كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 15:45
المحور:
الادب والفن
قالت:- كان الغضب يحرقني من الداخل و ما كنت أقوى على الاحتجاج...كنت وقتها بحاجة لذلك الأجر الزهيد، أما الآن فقد فضّلت الانقطاع ...
أندهش فأسألها:- أنتِ التي انقطعت؟!
و تجيبني براحة الاستسلام: - ما عاد ذلك الأجر يكفي لشراء علبة واحدة من أدويتي الكثيرة بعد أن أُصبت دفعة واحدة بأمراض عدّة و بأكبر مصيبة... اليُتم.
- الله يرحمهم...( قلتها متذكرة وجوها رحلت و ما تركت إلا طِيب ذكراها- طيّب الله ثراها- فلا أذكر أني التقيت خالتي "عيشة" إلا و ابتسامتها العريضة تنير وجهها الطيب و كأنما الله خلقها لتكون باسمة منشرحة على الدوام، أمّا عمّي "علي" فرغم جديته المفرطة و حزنه الدائم الذي لم أكن أفهم له سببا واضحا فقد كان حنونا رقيقا على عكس ما كان يبدو لي. كذلك كانت تصفه حليمة هي التي عرّفتني عليه يوم الجنازة كما لم أكن قد عرفته قبلا و كأننا دائما ما ننتظر الفراق الأبدي لنتعرف على بعضنا و نحب بعضنا و نحزن على بعضنا‼-;- فما أتعسنا بالتجافي في الحياة و بالتعارف و التحابب بعد انقضاء الأجل.
لقد قالت لي حليمة بأنه كان يقول لها عني- في أيامه الأخيرة-:" صديقتك "الضحّاكة" تلك، أفضل صديقاتك فحافظي عليها."
( آه يا "عم علي" لو كنت تدري – و أنتَ هناك - ما فعلت ببراءة الضحك دناءة الأيام...لقد ولّت طفولة الفرح و حلّت بنا كهولة الأحزان و تلك البنت الضاحكة التي عرفتها – يا عم علي- ضاعت مع الأيام ضحكتها في الزحام...
رحمك الله يا عم علي و يا كل من أحببنا و ازددنا لهم حبا بعد أن فقدنا و يا ويلنا بعدكم من وجع التذكار و الحرقة فلا مهرب لنا، بعد نزول القضاء، من فيضان نهر الأحزان. و أنّى لنا أن ننجو بقلوبنا و تلك الذكريات البعيدة و الأقرب إلى نفوسنا من الأنفاس تظل تحاصرنا في كل مكان و تقذف بنا بلا رحمة بين وجع اللحظة و وجع الذكرى، بين مرارة الأيام في هذا الزمان و حلاوة الأيام، أيام زمان‼-;-
... رحمَ الله أحبّةً رحلوا و ورزقنا جميل الأمل و الأحلام و أسكن قلوبنا فراديس النسيان...).
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