أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجح شاهين - ميتافيزيقا التفجيرات في طابا















المزيد.....

ميتافيزيقا التفجيرات في طابا


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 983 - 2004 / 10 / 11 - 09:01
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يبدو أن قدر العالم الغربي المتحضر أن ينتقل من إرهاب إلى إرهاب . فبعد أن تخلص بتضحيات جسيمة من الأخطار الشيوعية، وقع تواً في قبضة الخطر الإسلامي. ولا مراء في أن الغرب والشمال يتلقيان الكثير من الويلات بسبب وجود الشرق والجنوب، وهو ما يسمح بتكون أفكار عن صراع الحضارات وما إليها. وهذه ستقود بعض أصحاب الخيال الجامح مثل كاتب هذه الورقة إلى توقع إصرار الرجل الأبيض على القيام بإعدام قارات أخرى بعد أن أعدم قارة الهندي الأحمر كما حلا لكولومبوس أن يسميه.
يمكن للمرء المتفهم لنظريات صراع الحضارات أن يتخيل أن وجود " الهندي الأحمر" في حد ذاته خطيئة قد لا تحلو للرب أو أبنائه المؤمنين. وبهذا المعنى فقد بدأ أولئك القوم خطاياهم بالوقوف في طريق كولومبوس الذاهب إلى الهند، وعندما وجدهم لا يشبهون الهنود، وقع في الحرج ولم يتخلص من المعضلة إلا بعد أن قاده ذكاؤه الأبيض إلى أنهم في الواقع هنود لكن بلون آخر هو الأحمر. ولا بد أن الهنود الآسيويين أو الأصليين كانوا سيصابون بالدهشة من اكتشافات الرجل الأبيض المتعلقة بالمنتجات الهندية من البشر، وليس من التوابل هذه المرة.
هل يمكن إذاً تحميل سكان القارة التي اقترح البيض أن تسمى أمريكا مسؤولية المذابح التي " سيضطر " الرجل البيض إلى القيام بها؟ الحقيقة أنني لا اجرؤ على إطلاق الأحكام، لأن الطريقة البيضاء في إصدار الأحكام تتطلب قضاء مستقلا ومحاميا، ومحاكمة علنية، وشهود عيان، وهو ما ليس بحوزتي. ولذلك فقد أترك للبيض أن يشكلوا المحكمة. ولا مانع إذا ما تمت إدانة "الهنود الحمر" بالجرم المشهود من بعثهم من القبور ليكفروا عن سيئاتهم التي ألحقوها بالإنسان الأوروبي المتمدن في أثناء خدمته المقدسة للرب والإنسانية من أجل نشر قيم المحبة المسيحية في وجه القيم الوثنية التي كان السكان الأصليون يلوثون العالم بها.
هل أعود بالذاكرة بعيداً أكثر من ذلك؟ أعني هل نعود إلى أيام روما وعبيدها، أم ترانا لن نستطيع أن نربط حضارياً أو عرقياً بين الأوروبي والأمريكي المتحضرين في زماننا هذا وبين ما جرى أيام الوثنية الرومانية البائدة؟ إذن عفا الله عما سلف. فلننظر فيما جرى طوال مائتي سنة افتتح بهما الرجل الأبيض الألفية الثانية التي ودعناها منذ قليل. كان لا بد من الوصول إلى طرق التجارة مع الهند. ولكن كان لابد من سبب آخر يقدم للبسطاء من الناس. فكان أن اقترحت فكرة تحرير قبر الرب من حكم الكفار العرب. ويقدر أن حوالي خمسة عشر مليونا من البشر أكثر من نصفهم أوروبيين قتلوا في تلك الحرب المجنونة. وقد اعتذر البابا أواخر القرن العشرين عن تلك الجرائم. متأخر قليلا، لا بأس؛ فأن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبدا.
في القرون الأربعة الأخيرة صعدت " حضارة " أوروبا إلى القمة. وبدأت نهب العالم وغزوه. ولا بد أن الجيران أولى بالمعروف، فكان أن احتل العالم العربي كله، دون أن ننسى الحروب من أجل حرية التجارة في كافة أنحاء العالم. وقد يجدر بنا تذكر الحرب الإنجليزية من أجل إخراج الصين من تخلفها وعزلتها في القرن التاسع عشر عبر إجبارها على فتح أسواقها للأفيون، أي والله الأفيون ما غيره. ولا بد أن من المدهش أن مشاعر الصينيين المعادية للبيض عامة والانجلوساكسون خاصة لا مسوغ لها بعد أن عرفنا دور البيض في تحضير الصفر كما كان دورهم في تحضير السود بنقلهم إلى العالم الجديد ليتعلموا فنون الزراعة والصناعة. وإن يكن تحت اسم قد يجده البعض من المتمسكين بالشكليات مزعجاً ألا وهو اسم العبيد. فسواء كانوا عبيدا أم أحرار، ألم يستفيدوا من الفرصة الإنجليزية، ويكتشفوا عوالم ما كان لهم بمفردهم أن يعرفوها أبداً.
