أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبد الحسين شعبان - عملية إيمرلي!















المزيد.....

عملية إيمرلي!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4016 - 2013 / 2 / 27 - 00:33
المحور: القضية الكردية
    



بعد اغتيال ثلاث قياديات من حزب العمال الكردستاني التركي PKK في باريس يوم 12/1/2013 في ظروف غامضة، تعرّضت عملية "ايمرلي" إلى ضربة موجعة. و"ايمرلي" هي جزيرة في بحر مرمرة يُعتقل فيها زعيم الحزب عبدالله أوجلان منذ 14 عاماً، وكان يفترض أن تبدأ فيها المفاوضات بين الحكومة التركية والقائد الكردي.
لعلّ اغتيال القياديات الكرديات، وأبرزهن كانت سكينة جانسيز إحدى مؤسسات الحزب، محاولة تستهدف إفشال المفاوضات، لاسيما وأنها تحظى بمكانة كبيرة داخل الحزب وخارجه، ولدى قائد الحزب أوجلان ذاته، فضلاً عن أن مالية الحزب، كما تردّد، كانت تحت إشرافها، الأمر الذي سيعني اغتيالها عدم رغبة أحد الأطراف من داخل الحكومة التركية أو من داخل الحزب أو خارجهما بما فيها أطراف من الأجهزة الأمنية الفرنسية أو غيرها من الدول من الشرق والغرب غير الراغبة في قيام تلك المفاوضات حتى قبل أن تبدأ.
لقد أُجهضت المفاوضات وهي في مهدها، وهو الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه لصراعات ومنافسات جديدة داخل الحزب، وربما سيؤدي إلى اتهامات لهذا الفريق أو ذاك، وهو ما يحدث غالباً في الأحزاب الشمولية، خصوصاً وأن التحقيقات قد تمتدّ لسنوات، كما جرت العادة في مثل هذه القضايا، حيث كان مخطط الاغتيال بارعاً، ناهيكم عن وجود جهات داخلية وخارجية قد تكون ضالعة فيه ومتورطة ببعض جوانبه أو مستفيدة منه، بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصاً وأن الموضوع معقّد وخطير للغاية لجهة ارتباطه، بالوضع الاقليمي المتفجّر بصراعات متنوعة جيوبولتيكية وإثنية، ودور الحكومة التركية وموقفها منها، فضلاً عن القوى الكردية المعنية بها، سواء كان في سوريا على نحو مباشر أو في غيرها.
وإذا كانت فرضية الصراع الداخلي واردة، خصوصاً وقد أشار المدعي العام الفرنسي إلى تصفية الحسابات الداخلية، مستدلاًّ على جانب فني " بدليل أن السيدات الثلاث فتحن الباب الذي يُغلق من الداخل بشيفرة سرّية"، وهذا الدليل ذاته، وربما لدفع الشبهة، اعتمد عليه رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، حيث بادر لاتهام جهات كردية متطرفة بتخريب المفاوضات بين أنقرة وزعيم حزب الـPKK عبدالله أوجلان، علماً بأن الحكومة التركية ناقشت إجراء بعض التعديلات الدستورية المتعلقة بقانون العقوبات والارهاب، وحصرت تهمة " الارهابي" على كل من يحمل السلاح وينتمي إلى حزب إرهابي ويستخدم العنف، ومثل هذا التعريف من شأنه التخفيف عن ملاحقة أعضاء حزب الـ PKK، فضلاً عن إطلاق سراح المئات منهم، وهو الأمر الذي لا يستبعد أيضاً وجود قوى معارضة من داخل الحكومة أو من خارجها لتعطيل ومنع الوصول إلى أي نوع من الاتفاق بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني.
ويعود بنا هذا الاغتيال بالذاكرة إلى 13 تموز (يوليو) 1989 يوم اغتيل الزعيم الكردي الإيراني الدكتور عبد الرحمن قاسملو وزميله الكردي العراقي فاضل رسول الذي كان يتوسط لإتمام اللقاء بينه وبين قياديين إيرانيين، في شقة في فيينا، وإذا بكاتم الصوت يصل إليهما قبل التئام الاجتماع المرتقب، ليضع حدّاً لأية توجّهات إزاء فتح صفحة جديدة سلمية بين الحركة الكردية الإيرانية وحكومة الجمهورية الإسلامية، وإلى حينه لم تنجلِ ضبابية هذا الاغتيال السياسي الغادر، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستتمكن السلطات الفرنسية من كشف ما عجزت عنه السلطات النمساوية قبل ذلك؟!.
