أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العراق: التيار الصدري بين مآلَين!















المزيد.....

العراق: التيار الصدري بين مآلَين!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3946 - 2012 / 12 / 19 - 23:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تطورات داخلية وأحداث متلاحقة وضعت التيار الصدري في بؤرة التحليلات والمتابعة السياسية أخيراً، وفتحت، في الوقت ذاته، باب القراءات النظرية الاستشرافية للمآلات الممكنة التي يتجه نحوها هذا التيار السياسي الإسلامي ذو القواعد الجماهيرية المعروفة بانحداراتها الطبقية الفقيرة والمعدمة من جهة، وببنيته الفكرية الدينية الطائفية المحافظة من أخرى.
يذهب بعض المراقبين والمحللين إلى أنّ التصنيف الطبقي لجماهير وقواعد التيار ومواقفه وممارساته المقاومة للاحتلال والتصريحات النقدية المعدودة لزعيم التيار مقتدى الصدر وخصوصاً منها تلك الرافضة لمشاركة رجال الدين في العمل السياسي، والتي لم يجرِ التأكيد عليها أو الاعتداد بها كثيرا، تدفع المراقب إلى أنْ يتوقع مآلاً إيجابياً مقارباً بقوة لتجربة بناءة وتقدمية على غرار تجربة لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية. على العكس من هؤلاء المتفائلين يعتقد آخرون أنّ مواقف وأحداث وتصريحات كثيرة لقيادات التيار وأعضاء معروفين في كتلته النيابية تعطي دفعاً متزايداً باستمرار لتوقع مآل معاكس تماماً لما سبق، بما يجعل التيار شبيها بأية حركة تكفيرية فاشية، ومعادية للديموقراطية والمساواة.
يسرد حَمَلَةُ الرأيِّ المتشائمِ الأخير العديدَ من المواقف والممارسات المعاكسة، التي حدثت خلال الأشهر الأخيرة ومنها: قيام وفد من التيار بزعامة النائب بهاء الأعرجي بزيارة السيد حسين إسماعيل الصدر الذي كان معروفاً بعلاقاته الحميمة بالحاكم الأميركي للعراق بول بريمر، و سبق لزعيم التيار، السيد مقتدى الصدر، أنْ انتقده و تبرأ من علاقاته تلك. ومعروف أنّ السيد حسين الصدر ظل على علاقة وثيقة بأصدقاء و حلفاء بريمر ومنهم المستشار السابق للرئيس جلال الطالباني، فخري كريم، الذي زاره قبل زيارة وفد التيار فترة قصيرة.
وعلى هذا المناط، يمكن أيضا، تسجيل المواقف والتصريحات التي أدلى بها عدد من نواب التيار كعدي عواد المؤيدة لخصخصة شركة الكهرباء الوطنية وبيعها للشركات الأجنبية "الغربية تحديدا". وتسجيل تأييد ممثل التيار في اللجنة المالية النيابية عبد الأمير المياحي للإبقاء على نسبة 17% من الموازنة العراقية للمحافظات الكردية الثلاث، والتي تعادل، كما قال القاضي و الوزير السابق وائل عبد اللطيف، حصة عشر محافظات عراقية، رغم أنّ نواباً أكراداً أبدوا استعدادهم للقبول بتخفيض النسبة الى 13% دون استقطاعات اتحادية. ولا تغيب عن البال الحملة التحريمية الدينية التي عرفت بحملة "اللاءات الأربع" التي أطلقها القيادي الصدري حازم الأعرجي حين راح هو ومجموعة من أنصاره يحطمون بضائع بعض المحلات الصغيرة و الباعة الجواليين في الكاظمية من أشرطة مسجلة وأقراص مدمجة "سيديات" وصور وهاجموا محلات لبيع الخمور ولعب القمار ومنع النساء السافرات من دخول المدينة و غير ذلك مما يدخل في نطاق الحريات الفردية. وللإنصاف، فإنّ هذه الممارسات التحريمية ليست حكرا على الأعرجي من التيار الصدري، بل اعتاد القيام بها بعض قادة ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة كمحافظ بغداد ورئيس مجلسها المحلي. أما تصريحات القيادي في التيار بهاء الأعرجي لإحدى القنوات التلفزيونية المحلية من أنه باع بيتاً يملكه بمبلغ 10 ملايين دولار واشترى آخر بخمسة ملايين، وأن المسبحة التي يحملها بيده هي من النوع النادر ويصل سعرها الى 36 ألف دولار، فهي تعطينا فكرة لا تخلو من الدلالات عن التركيبة الداخلية المتنوعة لقيادات التيار وكوادره الوسيطة مثلما تفصل فصلا واضحا بين قواعد التيار المعدمة من جهة وبعض رموزه وقياديه الآخذين بالتكاثر و"التضخم"!
