أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - سحل مواطن ونطاعة سلطة وهموم نائب عام














المزيد.....

سحل مواطن ونطاعة سلطة وهموم نائب عام


هانى جرجس عياد

الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 13:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فى المشهد جريمة متكاملة الأركان يرتكبها رجال شرطة بملابسهم الميرى حين يتكالبون على «مواطن»، يعرونه، يضربونه، يسحلونه، فتسارع وزارة الداخلية بالاعتذار، والإعلان عن إحالة ملف الجريمة (أو الواقعة كما تسميها الداخلية) إلى التحقيق.
ساعات قليلة ويطل علينا المواطن المجنى عليه مؤكدا أن المتظاهرين، وليس رجال الداخلية هم الذين عروه وسحلوه، ثم تتصل زوجة المواطن بقناة (أون تى فى) لتؤكد أن الشرطة ناس محترمين وأن زوجها بخير وإصاباته طفيفة، بينما ابنة المواطن تفضح على الهواء مباشرة تعرض أبيها لضغوط من الداخلية، وتستنكر خوفه ورضوخه للتهديد، وتناشده «قول الحقيقة يابا ومتخفش، الناس كلها معانا يابا»، ثم تتفاعل المصادفات وتتلاحق، لتكتشف المذيعة اللامعة منى الشاذلى أن زوجة المواطن اتصلت بقناة (أون تى فى) لتبرئة المجرمين من تليفون أحد ضباط العلاقات العامة بوزارة الداخلية، ولعل هذا دليل أخر على أن رجال الشرطة «ناس محترمين».
وكذلك تتحول الجريمة إلى جريمتين، الأولى هى تعرية وضرب وسحل مواطن، والثانية هى الضغط على مواطن لتغيير أقواله لإدانة برئ وتبرئة مجرم، وكلاهما مسجل بالصوت والصورة ومنتشر فى أركان عالم الانترنت الواسع.
فى خلفية المشهد وعلى هامش الجريمتين، يطل علينا المتحدث الرسمى باسم حزب الحرية والعدالة ليتحفنا بما يسميه «الجانب الإيجابى» فى جريمة سحل «مواطن» وهو اعتذار وزارة الداخلية لأول مرة وذلك بفضل وجود «الرئيس» محمد مرسى فى السلطة، دون أن يعرف أحد لماذا يتحمل محمد مرسى فضل «الجانب الإيجابى» فى الجريمة، دون أن يتحمل وزر الجريمة ذاتها؟ ثم تكتمل مقومات النطاعة عندما تلحس وزارة الداخلية اعتذارها وتتراجع عن إحالة «الواقعة» إلى التحقيق، وتعلن أن المتظاهرين هم من عرى المواطن وسحله فى الشارع، رغم أن «الواقعة» مسجلة بالصوت والصورة وفيها جريمة وزارة. فإن لم تكن تلك النطاعة هى بعض تجليات العصابات إذا حكمت، فماذا تكون؟
بين المشهد المروع بما يتضمنه من جريمتين كاملتى الأركان، وخلفيته بما فيها من نطاعة غير مسبوقة، يواصل النائب العام جهوده الحثيثة من أجل «تظبيط» جريمة على مقاس أعضاء «بلاك بلوك»، فيصدر أمر ضبط وإحضار البلاك بلوك، هكذا دون أى تحديد، رغم أن قانون الإجراءات الجنائية يشترط فى أمر الضبط والإحضار أن يتضمن اسم المطلوب ضبطه وإحضاره كاملا، وعمله وعنوان سكنه وعنوان عمله إن وجد، لكن النائب العام لا يكتفى بهذه المخالفة الصارخة للقانون بل يمنح المواطنين جميعا صفة الضبطية القضائية ويناشدهم إلقاء القبض على كل من يشتبه فى انتمائهم لجماعة البلاك بلوك.
يمضى النائب العام جُل نهاره وليله باحثا عن تهمة يلصقها بجماعة موهومة، بينما يغض البصر عن جماعة الإخوان الحاضرة بقوة فى المشهد بكل ما حولها وبشأنها من جرائم مكتملة الأركان، فيتجاوز عن حقيقة أن وجود الجماعة الخارجة عن القانون هو فى ذاته هو جريمة، ثم يحتفظ فى أدراج مكتبه بملف التحقيق مع حارس خيرت الشاطر نائب مرشد الجماعة، وبملف التحقيق فى الجرائم التى ارتكبتها مليشيات الجماعة أمام قصر الاتحادية، والراجح أنه سيحتفظ أيضا بملف التحقيق فى جريمة رجال الداخلية الأشاوس بتعرية وضرب وسحل مواطن، وجريمة الضغط عليه وعلى زوجته لتبرئة المجرمين، حيث أنه مشغول جدا فى مطاردة البلاك بلوك وغير مقتنع أنهم لا يتلقون تمويلا من أحد.
هكذا تتجمع أمامنا المفردات، جريمتان متكاملتان فى المشهد، نطاعة سلطة حاكمة فى خلفية الشهد، وبين المشهد وخلفيته نائب عام يحتفظ فى درج مكتبه بملفات قضايا تدين الجماعة، ويبذل الجهد فى ملاحقة قضايا وهمية، أقول تتجمع المفردات فتكتمل ملامح صورة من يحكم مصر الآن ومن يدير شئونها، والصورة تستدعى العودة إلى الوراء قليلا لنتذكر أنه فى عهد جنرال مبارك (حسين طنطاوى) عرى رجاله امرأة، وفى عهد رديف مبارك (محمد مرسى) عرى رجاله رجلا، زرع مبارك البذرة فراحت تثمر بعد رحيله طغاة يتناوبون على حكم مصر، مرة بالتكليف وأخرى بالتوريث فى معناه الواسع (أنا أو الفوضى) فشل مشروع توريث جمال مبارك، لكن مخطط توريث الفوضى نجح بامتياز. لا تتوقفوا كثيرا عند اسماء المجنى عليهم، رجالا كانوا او نساء، يكفى أن الضحية هو مواطن، فالمواطن (رجلا كان أو امرأة) هو رمز البلد وشرفها، وليس رئيس الدولة، الذى هو مجرد موظف عند الشعب، حتى وإن كان «موظف رفيع المستوى»، إهانة مواطن وتعريته (تعريتها) هى إهانة لمصر وللمصريين جميعا. والمصريون مازالوا يتعرضون للإهانة والتجويع، والحكام يرون فى الجريمة «جانب إيجابى»، قبل أن يعودوا لينكرونها، وحماة القانون مشغولون عن محاسبة الجناة بالجرى وراء قضايا وهمية. وبعضنا لم يزل يحدثك عن حوار وطنى وشروط ضرورية، ويدعو بأدب جم (لا يليق بالثورات) إلى «نبذ العنف» متغاضيا عن جرائم سلطة.
لقد خرج الناس فى 25 يناير 2011 يهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام» ويطالبون «عيش حرية كرامة إنسانية»، لكن النظام مازال قائما لم يسقط، حتى وإن كانت بعض الوجوه قد تغيرت (بعضها لم يزل موجودا وبقوة)، فلطالما غير مبارك من وجوه، ومازال الناس يعانون من التجويع ويفتقدون الحرية ويتعرضون لإهدار كرامتهم الإنسانية فى الشوارع، وبما يعنى أنه من حق الناس أن تعود إلى الشوارع والميادين من جديد (وقد عادت بالفعل) رافعة نفس الشعار «الشعب يريد إسقاط النظام» وذات المطالبها «عيش حرية كرامة إنسانية»، ومثلما كان الحوار مع عمر سليمان هو بعينه طريق وئد الثورة والتنكيل بالشعب، فالحوار مع مرسى يؤدى بالضرورة إلى النتيجة ذاتها. الصورة التى تعكسها مفردات سحل مواطن ونطاعة سلطة وهموم نائب عام، لا تشى بغير ذلك، ومن لا يريد أن يرى الشمس عليه أن يتحمل نتيجة ما أصابه من عمى.
لا بديل عن إسقاط سلطة أهانت المصريين، ومحاكمة كل رموزها، الظاهرين أمامنا فى قصر الاتحادية أو المتخفين هناك فى جبل المقطم. الشعب هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، ومن يجرؤ على إهانة مواطن، مكانه الصحيح فى السجن وليس قصر الحكم.