لقد بدأت المفاوضات التي كان لمحمد أوجلان شقيق الزعيم الكردي، دوراً تمهيدياً فيها، وذلك عندما أفرزت الحكومة حاقان فيدان رئيس الاستخبارات التركية الذي كلّف اللقاء بأوجلان شخصياً في محبسه في جزيرة إيمرلي التي يقبع فيها الزعيم الكردي الذي حكم بالاعدام، ثم تم تخفيض حكمه إلى المؤبد. وكانت الحكومة التركية قد افترضت أن أية مفاوضات لا تحظى بموافقة وتأييد أوجلان رئيس الحزب قد لا تؤدي إلى النتيجة المرجوّة، لذلك حرصت على لقائه والتفاهم معه، خصوصاً وقد أبدى أوجلان شخصياً تحفظاً إزاء العمليات العسكرية، بل واستعداداً للتوصل إلى حل سلمي للمسألة الكردية، لا سيما الاعتراف بالحقوق القومية والثقافية للكرد.
ولعلّ مثل هذا الافتراض الذي ذهبت إليه الحكومة التركية له أبعاده السياسية التكتيكية والاستراتيجية، فعلى الرغم من نحو عقد ونصف من الزمان أمضاه أوجلان في المحبس التركي، معزولاً ومنفياً بعد اختطافه من جانب أجهزة استخباراتية دولية في كينيا العام 1999، ومحاولة الدولة التركية تفتيت الحركة الكردية بشتى الأساليب العسكرية والسياسية وغيرها، فما زال الحراك الكردي، وخصوصاً لحزب العمال الكردستاني هو الأقوى والأكثر تأثيراً في الميدان، ولهذا فإن أي اتفاق من جانب الدولة التركية بدون أوجلان وحزبه لن يكتسب شرعية وديمومة، وهو ما تدركه الدولة التركية، وتعمل على تحقيقه لأغراض ستراتيجية وتكتيكية، داخلية وإقليمية، لأنه في خضم الصراع الاقليمي الدائر من حولها، وهي طرف أساس فيه، يصبح الاستقرار التركي الداخلي أولوية لا غنى عنها، خصوصاً وإن أي اتفاق تركي حكومي – كردي سيحظى بدعم كردي تركي شعبي، إضافة إلى تأييد كردي قومي.
ولهذه الأسباب تسعى تركيا إلى تحييد حزب العمال الكردستاني، لضمان أمنها الوطني من جهة، وللتفرّغ لمشروعها الخارجي من غير تهديد داخلي من جهة أخرى، مع وعود بمنح الكرد بعض الحقوق التي لا تلبي مطامحهم ولا تستجيب لتطلعاتهم، خصوصاً وأن تركيا الرسمية بما فيها حزب العدالة والتنمية، لم تتوصل بعد إلى قناعة مبدأية بضرورة تأمين الحقوق القومية والسياسية للكرد كشعب شريك في دولة متعددة الانتماءات ومتنوّعة القوميات .
ما الذي تريده الحكومة من حزب الـ PKK؟ وما الذي تريده الحركة الكردية وحزب الـ PKK من الحكومة؟
الحكومة تريد من الحزب إلقاء السلاح وإنهاء العمل العسكري مقابل تلبية بعض المطالب الثقافية والإدارية، التي لا ترتقي بحدّها الأدنى إلى الحقوق السياسية والقومية، خصوصاً بكيان مستقل أو شبه مستقل مثل الحكم الذاتي أو الفيدرالية. وتاريخياً تقف الحكومات التركية ضد مبدأ حق تقرير المصير، باستثناء بعض أحزاب اليسار، وتعتبر التيارات السياسية القومية بشكل عام، الكرد تركٌ سكنوا الجبال في جنوب تركيا، وتتنكر لوجود الأمة الكردية، لدرجة أن دستور العام 1984 يحجب على الكرد الحقوق الأساسية بما فيها اللغة وإحياء التراث والتنمية الثقافية، فضلاً عن حقوقهم السياسية والقومية، علماً بأن الكرد فعلياً يمثلون نحو 20 محافظة من مجموع 81 وفيها كثافة سكانية، إضافة إلى أن نحو من 4 ملايين كردي يعيشون في اسطنبول وحدها، ويبلغ عدد الأكراد الأتراك نحو 55% من كرد العالم حسب بعض الإحصاءات.
