أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - نحن -ماضويين- والتقدم لا يكون -بالماضوية -















المزيد.....

نحن -ماضويين- والتقدم لا يكون -بالماضوية -


احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 21:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الماضي ـ ماضي اي انسان ،امة،شعب او مجتمع ـ قد يكون ذاخرا بالانجازات والتطورات .بل ويحوي العديد من الافكار والابتكارات والتعاليم الايجابية .ولكن هذا الماضي لايصلح لأن يكون اداة لمعالجة ازمات وقضايا الراهن والمستقبل .

كلنا نطمح او يحدونا الامل في التغيير والتقدم .ولكن هذا التغيير والتقدم لا يتم بالركون للماضي .هذا الماضي وان كان جيدا في فترة زمنية سابقة فانه بالضرورة قد لا يكون جيدا بل وقد يعجز في اشباع الحاجات الانسانية المعاصرة .

حاولنا كثيرا ان نلحق بركب التقدم والتطور بيد اننا فشلنا ،لماذا : لسبب بسيط ؛هو اننا ماضويين ،اي نعيش في الماضي ونتجاهل الحاضر والمستقبل .نحدث الاخرين كيف كنا لا ما نحن عليه الان .ونتجاهل ماهو كائن وما سيكون في المستقبل .

نخبر الاخرين عن حضارتنا وانجازاتنا السابقة .نخبرهم كيف كان ابائنا واجدادنا ولكنا بالضرورة نرفض اي حديث عن اوضاعنا المعاصرة . والازمة الكبري اننا نرفض اي فكرة او ابتكار حديث قد ينزع المشروعية والقداسة عن الماضي او عما هو قديم .بل ونحاربه ونسعي بكافة الاشكال علي استئصاله .

الاجيال السابقة علي سبيل المثال تكرر باستمرار بانها الصواب .وان قيمها الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية هي الصائبة .اما تلك الخاصة بالاجيال الحالية فهي ليست سوي هبوط وانحدار . ويتباهي افراد هذا الجيل بانجازات الماضي بينما يبخسون انجازات الحاضر ويوصمونها بالتفسخ .

الكثير من افراد مجتمعاتنا يحاربون كلما هو جديد بحجة الحفاظ علي مكتسبات الماضي .يقولون بان كل المعالجات الخاصة بازماتنا الحالية تكمن في داخل تلك المكتسبات وبالتالي علينا الركون لها .

انا اؤيد فكرة ان جزء من مكتسبات الماضي قد تكون جيدة .بيد انها قد لا تصلح او قد تعجز في اشباع احتياجاتنا المعاصرة .كما اناصر في ذات الوقت فكرة الحفاظ علي مكتسبات الماضي اعتمادا علي المثل الشائع "الماعندو قديم ما عندو جديد " ولكن هذا لايعني ان نرفض الجديد .بل الافضل لنا ان ناخذه بشرط ان نميز الصالح من الطالح منه .

الماضي الذي نتغني بامجاده ونسعي للعيش فيه قد يحوي العديد من الافكار والقيم السالبة .والاخذ بتلك الاشياء السالبة يمكن ان يؤثر علينا في المستقبل .لذلك فالاولي ان ناخذ ما هو جيد منه مع وضع الاعتبار بضرورة الاخذ مما هو جيد من الافكار الحديثة .

وهذا يعني ان نتجاوز او نستأصل كل الاشياء السالبة التي يضج بها الماضي . وهذا ما فعلته اروبا التقدم .فهي وصلت الي ما هي عليه الان عندما احدثت عملية القطيعة التي تم بموجبها تجاوز كافة الافكار والقيم والنظم السالبة التي كانت تهيمن علي المجتمع في فترة سابقة .

