أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الخلود و العدم (الجزء الثالث)‏















المزيد.....

الخلود و العدم (الجزء الثالث)‏


موريس رمسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


وافق قائد المجموعة على ذهابي إلى مملكة الظلمة لزيارتها و لكي استطيع ‏البحث عن والدتي و التحدث معها .. لا أعرف كم استغرقت من الوقت حتى ‏وصلت إلي مملكة الظلمة أو الجحيم كما يُطلق عليها .. ليس عندي إحساس ‏بالزمن .. من الممكن أنى قد استغرقت من الوقت عدة ثواني أو عدة دقائق ‏قليلة أو أنى قد وصلت في لمحة البصر من مملكة النور إلي مملكة الظلمة!‏

أصوات عالية متداخلة صراخ و عويل يُسمع في كل اتجاه .. ذكرتني ‏بأصوات آذان المساجد و الجوامع و الصخب الناتج عن تداخلهم سويا ‏مسببه أصوات نشاز مع الصلوات و الخطب و الدروس الدينية .. أصوات ‏تثير القرفة و الاشمئزاز تبعث إلى القلق و عدم الراحة

أرى أجسام مظلة مقززة قاتمة تثير الاشمئزاز و القرف لناظر إليها ، أجسام ‏تلف و تحلق فرداي و في مجوعات .. أجسام تتخبط مع بعضها البعض ‏تتصادم فيما بينها و تتعارك محدثة هالات من النار من ألسنة تتطاير ‏بعشوائية في كل الأنحاء و يصطحبها أصوات عالية مزعجة و صراخ و ‏رنين يشبه صرير الأسنان‏

أنا لست وحدي أقوم بزيارة هذا الجحيم لكن أرى أيضا بعض الأجسام ‏النورانية من الأخوة المختارة التي تقوم بالزيارة فهم لا يختلفون عنى! ‏

أستطيع اختراق الأجسام المظلمة دون أن التصادم معها و دون أن يشعرون ‏بذلك و أستطيع الاستماع و الإنصات إليهم و التواصل في الحديث بنفس ‏اللغة التي نتكلمها في مملكة النور مع أي منهم دون أي ضرر و أذى .. ‏الجميع هنا ينتابه الخوف و الرهبة عندما يتحدثون معنا نحن الأخوة ‏المختارة بسبب قدراتنا الفائقة المعطاة لنا

اقتربت أكثر من إحدى الأصوات المتكلمة ، فقد كانت مألوفة لدى كثيرا و ‏استطيع أن أتذكرها جيدا .. ناديت علي صاحب الصوت قائلا:‏
‏- هل أنت "جمال" صديقي؟
التفت إلي صاحب الصوت دون إن يسألني قائلا:‏
‏- أنت "طارق" عرفتك من صوتك‏

تعارفنا مباشرة من خلال نبرات الأصوات .. "جمال" مسلم ملتزم يؤدى ‏الصلوات اليومية الخمسة و يصوم رمضان و يسافر أحيانا لعمل العمرة و ‏يتمسك بتعاليم دينه لكن دون تعصب واضح .. استمرت علاقتنا دون انقطاع ‏بالرغم من علمه بارتدادي عن الإسلام و تركي له و اختلافي معه فيما ‏يعتقد ، قد كان دائم المحاولة لإرجاعي لدين الحق كما هو يعتقد ليكسب ‏بسببي حسنات كثيرة لتدخله الجنة عند الله ربه ‏

سألته على الفور قائلا:‏

‏- كيف حالك هنا؟‏
‏- مثلما ترى .. ضوضاء صراخ عويل و عراك طوال الوقت لكنني أتحمل ‏كل ما يحدث لي من عذاب نفسي و جسدي و أصبر و انتظر!‏
‏- ماذا تنتظر ؟
‏- نحن نعيش في منطقة البرزخ منتظرين الذهاب إلى الجنة‏

‏- هل الجميع هنا ينتظرون الذهاب إلى الجنة؟‏
‏- لا أعرف بالظبط .. يوجد الكثيرون مؤمنين بالله و رسوله "محمد"‏

اخذ "جمال" يتساءل عن سبب اختلاف لون جسدي عن لون جسده و انعدام ‏قدراته مقارنة بما امتلك من قدرات .. قصصت عليه الكثير عن مملكة ‏النور و عما تحتويه من أروح مختارة ، لم يكن مقتنع في بادئ الأمر لكنه ‏اقتنع في نهاية المطاف و. بات متفهم أيضا لأحداث التي تدور حوله أكثر ، ‏فقد كان يتشكك طوال الوقت فيما يراه يحدث حوله بالإضافة إلي إشكال ‏الأجسام الغامقة المقززة التي تثير اشمئزازه أيضا و تبعث على القرفة عند ‏أصحابها و عند من يراها

