أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الخلود و العدم (الجزء الأول)















المزيد.....

الخلود و العدم (الجزء الأول)


موريس رمسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 01:04
المحور: الادب والفن
    


استفقت من النوم في إحدى الليالي شاعر بنشوة غريبة تسير في جسدي و ‏سعادة غامرة تملئ كياني لم أتعود عليها من قبل .. أحاول التركيز لكي أفق ‏أكثر لكي استطيع أنزل من السرير لكن لا أستطيع ‏

أخذت مستلقيا على السرير فترة ليست بقليلة منتظر ظهور أول ضوء لفجر ‏حتى أستطيع تلمس ما يدور حولي .. أخذت أتحسس سريري بيدي في ‏الظلام المنتشر بأنحاء بالغرفة .. أحداث غريبة تظهر أمام عيني عن بعد ‏كما لو كانت تحدث في نهاية طريق طويل كل معالمه غير واضحة لي و ‏باهته اللون!‏

جلست على جانب السرير .. أردت الوقوف على قدمي .. لم اشعر بأرضية ‏الغرفة تحت قدمي لكنني وجدت هوة سحيقة مظلمة تحت قدمي كما لو كنت ‏معلقا في الهواء و أخذت أتساءل ..‏

ماذا يدور حولي ..‏
كيف انزل من السرير ..‏
أين أرضية الغرفة ..‏
كيف أكون معلق في الهواء هكذا ..‏

أسئلة كثيرة تدور في فكرى و لا أستطيع أن أجد لها إجابة!‏

نظرت بتدقيق أكثر في الغرفة فلم أجد السرير ذاته و لا حتى حوائط الغرفة ‏و لا السقف .. أنا لا أعرف هل لازلت أحلم أم أحاول الخروج من الحلم ‏لكنى أجد صعوبة في ذلك!‏

شهقت قليلا متحيرا .. أخذت أتساءل كما لو كنت أوجه كلامي إلي شخص ‏آخر في الغرفة معتقدا أنه هناك يسمعني!‏

هل أنا بحلم ..‏
هل حدث شئ لعقلي ..‏
هل أصبحت أتخيل أشياء مش موجودة ..‏
هل أتجننت ..‏

أستطيع أتذكر أحداث كثيرة من الأمس .. أتذكر أنى عملت حادثة كبيرة ‏بالسيارة ثم تم نقلى بعدها إلى مستشفى و كنت في شبه غيبوبة .. أتذكر ‏أيضا الوجوه الكثيرة التي كانت حولي .. فلم يكن منهم إنسان واحد معروف ‏لدى

أكيد كنت أسوق السيارة خارج المدينة ..‏
أه .. افتكرت جيدا .. كنت على الطريق الدائري ..‏

احتمال أيضا أكون لازلت بحلم ..‏
احتمال أكون تحت تأثير المخدر في غرفة الإنعاش ..‏
ممكن أكون توفيت بعد الحادث و أنا موجود الآن في مكان ما ..‏

لكن .. من أكون أنا الآن .. إذ كنت قد موت بالفعل ..‏
أنا الروح أم النفس أم الجسد ..‏

أخذت أتلفت حولي يمين فيسارا محاولا تبين المكان أكثر فأكثر وعلى ‏الرغم من كل هذا .. لا اشعر برهبة أو خوف ومازالت النشوة الجميلة ‏مستمرة تغمر جسدي‏

أين الكرسي الكبير.. ‏
أين المنضدة الصغيرة .. ‏

أكيد دية مش غرفتي .. أكيد غرفة الإنعاش في مستشفى ..‏
لكن أنا وحدي هنا .. لا أرى أي ممرضات يتحركون حولي ..‏

وضعت يدي على رأسي قاصدا مسحها متلمسا وجهي كعادتي عندما أشعر ‏ببرودة و العرق يملئ جبهتي

يا إلهي! .. أنا أكيد أتجننت ..‏
أين رأسي .. أين الوجه .. أين الجسد ..‏

أرى أطراف صغيرة تشبه الأذرع واليدين و جسد صغير الحجم لكنني لا ‏أستطيع الشعور بهما عندما أتحسسهما .. يدان غريبتان الشكل بلا أصابع ‏تشبهان اللمبة النيون في ضوئها الأبيض .. الجسم بالكامل يأخذ نفس اللون ‏الأبيض .. الجسم ليس له شكل محدد منتظم .. هو ليس مكور مثل الكرة و ‏لا مربع الشكل لكنه ذو شكل غريب متعدد الأطراف ‏

أخذت ادقق اكثر بنظري محاولا اختراق الظلام السواد الذي يحيط بي ‏

يا إلهي .. عيناي تتعودان بسرعة على هذا الظلام ..‏
أستطيع الآن النظر و اختراق بنظري الضباب الكثيف من حولي و أصل ‏في عمق أعماقه بمسافات طويلة لغاية

أستطيع أن أحرك نظري بسرعة فائقة كقطار يسير بسرعة كبيرة لكنه لا ‏يختفي عن الأنظار!‏

ما هذا ..‏
موهبة جديدة قد اكتسبتها ..‏
لكن من أعطاني .. من وهبها لي ..‏
يا إلهي .. أنا موجود فين بالظبط ..‏

بدأت الصورة تتضح لي اكثر .. أستطع الآن رؤية ما يدور حولي .. فقدت ‏الشعور بالوزن و أصبحت خفيف أستطيع التحرك كيفما أشاء دون الشعور ‏بوزني مثل الريشة أو الأرواح لكنى مازلت امتلك بعض الحواس السابقة و ‏زيادة عليها .. أستطيع سماع كلامي و تمتمتي عندما أنا أتكلم مع نفسي .. ‏أستطيع حتى اشتم رائحة المكان حولي .. ‏

