أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنسان حيوان قاتل 3- دمشق .. مسرح الجريمة














المزيد.....

الإنسان حيوان قاتل 3- دمشق .. مسرح الجريمة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 15:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عدتُ إلى دمشق بعد الموت
أحملُ قاسيون
أعيدهُ إليها
مقبلاً يديها
فهذه الأرضُ التي تحدها السماءُ والصحراء
والبحر والسماء
طاردني أمواتها وأغلقوا علي باب القبر
وحاصروا دمشق.
ومما هو جدير بالإشارة إليه فيما يخص أسطورة قابيل وهابيل، التي تعتبر كحدث تاريخي داخل المنظومة الفكرية الدينية، هو وجود أسطورة أخرى تساندها وتعيش على هامشها وما تزال حية في الخيال الشعبي. وربما ليس بالصدفة أن المغارة التي يعتقد أن قابيل ارتكب فيها جريمته، تقع حسب الأسطورة الثانية قرب دمشق، التي تدور فيها منذ ما يقارب الثلات سنوات حرب طاحنة بين " أبناء آدم " سقط ضحيتها حتى اليوم عشرات الآلاف من الضحايا ومئات الآلاف من المهجرين الذين تركوا بيوتهم وأرضهم هربا من الموت، وتنتظر من لحظة لأخرى آلاف الأطنان من القنابل الأمريكية والفرنسية تتساقط عليها من السماء. ففي شمال دمشق يقع جبل قاسيون الذي يعتبر أحد أماكن التنزه والترفيه الرئيسية لسكان المدينة، قبل أن تتحول هذه المدينة إلى أنقاض وخرائب ومقابر، وحيث تقع بعض أحياء دمشق مثل حي المهاجرين، وحي ركن الدين، حي أبورمانة والشيخ محي الدين وغيره.. قاسيون، جبل يعتبر امتداداً جغرافياً للسلاسل الجبلية السورية الغربية، ترتفع قمته إلى حوالي 1,150 متراً عن سطح البحر. كانت توجد على قمتة محطة لتقوية البث الإذاعي والتلفزيوني، كما تم بناء نصب الجندي المجهول على سفح الجبل من الجهة الجنوبية الغربية، كما تنتشر المتنزهات والمطاعم والمقاهي والاطلالات الجميلة التي تشرف على مدينة دمشق وما يحيط بها، ويمكن الإستمتاع بمشاهدة المدينة الممتدة على مساحة عدة كيلومترات بحقولها وحدائقها ومبانيها وأحيائها القديمة والحديثة. وقد شيدت عليه العديد من الإستراحات وأماكن الراحة والإستجمام، وتم غرس العديد من الأشجار والحدائق العامة. ويعتبر جبل قاسيون مكانا رمزيا يحوطه نوع من التقديس، ليس فقط عند سكان دمشق وإنما في مخيلة العديد من الأدباء والشعراء من أمثال عبدالوهاب البياتي، الذي أوصى أن يدفن قرب ضريح محي الدين ابن عربي المتوفي في دمشق 1240م والمدفون في جبل قاسيون. يقول البياتي في "قصائد حب على بوابات العالم السبع":
أحمل قاسيون
تفاحة أقضمها
وصورة أضمها
تحت قميص الصوف
من يوقف النزيف؟
فقاسيون بالنسبة للبياتي، رمز حي لدمشق وتاريخها وجغرافيتها الروحية، وتساؤل البياتي ما زال قائما وشامخا كجبل قاسيون، ويفتح من جديد ملف الجريمة الذي لم يقفل أبدا، ويفتح الجرح الذي لم يكف عن النزيف. فجبل قاسيون هوشاهد على حيوية الخيال الشعبي واتصاله المباشر والغير منقطع مع الأساطير الدينية، وشاهدا على استمرار النزيف، فأحيط بالأساطير والأماكن المقدسة المنسوبة إلى الانبياء والقديسين وأصحاب الكرامات. ففي سفحه الأدنى يوجد مكان يقال أنه مسكن آدم، وفي مكان آخر يوجد "كهف جبريل" والذي جاءت فيه الملائكة إلى