أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - شبه الجزيرة الكورية تحت كابوس الحرب















المزيد.....

شبه الجزيرة الكورية تحت كابوس الحرب


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4043 - 2013 / 3 / 26 - 01:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش القارة الآسيوية هذه الأيام كابوساً مزعجاً، على وقع التصعيد المستمر بين كل من بيونغ يانغ من ناحية، وسيؤول وحليفتها الاستراتيجية واشنطن من ناحية أخرى، الذي بات أشبه بدق طبول الحرب، والاستعداد لمواجهات عسكرية تنسف عملية السلام الهشة، وخطوات التقارب الهزيلة بين الكوريتين، وتهدد بإشعال شبه الجزيرة الكورية وما حولها، وجر المنطقة، وربما العالم إلى أجواء الحرب الأولى بين الجارتين في الخمسينات، وربما توريط أطراف أخرى في الصراع وخروج الأمر عن حدود السيطرة .

السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يمكن اعتبار التهديدات المتبادلة، والمناورات العسكرية، واستعراض القوة بين الجانبين، مقدمة لحرب حقيقية، أم أنها مجرد حرب أعصاب، وصراع في الفضاء الإلكتروني، على خلفية الهجوم الأخير على شبكة الإنترنت في كوريا الشمالية التي أشارت فيه بأصابع الاتهام لجارتها الجنوبية وواشنطن؟ وأن الأمر مازال قابلاً للاحتواء، وحين تصل الحالة إلى الوضع الحرج، ويقترب الطرفان من حافة الهاوية بالفعل، ستحدث تدخلات إقليمية عاجلة ومكثفة، خاصة من جانب الصين وروسيا، الحليفين الاستراتيجيين لكوريا الشمالية، لجهة نزع فتيل الأزمة، والتوصل إلى تسوية مرضية لكل الأطراف؟

وقبل هذا السؤال، علينا أن نتساءل على من تقع مسؤولية التصعيد الأخير، وهذا المستوى من الاحتقان الشديد ذي القابلية للانفجار في أي لحظة؟

تبدو الإجابة ليست سهلة، فثمة من يرى أن بيونغ يانغ هي المسؤولة عن توتير الأجواء، وإدخال الفزع إلى قلب جيرانها، خاصة سيؤول وطوكيو، بإجرائها تجربة نووية ثالثة، واختبار لصواريخ باليستية طويلة المدى في شهر فبراير/ شباط الماضي، رغم كل التحذيرات، وتجاهل حتى أصوات حليفتها بكين التي أعربت عن عدم رضائها عن تلك التجارب التي تمت رغماً عنها، ووسط رفض دولي واسع، ثم قيامها بقطع الخط الساخن للاتصال المباشر مع كوريا الجنوبية، وإلغاء اتفاق الهدنة بشكل انفرادي، وتدشين مناورة للمدفعية بالذخيرة الحية، ومناورة بحرية أشرف عليها بنفسه الرئيس الكوري الشمالي، وحديثه أن قوات بلاده ستصب لهيب نيرانها بلا رحمة على أعدائها، مع تكثيف الطلعات الجوية، ومن ثم ما حدث لاحقاً كان بمثابة رد فعل طبيعي على هذه الإجراءات الاستفزازية من وجهة نظر سيؤول وواشنطن وعديد من دول العالم .

وعلى الجانب الآخر، تلقي كوريا الشمالية باللائمة على القوى الدولية بقيادة واشنطن التي تقف لها بالمرصاد، وتريد حرمانها من حقها في تسليح نفسها بالشكل الذي يكفل لها حماية أراضيها مثلها مثل بقية الدول النووية، وفوق هذا تقوم بممارسة ضغوط شديدة الوطأة عليها بفرض عقوبات دولية جديدة عبر مجلس الأمن، فضلاً عن العقوبات الأمريكية الفردية، إلى جانب قيام كل من جارتها الجنوبية، بالتعاون مع الولايات المتحدة بمناورة عسكرية مشتركة “الحل الأساسي”، ومحاولة استعراض القوة في مواجهتها، وسط تهديدات من وزارة الدفاع الكورية الجنوبية ب”معاقبة النظام” في بيونغ يانغ و”مسحه من وجه الأرض”، ثم زيارة رئيس وزراء كوريا الجنوبية جزيرة حدودية أثارت غضب بيونغ يانغ، خاصة بعد أن توعد بالانتقام من الشمال حال هجومها على بلاده .

