أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - حسن الطاهر زروق وعدم الامتثال للصواب السياسى














المزيد.....

حسن الطاهر زروق وعدم الامتثال للصواب السياسى


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 4045 - 2013 / 3 / 28 - 23:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المهمل فى كتابة التاريخ السياسى المتعلق بمسألة جنوب السودان هو تجنب الكثيرين من النخب المثقفة والسياسية عدم التحدث عن اختزال الحركة السياسية الجنوبية للصراع مع الشمال كونه صراعا ثقافيا وبالتالى سكوتها عن طبيعتة الحقيقية كجزء من الصراع بين قوى تقليدية شمالية تحتكر السلطة السياسية منذ رحيل الأستعمار البريطاني وبين الاغلبية الكادحة من جماهير شعوب السودان؛ وعطفاً على هذا كان نأى تلك النخب عن فضح قيادة الحركة الجنوبية باعتبار ان عدم ملامستها جوهر الصراع وأبعاده الحقيقية يشير لحرصها على اخفاء طبيعتها كقوى تقليدية لا تتطابق رؤاها ومصالحها مع تطلعات واحتياجات شعوب جنوب السودان. فالحركة الجنوبية ساعدت بموجب اتفاقية نيفاشا فى توطين سلطة الانقاذ بستارها الدينى وتم هذا انصياعاً لتوجيهات خارجية ولم تكن المحاججة بالوحدة الجاذبة الا نوع من التذاكى من قبل مَنْ لا خبرة له بالعمل السياسى.


والشئ االغريب هو ان بعض ابطال المعارضة مازالوا يرقصون، نكاية فى حكم الانقاذ، على مزمار الحركة الشعبية–جنوب السودان التى تركت بعد انفصال الاقليم مواطنيها فى الدولة الوليدة فريسة لواقع مظلم وأصبحت ذراعاً للقوى الاستعمارية والصهيونية الساعية لاعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة. فسياسات قادة حكومة جنوب السودان وجماعة الحركة الشعبية (قطاع الشمال) تابوهات لا يجوز مسها. وصار نقد سياسات حكومة جنوب السودان تجاه السودان سباحة ضد الصواب السياسى (political correctness) المتمكن من معظم النخب المعارضة للانقاذ.


والاشد غرابة هو موقف أولئك المعارضين المتجاهل للدور اللاوطنى للشماليين الذين التحقوا بالحركة الشعبية ولم ينافسوا عضويتها الجنوبية فى منح الاولوية لمسألة الهوية فى التفسير السياسى لابعاد الصراع فقط، بل أصبحوا تحت رعاية حكومة جنوب السودان ومخابرات يورى موسيفيني مطية لتنفيذ الاجندات الغربية. فهذه المعارضة غاب عنها أن النضال (المشروع) لاسقاط سلطة الانقاذ، لكى يثمر ثمارا يعتد بها الشعب ونجاحات ترتقى بالوطن، من الضرورى أن توجه مساره نظرة نقدية تحدق بشجاعة فى حقائق الواقع وتناقضاته فى كليتها.


وتاريخنا السياسى يزخر بأمثلة رائدة فى منهج مواجهة الحقائق وعدم الانجراف مع التيار وتقليد الآخرين. ومنها موقف النائب البرلمانى الاستاذ حسن الطاهر زروق ممثل الجبهة المعادية للاستعمار فى البرلمان السودانى للفترة (1954-1956) حيال مسالة جنوب السودان موضوع عنايتنا فى هذا المقال. فعند بروز مسالة الجنوب، عقب منح بريطانيا ومصر الحكم الذاتى للسودان فى 1953، تصدى الاستاذ حسن الطاهر زروق صادعاً بحق جنوب السودان، عندما كان جزءاً من السودان الموحد، فى تكييف وضعه الداخلى، بما فيها تمتعه بالحكم الذاتى، وفق ارادته ضمن السودان الواحد؛ وكانت مداخلاته البرلمانية حول هذا الموضوع تتسم بالوضوح والصراحة وانعدام التوسل فيها بنهج الصواب السياسى مجاراة للآخرين الذين أختاروا دغدغة مشاعر المواطنين باطلاق الكلام الاعتباطى المنتفخ بالوعود الكاذبة عن وحدة البلاد، وربما لاتقاء هجوم ولعنات الموتورين.