فاجئني "جمال" قائلا:‏

‏- ما هو سبب زيارتك لنا ؟‏
‏- لكي ابحث عن والدتي و أتحدث معها‏
‏- هل وجدتها؟‏
‏- لا‏
‏- ممكن تجدها بالصدفة ! .. فأنا أيضا لم أجد والدتي و لا والدي و لم أجد ‏أحد من أخواتي و أقاربي! .. أنت تبحث على نقطة مياه وسط رمال ‏الصحراء!‏

آخذنا فترة من الصمت سويا ثم بادرته قائلا:‏

‏- هل رأيت رسول الإسلام ؟‏
‏- لا .. لكن سوف يكون هنا في إحدى الأنحاء!‏
‏- هل ترغب في رؤيته؟‏
‏- بالتأكيد .. أرغب الآن أكثر من ذي قبل!‏
‏- ماذا تريد منه؟‏
‏- أريد أن ألقي عليه أسئلة كثيرة و أولها عن سبب إضلاله لهؤلاء الملايين ‏من المضللين حولنا!‏
‏- هل تعتقد أنت الوحيد هنا الذي يريد مقابلته؟
‏- أكيد هناك الكثير يريده أيضا لعراك معه بعدما اكتشفوا حقيقته مثلما ‏عرفتها متأخرا!‏

تحوى مملكة الظلمة على مجموعات كثيرة لا حصر لها تتخذ من الأعراق ‏والديانات و الطوائف سبب لتجمعها و تكونها ، فقد تكونت بمرور الوقت ‏من القادمين الجدد عندما يبحثون عن ذويهم و اتباعهم ثم يتلاقون بالصدفة ، ‏فهناك المجموعات التي تحوى كلا من الأجسام من أصول أنثوية أو ذكورة ‏على حدي ‏

تجولت في أنحاء كثيرة من المملكة مخترقا الكثير من المجموعات باحثا ‏عن والدتي و أقاربي .. توقفت عند مجموعة خاصة بهؤلاء النسوة فقد ‏عرفتهن من أصواتهن .. لاحظت تواجد قلة منهن داخل مجموعة صغيرة لا ‏يتشاجرن أو يتصارعن مع بعضهن البعض مثل الأخريين كما لو كان هناك ‏من يقودهن و يتحكم في تصرفاتهن

اقتربت مهن أكثر لأستمع إلى أحاديثهن ، فوجدتهن يتشاورن بالأذرع و لا ‏يتكلمن مع بعضهن كما لو كن يتحاشين الانكشاف من قبل الأخريين تحدثت ‏إلي أحدهن معتقدا أنها ترأسهن موجا حديثي إليها قائلا:‏

‏- أنا "طارق" .. قادم من مملكة النور
‏- أنا "محمد" رسول المسلمين و هن زوجاتي و نسائي‏
‏- هل تقصد النبي العربي؟
‏- نعم أنا "محمد" النبي لا أكذب!‏
‏- لماذا تتخفى وسط النساء ؟‏
‏- الكثيرون يبحثون عنى و يريدون إيذائي و لا أعرف سبب لذلك!‏

أعتقد "محمد" زعيم المسلمين إنني قادم إليه خصوصا من مملكة النور أو كما ‏يعتقد "الجنة" من أجل اصطحابه معي إلى إليها .. استطاع طوال الوقت ‏خداع زوجاته بحجة الانتظار معه لاصطحابهم معه إلي الجنة لكنه يريد ‏التخفي و لا ينكشف من الأخريين ‏

تركت ناحية تواجد "محمد" على أن أعود إليها مرة ثانية مصطحبا معي ‏صديقي "جمال" .. أخذت أبحث عنه ثانية حيث تركته لكي أصطحبه ‏لمقابلة الرسول كما تمنى أن يحدث مخترقا كم هائل من الأجساد المقززة!‏

رأيت على أطراف المملكة إحدى المجموعات الكبيرة تتشكل من دائرة ‏شاسعة محاطة بألسنة من لهيب النار جاعله منها ساترا ناريا يخفى ما ‏يحدث داخلها