آدم تواسيه في فقدان إبنه المحبوب هابيل، وفي الجانب الشرقيّ مولد إبراهيم، وفي الغرب المرتفع الذي لجأ إليه عيسى وأمه مريم وقربه كان مسكن حنّة أم مريم. كما يحتوي أحد أهم المعالم الأثرية، مغارة الدم أو ما يسمى مقام الأربعين. ففي أعلى إحدى قمم الجبل جامع صغير يرتاده العديد من الزوار ويحجّون إليه في بعض المواسم لزيارته والتبرك به لشفاء ما ينتابهم من أمراض جسدية وروحية، وزيارة ما يسمى "مغارة الدم" أو مغارة الأربعين، والتي تقع في منطقة جبلية وعرة ويصعب الوصول إليها. وفي زاوية من هذه المغارة فتحة تمثل ما يشبه فماً كبيراً مفتوحا، ويخيل للزائر أنه يرى اللسان والأضراس والأسنان وسقف الفم، وأمام هذا التجويف على الأرض صخرة عليها خط أحمر بلون الدم، وفي سقف المغارة شق صغير يتساقط منه الماء في حوض صغير، يستعمله الزوار للتبرك إعتقادا أن هذا الماء يشفي من الأمراض وآلام الحياة. وتقول الأسطورة، عندما قتل قابيل أخاه هابيل في هذا الكهف بجبل قاسيون، بكى الجبل لهول الجريمة وبقيت دموعه تتقاطر، وفتح الجبل فمه ليبتلع القاتل، وفي رواية آخرى أن الجبل شهق من هول ما رأى وبقي فمه مفتوحا إلى اليوم، ويوجد في جانب المغارة عدة أحجارمتفاوتة الأحجام، أحدها يقال أنه سلاح الجريمة. إن التوقف طويلا أمام هذه الخرافة الدينية، ليس الهدف منه تحليلها أوالخوض في مناقشات لا طائل ورائها من ناحية تاريخيتها من عدمه، فهي أسطورة مثل بقية الأساطير، الهدف منها قولبة الفكر الإنساني وتثبيت الضوابط الأخلاقية للمجتمع وتثبيت هيمنة الطبقة الدينية وسلطانها على رقاب البشر. وهي لا تعيننا في شئ لمعرفة الدوافع التي أدت بقابيل إلى قتل هابيل، ما عدا السيناريو الردئ المعروف والذي يشبه إلى حد بعيد سيناريوهات هوليوود: الغيرة والحقد والتنافس على السلطة أو على جسد المحبوبة وقلبها وانتصار الخير على الشر في الدقائق الأخيرة للفيلم. ورغم أن هذه الأسطورة تدعي توثيق الجريمة الأولى في تاريخ البشرية، لأنها أختارت مسرح الجريمة وزمانها، الأرض، وليس عليها سوى آدم وحواء وأبنائهما، أي بداية الخليقة حسب السيناريو الإلهي، إلا أن القصة بأكملها مقتبسة من قصص سابقة زمنيا على تاريخ فبركة قصة قابيل وهابيل. ونعني هنا الأسطورة الفرعونية إيزيس وأوزيريس، والتي تتشابه إلى حد كبير مع الأسطورة التوراتية التي تبناها النص القرآني فيما بعد وإن لم يذكر التفاصيل ولا الأسماء.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان حيوان قاتل .. 2 - الجثة رقم 1
- الإنسان حيوان قاتل 1 - الغاية والوسيلة
- توكل على الله والدولة
- ملل ..
- ليبيا .. في إنتظار الكارثة
- خرائب الوعي .. 26 - تحت ظل الشجرة
- الفقر عدو الوطن ..
- الجهل
- خرائب الوعي .. 25 - البحر
- تجارة الكلام
- أول مايو .. عيد الأناركية
- الجوع .. كارثة طبيعية
- الله .. وبعرة الجمل
- المثلية الجنسية .. حق من حقوق الإنسان
- هوموفوبيا
- خرائب الوعي .. 24 - نوستالجيا
- خرائب الوعي .. 23 - الهروب
- جربوا الحب قبل الموت
- خرائب الوعي .. 22 - الصدى
- الفقراء وبؤس الثورة


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الإنسان حيوان قاتل 3- دمشق .. مسرح الجريمة