ويعتبر حزب العدالة والتنمية ومعه الأطراف السياسية بشكل عام إن قيام كيانية خاصة، سواء بالحكم الذاتي أو الاتحاد الفيدرالي، انتقاص من السيادة التركية، ووفقاً لهذا التوجّه من جانب القوى التركية إزاء الكرد فإن مواقفها تتراوح من عدم الاعتراف بوجود كردي، إلى اعتراف محدود بحقوق محدودة ومدجّنة، وبشكل عام فإن التعصب والاستعلاء إزاء الكرد يبقى قائماً وهو الذي يحول دون الاعتراف القانوني بحقوقهم والعمل على إيجاد حلول عملية لمشكلتهم القومية.
أما الحركة الكردية ولاسيما حزب الـ PKK، فإنه يطالب بالاعتراف بحقه في تقرير المصير في إطار دولة فيدرالية تركية على أساس المواطنة المتساوية، وذلك بإقامة إقليم كردي في تركيا الموحدة، على غرار بعض التجارب الفيدرالية، ومنها التجربة العراقية، فهل من المعقول أن تلبي حكومة اردوغان مثل هذه المطالب؟ أو أن استمرار التنكر لحقوق الكرد قد يؤدي إلى استحقاق أبعد يقود إلى تفكيك الدولة التركية ذاتها، علماً بأن حلم الكرد كما هو معلن في العراق وإيران وسوريا وتركيا إقامة كيان كردي موحد مثل حلم الأمة العربية بالوحدة العربية.!؟
وتعتبر الدولة التركية ودستورها، مثل هذه الأهداف والمطالب افتئاتاً عليها وانتقاصاً منها، خصوصاً وأن توجهاتها الأولى قامت على "التتريك" وعدم الاعتراف بوجود قوميات أخرى في تركيا، في محاولة لصهر أو تذويب الانتماءات الإثنية والسلالية واللغوية والثقافية، حتى وإن كانت من أصول كردية أو عربية أو غيرها، وهو الأمر الذي دفع الحكام إلى ممارسة شكل من أشكال الاضطهاد ضد "التنوّع" الثقافي، مثلما قاد إلى انعدام الثقة التاريخي بين المجموعات الثقافية والحكومات التركية المتعاقبة، سواء كانت قومية أو ليبرالية أو إسلامية، وهو الأمر الذي عانى منه الكرد في العراق وإيران وسوريا.
وفي ظل مثل هذا التفاوت في الرؤى والمواقف للأطراف المتفاوضة، فإن حظوظ النجاح باتت ضئيلة، وإن الأمل في استكمال أيمرلي، في ظل اغتيال القياديات الكرديات الثلاث أصبح بعيداً ، خصوصاً في الظروف الحسّاسة والأوضاع الدقيقة التي تمرّ بها تركيا والمنطقة .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير والمأزق الحضاري
- سايكس بيكو -الثانية- أو ما بعد الكولونيالية !
- المفاضلة بين -ضحيتين-!
- المظاهرات حق مشروع والمطالب مشروعة وعادلة
- - الأخوة الأعداء - في العراق!
- ماذا يريد المتعصبون والمتطرفون من المسيحيين؟
- كردستان: العنف بضدّه
- فيتو النفط
- في نقد الموقف اليساري من القضية الفلسطينية
- أكاديميون وبرلمانيون
- نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”
- الدستور العراقي الحالي حمّل أوجه وألغام
- اختبار جديد للحرب الباردة
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع


المزيد.....




- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 110 آلاف فلسطيني من رفح وسط انخف ...
- كشف انتهاكات وتعذيب معتقلين فلسطينيين بمركز اعتقال سري بالنق ...
- -الأونروا-: نحو 110 آلاف شخص فروا من رفح نتيجة القصف الإسرائ ...
- اليونيسف تتوقع نفاد المخزونات الغذائية جنوب غزة خلال أيام
- الخارجية الفلسطينية: دولتنا تستوفي شروط قبول عضوية الدول في ...
- الأمم المتحدة تعلن عن -مستويات طوارئ غير مسبوقة- في غزة
- إسرائيليون يشعلون النار في محيط مجمع الأمم المتحدة بالقدس
- -الأونروا- تقدر عدد الأشخاص الذين فروا من رفح منذ صدور أمر ا ...
- عاجل.. سي إن إن: انتهاكات وتعذيب لمعتقلين فلسطينيين على يد ج ...
- شاهد..إضرام متطرفين إسرائيليين النار بمحيط الأونروا


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبد الحسين شعبان - عملية إيمرلي!