود في العراق، ومجموعة من الصحافيين المعادين لبوش. ويقول هذا الفريق:

إن التكلفة الأمريكية لغزو العراق حتى الآن في العراق ثلاثمائة مليار دولار، قابلة للزيادة المضطردة، وأكثر من 1500 جندي خسارة لا مبرر لها. وعلى أمريكا أن تسحب قواتها فوراً من العراق تجنباً لمزيد من الخسارة اللامجدية. فالشعب العراقي لن يهب أمريكا البترول غداً، وأمريكا لن تسرق البترول العراقي. وقد سبق أن وُهِبَ البترول العراقي لعملاء النظام السابق فيما عُرف بـ "كوبونات النفط". وقد سبق لأمريكا تحرير الكويت ولم تحصل على برميل بترول واحد هبةً أو سرقةً. وكل ما حققته أمريكا استمرار تدفق البترول بأسعار السوق. فالشعب العراقي بما أظهر خلال العامين الماضيين من غزو العراق من عدم تحمل مسؤوليته تجاه وطنه والكشف عن الارهابيين الذين يحرقون العراق الآن، لا يستحق منا كل هذه التضحيات. ولقد أخطأنا عندما طبّقنا النموذج الياباني على العراق. ولم نأخذ بالاعتبار اختلاف الثقافتين واختلاف التراثين. فاليابان دولة تدين بالديانة البوذية السلمية المتسامحة التي انتجت "الغاندية الهندية" وسياسة الكفاح السلمي (ساتيا جراها(Satyagraha ، وهزمت أعتى الامبراطوريات الاستعمارية الحديثة. ومن هنا قبلت اليابان بالاستسلام وبفرض الدستور الأمريكي والحماية الأمريكية، وتفكيك المجتمع العسكري، ولم تنتقم بـ "الكاميكاز" كما فعلت في "بيرل هاربر" 1941، وكما فعل السلفيون العرب في كارثة برجي التجارة في نيويورك 2001.

ويقول هذا الفريق، أن الشعب العراقي شعب محظوظ إلى أبعد الحدود عندما وجد ادارة غبية – كإدارة بوش - لا خبرة لها في السياسة الخارجية، لكي تنجرَّ وراء المعارضة العراقية، وتقوم بهذه الحملة من أجل تحريره من ديكتاتورية عاتية، كانت ستحكم العراق مئات السنين دون رادع أو وازع، بحجة دعمه للإرهاب "القاعدي"، وامتلاك أسلحة دمار شامل وهمية. فمن هي القوة البديلة في العالم التي تستطيع دفع كل هذه الأموال، وتقديم كل هذه الضحايا، من أجل أن يتحرر شعب من طغاته وجلاديه؟

الفريق الثاني، يمثل النخبة الأمريكية في المعاهد السياسية البحثية المتخصصة والمنتشرة في الجامعات الأمريكية ومراكز صناعة القرار، وما يُطلق عليهم "المحافظون الجُدد Neo-cons". ويؤمن هؤلاء بالدور العالمي والكوني، الملقى على كاهل امريكا من الأرض والسماء، لخلاص البشرية من شرورها. وأن أمريكا ذات رسالة انسانية وسياسية عظيمة وهي نشر الديمقراطية في العالم، بأية حجة من الحجج، وبأية ذريعة كاذبة أو صادقة، وبأي ثمن من الأثمان. وأن قَدَرَ أمريكا أن تكون "رسول الحرية" في "النظام العالمي الجديد". وأن "الغاية النبيلة تُبرر الوسيلة الرذيلة". ويقول هذا الفريق، يكفي المواطن الأمريكي فخراً أنه أصبح محرر الشعوب من العبودية. ففي العالم العربي – الإسلامي، حرر الكويت من قوات الغزو الديكتاتوري، وحرر البوسنة والهرسك من مجرمي الصرب، وحرر أفغانستان من حُكم القرون الوسطى، وحرر العراق من النظام الطاغي، وهو يحاول تحرير فلسطين من المحتلين الصهاينة، ويحرّض الشعوب العربية والمعارضة على حكامها من الطُغاة والبُغاة.

فهل هذه حقاً هي الأهداف الأمريكية من خروج أمريكا بعسكرها وأساطيلها إلى الشرق الأوسط، وهي التي لا تخرج إلا في القارعات والكوارث الكونية كالحربين العالميتين الأولى والثانية، التي عادت عليها بمزيد من الرخاء الاقتصادي والهيمنة السياسية؟

في االمقال القادم نجيب على الأسئلة المتبقية في : "كيف دخلت أمريكا جهنم العرب؟"



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف دخلت أمريكا جهنم العرب؟
- الطريق إلى الديمقراطية السعودية
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟!
- الكويت تولد من جديد للمرة الرابعة
- لماذا لم يشربوا دم العفيف الأخضر حتى الآن؟
- العَلمانية والديمقراطية جناحان لطائر الحرية
- العَلمانية في العالم العربي : إلى أين؟
- لماذا يحبُ العربُ أمريكا كلَّ هذا الحب؟!
- أولويات العهد العراقي الجديد
- ما أحوجنا الآن الى ثورة التغيير في الإسلام
- فوبيا التغيير تفتك بالعالم العربي
- أحمد البغدادي و- الميديا كارتا
- العرب بين تحديات العصر وعوائق التغيير
- العراق في العام الثاني بعد الميلاد
- لماذا ننادي بثقافة التغيير؟
- عودة الوعي السياسي الفلسطيني: -حماس- أنموذجاً
- البغدادي وتجديد الفكر الديني
- محنة العقل العربي: البغدادي أنموذجاً
- الإرهاب الحلال والإرهاب الحرام!
- هند وأحمد وبينهما لينا النابلسي - إن أردتم!


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل غرقت أمريكا حقاً في -المستنقع العربي-؟