إنا لست في مكان محدد لكنني في محيط يشبه الفضاء .. رائحته ذكية للغاية ‏تعم كل الفضاء لم اشتمها من قبل .. ممكن تكون مزيج من العطور و ‏الورود معا

أدركت أن كتل الضباب الكثيفة العالقة أمامي ما هي إلا تجمعات منفصلة ‏من الأجسام النورانية المضيئة .. تشع الضوء من داخلها .. تدور و تحلق ‏سابحة في الفضاء مثل أسراب الطيور سابحة في الفضاء الفسيح مكونه ‏أشكال هندسية رائعة مغردة بأصوات هادئة عذبة جميلة تعطى السامع ‏البهجة و السرور و السلام .. يخرج عنهم أصوات اقرب إلى التسبيح و ‏الترانيم في تناغم شديد مع بعضهم البعض مكونين لوحة سيمفونية كلاسيكية ‏رائعة ‏

اقتربت منى بعض تلك الأجسام المضيئة آخذه في الدوران و الالتفاف ‏حولي ملقية عليا التحية و السلام في محبة .. تقدم أحد تلك الأجسام موجها ‏لي الكلام قائلا:‏

‏- مرحب بك في فضاء الانتظار ‏
‏- أنا .. لا أفهم ماذا تعنى؟

‏- أنت في الفردوس كما تطلقون عليه ‏
‏- ماذا تقصد؟ .. هل تعنى إنني توفيت على الأرض؟
‏- قد انتقلت روحك إلينا‏

‏- هل تقصد قد مات جسدي على الأرض و دفن؟
‏- جسدك القديم كان مثل أي رداء له بداية و له نهاية

‏- أين نحن الآن في هذا الكون الفسيح ؟
‏- نحن في االلا مكان و اللا زمان‏

‏- ماذا تقصد؟ .. مش فاهم .. وضح أكثر من فضلك؟‏
‏- نحن فوق المكان أي في كل مكان في اللا محدود .. في الماضي و ‏الحاضر و المستقبل في نفس الزمن في اللا منتهى ‏

‏- أنت صعبتها عليا أكثر و لم تقم بتفسيرها لي!‏
‏- أننا في كل مكان طوال الوقت و في نفس الوقت و الأفضل أن تتدارك هذا ‏المعنى و تشعر به لوحدك من تلقاء ذاتك من خلال وجودك معنا

‏- ماذا تقصد بالوجود؟ .. هل يوجد وجود هنا؟
‏- قلت لك من الأفضل أن تتدارك ذلك و تختبره لوحدك .. فأنت هنا قد ‏دخلت في اللا وجود و اللا محدود

تراجع من أمامي الجسم النوراني إلى الخلف قليلا و تقدم آخر عنه ثم أخذ ‏في التحدث معي قائلا:‏

‏- نحن مسؤولون فقط عن استقبالك و تحيتك و تقديم بعض المساعدات ‏الأولية لك و تفسير بعض الأحداث و الأمور الغريبة عليك و لكن ليس كل ‏الأمور ! ‏

‏- هل أستطيع أن أتساءل؟
‏- نعم تستطيع .. لكن ليس كل الأسئلة لها إجابات عندنا فهناك مختارون ‏آخرون عندهم الإجابات التي قد لا نعرفها نحن!‏

‏- ماذا تقصد بالمختارون؟
‏- نحن جميعا مختارين و تم اختيارنا و تحديد ما نفعله و الدور الذي نقوم به ‏و نحن على الأرض و بالتالي أنت كذلك مثلنا من المختارين و سوف تأتى ‏مجموعة أخرى من المختارين توضح لك مهماتك و الدور الذي يجب تقوم ‏بيه معنا ‏

‏- لماذا تكلمني بصيغة المستقبل؟‏
‏- لتسهيل الأمر عليك لا أكثر لكننا نتكلم بصيغة الحاضر فقط‏

اختف مجموعة المختارين من أمام عيني و أتت أخرى مُشابهة لها في ‏الخدمة و أطلعتني على أمور كثيرة أكثر تقدم إلى كل قادم جديد إليهم .. ما ‏يجوز فعله و ما لا يجوز .. هناك قوانين تحكم الفضاء و تسرى على الجميع ‏بلا استثناء!‏


يتبع في الجزء القادم



#موريس_رمسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصرخ إليك
- الإمبراطورية الأمريكية في الطريق إلى التفكك
- صراع ثقافي حضاري و تطهير عرقي ديني في مصر
- شعارات ثورية مصرية
- مُرسِيات (1)
- مصر من عهد رمسيس الثاني و نفرتاي إلى عهد مرسى و أم أحمد
- الموعظة على الجبل .. دستور الحياة
- الترجمة القرآنية الكاذبة
- لست مسلما لا أحمده
- الفرق بين صلاة المسلمين عن صلاة المسيحيين
- أين مصر؟
- القرآن المبسط (الطبعة الأولى)
- دستور تقسيم مصر
- أشرف الخلق رجل شرير منعدم الضمير قاطعا لطريق
- أشرف الخلق أسود القلب سليط اللسان زير لنساء
- أشرف الخلق مجرم منعدم الأخلاق
- عمال اشتراكيون على الورق
- مرسى الرئيس الطز
- مصر – المسيحية أفضل حل
- الملحدون الناطقون بالعربية - قيمهم و معاناتهم


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موريس رمسيس - الخلود و العدم (الجزء الأول)