وكل هذه المعطيات، بصرف النظر عمن بدأ الفعل أو من قام برد الفعل، تقود لسيناريو حرب لا تبقي ولا تذر، خاصة إذا ما نفذت كوريا الشمالية تهديدها باللجوء للسلاح النووي، أو أصرت كوريا الجنوبية وواشنطن على معاقبة بيونغ يانغ بضربة استباقية، لكن إذا تم اللجوء للعقل، والاكتفاء بالحرب الكلامية والاستنفار المتبادل، فقد تخف حدة التوتر، والعودة إلى مربع الضغوط والحصار، وانتظار نتائجهما، ونتائج مبادرات التواصل مع الدول الداعمة لبيونغ يانغ، ولو استغرق الأمر وقتاً أطول .

ولا شك أنه كان بالإمكان، وقف هذه التدهور في المشهد مبكراً، والسير بعيداً عن خيار التصعيد الراهن، لو تدخلت بكين بشكل خاص، ووفرت هي وموسكو غطاء سياسياً لحليفتها بيونغ يانغ في مجلس الأمن، وحالت دون فرض عقوبات دولية جديدة، على النحو الذي أثار حفيظة بيونغ يانغ التي سبق واعتبرت أن الإقدام على هذه الخطوة سيكون بمثابة إعلان حرب، وأنه سيخولها القيام برد قاس، خاصة باتجاه سيؤول وواشنطن، لكن على ما يبدو فإن روسيا لم ترد اتخاذ موقف واضح من هذه الأزمة في البداية، لاستيائها من السلوك الكوري الشمالي، كما أن الصين أرادت عقاب كوريا الشمالية، لأنها شقت عصا الطاعة، باتخاذها خطوات منفردة تعبر عن استقلاليتها، الأمر الذي قد يمثل خطورة على نفوذها مستقبلاً في المنطقة، ومع ذلك من الصعب توقع أن تتخلى نهائياً هي وروسيا عن بيونغ يانغ، لدرجة ترك نظام حليف لهما يتهاوى، وعلى نحو يسمح بتمدد النفوذ الأمريكي أكثر في أبرز مناطق نفوذهما التقليدي، خاصة في ظل تواجد أمريكي في كل من كوريا الجنوبية واليابان وأفغانستان، وإن كانت بكين خاصة لا تجاهر بالعداء لواشنطن، فلا شك أنها تنزعج من هذا الحزام الأمريكي الذي يحاصر خاصرتها، ويعطلها عن ممارسة استحقاقات دورها ومكانتها التي باتت تستحقها بعد أن أصبحت قوة دولية بارزة على الساحة العالمية اقتصاديا، وترغب في دور سياسي مكافئ .

وثمة إدراك من قبل الأطراف الدولية، وعلى رأسها واشنطن، لمعادلة القوى في هذا الإقليم الآسيوي، وأن بكين هي الطرف الأقوى فيها، صاحب النفوذ، ومن ثم تتوالى الدعوات للتدخل الصيني .

وهذا التوجه، لا يعكس اعترافاً فحسب بأهمية الدور الصيني في هذه الأزمة الدولية، وإنما أيضاً محاولة لدفعها في اتجاه كبح جماح القيادة الكورية الشمالية بما تمتلكه من أوراق ضغط أكثر فعالية مما لدى بقية الأطراف، أو أن يتم تحييد دورها، وعدم التصدي لحماية بيونغ يانغ، حتى يتم الاستفراد بها والإجهاز عليها .

وقد رأينا ملامح محاولة استقطاب بكين للمعسكر المناوئ لكوريا الشمالية، من خلال التحضير لقمة ثلاثية في مايو/ أيار المقبل بين كل من الصين وكوريا الجنوبية واليابان بمبادرة من سيؤول، وما تنطوي عليه من إبراز ورقة المصالح الاقتصادية المشتركة، وفي محاولة إشراك بكين في ترتيبات التعاطي مع الموقف، وجعلها في بؤرة التحركات الدولية، خاصة من جانب واشنطن، وهو ما تجلى في اتصال الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره الصيني للتباحث حول حل الملف النووي لكوريا الشمالية والصواريخ الباليستية، وسبل التعاطي معهما، مع اعتزام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري القيام بجولة آسيوية في إبريل/ نيسان المقبل تتضمن زيارة الصين إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان، التي تسبقها جولة مماثلة لمساعد وزير الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية لبحث العقوبات على بيونغ يانغ .