ستبقى هذه المؤشرات نافعة، وإنْ بشكل محدود، لاستشراف المآل المتوقع للتيار على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، ولكنها لن تكون في مستوى مؤشر خطير آخر يمت بصلة، لقواعد ومحازبي التيار وليس لقياداته، ونقصد التظاهرات الصاخبة التي انطلقت قبل أيام في أحياء شعبية تعتبر معاقل للتيار في بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية و رفعت فيها شعارات معادية لرئيس الوزراء نوري المالكي ردا على تصريح له اعتبر فيه انتقادات مقتدى الصدر له، متناقضة و وصفها بأنها عديمة القيمة لأنَّ صاحبها سرعان ما يصرح بعكسها دائما.
على الصعيد التحليلي، يكتسي حدث التظاهرة أهمية خاصة: فمناسبتها كانت سياسية عامة ولكنها بدت وكأنها تتعلق بشأن شخصي، أي بما اعتُبِر إساءة شخصية لزعيم التيار وآل الصدر من قبل المالكي. وربما دخل التصنيف التقليدي في الموضوع على اعتبار أن المالكي من العوام "الشيعة العاديين"، وليس من السادة "المنتسبين الى السلالة النبوية" كالصدر. ورغم أنَّ ما قاله رئيس الحكومة لا يمكن اعتباره سُبَّة أو تجاوزاً لفظياً غير لائق، بل هو توصيف يمكن اعتباره محايداً أو في الحد الأدنى غير متشنج، ولكنّ رد الفعل للمتظاهرين الصدريين كان قاسيا وعدوانيا. فقد أحرقت صور المالكي خلالها، ورفعت له صور أخرى يظهر فيها كمصاص للدماء، و شُبِّهَ في غيرها بالرئيس المعدوم – بتوقيع المالكي ذاته - صدام حسين، كما رفعت شعارات وقيلت تصريحات فئوية منها "دماء عائلة الصدر هي التي طهرت العراق من الدكتاتورية" و " لا لتجويع العراقيين" إضافة إلى تحذيرات من تكرار ما وصفوه باعتداء والتجاوزات على "السيد القائد" أو على " رمز من رموز العراق بعامة والشيعة بخاصة " على حد تعبير أحد قادة تظاهرة البصرة.
لقد نأت قيادة التيار الصدري الرسمية بنفسها عن هذه التظاهرات جزئياً و شكلياً، وقالت إنها ليست الجهة المنظمة لها و حاولت تفسيرها كردة فعل على تصريح رئيس الحكومة وبررت ضخامتها بـ" شعبية الصدر وكثرة محبيه". بغض النظر عن الكثير مما قيل سياسيا وما سيقال حول هذا الحدث كالرد على الصدريين بأن أغلب وزراء الخدمات هم من تيارهم، وبأن مطالباتهم بتوزيع جزء من عوائد النفط كنقود سائلة على العراقيين لا تخلو من الدوافع الانتخابية الحزبوية، ولكننا لو تمعنا في تفاصيله لما وجدنا شيئا آخر غير تظاهرة صاخبة لمحازبين في غاية التنظيم والقسوة والاستعداد للقيام بأعمال عنف ذات سمات فاشية شكلا ومختلفة عنها مضمونا. من المهم أنْ نسجل هنا أننا نستخدم مصطلح "الفاشية" بمعنى متحفظ للغاية بما يجعله أشبه بالمعنى المجازي لأسباب نظرية عديدة منها الاختلاف التام بين الواقع الاجتماعي الطبقي العراقي السائد اليوم وبين واقع إيطاليا وألمانيا الذي أنجب تلك الظاهرة في الثلاثينات من القرن الماضي، إضافة الى تحفظات أخرى على طبيعة المعالجة النظرية القديمة للظاهرة الفاشية نفسها مما لا مجال للتوسع فيه الآن. غير أنّ هذه التحفظات لا تنفي وجود ظواهر وحركات مجتمعية قد تفوق في دمويتها ورجعيتها السياسية نموذج الفاشية التقليدية رغم أنها لا علاقة لها بها من حيث الجوهر.