فى أحد جلسات البرلمان السودانى لعام 1954 التى خصصت لمناقشة سياسة الحكومة تجاه المناطق المتخلفة أشتد حنق النائب البرلمانى الاستاذ حسن الطاهر زروق على مداخلات بعض نواب الاحزاب الطائفية والجنوبية باعتبارها جاءت من منطلق المزايدات. فعلق على مداخلة احد نواب حزب الامة بقوله : ” وعندى أن التحدث عن حل هذه المشاكل كان يقتضى أولاً أن نترك اسلوب الدعاية فى اقتراحاتنا كما فعل احد الأعضاء أمس إذ وقف ليدافع عن الجنوبيين ويطالب بحمايتهم من الراسماليين والمستغلين بينما نعلم جميعاً أنه هو احد ممثلى الإقطاع فى الشمال، ولو كان جاداً فيما يقول لطالب بإنهاء الإقطاع فى الشمال.“ ويمضى النائب فى مداخلته موجها حديثه الى كتلة الجنوبيين، الذين ثبتوا على رأيى واحد لم يتزحزحوا عنه قيد شعرة وهو المطالبة بالفدرالية بين طرفي البلاد او تقسيمها الى بلدين، قائلاً ”.......بقيت بعد ذلك مسألة جاءت فى حديث بعض الاعضاء المحترمين وهى (جنوبة) الجنوب، اننى أعتقد انه حتى بعد إنقضاء الاعوام الثلاثة فان السودنة لن تتم ولأن الجنوبيين إنما يقصدون بالجنوبة الانفراد بإدارة بلادهم وفى هذا تاخير لحرية البلاد، وهناك مبدأ آخر مستمد من إيماننا بوحدة هذه البلاد ، ألا وهو أن يعمل الناس فى كل الوظائف فى السودان شماله وجنوبه دون تفرقة أو تمييز، ولكنه لا يمكننا أن نقوم بخدمة هذا الغرض إذا راينا من اخوننا الجنوبيين تذمراً واحتجاجاً طول الوقت، وعليه فانى أناشدهم بأن يقدموا مشروعاً يساهمون به فى تطور الجنوب وبذلك يرسمون خطوة عملية تغنينا عن هذا التذمر والاحتجاج.“


وضع حسن الطاهر زروق نظرته، التى احتوتها مداخلاته البرلمانية، لمعالجة مسألة المناطق الأكثر تخلفا فى السودان بما فيها جنوب البلاد، ضمن الاطار الاجتماعي والاقتصادي الكلى للمجتمع. فبدلاًً عن إدامة الشكوى كان رأيه، فى جلسة برلمان 1954 المار ذكرها، أن المهمة الاساسية هى التصفية الكاملة للاستعمار الانجليزى المباشر، ومهد لهذه المهمة بتقديمه لمقترح يرى فيه السير على ”.....سياسة الأجر المتساوى بين العمال فى الجنوب والشمال اذا كانوا يؤدون نفس العمل. وتطبيق نفس السياسة على الموظفين فى طرفى البلاد“ ويمضى قائلاً ” بأن السبب الحقيقى لهذا الوضع المجحف هو الاستعمار البريطانى.“ ومقترح آخر راى فيه ” أن يستبدل الاداريون البريطانيون فى الجنوب بآخرين شماليين، خصوصاً...أن الاداريين الانجليز يتصرفون فى المناطق التى يحكمونها تصرفاً استبدادياً دكتاتورياً بحتاً. وفى ذلك خطر كبير على البلاد خصوصاً فى فترة الانتقال هذه......اما فيما يختص بالادارة القبلية فإنى أطالب الحكومة أن تجعلها أكثر ديمقراطية“...............



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل السياسى: سقطة كيشوت وأحلام روبرت أوين
- سبعة وخمسون عاماً مضت على انتفاضة جودة 20 فبراير 1956
- ميثاق الفجر الجديد ليس انتقالاً للامام
- التمويل الغربى والانتقال من المؤسسات التنموية الى منظمات الم ...
- السودان: فى مسألة البديل
- البراغماتية ومن يمتلك اتفاقيات أديس أببا
- حول فكرة الاضراب السياسى العام
- قضية الارض فى اتفاقية نيفاشا
- نوبة السودان وعلاقات الارض
- حول علاقات الارض (1 – 2) -التكالب الراهن على حيازة اراضى الد ...
- ثورة 1924 - بداية الثورة الوطنية الديمقراطية الحديثة فى السو ...
- الدولة وادعاء- الماركة المُسجِّلة-.....الدستور ومراوحة الاوه ...
- الدولة وادعاء -الماركة المُسجِّلة-.....الدستور ومراوحة الاوه ...
- لمحات من تاريخ انفصال الدولة السياسية عن المجتمع المدنى
- قصة مشروع الزاندى بجنوب السودان
- قصة مشروع الزاندى
- ما بين فرانكلين روزفلت وباراك أوباما
- في الأزمة المالية الأمريكية
- حول إنهيار جولة الدوحة للتجارة العالمية
- ثورة نيبال والوصول لقمة السارغاماتا


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - حسن الطاهر زروق وعدم الامتثال للصواب السياسى