اقتربت منها أكثر .. لاحظت الأجسام تتراقص و تتصادم بقصد مع بعضها ‏البعض منتجة تلك الألسنة النارية مكونه ذلك الحائط السميك الدائري حول ‏المجموعة .. حائط ناري سميك يمنع دخول الأجسام الغريبة القادمة إليها ‏من أجل التلصص أو الالتحاق بهم .. تذكرت أسلوب استحضار الأرواح ‏على الأرض عندما يتم استحضارها من خلال طقوس السحر الأسود و ما ‏يتطلب من عمل دائرة مشابه كتلك الحلقة النارية ‏

اخترقت الحائط الناري بسهوله فجسدي النوراني لا يتأثر بشيء .. وجدت ‏باقية الأجساد تدور و تحلق في حلقات واسعة كبيرة يقل اتساعها كلما ‏اقتربت أكثر من المركز و تتزايد الأصوات الصاخبة في هستيرية عند ‏الاقتراب من المركز .. تذكرت المسلمون و هم يدورون حول الكعبة و ‏الحجر الأسود سبعة لفات في شكل دائري أثناء الحج و تذكرت تلك الدوائر ‏الشاسعة المتكونة من الحجيج و التي تقل فى اتساعها عندما تكون تقرب من ‏المركز أو الحجر الأسود و الكعبة .. يرددون جميعا بعض الأسماء قائلين ‏الأحد .. الأكبر .. الأعظم .. المتعالي .. الجبار .. القهار .. أسماء كثيرة

اخترقت تلك الأجسام جميعها قاصدا المركز راغبا في رؤية هذا المقدس ‏الذي يُبجل و يُمجد في المنتصف .. تخيلت وجود حجرا اسود أخر في ‏المنتصف يشابه الحجر الأسود على الأرض‏

وجدت جسم غامق اللون مقزز قذر متعدد الأطراف يثير الاشمئزاز و عدم ‏الراحة لا يُتطلع إليه طويلا من شدة قذارته

اقتربت منه قائلا:‏
‏- من أنت؟ .. ما أسمك؟

لم يجب إنما رد قائلا:‏
‏- ماذا تريد منى؟ .. لماذا أتيت إلى هنا؟

لم أرهب منه و لم أتردد أيضا في تكرار نفس السؤال عليه ثانية قائلا:‏

‏- من أنت؟ .. ما أسمك؟
‏- أنا الملك .. أنأ رئيس المملكة .. أنا سلطان الوجود و الخلود
‏- أي مملكة؟‏
‏- المملكة التي أنت فيها الآن
‏- هل أنت الرسول؟
‏- لا .. أنا الذي أرسل الرسل في كل الأنحاء .. الجميع من تراهم حولي هنا ‏أرسلهم في مأموريات خاصة إلى إنحاء الكون
‏- هل آنت رئيس الشياطين؟
‏- أنتم تقلون ذلك ‏

اعرف جيدا انه لا يستطيع و لا غيره الكذب و التحايل على بسبب مقدرتي ‏على اكتشاف الكذب و الغش و الخداع عن الكلام الصادق الحقيقي .. موهبة ‏امتلكتها بمجرد دخولي مملكة النور كما أن الشيطان يعلم أيضا أنى امتلك ‏هذه المقدرة لذا لم يحاول خداعي و الكذب على أثناء الكلام!‏

لم استطع إيجاد والدتي لذا رجعت ثانية إلى ملكة النور ، فيجب استأذن مرة ‏أخرى من قائد مجموعتي لكي أتمكن من محاورة "محمد" رسول المسلمين و ‏كذا محاورة رئيس الشياطين و أميرهم


يتبع في الجزء القادم



#موريس_رمسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلود و العدم (الجزء الثاني)‏
- الخلود و العدم (الجزء الأول)
- تصرخ إليك
- الإمبراطورية الأمريكية في الطريق إلى التفكك
- صراع ثقافي حضاري و تطهير عرقي ديني في مصر
- شعارات ثورية مصرية
- مُرسِيات (1)
- مصر من عهد رمسيس الثاني و نفرتاي إلى عهد مرسى و أم أحمد
- الموعظة على الجبل .. دستور الحياة
- الترجمة القرآنية الكاذبة
- لست مسلما لا أحمده
- الفرق بين صلاة المسلمين عن صلاة المسيحيين
- أين مصر؟
- القرآن المبسط (الطبعة الأولى)
- دستور تقسيم مصر
- أشرف الخلق رجل شرير منعدم الضمير قاطعا لطريق
- أشرف الخلق أسود القلب سليط اللسان زير لنساء
- أشرف الخلق مجرم منعدم الأخلاق
- عمال اشتراكيون على الورق
- مرسى الرئيس الطز


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الخلود و العدم (الجزء الثالث)‏