|
الحمار والثور والسياسة العراقية
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 3980 - 2013 / 1 / 22 - 13:55
المحور:
كتابات ساخرة
في كتاب (قراءتي) للصف الثالث الابتدائي قصة مفادها : ان هناك فلاحاً كان يمتلك حماراً وثور ، وكان الفلاح هذا لا يتعب الحمار ، لان الحمار حظه (كاعد) كما يبدو بينما يتعب الثور في الحقل تعباً شديداً الى درجة الاعياء . فضاق الثور ذرعاً بهذا الوضع المزري وكاد ان يخرج بمظاهرة كبيرة يحتج فيها على النظام القائم وسياسته التعسفية ، لان الثور يؤمن بالتعبير عن الرأي ولا يؤمن بالعنف ، طالما ان الدساتير قد كفلت التظاهر السلمي ، لكنه مع ذلك ثور (حيوان) واذا ما ارتكب افعالاً فلا يحاسب عليها . الثور كان يؤمن بالحوار ، وان من استشار الرجال شاركهم في عقولهم ، بحسب تعبير احد الفلاسفة ، فجأة الى الحمار ليسدي له النصيحة وينقذه مما هو فيه من وضع مأساوي ، مع نقص في الخدمات وفساد اداري ومالي وحكومة (فلاح) ليست بعادلة لم يجن منها الثور ولا الحمار الا التعب والنصب (وشلعان الكلب) . الحمار هنا – كما يظهر من القصة – كان ذكياً وصاحب رأي صائب ، او قل انه سياسي محنك ولا يشمله الربيع العربي ولا الخريف الهندي او الشتاء السوفيتي . ذكاء الحمار هذا قد اشار اليه نيتشة ، وشاطره بالرأي الجاحظ في كتابه (الحيوان) وشرح ذلك مفصلاً الدميري . المهم ان الحمار – كما في القصة – قال للثور تمارض لعل صاحبنا الفلاح يعفيك من العمل ، او اضعف الايمان ان يعطيك اجازة اسبوعاً او اكثر . والثور المسكين اخذ بهذه النصيحة وطبقها تطبيق ساسة العراق للدستور الحالي . وضع الفلاح له الطعام ثم تركه وغادر ، وعندما اتاه في الصباح الباكر وجد الطعام (العلف) كما هو ، اذ لم يتناوله الثور ، فنظر في محياه فاذا محياه متجهم والكآبة ظاهر على وجهه . فايقن بان الثور مريض وحتى لا يموت ويصبح جيفة نتنة ، قرر ان يذبحه حتى يستفيد من لحمه . والثور حينما وصل اليه الخبر من خلال بعض وسائل الاعلام ، انتفض وقام واقفاً بالحال وصار اكثر نشاطاً من ذي قبل ، واستأنف عمله . ونستشف من هذه القصة ثلاثة نقاط مهمة : اولاً ان الثور بليداً او ساذجاً ، بدليل انه قد صدق كلام السياسيين قبل الانتخابات . وثانياً : ان الحمار ذكياً وفطناً ، وكيف انه يستطيع ان ينصب على ابناء جلدته ، بحكم خبرة متراكمة لسنوات عدة ، منذ سقوط الجرذ من الحكم حينما قبض عليه وهو في حفرته . وثالثاً ان الشعب العراقي المسكين من فرط طبيته صدق كلام كل من هب ودب من ساسة اخر (وكت) ، اقتداء بالثور الذي اخذ نصيحة الحمار معتبره صديقاً حنوناً ولا يخون امانة الاستشارة ، لكن الحمار ظهر من انه خائن من الدرجة الاولى . dawoodalkaby الشعب العراقي المسكين قد وقع عليه من الحيف والظلم كما وقع على هذا الثور ، ولا زال الشعب يلاقي ظلماً بعد ظلم من هؤلاء الساسة حيث لا خدمات ولا استقرار امني ولا سياسي ، وهم متنعمون على اربعة وعشرين قيراط . فالشعب لو لم يؤخذ بنصيحة من نصحه ، ما كان الذي كان .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نوال السعداوي مثال للمرأة العلمانية المتحررة
-
الافعال الناقصة
-
يابسة على تمن
-
اكراماً للسلاطين
-
الشعب: اضحك كرر ... اوعى تفكر
-
البطاقة التموينية : الجانت عايزة التمت
-
اطار ابو الريحة والعملية السياسية
-
حينما اكلت حماراً بحاله
-
هي وكرّتها ب14
-
عذر ملوح
-
عراقي يقترن اسمه بالسماء
-
يا اميو العالم اتحدوا
-
استيراد قضاة
-
سولفها عالكرطة
-
محمد والسحر
-
مي بارد بربع
-
ديلاب الهوا يغلب الطيارة
-
انا استاذ ارسطو
-
بوهان العماري
-
سوادي ابو الدمام
المزيد.....
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|