أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - يتحسس















المزيد.....

يتحسس


سماح عادل

الحوار المتمدن-العدد: 1161 - 2005 / 4 / 8 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
عندما رأت الفتى يحوط بذراعه جسد الفتاة, مختلسا بعض اللمسات السرية, متجهين بوجهيهما نحو النيل, أبدت سامية اندهاشا من انحدار الأخلاق, ووصول الشباب إلى مرحلة لا يلتزمون فيها بالقيم. لم يرد حامد عليها, مفتعلا حديثا مع سائق التاكسي. توجه بتفكيره نحو الحاجة, التي تنتظرهما في البيت, هل كانت جميلة في شبابها ؟ صوتها يدل على ذلك, فهو يحوي بعض دلال الأنثى, رغم تجاوزها سن الستين.

وقف التاكسي أمام البيت. أمسكت بيديه. رحبت الحاجة بهما. تعللت بإحضار الطعام. لتتركهما منفردين.دخلا غرفة النوم. أجلسته على السرير.حملقت في عينيه الزائغة.

- أنت حلوة كده ليه.

- يا سلام وعرفت ازاي.

تحسس جسدها. تشبث به مقبلا كل ما يقع عليه فمه. أبعدته رافضة.

- لاءه . لاءه .

لمساته الطائشة تنفرها أكثر مما ترغبها.هل هي تحبه فعلا. ربما في البداية.على الهاتف . مع تخيل ملامح وهمية لصوت رجولي.أما بعد رؤيته. ومعرفة كل شيء . تحول الحب الهاديء لخجل من إحراجه. ليس هذا فقط. فلتواجه نفسها.هو أيضا سيقوم لها بخدمة كبيرة. لو ساعدها, سوف تضمن لأطفالها الثلاث مبلغا يفيد في مصاريف دراستهم, فهو صحفي معروف. يستطيع خدمتها. كما انه خفيف الدم. يملأ فراغ حياتها. لكنه ليس رجلا تستند عليه في الوحدة. ستكتفي بما يقدمه. فهي معه على الأقل مرغوبة كأنثى. بعد أن كانت قد يأست من جاذبيتها. ترهل جسدها الأربعيني. واطفالها الثلاث. وفقرها . أسباب كافية لقتل أية جاذبية. كما أنها ليست جميلة. أو رقيقة .

كل زملائها, في عملها الحكومي, يعاملونها كأرملة طروب, لم يبد أحد, حتى أكثرهم شقاوة, رغبة فيها. هي لا تتدلل عليهم. ولا تعرف كيف تفعل ذلك.

ادخل يديه لتلمس جلدها. يحتضنها بقوة. تجاوبت نصف مستمتعة. خلعت الملابس. فتشت عن أية سخونة في دمائها. لمساته المتخبطة سبب ثان لعزوفها عن الاستمرار. ولهاثه وحركاته السرعة جعلتها تصرخ.

- سيبني دلوقت .

لو كانت ملامحه وسيمة لكان ذلك تعويضا. هو أصلع. وملامحه مضحكة, وقصير, ولا يجيد التعامل بهدوء, ومداعبة. ارتدت ملابسها سريعا. متحججة بأنها لم تعتاده بعد. وأنها لأول مرة تلمس أحدا, بعد زوجها المرحوم, بعد أن تيقن من رفضها. ارتدى ملابسه محتارا. لو كانت لا ترغبه لماذا وافقت على مقابلته ؟ والمغامرة بموعد سري في منزل صديقتها. الحاجة . وتأكيداتها الملحة أن منزل الحاجة آمن. لأنها محبوبة من جيرانها. ولأنها امرأة صالحة. حجت بيت الله. وتعيش بمفردها. وأنها صديقتها الوحيدة. وتستأمنها على اسرارها.وكذلك صوت الحاجة .كان مطمئنا ومرغبا له للحضور معها.

- تعالى يابني زورني معاها .أنا عازماك على أكلة حلوة .أنت وهي زي ولادي.

لماذا بعد كل ذلك.وفي لحظة اللقاء ترفض التجاوب .ظن أنها تحس بالذنب .أو تتردد في تنفيذ الخيانة.وماذا غير ذلك. عندما هاتفها منذ يومين, قالت له أن عم الأولاد عندها, وكانت الساعة وقتها الثالثة صباحا.كيف يأتي في هذه الساعة؟ ربما يكون زوجها حيا. وتخفي ذلك . لم يهتم. فالحاجة أيضا فرصة ثانية. ويمكن أن يستمتع بهما الاثنتين. وكذلك هو لن يستمر طويلا. سوف يؤدي الخدمة, التي وعدها بها, ويرحل سيفعل ذلك بالتدريج. سيخفف أولا من مكالمات الليل, التي تمتد لساعات. ويمتنع عن مقابلتها. بأية حجة. وهي وحدها ستنساه.



