حسنين سلام
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 16:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في محاولتي لأقناع القارئ بمادتي الفكرية لا أطلب منه ان يتجرد من طبيعته البشرية على مستوى اجتماعي و فكري فالبشر في طبيعته حيوان وحشي و متمدن بالتطبع عكس ما ذهب اليه ارسطو طاليس حيث قال ان الانسان متمدن بالطبع و لأنه يتمدن بالتطبع فما اطرحه ليس سوى محاولات في تلك الامكانية العقلية و القدرة على التمدن و الانسنة ( ان يكون الانسان انسانا مدنيا مسالما ) فلا اطلب ان نؤسس للمدينة الفاضلة التي يتساوى فيها الناس بالفكر و المعرفة و العلوم و القناعات فذلك يبدو مستحيلا بالنسبة للواقع الذي نعيشه لان نوعية البشر التي تتواجد في مجتمعاتنا لا زالت تعيش و تعتاش على التسليم للموروث و المقدس و الحقيقة المطلقة و لا زالت لديها الرغبة في العبودية و الرضوخ و الخنوع للسلطان و على اية حال
ما اود الاشارة اليه هنا ان نسبة التمدن في المجتمعات المتاخرة تزداد يوما بعد اخر و ان كانت تلك الزيادة نسبية هي الاخرى و تتطلب وقتا طويل , ان من مزايا هذا العصر الذي نعيش فيه هو ان الحقيقة المطلقة فقدت قيمتها في العالم المتحضر و اخذ يحل محلها سلطان النسبية فما هو حق في نظرك قد يكون باطلا في نظر غيرك و ما كان جميلا أمس قد ينقلب فبيحا عندك اليوم . كل ذلك يجري في عقلك و انت ساه عنه كأن الامر لا يعنيك و اتحدث هنا عن عصر اليوم الذي يشهد تقدما فكريا و علميا و اقتصاديا في العالم الحديث و حقوق الانسان و الحيوان التي جاءت لتضمن لنا حرية في الرأي و العقيدة و التعبير عن الافكار و القناعات و الحقوق و التي تعتبر مواثيق دولية عالمية هي اعظم و اكثر ضمانا للأنسان من تلك الافكار القديمة و الموروثة المتمثلة بالاديان و النصوص التأريخية التي تكتسب صفة القدسية و تدعي الحقيقة المطلقة حتى اليوم رغم ما نلمسه فيها من تناقضات واضحة و رسائل تبث الحقد و الكراهية و الرغبة في الثأر فهي جاءت لترسخ المبادئ القبلية و قيم البداوة البالية عبر عصور متعاقبة لا تضمن لنا سلامة ذلك النص او حقيقة مرجعيته , قد يعترض احدهم هنا و يكشر عن مخالبه و يتبجح و يتفاخر بجمال دينه و شخصياته المقدسة فهي عنده حقيقة لا ريب فيها و وثيقة ربانية عظيمة لا مجال للبحث فيها أسأله هنا كيف تتبجح بجمال دينك و نبيك قبل ان تسقط عنه قبيحه ؟ ان حاولت ادعاء عدم وجود القبيح فذلك كذب يبرهنه ذات النصوص التي تحمل القيم الجميلة و موجودة تم عرضها في سياق منفصل و ان اعترفت بذلك القبيح فكيف للجمال ان يحمل معه قبيحه ؟ الله جل جلاله متكبر و مظل و شديد في عقابه و متسلط بالاضافة الى انه رحمن رحيم رؤوف بالعباد فكيف يكون لشخص صفات محبوبة و أخرى مكروهة و هو يدعوا تارة عباده لنبذ العنف و القتل و يحرض تارة أخرى لذلك ؟ الا يدعوك ذلك للتفكر ؟ الجواب هو كلا لأن دينك قتل فيك الرغبة في التفكر و البحث و التساؤل , و التساؤل اسمى صور المعرفة
عبد الجبار و عبد الرؤوف و عبد الرحمن و عبد الرحيم و عبد السلام و عبد العزيز اسماء نسمي بها ابناءنا من الذكور بينما لا نرى احدا قد سمى ابن له من الذكور عبد المظل او عبد المتكبر .. الخ و الحقيقة اننا نتغاضى عن ذلك القبح او لا نراه فيما تصدح حناجرنا في منابر الوعاظ بالحكمة و الموعظة الحسنة و ننذر العمر في اثبات جمال ديننا دون التفكر في قبيحه , لقد برمج الدين اتباعه بطريقة قتلت لديهم القدرة على الابداع و ذلك بأحتكاره للحقيقة تحت حد السيف و تحريمه للسؤال , لم يبدع انسان في تأريخ البشرية الا في سياق بحثه عن الحقيقة , الالغاز هي التي تمنح حياتنا متعتها و هي التي تجعلنا في رحلة بحث دائم عن اسرارها والله هو اكبر الالغاز و كل ابداع بشري قد تم بصورة مباشرة او غير مباشرة في سياق البحث عن سر ذلك اللغز , الاديان عموما اساءت الى الابداع لأنها زعمت بانها توصلت الى الحقيقة المطلقة و درجة اساءتها تزداد كلما ازداد احتكارها لتلك الحقيقة , زعمت بانها كشفت لغز الله و بذلك جردت ذلك اللغز من عظمته . عندما تكتشف الله تكون قد حددته و عندما تحدده تكون قد جردته من حقيقته المطلقة
عزيزي الله , لم كل ذلك التعقيد في رسالاتك ان كانت لك ؟ و ذلك التعدد في الديانات و الكتب المقدسة ؟
عزيزي الله , لم تلك التناقضات في فكرك و رسائلك ؟ و لم اريتني وجها جميلا لك و اخر قبيح لا اطيق النظر اليه ؟
عزيزي الله , لم تدعوا الى حبك و الخشية منك ؟ حبيبتي التي اعشقها لا يمكن ان اخشاها و العكس صحيح الذي يجب ان اخشاه لا يمكنني حبه
عزيزي الله , اذا كنت ترزق من تشاء و تهب لمن تشاء و تهدي من تشاء و تظل من تشاء فلم سلطت علينا اناسا يقتلوننا لانك اخترت لنا الظلالة ؟ لم تلك الفرصة التي وهبتها لهؤلاء ليكونوا محامين يدافعون عنك ؟ او يحتاج القادر على كل شيء لمحامين من خلقه ؟ لم جعلتهم يقتلوننا بأسمك ؟
عزيزي الله , لو انك استبدلت اديانك و كتبك و انبياءك بوصايا تشبه ما لدينا الان في حقوق الانسان بشكل مبسط و شفاف يضمن للجميع حقوقهم على اساس التعايش و المواطنة بغض النظر عن الجنس و العرق و اللون ... الخ اما كنا سعداء اليوم و كنت انت سعيد في عرشك تحمل وردة بدل سوطك ؟
عزيزي الله , لكم وددت ان تكون جميلا و داعيا من دعاة الحب و السلام و التعايش السلمي بسيطا تعطي للفقراء و تسمح وجوههم لأكون قادرا على حبك لا تحتاج لطلب ذلك مني
و أخيرا للقارئ المحامي عن الله او لم يقل لك الهك من شاء فليكفر و من شاء فل يؤمن ؟ او لم يقل لك انني اهدي من اشاء و اظل من اشاء ؟ اليس هذا من الجمال الذي تتبجح به في دينك ؟ هو المظل و اختار لي الظلالة فسلم امرك لله الواحد القهار
و للحديث مع المدعو ( الله ) و كل أسمائه الجميلة و القبيحة بقية
حسنين سلام
[email protected]
#حسنين_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