دخل العالم القرن العشرين قرن أوروبا بلا منازع. ولكنه كما كان ماركس قد لاحظ:" لقد جاء رأس المال إلى العالم وهو يقطر دماً من رأسه حتى أخمص قدميه." وهكذا فقد غرق العالم في الحروب التي سميت عالمية والعالم منها براء، كانت حروب أوربا فحسب. وحتى الطفل الشرعي مائة بالمائة والمزروع غربي العالم بطبعة انجلو سكسونية صريحة فهو لم يتدخل بعد في اقتسام الغنائم، كان بعد منشغلاً بنموه الشخصي. هكذا حدثت الحرب الأوروبية الأولى وقتلت من قتلت وكان من نتيجتها توسع الاستعمار والنهب وتحديد مناطق النفوذ على قدر ما أنجز العسكر على جبهات الموت والدمار. ثم جاءت الحرب الثانية، وكانت أيضاً أوروبية، مع استثناء دخول اليابان كمساهمة من خارج أوروبا. ثم دخل الطفل الشرعي الولايات المتحدة الحلبة ولم يخرج منها أبداً. بل لقد تحول إلى ملك المصارعين الدمويين متحصلا على كل ميراث الأهل الشرعيين في بريطانيا العظمى التي ما كانت تغيب عنها الشمس.
إذن بالنسبة للعالم الذي صغر كثيراً بفعل ثورة الاتصالات الهائلة، فإن التغير الأهم هو ولادة عملاق الحضارة الضخم في غربي الكرة. وأما في المشرق العربي بالذات فقد رافق ذلك استعمار أبيض يذكر باجتياح القارة الأمريكية واجتثاث سكانها وهذا الاستعمار الأبيض أخذ اسماً حركياً هو إسرائيل. وهي هوية كنعانية قديمة تتعلق بقبائل جاست أرجاء المنطقة مع أقاربها الساميين بأشكالهم المختلفة في الألف الأولى قبل الميلاد. ولا علاقة لها بالطبع بحملات الحضارة البيضاء من إنجليزية وألمانية وبولندية وروسية..الخ كان وراء الأكمة منذ البداية ما وراءها. ويبدو أن النفط المكتشف في وقت مبكر ساهم في كل القصة الدينية والحضارية التي نال العرب منها نصيبا مهما تعزز تماماً منذ النصف الثاني من القرن العشرين.
دخل العملاق الأمريكي فورا في صراعات لا حصر لها من أجل الحفاظ على الحرية وقيم الحضارة والدين من الكفار والهمج والشيوعيين والشرقيين المتخلفين. وقد اضطر في أكثر من حالة إلى استخدام وسائل غير إنسانية، لكن ذلك قد تم بالطبع من أجل حفظ أهداف أكبر وهو ما ينسجم مع المعلم الأول ميكافيلي الذي رأى أن الغاية تسوغ الوسيلة. فلا تفكرن في الدم دائما بوصفه سائل الحياة المقدس فالضرورات تبيح المحظورات، كما أن الدم يختلف في السعر بحسب لونه، والدم الأزرق فقط هو الذي يحرم سفكه بشكل مطلق، أما ماعداه فيمكن البحث في شروط وكميات وحالات إراقته من أجل إنجاز أهداف أهم منه بكثير، لأنها تتعلق بحياة الجنس الفائق أو السوبر مان، إذ استعرنا تعبير الفيلسوف العنصري الألماني فريدريك نيتشة.
ترى ماذا سيفعل البشر الآخرون الذين لا تعجبهم الطريقة " المتحضرة " في معاملتهم كأطفال يجب أن يستمعوا لتعليمات الكبار دون مناقشة؟ إن هناك إحدى طريقتين لا ثالث لهما: إما الخضوع التام كما كان يفعل العبيد الطيبون، وإما مواجهة غضب السيد الذي سيصل حد الموت الزؤام عند سلوك مسالك العبيد الخبثاء. والحق أن المرء ما عاد يحتاج للكثير من الذكاء لإدراك أن الرجل الأبيض يحتاج إلى العبيد ليقوموا بالأعمال السود حتى إشعار آخر. لكنه سيتخلص منهم عندما لا يعود محتاجا لهم. وهذا المثال ينطبق على فلسطين بامتياز. فقد أوضح بيرس وبيلين ومن لف لفهما أن الرجل الأبيض في المستعمرة البيضاء المسماة إسرائيل ما يزال في حاجة إلى العمالة الفلسطينية، ولذلك فلا مناص من الإبقاء على بعضهم. وسوف تتم إبادة أية أعداد تفيض عن الحاجة. ولن تعيي الحيلة الرجل الأبيض في تهجيرهم أو حتى قتلهم.
