أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال قاسم - الإله كأعظم استراتيجياتنا التبريرية.














المزيد.....

الإله كأعظم استراتيجياتنا التبريرية.


طلال قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4192 - 2013 / 8 / 22 - 12:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الله عبر تاريخ طويل لم يكن في غالب الحال سوى صوت الضعف والخوف والجهل والطمع في نفوسنا، لم يكن أكثر من صوت التبرير بدواخلنا، الله كان اعظم استراتيجياتنا..

نخاف الحياة ومجهوليتها ووحدتنا فنصرخ مناديين بإله ينقذنا ويبرر لنا كل ذلك، نخاف من تلك العدمية التي قد تنتظرنا في حال موتنا ورحيلنا فنتوق لاختلاق ذلك الله الكريم الذي يرحب بنا على حياة أخرى أبدية واكثر ديمومة، واكثر إنصافاً من هذه الحياة القصيرة التي لم نعش فيها سوى ما يرغمنا على الشعور بالظلم وعدم الكفاية، نشعر بالضعف على هذه الحياة فنلجأ لاختلاق كائن اكثر قوة منا، واعلى منا بقوته وقدرته ليوفر لنا الحماية والأمان، ويعوض بدواخلنا ذلك النقص المغروس بنفوسنا منذ الولادة، منذ تلك الصرخة الخائفة التي اعلنها منذ اللحظة التي قدمنا فيها على هذه الحياة، وتلك الحاجة النفسية التي تتوق إلى وجود ما هو اعلى واقوى، إلى وجود ما هو أكثر أبوية وأمومية، إننا نسقط حاجتنا الناقصة للأبوة والأمومة في آلهتنا أيضاً، وخاصة في عصور الذكورية نسقط ذلك الأب القوي الباطش الحامي المتربع في اعلى درجات الأعالي حيث يمكنه فرض سلطته وحمايته لنا، نشعر أيضاً بالطمع وبالحاجة إلى تبرير أطماعنا فنجعل الله هو الماركة المقدسة لكل أطماعنا وتبريراتنا الجشعة، سوى تلك الأطماع الدنيوية التي نفترضها بسم الله بكل الحيل والأساليب الملتوية، أو تلك الأطماع الأخروية التي افترضتها أحاسيسنا التي تشعر بأنها لم تنل من الحياة ولن تنال منها ما يكفي لسد رمق حاجتها وأطماعها، فتضطر لاختلاق تلك العوالم المتخمة بالملذات الأبدية الوفيرة التي افتقرت لها هنا في عالم النقص، في عالم لا يتساوى فيه الجميع، وتشبع فيه حاجات الجميع.
شعرنا بالظلم فاختلقنا الله العادل الذي سينصفنا تجاه كل ظلم نلاقيه في هذه الحياة، سينصفنا من الحياة التي ظلمتنا وممن ظلمونا عليها، سوى كان ذلك الإنصاف هنا على هذه الدنيا ام على تلك الدنيا الأخرى العادلة، التي ستتبخر المظالم فيها عن نفوسنا المرهقة. شعرنا بالجهل تجاه وجودنا وتبرير وجودنا وتجاه كل شيء على هذه الحياة فكان الأسهل لنا أن نجعل فكرة الإله هي المبرر لكل شيء وهي الجواب لكل سؤال صعب.. متعب.. مرهق.. محرج، من الممكن أن نواجهه على هذه الأرض.
ما أكثره هو الله في دوافعنا الظاهرة والباطنة، أن الله يتجلى أيضاً في نزعاتنا الغريزية في العنف، فنبرر به كل توتر في أعصابنا المشدودة، وانفعالاتنا المرتفعة، بكل عنف تاريخي مر الإنسان به، نبرر به كل اضطهاد وتسلط تاريخي كان من شأنه أن يحسب من ابشع الجرائم وأكثرها حقارة لولا ذلك الرداء الإلهي والمقدس الذي البسناه وبررناه به، ما أكثره فعلاً هو الله في حياتنا النفسية والنفعية، ما أكثره إلى ذلك الحد الذي بكل تصرفاتنا واقترافاتنا ومصالحنا بسمه نكاد نعلن أنه لم يكن موجوداً يوماً .. أليست كل هذه التناقضات والتلفيقات التي نجعله مبرراً لها تجعلنا نقر بذلك، ونعلن ذلك، بل ونقسم بذلك.. أليس كل قاتل ديني.. وكل سفاح ديني.. وكل سياسي ديني.. وكل عدو ديني؛ يصرخون ويعلنون لنا ألَّا وجود لله إلا في مصالحهم ووحشياتهم.. !
لم يكن الله عبر التاريخ وكل التاريخ إلا تلك الكلمة التي لحقتها الكثير من الدماء، والكثير من الأطماع المسلوبة، والكثير من التبريرات الفقيرة من كل منطق حقيقي وعلمي. ربما كان الله يوماً ما هو رؤيتنا الطفولية والبريئة والنفسية تجاه الحياة، لكنه سرعان ما تحول في نفوس البشر إلى سلاح إلى مبرر لكل شيء، وحينما أقول لكل شيء فأنا أعني كل شيء.



#طلال_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان الكائن الاكثر نضالاً ( وفق نظرية التطور )
- المرأة بين المفهوم والواقع ( ناقصات عقل )
- الإنسان بين الحضور والغياب الميتافيزيقي
- صراخنا وصلواتنا دليل شعورنا بالعزلة
- السوبر منتظر وسيكولوجيا القهر


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال قاسم - الإله كأعظم استراتيجياتنا التبريرية.