أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ما اللوحة الأخيرة التي رسمها فان كوخ قبل أن يطلق النار على نفسه، ويموت مُنتحراً؟















المزيد.....

ما اللوحة الأخيرة التي رسمها فان كوخ قبل أن يطلق النار على نفسه، ويموت مُنتحراً؟


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1208 - 2005 / 5 / 25 - 12:05
المحور: الادب والفن
    


تحاول هذه الدراسة النقدية المقتضبة أن تسلّط الضوء على عملين فنيين لفان كوخ رسمهما في الأسابيع الأخيرة من حياته قبل أن يطلق النار على نفسه يوم27 يوليو " تموز " 1890 ، ليفارق الحياة متأثراً بجرح الطلق الناري بعد الحادثة بيومين وإلى جانبه أخيه ثيو. ولأن اللوحات التي رسمها في الأشهر الأخيرة من حياته كانت كثيرة لدرجة فاقت بها السبعين عملاً فنياً وكأنه كان مصراً وعازماً على إنهاء حياته مع سبق الترصد والإصرار. كما أن الرسائل التي خلّفها عند أخيه ثيو لم تسعفنا في الوصول إلى تاريخ اللوحة الأخيرة التي رسمها قبل أن ينتحر مُنهياً حياته الكئيبة، المغلّفة بالسوداوية، والمحاطة بالأمراض الذهنية الغامضة. فهناك بعض النقاد والدارسين يعتقدون أن لوحة "حقل الحنطة مع غربان " التي رسمها عام 1890 المنفذّة بالزيت على كانفاس، وبقياس " 50.5 × 103 سم " والموجودة حالياً في متحف فان كوخ في أمستردام هي اللوحة الأخيرة، بينما يرى فريق ثانٍ من النقاد والباحثين أن لوحة " جذور الشجرة " المرسومة عام 1890 والمنفذة بالزيت على كانفاس، والموجودة في " متحف فان كوخ " أيضاً هي اللوحة الأخيرة، ويظن آخرون بأن لوحة " بورتريه للدكتور غاشيه " قد تكون هي العمل الفني الأخير الذي أنجزه فان كوخ قبل أن يودّعنا بجسده، تاركاً خلفه روحه التي تحوم في متحفه الخاص في أمستردام وفي عموم المدن والمنازل التي تنقل فيها.
سماء ملبدة بالغيوم، وغربان ناعبة، وطريق مسدودة
تعتبر لوحة " حقل القمح مع غربان " واحدة من أشهر أعماله الفنية، ومن المحتمل أن يكون موضوعها هو الأكثر إثارة للتفكير والتأمل. أنجز هذا العمل في يوليو " تموز " عام 1890. وقد ادعى العديد من الدارسين والمعنيين بتجربة فان كوخ الفنية بأن هذه اللوحة كانت هي العمل الأخير في حياته. ويمكن رؤية السماء المثيرة، والمهتاجة، والملبدة بالغيوم مليئة بالغربان والطريق المسدودة هي بمثابة نذر واضحة لاقتراب نهايته، لكن لم تكن هناك رسائل وصلت قبل فترة قصيرة من وفاته، لذلك لا نستطيع أن نخمّن أي عمل فني من أعماله كان الأخير. بعض الباحثين يعتقدون بأن لوحة " جذور الشجرة " هي اللوحة الأخير، ولكن ليس لدينا أي دليل على هذا الكلام.
الدلالة الواضحة حقل الحنطة الرمزي
في أوفر رسم فان كوخ عدداً كبيراً من مناظر حقول القمح. وكل اللوحات رسمها على كانفاسات مستطيلة بحجم "50× 100 سم ". وقد كتب لثيو عن اثنين من تلك الأعمال، إذ قال: " كانتا مرسومتين بشكل واسع، حقل قمح بسنابل منتفخة تحت سماء غاضبة، وحاولت تماماً أن أعبّر عن الحزن، والوحدة المفرطة فيهما " ولكن هذه الصور فيها جانب إيجابي أيضاً " أنا تقريباً متأكد من أن هذه الكانفاسات توضح ما لم أستطع التعبير عنه في الكلمات، وهذا يعني كم أنني أجد الريف صحياً ومطمئناً لذاتي. " هل كان هذا حقيقة أيضاً فيما يتعلق بحقل الحنطة مع غربان؟ لسوء الحظ، من المحتمل أن يظل هذا الأمر سراً غامضاً. طوال حياته كان فان كوخ يائساً، وكئيباً، ومغتماً، وقد تفاقم حزنه، ويأسه خلال الأسابيع الأخيرة من حياته. وكان قلقاً على الوضع المادي لأخيه، وعلى مستقبله الخاص. وكان يخشى بشكل مستمر من أن تدهمه نوبة مرض أخرى، وبالرغم من أهمية الأعمال التي أنجزها، والتي لم تلقَ صدى محدداً من النقاد، ولم تعرف الطريق إلى المزادات الفنية، والأسواق التجارية، فقد شعر بأنه فشل كرسام. وعندها قرر أن يضع حداً لحياته، ففي 27 يوليو تموز أطلق النار على نفسه وأصاب صدره. وبعد يومين توفي فان بينما كان ثيو إلى جانبه. وقد حضر عدد من أصدقائه شعائر الدفن، بينما بعث آخرون رسائل تعزية إلى ثيو. حفظها في متحف فان كوخ. وقد ثيو بعد نصف سنة، أي في 25 يناير 1891. وقد دفن إلى جوار قبر أخيه في أوفر- سور- أويس. ربما يكون البعد التأملي أو الفلسفي هو الذي أغرى الدارسين على التخيل بأن هذا العمل قد يكون الأخير بسبب وجود الدلالات التشاؤمية في العمل