سوف لن نبذل الكثير من الجهد في تعريف المصطلح العتيد "الإرهاب". إنه بكل وضوح أية مقاومة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية يقوم بها أهل الشرق والجنوب في مواجهة مصالح الرجل الأبيض. وهذا يعني مثلاً أن من يطلق الرصاص على جنود إسرائيليين يجتاحون مخيم جنين أو جباليا هم مجموعات من الإرهابيين الإسلاميين الفلسطينيين أو العرب. وأنا لا أفعل هنا إلا تكرار ما قاله رجلي السلام جورج بوش وأرئيل شارون. ولا أظن أن أحدا سيتمكن من اختراع طريقة مقبولة لمقاومة الاستعمار الراهن، ببساطة لأن كل مقاومة إرهاب. ومهما يفعل المرء من حيل لينجو فإن الذئب سوف يلتهم الحملان واحداً تلو الآخر. وربما كانت تجربة خروف العيد العراقي تجربة ذات دلالة حاسمة. فقد ُسمح بتفتيش غرفة نوم الرئيس السابق صدام حسين تحسبا لوجود أسلحة كيماوية في ملابسه أو ملابس زوجه الداخلية، ولكن ذلك لم يمنع من ضرب النظام والشعب واحتلال العراق بالكامل. لقد علمت التجربة القاصي والداني أن لا مفر من الذبح. أرسل سياتل زعيم دواميش إلى الأب المؤسس أبراهام لينكولن، الشهير بمحرر العبيد، أننا نريد الاستسلام لكننا نعرف أنكم لن تقبلوا منا ذلك، تريدون منا ولنا الموت فحسب، فهل تحافظون على بقاء إخوتنا الحيوانات إذا استسلمنا للموت المحتوم؟ لكن حتى الحيوانات لم تسلم. وقد كان لينكولن عند " حسن " ظن سياتل فقتل كل القبيلة ببشرها وحجرها وزرعها وحيواناتها، ثم أطلق اسم الزعيم على ولاية تخليداً لذكر ذبحه هو وشعبه على تلك الصورة المريعة.
لذلك أوضح الكوريون الشماليون أن الضمان الوحيد لعدم دمارهم هو تملكهم سلاح الدمار الشامل. إذ لا طريقة أخرى لإيقاف شهوة الدم والموت عند الرجل الأبيض. وفي هذا السياق الكوري البسيط والواضح ماذا تبقى للعرب والفلسطينيين والعراقيين والمسلمين والفنزويليين؟ ربما أن تهمة الإرهاب واقعة لا محالة. فمواجهة الآلة العسكرية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا أمر غير ممكن أبدا. وربما أن تفجير الجسد الشخصي في أجساد البيض هو الأسلوب الوحيد لتحريره وتقديم وعد غامض لأجساد الإخوة الملونين الباقين على قيد الحياة بأنه قد يكون هناك بصيص من نور في آخر نفق الدماء. ففي كل الأحوال إما الإرهاب وإما الاستسلام التام. هذه هي الشروط البعيدة على ما يبدو لفهم ما جرى في فندق هيلتون طابا وما جرى في توأم نيويورك. فهل يصحو ضمير أبيض هنا أوهناك، أم أن حمام الدم هو الدرب الوحيد الذي اختطه البيض لمسيرة الإنسانية المعذبة؟



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحق في عدم التسجيل
- اختراعات وكالة الغوث الدولية
- قاطعوا التسجيل للانتخابات
- حول موضوعة الانتخابات
- إسرائيل لن تبقي ولن تذر
- الوطن يسع الجميع نحو حقوق إنسان بمشاركة القادة الدينيين
- عذاب الجسور تحية لشرطي المعابر على الرغم من المعاناة
- المرأة والعنصرية
- الماء أولاً، الحريات الغربية أخيرا
- يقتلون ويبتسمون
- إرهاب الاحتلال وإهاب المقاومة ومجموعة ال55
- ما جرى في أبي غريب ليس بغريب
- ماذا بعد الرنتيسي؟
- حقوق المرأة كل لا يتجزأ
- أولاد آرنا
- المرأة إنسان في المطلق لا في النسبي
- لماذا لا نغلق المدارس والجامعات؟
- أغنية - الكليب - وحقوق الإنسان
- حول الفرق بين الإرهاب والمقاومة إلى إبراهيم وبقية الضحايا
- حقوق الإنسان لا تكون إلا اشتراكية


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجح شاهين - ميتافيزيقا التفجيرات في طابا