نحن اكثر الشعوب التي تطمح او يحدوها الامل في التقدم باعتبار اننا الاكثر تضرر من الجهل والخرافة والاسطورة . كل الادلة تشير الي اننا نرضخ للجهل والخرافة والحروب .ولكن هذا لا يتم حسب ما اشرت سابقا الا بتجاوز الماضي وخاصة السالب منه .وحتي الجيد خاصة اذا ما عجز في معالجة قضايانا وازماتنا الراهنة ؛ هنالك الكثير من الافكار الجيدة في فترة زمنية بعينها الا انها قد لا تكون جيدة في الفترة الزمنية التي تليها والشواهد علي ذلك كثيرة . الدين علي سبيل المثال كان جيدا بل واشبع جزء من حاجات الانسان القديم .ولكن هذا بالضرورة لا يعني بانه جيد في العصر الراهن او قد ينجح في اشباع حاجات الانسان المعاصر . لنوضح اكثر ؛المسلمين يقولون بان الحكمة من اعطاء المراة نصف حصة الرجل في الميراث يرجع الي ان هذا الاخير كان راعيا للاسرة كما انه الاكثر استهلاكا .ولكن اذا ما قسنا ذلك علي انسان العصر الراهن نجد ان المراة قد تكون هي رب الاسرة او الاكثر استهلاكا من الرجل وهذا يعني بان فكرة الميراث الاسلامية قد تعجز في اشباع حاجات العصر الراهن حتي وان كانت تلك الفكرة ايجابية في فترة زمنية سابقة .

اذا ما تخلصنا من الماضوية تواجهنا مشكلة عدم الاعتراف او الاستفادة من خبرات وافكار الاخرين وخاصة اؤلئك الذين يختلفون معنا في العرق او المعتقد او التوجه الثقافي والسياسي . بعضنا يزعم بان الاعتماد علي خبرات الاخرين لمعالجة قضايانا قد يطمس هوياتنا او يتم تذويبها في ذاتيتهم .

كما انهم يقولون بان تلك الافكار والابتكارات قد تتعارض مع قيمنا ومنظوماتنا .ولكن مثل هذا القول خاطي .فنحن عندما ناخذ من الاخرين لانتسبب في تذويب ذواتنا او نطمس هوياتنا وانما قد ننجح في المحافظة عليها بل وتطويرها .

كما ان ليس كلما هو خاص بالاخرين قد يتعارض بالضرورة بما هو خاص بنا "الديمقراطية مثلا " فكرة غربية ولكنها رغم ذلك لا تتعارض مع قيمنا بل اننا تمكنا من تبئيتها وتوطينها .قد يتعارض جزء من قيم ومكتسبات وافكار الاخرين مع تلك الخاصة بنا ولكن ذلك لا يعني بانها تتعارض معها كليا . وعدم تعارضها كليا يشير الي احتمالية نجاحها في استيعاب او معالجة بعض اشكالاتنا .

العالم يتقدم ،والانسانية في تطور مستمر .وكل الدلائل تشير الي ان اكثر المجتمعات عرضة للتخلف والجهل والنكوص هي تلك التي رفضت الانفتاح علي الاخرين وحبذت ان تنغلق حول ذاتها .

كل المجتمعات التي فعلت ذلك اما ان اندثرت او انهارت او انها في طور الانهيار والاندثار او انها لازالت تعيش في الماضي . واذا ما تاملت احوالنا قليلا تجد بان ذلك ينطبق علينا . وهنا يبرز السؤال :مالذي ينبغي ان نفعله او ما ينبغي ان يكون ؟

حسب ما اشرت سابقا فان ما هو كائن اننا نعيش في الماضي ونعاني من الجهل والتخلف ونطمح الي التغير كما اننا نرفض الانفتاح علي الاخرين او اخذ ما هو صالح منهم بحجة انه قد يتعارض مع قيمنا ومنظوماتنا .

اذاً الواجب يلزمنا بان نتجاوز الماضي وخاصة السالب منه مع الاخذ من ابتكارات وافكار الاخرين .ولكن الاهم هو ان ننشر ثقافة العقلانية والتفكير الحر .

كثيرا ما كنا نلجأ الي معالجة قضايانا وازماتنا بالركون الي الماضي الذي هو بالضرورة قد يكون اسطوريا ولا عقلانيا .وهذا لا يساعدنا في احداث عملية التقدم والتطور .وانما قد يرتد بنا الي عصور ساحقة وموغلة في التخلف والجهل .عصور الغيب والاسطورة والخرافة .