هو يحب السيدات في مثل هذه السن. لأنهن لا يطلبن الزواج. ولهن خبرة بالرجل. ورغبة في علاقة غير معقدة. ولا تمتليء بمطالب ومسئوليات. الحب لن يحصل عليه بسهولة. أحب مرة ولم تكن الفتاة تعلم. أو على الأدق كانت تراوغه. وتستغل مشاعره. لن يتزوج عمياء.ولن يجد فتاة ترضى به .لم تعد تؤذيه هذه الأفكار. فقد نضج, كفاية, ليدرك انه, وهو في أوائل الثلاثين, لن يتاح له اتصال بالمرأة, إلا بهذه الطريقة. أن يرافق امرأة اربيعينة. وربما خمسينية لفترة. ثم يتركها – أو تتركه – ويبحث عن أخرى. بمثل هذه المواصفات. ولا مانع من مداعبات مع الشبات. ولمسات خبيثة لا تتجاوز حد الغزل اللعوب..وقد يتحسس ماهو ابعد من الذراع, التي يستند عليه. لذا هو يختار مرافقة, له لتقرا وتكتب. فعمله الصحفي يعتمد على ذلك. وهو قياسا لمن هم في مثل ظروفه, يعد متميزا, يستطيع أن يسير في الشارع وحده. يحفظ الطرق جيدا. يعبر العربات مهتديا بأصوات سيرها. وينشر له في أكثر من جريدة . ويحقق نجاحات في تحقيقاته الجريئة. كما انه يرى من زاوية عينيه اليسرى, بضوء شاحب وجه الفتيات.



فقد بصره عندما كان في العاشرة. نتيجة مرض وراثي. أصاب أخته أيضا. لذا هو يعرف الألوان, والملامح, وأشياء كثيرة. ورغم بعض العوائق, يعيش حياة جميلة. يسهر ليلا على مقاهي وسط البلد . وكثيرا ما يشرب خمرا. ويعود متوطحا في آخر الليل. يقوم بعمل موضوعاته الصحفية بانتظام. ويحتفظ بعلاقات مع مصادر هامة وعديدة. كما انه يمتلك ذاكرة حديدية. تناول الوجبة الدسمة, التي أعدتها الحاجة, وانصرف على وعد بلقاء آخر.

***

- أخبارك إيه .

- الحمد لله .

- كنت متضايقة من اللي إحنا عملناه .

- بس ما اتعودتش عليك .

- طب مش هاتتعودي .

مع الوقت .

- إحنا بقالنا شهور بنسهر مع بعض كل ليلة .

- أنت مستعجل ليه .

- علشان حاسس انك ست حكاية.

- أصل أنا أول مرة اعمل ده في السر.

- على فكرة الخدمة اللي أنتي طلبتيها خلصت .

- بجد . يبقى لازم اعزمك على أكلة حلوة.

- عند الحاجة ؟

- ماشي .

***

ممتنة له, قررت سامية أن تشعر به كرجل, هو رغم ذلك طيب القلب, وحلو اللسان. هي تحتاج لذلك. مرت سنوات دون أن يلمسها رجل. نفضت عن ذهنها كل الأفكار.حاولت أن تجاري رغبته . وسرعة أدائه. طالبته بالهدوء . وبتناول جسدها ببطء. أخذ يتحسس أجزائها. كان جسدها محايدا. لم يفهم هل لها رغبة؟ أم تستجيب وفقط. تبادل معها الحديث. ليتحسس في صوتها . ما لم يفهمه من جلستها نصف المستريحة. فوق السرير. وهي تتعرى إلا من صمت بارد..



#سماح_عادل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الاب الاخير
- خليل عبد الكريم مفكر ثوري
- الاخوان المسلمون البعد التاريخي
- سيد قطب مفكر الاخوان وملهم الجماعات
- بورتريه لالبير كامو
- الرحيل-قصة قصيرة
- قبض .... قصة قصيرة
- حول حرية الصحافة
- محمد جبريل ينتقد مكتبة الاسرة !!!
- مرورمائة عام على مولد يحي حقي
- مش عيب !! قصة قصيرة
- هل التجمع حزب ثوري؟؟؟
- سيدات في سجون عبد الناصر
- طفل قصة قصيرة
- العمال في عهد ستالين
- دور المرأة في الحركة اليسارية المصرية والعمل العام
- اشتراكية ناصر الزائفة إلى عصر الضياع ....رحلة البرجوازية الم ...


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - يتحسس