ولا شك أن مثل هذه التحركات المتوالية، تؤشر أن ثمة رهاناً على الصين في المساعدة على ضبط إيقاع الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وعدم خروجه عن السيطرة، وأن ثمة فرصة عبر القنوات السياسية والضغط الصيني لتفادي اندلاع حرب جديدة، ربما تأخذ الشكل النووي هذه المرة، خاصة مع تحذيرات رئيس المخابرات الأمريكية، وحثه لبلاده على آخذ تهديدات بيونغ يانغ على محمل الجد، والتأهب الأمريكي بنشر صواريخ اعتراضية في ألاسكا، ورادار ثان في اليابان لرصد أي تحركات غير معتادة، إضافة إلى اتصال وزير الخارجية الأمريكي بنظيره الكوري الجنوبي وتأكيد استمرار التحالف الاستراتيجي، وإرسال نائب وزير الدفاع الأمريكي لسيؤول لتهدئة مخاوفها وبحث كل السيناريوهات المحتملة والتدابير المشتركة لمواجهة التهديدات الكورية الشمالية .

وبالقياس على التجارب السابقة يمكن القول: إنه رغم تأزم الموقف ووصوله إلى درجة غير مسبوقة من التصعيد، فإن ثمة تقديرات عديدة بأن الأمر لن يتطور إلى حالة حرب مفتوحة، حتى وإن جرت مناوشات أو اشتباكات حدودية، كما حدث خلال السنوات الماضية، عقب التفجيرات النووية الثانية في ،2009 أو ما يتعلق باستهداف زورق كوري جنوبي، وأن ما يجري حرب نفسية تحاول من خلالها بيونغ يانغ الحصول على اعتراف ببرنامجها النووي والعدول عن تشديد العقوبات، فيما تسعى سيؤول في ظل وجود قيادة جديدة على رأس البلاد أن تبدو بمظهر القوي الذي يستطيع مواجهة تهديدات الخصم الشمالي، بينما يبدو التشدد الأمريكي محاولة ردع للقيادة الكورية الشمالية حتى لا تتمادى في استفزاز حليفتها واستضعافها، ويمثل التدخل الروسي والصيني بشكل خاص في الوقت المناسب محاولة لإحداث توازن دقيق في معادلة القوى في هذا الإقليم، وضمان عدم جنوح كوريا الشمالية وخروجها عن نطاق السيطرة، وعدم ترك، في ذات الوقت، النفوذ الأمريكي يقوى أكثر على حساب نفوذهما الإقليمي والدولي .



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنزويلا وتركة شافيز الثقيلة
- ملف ايران النووي.. العصا والجزرة
- السلفيون والأخوان:-الأخيار- في مواجهة -الأغيار-
- بيونج يانج والتحدي بالسلاح النووي
- اختراق سياسي للأزمة السورية
- الهند وباكستان.. هدوء ما بعد العاصفة
- سوريا إلى نقطة الصفر
- تونس في مواجهة الافلاس والعنف
- الجحيم السوري يفيض على الجيران
- ثورة الياسمين تضل الطريق
- غموض المشهد السوري مجددا
- -نهضة- تونس.. العنف بدل الحوار
- صراع النفوذ في سوريا
- -ائتلاف الدوحة- خطوة على طريق الألف ميل
- الأزمة السورية في دهاليز التسويات
- -طائف جديد- في سوريا
- حتمية التحالف المصري مع إيران.. وفك الارتباط مع الكيان الصهي ...
- دراما رمضان المصرية ومواصلة الخصم من رصيدها الطويل
- ثقافة العبيد التي قوضت ثورة المصريين
- الأرض الثابتة: انتصار أخلاق البحر على القانون


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود عبد الرحيم - شبه الجزيرة الكورية تحت كابوس الحرب