الفني كالغربان، والسماء الهائجة، الكابية، والطريق المسدودة، لكننا لو تمعّنا في لوحة " جذور الشجرة " لاكتشفنا أنها تطرح تساؤلات لا تقل أهمية عن " حقل الحنطة " فلوحة " جذور الشجرة " التي رسمها عام 1890 والمنفذة بالزيت على كانفاس، والموجودة في متحف فان كوخ أيضاً فيها من المقاربات الفكرية، والفلسفية، والنفسية ما يؤكد أن نزعة التحدي، وحب الحياة، والتعلق بها كان موجوداً بقوة لدية، لكنه كمن ينهار فجأة ولا يستطع ضبط إيقاع نفسه في اللحظة الحرجة، فيُقدم على ما لا تُحمد عقباه، وهذا ما فعلة فان كوخ في اللحظة التي انهار فيها نفسياً، ولم يجد أرحم من الضغط على زناد السلاح، تلك البندقية التي كان يستعملها لطرد الطيور كي يمسك بمشهدٍ مثير للطيور المفزوعة التي تقع فجأة في دائرة الرعب المهول. الشجيرات النامية تحت الأشجار الكبيرة الجور الملتوية. تبدو لوحة " جذور الشجرة " للوهلة الأولى تبدو وكأنها خليط من ألوان برّاقة، وأشكال تجريدية جامحة، أو هائجة أو متهورة، أو وحشية. وما يميز الملمس الخارجي لهذه اللوحة هو الضربات القوية، وكمية الأصباغ السميكة التي تغطي السطح التصويري بما يوحي بعنف ضربات الفرشاة السريالية التي تبحث في دوّاماتها عن شيء عصي غير مُروّض. ولكن موضوع هذه اللوحة يبدو واضحاً بشكل تفصيلي عندما ينظر المتلقي عن قرب ليرى جذور الشجرة، ونباتات، وأوراق بألوان بنية وصفراء وتحتها أرضية الغابة الرملية. رسم فان كوخ مشاهد أُخَر لأشجار وغابات كثيرة. وغالباً ما كان يقطع تكويناته بطريقة غير طبيعية، وبأنماط غير مألوفة، و يرسم أشجاراً مقطوعة الرؤوس، أو قطعة من الغابة تكشف فقط عن النباتات الصغيرة والزهور التي تنمو تحت الأشجار الطوال في أسفل الغابة، أو كما في هذه اللوحة، حيث رسم جذور الأشجار فقط. توصل النقاد والمحللون للأعمال الفنية لفان كوخ بأن هذه اللوحات تمثل صراعه الجدي من أجل الحياة. رسم فان كوخ أيضاً هذا الموضوع المحدد في مرحلة مبكرة من حياته. ففي دنهاخ عام 1882، أنجز بعض الرسومات لجذور الأشجار، محاولاً أن يمنحها معنى خاصاً، وكأنها متجذرة بعزم وبعاطفة قوية، وبإحساس كبير في الأرض، جذور نصف ممزقة ومقتلعة بفعل الريح. يقول كوخ " أردت. . من خلال تصوير هذه الجذور، الهائجة السوداء أن أعبِّر عن شيء من صراعها من أجل الحياة. ". رُسمت لوحة " جذور الشجرة " في أوفر، في الأسابيع الأخيرة من حياة فان كوخ، وقد ادعى بعض الدارسين بأن هذا العمل تحديداً، وليس " حقل الحنطة مع غربان "هو اللوحة الأخيرة التي رسمها في حياته، حيث كان الفنان يعاني من ظروف قاسية، وهي محاولة لرؤية الجذور الملتوية كرمز لصراعاته الكثيرة في الحياة. لا توجد إحالة في الرسائل الموجودة عند ثيو إلى هذا العمل مطلقاً، بالرغم من أن استعمال اللون في لوحة " جذور الشجرة " يبدو مفرطاً فيه، ولا يتناسب مع مثل هذه الأفكار الكئيبة. يا تُرى، هل أراد فان كوخ أن يصور اللحظات الأخيرة من حياته وهو يخوض صراعاً رهيباً مع الموت وكأنه مثل الجذور اليابسة، نصف المُقتلعة، السوداء يحاول أن يتشبث بالحياة ولكن من دون جدوى؟ هل أن هذه الألوان البراقة الصاخبة هي دليل على الاحتفاء الأخير بالحياة؟ وهل جفت جذوره كما جفت جذور هذه الشجرة تحديداً، ولم ينفع معها هذا البريق اللوني الأخاذ؟ من خلال دراستي لتجربة فان كوخ الفنية، ومتابعتي الدقيقة لأغلب أعماله وروائعه الفنية اكتشفت أن هناك ميلاً لدى بعض مؤرخي الفن الهولندي إلى القول بأن لوحة " بورتريه للدكتور غاشيه " قد تكون هي اللوحة الأخيرة التي رسمها فان كوخ لأكثر من سبب، ففي أثناء مراحل علاجه من مرضه العقلي كان يتردد كثيراً على زميله الفنان والطبيب غاشيه، وقد أعجب بملامحه كثيراً حتى قال لأخيه بأن ملامح وجهه تكاد تكون اختصاراً للحزن الموجود في العالم في تلك الفترة الزمنية على وجه التحديد، بل أنه كان يرى تعبيرات لم يكن يمسكها من قبل " كان عليَّ أن أرسمها بهذا الشكل لأنقل حجم التعبير والعاطفة الموجودين في رؤوسنا نحن البشر في هذا الزمن الذي عشناه مقارنة بالرؤوس القديمة في البورتريهات القديمة وحجم التوق والصراخ الذي تنطوي عليه. ". هذا الظن بحاجة إلى دراسة منفصلة علها تلقي بعضاً من الضوء الذي يحسم الجدل حول اللوحة الأخيرة التي أبدعتها أنامل فان كوخ قبل أن تضغط سبابته على زناد البندقية.

