أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!














المزيد.....

مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 23:29
المحور: حقوق الانسان
    


جواد البشيتي
ما أقسى قَلْب "الدولة" عندنا؛ وما أقَلَّ إنسانيتها؛ فإنَّ مِنْ فَقْر الفقراء في مجتمعنا، ومِنْ سببه وعِلَّته، ألا وهو غِنى الأغنياء، ومِنَ الشرور المرئية والمسموعة لهذا الفقر، ما ينبغي له أنْ يجعل "الدولة" تموت خجلاً، لو كان الخجل سبباً لموت الدول؛ وإنَّها لجريمة، وجريمة بشعة وكبرى، تُرْتَكَب في حقِّ الإنسانية، ولا أُبرِّئ ساحة "الدولة" من ارتكابها، أنْ تُتْرَك فئة واسعة متَّسِعة من مواطنينا فريسةً لوحش الفقر، والذي هو كناية عن أُسلوب ثراء الأثرياء، وزيادتهم ثراءً، عندنا.
واستَمَعْتُ، من إحدى محطَّاتنا الإذاعية، إلى صرخة استغاثة، أطْلَقَتْها أُمٌّ لثلاثة أطفال رُضَّع، تَعْجَز عن شراء ولو نَزْرٍ من الحليب لهم؛ وظلَّت تَصْرخ وتستغيث (في البرنامج الإذاعي) وكرامتها الإنسانية تَنْزِف؛ ولقد سَمِعْتُ "الدولة"، التي في زعمها الدستوري هي ممثِّل الشعب، تجيبها قائلةَ: لقد أسْمَعْتِ لو ناديتِ حيَّاً؛ لكن لا حياة لِمَن تنادي.
ولَمَّا غابت "الدولة"، الحاضِرة دائماً في كل سياسة (أو قرار، أو إجراء) يُفْقِر الشعب، حَضَر "المُحْسِنون"، مع ضمائرهم الدِّينية في المقام الأوَّل، طَمَعَاً بثواب الآخرة، في المقام الأوَّل، ولإيمانهم بأنَّ للفقراء في أموالهم حقٌّ معلوم، وإنْ استبدَّ ببعضٍ منهم المَيْل إلى المفاخَرة والمباهاة، والرَّغبة في أنْ يَظْهَر على أنَّه من أصحاب الأيادي العليا (التي هي خَيْر من الأيادي السُّفْلى).
وبغياب شمس "الدولة"، تلتمع كواكب "المُحْسِنين"، الذين يستمدُّون معناهم، معنى وجودهم ودورهم، من وجود (واتِّساع وجود) مَنْ هُمْ في حاجة (وفي حاجة متزايدةٍ) إلى مَنْ يُحْسِن إليهم، ويغيثهم، ويتصدَّق عليهم؛ فسَطَعَت في مجتمعنا، وازدادت سطوعاً، ثنائية "التَّسَوُّل ـ الإحسان"؛ فبئس مجتمعٍ يُعلِّل فقراءه بوهم "قَدَرِيَّة الفقر (والبؤس)"، ويحضُّهم على الصَّبْر على بلواهم؛ فَهُم قَيْد امتحانٍ (واختبار) لصلابة إيمانهم، وعليهم أنْ يتحمَّلوا إذا ما أرادوا الفوز بما هو خيرٌ وأبقى من "متاع الغرور"، ويتَّخِذ بؤس عيشهم رادِعاً يردع به كل عامِلٍ أو موظَّفٍ صغير، تُسوِّل له نفسه أنْ يحامي عن حقِّه في أجْرٍ، أو راتبٍ، يَرْفَع به منسوب الآدامية في عيشه، ويقيه شَرَّ مزيدٍ من التسوُّل (والاستعطاء) المستتر، قائلاً له: ارْضَ، واقْنَعْ، واستخذِ، لا تَطْلب مزيداً من الآدامية في عملك وعيشك، وإلاَّ ضَمَمْتَ نفسكَ بنفسكَ إلى جيش المتسوِّلين النِّظامي.
إنَّها "الدولة"، التي لا تعرف من معنى لـ "التنمية" إلاَّ تنمية الفقر والفقراء، ولا تعرف من "الحرِّيَّة" إلاَّ حرِّيَّة أسياد وملوك السوق في سَوْق مزيدٍ من النَّاس إلى عبودية العيش، أو عيش العبيد، ولا تعرف من "الجَنَّة" إلاَّ "الجنَّة الأرضية" التي أُعِدَّت لمصَّاصي الدِّماء، وآكلي لحوم البشر، والرَّاسخين في الفساد والإفساد، ولا تعرف من "جهنَّم" إلاَّ "جهنَّم الأرضية"، التي أُعِدَّت، في الوقت نفسه، للشعب الغفير الغفور (الغفور؛ لَعَجْزِه عن وعي وإدراك السبب الحقيقي لمأساته، ولإدمانه العيش في وادي الدموع).
