أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال قاسم - صراخنا وصلواتنا دليل شعورنا بالعزلة














المزيد.....

صراخنا وصلواتنا دليل شعورنا بالعزلة


طلال قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4165 - 2013 / 7 / 26 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رغم كل هذه الأزمنة من الضجيج الإنساني على هذا الكوكب, إلا أننا نعيش في حقيقة الأمر صمتاً موحشاً.. صمتاً يجعلني أتساءل هل ترى سيأتي يوماً ما يكون لكل ضجيجنا هذا أي صدى.. أي صدى يبشر بوجودنا أو حتى يوحي به؟!..
منذ وجدنا على هذا الكوكب، ونحن نصرخ بكل ما نستطيع وبكل ما نملك, نصرخ بخطاباتنا وكلامياتنا وأديباتنا ورموزنا واعتقاداتنا, ورغباتنا المشنوقة بدواخلنا المعقدة, نصرخ بكل حبالنا الصوتية والغريزية, بكل أفكارنا وعلومنا وصراعاتنا, لم نتوقف يوماً عن الصراخ في وجه الوجود, معتقدين اننا بذلك نعبر عن وجودنا, عن رغبتنا في إعلان انفسنا, عن استماتتنا في الحياة ورغبتنا في أثبات وجودنا عليها, منذ وجدنا ونحن لا نتوقف عن المحاولة بكل أنواع الصراخ والوسائل, حتى بتلك الطرق القبيحة والهمجية والمتناقضة, اننا حتى تعمدنا على أن نتناقض كما يتناقض الأطفال الراغبين بجلب الاهتمام إليهم والى وجودهم, طمعاً منا في تجاوز كل جدار صامت على هذه الحياة, لكننا في اللحظة التي نفعل ونصرخ بكل ذلك فنحن لا نعبر إلا عن مدى وحدتنا, عن مدى ذلك الصمت الذي يبتلعنا, ذلك الصمت الذي يتسع كل شيء..
انه حتى صلواتنا لهي أكبر دليل على شعورنا بالعزلة عن كل ما هو خارج هذا الكون، وداخل نفوسنا التواقة إلى أن تسمع، إلى أن ترى، أن يعيرها شيئاً ما اهتماماً ما يبشرها ويوحي لها بأنها لم تكن يوماً بذلك القدر من الوحدة والانعزال الموحش الذي ارغمها من أعماق سيكولوجيتها على اختلاق كل هذه المعتقدات الضاجة غالباً بكل فوضى.
منذ بلغنا الفضاء وتمردنا قليلاً على قانون الجاذبية, وتجاوزنا ذلك الجدار الأول الذي كان أحد جدران حياتنا العازل للصوت, منذ أن اقتربنا من نقطة تسمح لنا برؤية النجوم، واتساع الفضاء, وضآلة كوكبنا, ذلك الكوكب الذي اعلنا ورفعنا مآذننا وقرعنا أجراس صراخنا لكل مجهول, ذلك الكوكب الذي لم نتوقف فيه عن اختلاق كل ضجيج بدا أنه قد يصل حتى إلى مسامع الآلهة ذاتها. منذ أن بلغنا كل ذلك, تغيرت نظرتنا للحياة, وبدأ الكثير من البشر يدركون أن أصواتنا لا تسمع، ولم تكن يوماً مسموعة, أنه من هناك, من الفضاء, من حيث يُرى كوكبنا كنقطةٌ شاحبة الوجود, لا يسمع إلا الصمت, والصمت الموحش, الذي ينسف كل مزاعمنا الصوتية عبر كل تاريخنا البشري الذي اعتقدنا بجدواه, وبجدوى صراخنا فيه..
لذلك ربما علينا أن نتوقف عن ممارسة هذا الدور الصارخ بكل هذه الطرق الفوضوية والوحشية أيضاً، لنحاول البحث عن انفسنا وعن من يسمع أصواتنا ويكون صداً لها، هنا على هذا الكوكب الذي لا نعرف غيره في الوقت الحالي، علينا أن نرفع صوت السلام، صوت السكون بدواخلنا، وان نتوقف عن إعلان انفسنا بتلك القوة التي ننفي فيها وجود كل آخر دوننا، بل وننفي فيه وجودنا نحن أيضاً، علينا أن نستمع إلى أصواتنا التي تنبعث من هذه الأرض بكل ما عليها من آخرين، لا تلك الأصوات التي نحاول إرسالها إلى السماء، والى كل غيب، الى خارجنا، بكل طرقنا ومزاعمنا العدوانية أو الفوضوية، التي لم تجلب لنا سوى الصراع ومزيداً من الوحشة والوحدة.



#طلال_قاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السوبر منتظر وسيكولوجيا القهر


المزيد.....




- استجاب لنداء بالقرب من مكان تواجده.. شاهد كيف أنقذ ضابط شخصً ...
- رأي.. إردام أوزان يكتب: المعركة الخفية.. ملء فراغ السلطة في ...
- زاخاروفا تنشر رسائل روزفلت عن النصر في الحرب العالمية الثاني ...
- إيران تندد باستمرار العقوبات الأمريكية -غير القانونية- وتشكك ...
- تعرض سفينة تحمل ناشطين ومساعدات إلى غزة لهجوم قبالة مالطا
- ما رسائل حكومة لبنان لحزب الله وحماس؟
- أمين عام -الناتو- يقترح على الحلفاء زيادة الإنفاق الدفاعي لض ...
- السفارة الروسية لدى إيران تفتتح حديقة تذكارية تكريما لضحايا ...
- مصر.. القبض على -رورو البلد- بتهمة نشر الفسق والفجور
- الجيش الروسي يدمر معقلا للقوات الأوكرانية في مقاطعة سومي (في ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال قاسم - صراخنا وصلواتنا دليل شعورنا بالعزلة