ترجمة وإعداد: عدنان حسين أحمد
تنويه:سقط سهواً من مقالي الذي نُشر يوم أمس والمعنون " بنيلوبي كروز، فاتنة مدريد، وفيلم - العودة - لبيدرو ألدوموفار " عبارة " ترجمة وإعداد " لذلك اقتضى التنويه مع الاعتذار للقارئ الكريم سلفاً.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنيلوبي كروز، فاتنة مدريد، وفيلم - العودة - لبيدرو ألدوموفار
- مدرسة دنهاخ الفنية وشاعرية اللون الرمادي
- سلسلة أغلى اللوحات الفنية في العالم - 2 -: - صبي مع غليون - ...
- سلسلة أغلى اللوحات الفنية في العالم: - بورتريه د. غاشيه - لف ...
- المخرج السينمائي سعد سلمان ﻟ - الحوار المتمدن -: الشع ...
- المخرج خيري بشارة لـ - الحوار المتمدن -: في الفيلم التسجيلي ...
- المخرج السينمائي قاسم حَوَلْ لـ - الحوار المتمدن -:عندما تسق ...
- المخرجة الأمريكية - مصرية الأصل - جيهان نُجيم: أشعر أن هناك ...
- لماذا لم تندلع الثورة الذهبية في أوزبكستان، البلد الذي يسلق ...
- الأصولية والإرهاب: قراءة في مستقبل الإسلام والمسلمين في هولن ...
- المخرج فرات سلام لـ - الحوار المتمدن -:أتوقع اقتراب الولادة ...
- موسوعة المناوئين للإسلام - السلفي - والجاليات الإسلامية - ال ...
- التراسل الذهني بين فيلمي (ان تنام بهدوء) و(معالي الوزير) الك ...
- الرئيس الجيورجي ميخائيل ساكاشفيلي والثورة الوردية: حليف أمري ...
- فرايبيرغا، رئيسة لاتفيا الحديدية: تتخلص من تبعية الصوت الواح ...
- -المخرج فرات سلام في شريطه التسجيلي الجديد - نساء فقط
- صمت القصور - فيلم من صنع امرأة: كشف المُقنّع وتعرّية المسكوت ...
- في زيارته الثالثة لأوروبا خلال هذا العام جورج بوش يحتفل باند ...
- سمفونية اللون - للمخرج قاسم حول: شريط يجمع بين تقنيات الفيلم ...
- الروائي بختيار علي لـ - الحوار المتمدن -: النص لا يخضع لسلطة ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ما اللوحة الأخيرة التي رسمها فان كوخ قبل أن يطلق النار على نفسه، ويموت مُنتحراً؟