"الشعب" لم يُخْلَق إلاَّ لتُجْبى منه الضرائب، فيُعْطي الجزية عن يدٍ وهو صاغر، لا رأي له، ولا قرار، في أوجه وسُبُل إنفاقها؛ و"الدولة" لم تُخْلَق إلاَّ لتجبي منه الضرائب، ولتُنْفِقها على هواها، وكما تشاء، وبما يُغْني رجالاتها وأعيانها ومتوزِّعي سلطانها من وزراء ونوَّاب..، مُسْتَعينة على قضاء حاجتها هذه بالكتمان، فلا عين ترى، ولا أُذن تسمع، وكأنَّ المال مالها، أنْعَم به عليها الذي له ملكوت السموات والأرض.
ويكفي أنْ تُنْفَق أموال الضرائب بمنأى عن رأي الشعب وإرادته، وبما لا يعود عليه بشيء من النَّفْع الذي يريد ويبتغي، حتى يَعْدِل "فِعْل جبايتها"، في معناه، "فِعْل اغتصاب".
الشعب يريد السيطرة على أمواله، والتحكُّم في صرفها وإنفاقها، وقطع يد كل سارِقٍ لها؛ فإنْ لم يصرفها وينفقها بما يقيه شَرَّ التسوُّل والاستعطاء، والشُّرور الرُّوحية والأخلاقية والإنسانية.. التي يُولِّدها الفقر حتماً، فَلِمَ يدفعها لـ "الدولة"، التي هي، في حدِّ ذاتها، "شخصٌ" لا يملك قوت يومه؛ لا مال يحصل عليه إلاَّ من الشعب، ولا مال ينفقه إلاَّ مال الشعب؟!
لا نريد إحساناً، ولا مُحْسِنين؛ لأنَّنا لا نريد تَسَوُّلاً ومتسوِّلين؛ إنَّنا إنَّما نريد القضاء على اللصوصية والصوص؛ فكلَّما عَمَّت اللصوصية، وانتشرت، استشرى التسوُّل (الظَّاهِر والمستتر) وزاد عدد المتسوِّلين، واشتدت، من ثمَّ، الحاجة إلى مزيدٍ من الإحسان والمُحْسنين.
نريد "دولة" تجبي الضرائب من الشعب، وباسم الشعب، ومن أجل الشعب؛ نريدها "دولةً للضرائب التصاعدية"؛ تُعاقِب كل متهرِّب من دفع الضرائب عقاباً يردع، لا عقاباً لا يضرُّ، ولا ينفع، وتُنْفِق هذا المال العام، المحمي من اللصوص، بما يُقلِّص حجم البطالة في المجتمع، ويُكافِح الفقر وشروره، ويجعل البقاء على قيد الحياة الآدامية حقَّاً للإنسان، لا صدقةً يتصدَّق بها عليه مُحْسِن كبير، أو صغير. عندئذٍ، وعندئذٍ فحسب، يحق لـ "الدولة" أنْ تشكو ضَعْف، أو قِلَّة، الشعور بالانتماء، إذا ما بقي من سبب وجيه لشكواها؛ فـ "الدولة"، كالأب، لا يحقُّ لها أنْ تسأل أبناءها عمَّا قدَّموه إليها قبل أنْ تُقدِّم هي إليهم ما ينبغي لها تقديمه.
وإذا أردتم فَهْم المعنى الحقيقي لـ "حقوق الإنسان"، ولمبدأ "تساوي المواطنين جميعاً في الحقوق جميعاً"، فلا تسألوا نائباً أو وزيراً..، بل اسألوا تلك "الأُم"؛ فهي خير عليم بهذا المعنى.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهو النسور أم فوكوياما؟!
- أوهام جماعات -الإسلام هو الحل-!
- -جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
- كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
- تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
- اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
- جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
- -جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
- ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
- و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
- تذكير جديد بالمخاطِر النووية
- الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
- حقيقة -النقود-
- في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
- لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
- الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
- السَّرِقَة
- أوباما إذْ جاء سائحاً!
- بشَّار مجاهِداً!
- نظرية -فائض القيمة- تُجيبكم الآن..!


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!