العقل والعلم هما معيار لقياس مدي تقدم الانسان او المجتمع .بالتالي فنحن في اشد الحوجة اليهما .الي مجتمع وانسان عقلاني .مجتمع يعتمد علي العلم في تفسير ومعالجة كافة القضايا والازمات التي تواجهه . مجتمع يستطيع ان يقنع الاخرين بصحة ما يذهب اليه باستخدام العلم والمنطق لا الاسطورة والغيب .

علينا ان ننشر ثقافة العقلانية . العقلانية التي ترفض القبول باي شي طالما انه يتعارض مع العقل والعلم . العقلانية التي ترفض الماضي طالما انه يحوي الافكار والتعاليم والسالبة . العقلانية التي تحث للتقدم والتطور ،لا عقل ماضوي يتغني بامجاد الماضي ويسعي للذوبان فيه .

اضافة الي ذلك لابد من نشر ثقافة السلام والتسامح . السلام مع الذات والاخرين ؛ مع الذات عن طريق اشباع كافة حاجاتها ومع الاخرين عن طريق احترام ارادتهم وتوجهاتهم سواء كانت سياسية او دينية او جنسية ..

السلام الذي يجعلنا جميعا ان نعمل بكل ما اوتينا من قوة في الاسهام في تطوير وتقدم البشرية .السلام الذي يشجع للبحث والانجاز والابتكار .

السلام الذي يساعدنا في عرض وجهات نظرنا دون ان يقوم احدنا بفرض وجهة نظره علي الاخرين او يكرههم ليؤمنوا بما يكون ضد ارادتهم .

التسامح الذي يجعلنا نرفض الظلم والاضطهاد وكلما هو سالب ضد الاخرين مثلما نرفضه علي ذواتنا . التسامح الذي يجعل كل القوميات والمكونات والشعوب الاجناس واصحاب المعتقدات والافكار المختلفة يعيشون في سلام دون ان تعتدي احداها علي الاخريات .
عندما نفعل ذلك ..عندها فقط سنلحق بركب التقدم .عندها فقط سنكون مثل كافة المجتمعات او الامم التي سطرت اسمائها من ذهب في سماء الانسانية .

عندها فقط سننتج ،ونضيف شيئاً يذكر للبشرية التي لطالما ظللنا عالة عليها . عندها فقط سنكون جديرين بالاحترام ،ونستحق لقب الانسان او المجتمع الراشد . المجتمع الذي صنع وحقق ذاته من العدم وساعد الاخرين في صناعة وتحقيق ذواتهم .



#احمد_داؤود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعارض ارادة الله مع ارادة الانسان وابتكار فكرة الشيطان
- الردة العظمي والانهيار الاعظم
- الاصلاح لا يكون بانتقاد حامل الفكرة فقط
- التغير يبدأ بانتقاد الدين او محاكمته عقليا
- الازمة في الدين ام المتدين
- الي ماذا يشير عجز الاله ؟
- من الذي لا يحترم معتقدات الاخرين؟
- العالم سيكون افضل حينما يكون لادينيا
- مفارقة ...مسلم وعقلاني ....مسلم ومستنير
- الله ...لست ملزما للايمان بك
- رجال الدين ..الوجه الاخر للشيطان
- ماذا منحكم الاسلام حتي تدافعوا عنه؟
- الاسلام والمسلمون يتفنُون في مصادرة الحقوق والحريات
- لاحياة دون تسامح وتقبل الاخرين
- احترموا حرمة اماكنكم المقدسة
- الفكرة قبل القوة
- محمد والتعامل بسياسة ردود الافعال
- نرغب في ديمقراطية حقيقية وليست شكلية
- الي ماذا يدل استدلال المفسرين بالشعر؟
- لا خوف علي العروبة والاسلام


المزيد.....




- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - نحن -ماضويين- والتقدم لا يكون -بالماضوية -