#هانى_جرجس_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وثيقة الأزهر بين «عنف» ثورة وجريمة نظام
- عن العنف والحوار والإنقاذ
- المسكوت عنه فى مسار الثورة... جبهة «إنقاذ» من؟
- المسكوت عنه فى مسار الثورة... مقدمة فى نقد الذات
- خيوط المؤامرة: أين تبدأ وأين تنتهى؟
- ضع القلم!!
- بين سفاح دمشق وطاغية القاهرة: طريق واحد ونهاية واحدة
- «أرحل»... كشف حساب الرئيس الإخوانى
- هل تستطيع الجماعة حكم مصر؟
- حاكموا الرئيس
- دماء غزة والموقف المصرى المطلوب
- عصام العريان داعية ضد جماعته وحزبه ورئيسه
- الرئيس يناشد الفاسدين ويهددهم بثورة جديدة!!
- وطن جريح بين نادية حافظ وياسر على
- دستور 2012.. قراءة أولية فى مسودة أولى
- بؤس المثقف وثقافة البؤس.. د. رفيق حبيب نموذجا
- بديع يتكلم...!
- حكم الإخوان.. بين قرض الصندوق ومشروع الفنكوش
- ... ومازال الإخوانى عصام العريان يتجلى!!
- «الشريعة».. أزمة مجتمع أم أزمة إسلاميين؟


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هانى جرجس عياد - سحل مواطن ونطاعة سلطة وهموم نائب عام