أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - في عيادة الأمعري














المزيد.....

في عيادة الأمعري


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكثرة في كل الأحوال، خصوصاً كثرة العرض وزيادته على الطلب تضعف قيمة السلعة، كل سلعة، بما في ذلك الإنسان. أو ليس الإنسان سلعة في نهاية المطاف باعتبار أن كل شيء له قيمة تداولية تجعله مطروحاً في السوق ليقوم الأخير بتثمينه كما يستحق لا أكثر ولا أقل؟ على الأقل ذلك هو ما ذهب إليه ماركس في تعقيبه الطويل على نمط الإنتاج الرأسمالي.
دلفت البوابة الرئيسة لعيادة الأمعري التابعة لوكالة الغوث. وعلى الفور لمع في ذهني ما يتميز به المواطن في بلادنا: أعني الموظف والطالب والطبيب والمهندس والممرض والمعلم إلى آخر القائمة. إنه يمتاز أولاً بعدم الفاعلية، وثانياً بعدم الاكتراث. ومن هنا فإن وجود " واسطة " أمر ضروري لتنشيط الاهتمام. من المهم تسجيل الأمور بوضوح مهما كانت قاسية: نحن نسجل رقما قياسياً في النقص العام في الدافعية وفي انخفاض مستوى الأداء والكفاءة بسبب عدم التدريب والتعليم الكافيين. في مثل هذه الحالة لم يعرف " جهاز التسجيل " الفحوص الواجب إجراؤها على الرغم من الإشارة الوضاحة إلى أرقامها، وبدأت عملية تحضير أرواح للتعرف عليها. لم أستطع قول أي شيء حتى لا أتهم بأنني " فهلوي " أو " متعالم " وما إليهما من تهم بالحق أو بالطل.
عندما جئت بعينة " البول " استوقفتني ممرضة يبدو أنها مسئولة، وسألتني: " إلى أين أنت ذاهب؟" فداهمني الضحك. إذ أين يمكن أن أكون مسافراً بتلك العلبة التي تنبئ عن نفسها خصوصاً لمن كان بها خبيرا كتلك الممرضة المخضرمة. فقلت متضاحكا: " أحضرت لهم هدية بمناسبة عيد العمال العالمي." لكن كيف يمكن أن آتي بتلك العلبة دون سبب ظاهر. أفلتت مني عدة ضحكات صغيرة فنظرت إلي بغضب مكتوم كأنها تريد القول: يا قليل الأدب." تجاوزت السيدة المهمة ودخلت غرفة الفحص التي هي غرفة تلقي العينات، وهي غرفة سمر بين زملاء العمل..الخ وضعت العينة في المكان المخصص لها – أم تراني مخطئا؟ لعله لا يوجد مكان لوضع العينات أصلاً؟- فنهرني شاب وقال: خليها في إيدك،" ثم أضاف دون سبب واضح " زيك زي غيرك " ترى هل كان في ملامحي ما يؤكد أنني من صنف آخر مختلف؟ أسمن من المعتاد قليلا؟ ألبس لباساً نظيفاً أكثر مما ينبغي؟ أحمل حقيبة؟ ربما كل ذلك، لكنه جميعاً لم يشفع لي. وحسب خبرتي الواسعة في تلقي الإهانات بسبب أو بدون سبب فإن القطاع الخاص على سن ورمح غير جاهز للتعامل باحترام مع المواطن. تلك طموحات مشروعة لكنها ما تزال بعيدة المنال، أبعد منالا من قيام جمهورية الفلاسفة المثالية.
قالت لي ممرضة نصف جميلة: " لكنك زميل في المؤسسة كيف تجرؤ على وصفها بما وصفتها به، الله أكبر يا رجل، مكان مثالي لنشر الأمراض، حتى لو قال ذلك كل جماعات أطباء بلا حدود لا يجوز أن نعيد ما يقولون" طوابير الناس وأفراد عديدون يغطون المساحات الضيقة والدهاليز وأبوابها سرقوا الكلام من فمي. كان المشهد بحسب طريقة الأنجلوساكسون في التعبير، واضحاً بذاته، أو دليلاً على نفسه.
عندما ذهبت في بداية وصولي إلى الحمام لأحضر لهم عينة " البول " المطلوبة، راعني أن الباب لا يغلق بإحكام، تذكرت على الفور الحمامات في زنازين " عمارة " سجن الخليل. كان منها زوج يتسم بالوساخة الظاهرة، وتبقى مفتوحة طوال الوقت، لكن الأمر لم يكن مهماً فقد كنا "نفعلها" في حضور جميع زملاء الزنزانة. لذلك لم أكترث لرفض باب حمام العيادة أن ينغلق فخدي " معود عاللطيم ".
اتضح لاحقاً أن هناك حماماً آخر أقل سوء بكثير، لكنه ليس " للزبائن " وإنما للموظفين. تذكرت سجن الخليل مرة أخرى، هناك أيضاً حمام الضباط ورجال المخابرات انظف وأجمل.
طوابير المستطبين تملأ المكان، وأصواتهم تعبر الهواء والأثير الربيعي الزاهي بضوضاء لا ملامح لها. نعمة "النقال" تسهم بدورها في ُطرق إزجاء الوقت بغرض حشره في الزاوية تمهيداً لقتله، تماماً كما يحدث للمواطن بالذات. يسعى الناس للدخول باستعمال الواسطة. الأصوات والهمهمات وابتسامات النساء..الخ السوق في وقت الذروة. كنت منهمكاً في كتابة بعض الملاحظات حول أوضاع البورصة وكيف أن النساء تبيع حليها من أجل شراء الأسهم في بعض الشركات الصاعدة كالصاروخ، عندما جاءني صوت طبيب أعرفه جيداً: "أنت هنا يا رجل، أنا متأسف تفضل لنرى ماذا بوسعنا أن نقدم لك." نظرت إلي امرأة تتأبط طفلين ويتبعها ثالث بحسد وتساؤل غاضب ومكتوم، لكنني تبعت الطبيب دون أن ألوي على شيء.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام
- اجتماع الخبير مع لجنة حقوق الإنسان
- في الفرق بين الجن والشياطين
- هكذا تمت عملية الانتخابات
- لو أن حماس تصوت لمصطفى البرغوثي
- واقع الفلسفة في فلسطين
- يحيى الفخراني ما بين الدراما والميلودراما
- الديمقراطية والمؤسسات لفتح خاصة وفلسطين عامة
- سقوط أيديولوجيا حقوق الإنسان
- حول انتهاء إضراب العاملين في وكالة الغوث
- حول المقاومة العراقية وحرب العصابات
- لا مكان للاعتدال في إدارة بوش
- من رام الله إلى الفلوجة
- جونسون روح،نيكسون جاء
- رعب المواطن من غياب - أبوعمار-
- أسس الحرية في الذهنية الفلسطينية
- كيف تمت عملية التسجيل للانتخابات الفلسطينية؟
- ميتافيزيقا التفجيرات في طابا
- الحق في عدم التسجيل
- اختراعات وكالة الغوث الدولية


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - في عيادة الأمعري