هناك تفسير آخر لما حدث، يرى أصحابه أنّ هذه التظاهرة وما تخللها من عنف إنما كانت محاولة من جناح الصقور في قيادة التيار الصدري و تحديدا بعض عناصره المتهمة بالتورط في العديد من التجاوزات خلال سنوات الاقتتال الطائفي ، 2006 وما بعدها، وهي ذاتها العناصر التي دأبت على مهاجمة حزب المالكي وكتلته النيابية في كل مناسبة لانتزاع التمثيل الشيعي منه، خصوصا بعد المواجهة المسلحة بين الجانبين فيما عرف بصولة الفرسان، ولهذا تحفظ عليها، وعلى تظاهرتها الجناح آخر وحاول النأي بالتيار عنها كمنظِّم ومخطِّط وقائد. يؤيد هذا التفسير رد فعل زعيم التيار الذي طالب أنصاره من إيران ( بأنْ يكونوا على خلق رفيع ويترفعوا في مظاهراتهم عن الشتم والسباب ورفع الصور المشينة).
وبمقدار ما يعكس عتاب الصدر لـ "محبيه وأنصاره وأنصار آل الصدر" نوعا من الشعور بالحرج السياسي والمجتمعي الذي تسبب به العنف اللفظي غير المسبوق الذي ساد التظاهرات فهو يعكس ويؤكد أيضا نوعاً من سيادة الروح الأسرية التي تشكل جزء عميقا وكابحا من البنية النفسية والفكرية للتيار الصدري، تخرج به عن السياق السياسي والاجتماعي المراد وتقربه من سياق تحزبي آخر يكرسه كتيار موالاة لبيت سياسي وديني في مواجهة بيوت سياسية أخرى كبيت الحكيم و البارزاني و النجيفي. إنَّ ظاهرة " البيوتات السياسية" ليست جديدة في التاريخ السياسي العراقي وترجع بداياتها إلى العهد المالكي، ولكنها تعود اليوم وقد اتخذت اليوم زياً خاصاً وجديداً يتلائم وطابع الحكم الخاص الذي يقود ويبني دولة مشوهة تماما على أسس المحاصصة الطائفية ذات التعبيرات الأسرية.
بين هذين المآلين، المقاربين لظاهرتين متعاكسين مضموناً، هما ظاهرة "لاهوت التحرير" التقدمية الثورية في أميركا اللاتينية، و "الفاشية الطائفية" كما في نسختها اللبنانية، سيترجرج مستقبل التيار الصدري، ولكنه سيكون أيضا محكوماً بأمرين مهمين، من بين أمور عديدة، هما: تطورات الأحداث الاجتماعية والسياسية على الأرض في العراق، وإلى أين ستتجه أولا، و ثانياً، بالكيفية التي ستتحرك بها قيادة التيار الصدري ذاتها وتعالج بمقتضاها ما سيعترضها من أسئلة ومعضلات، منتجةً سرديتها و تجربتها الخاصتين وكيفية رد قواعد التيار على هذه القيادة. فهل سيتحرك التيار كتجمع قام على أساس الولاء العاطفي والطائفي الأسري، تقوده مجموعة من الكوادر المحافظين من محدثي النعمة والمستعدين للتحالف مع أيٍّ كان، حتى لو كان يمثل الشركات اللصوصية الأجنبية لتحقيق أهدافهم الخاصة، أم أنه سيتحرك ككيان سياسي إسلامي ديموقراطي ذي صبوات طبقية جريئة يقطع مع الولاء والتمثيل والاحتماء الطائفي والأسري ليتواصل مع جذوره وانحداراته الطبقية العراقية ليقترب، من ثمَّ، حتى درجة التحالف مع قوى اليسار الثورية بما يغنيه ويجعله يتفادى مواجهة المآل المأساوي الآخر الذي سيخرجه من الميدان والتاريخ كما تؤكد تجارب مماثلة في بلدان أخرى.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!
- التحالف «الشيعي الكردي» ليس كذبة بل سبب البلاء!
- على مَن يضحك السفيرالأميركي بيكروف ؟
- إطلاق سراح أوجلان..إطلاق سراح أمتين!
- السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2 ...
- قضية الهاشمي: شهادة ليست للقضاء العراقي!
- احتمالات انهيار السدود التركية بسبب الزلازل
- توظيف العامل -الديني- في قضايا المياه
- كافكا الآخر.. رصد الاغتراب الروحي /ج2
- كافكا الآخر : رصد الاغتراب الروحي
- التيّاران اليساريّ والقوميّ بين الفشل وقصور الأداء
- شط العرب اليوم : إنها الكارثة!
- فرانز كافكا بعيون عربية
- شط العرب في معاهدة أرضروم وما بعدها
- شط العرب بعد قرن من الأطماع الإيرانية
- نصف قرن من التجاوزات المائية الإيرانية
- التجاوزات العدوانية الإيرانية على أنهار العراق/ توثيق أولي
- سوريا: الدم المسفوك لا يحتمل مزايدات الساسة!
- زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!
- ربيع الأكراد والخلط بين الصهر القومي والاندماج المجتمعي


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العراق: التيار الصدري بين مآلَين!