أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - شط العرب اليوم : إنها الكارثة!















المزيد.....

شط العرب اليوم : إنها الكارثة!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 04:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا أردنا أن نأخذ فكرة عن مياه شط العرب، وكيف كانت حالته الهيدرولوكية، في الثمانينات من القرن الماضي، فقد دلت الاحصاءات المائية لسنة 1977 ـ 1987 ، التي تشمل جميع المحطات المائية الواقعة على شط العرب ( أنَّ حوالي 57,5 % من مياه شط العرب في منطقة القرنة تأتي من نهر دجلة، و 42,5% تأتي من نهر الفرات. غير أنَّ الأهم من ذلك هو أن المياه القادمة من الأراضي العراقية، دجلة والفرات تشكل ما نسبته 73 % من مياه شط العرب في تلك المنطقة أما ما يتبقى من النسبة، وهو 27 %، فيأتي من نهر القارون. وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن إعطاء الأولوية للجانب العراقي، في التصرف بالملاحة في شط العرب بدرجة أكبر من الجانب الايراني) وفق ما سجلته الباحثة سميرة جواد صيهود. ومع إغلاق إيران لنهر القارون، وتحويل مياهه إلى الداخل الإيراني، تكون إيران قد فقدت أي حق لها للمطالبة بجزء وإنْ كان يسيراً من شط العرب.
لقد ساء الواقع الحياتي في منطقة شط العرب كثيرا، حتى وصلت درجة كارثية دفعت بجهات عراقية محلية إلى المطالبة بإعلان المنطقة منطق منكوبة. فقبل بضعة أشهر( أرسلت بعض المجالس البلدية في قرى قضاء الفاو - 90 كلم عن مركز محافظة البصرة - إشارات الخطر الأولى، وأعلنت عن ارتفاع نسبة الملوحة في أنهار القضاء التي تصب في شط العرب نتيجة انخفاض منسوب المياه، وحذرت من تأثر الزراعة، ونفوق الماشية جراء شربها المياه المالحة. لكنَّ "اللسان الملحي" امتد أخيرا ليصل حتى إلى منطقة العشّار قرب مركز محافظة)كما يقول سمير الوزان.
وكان مدير زراعة البصرة عامر سلمان، قد صرّح أنَّ دائرته على وشك إعلان البصرة "منطقة منكوبة" في مجال المياه لأنَّ "نسب الملوحة بلغت وضعا يجعل من المدينة غير قادرة على زراعة أية محاصيل، أو تربية أي نوع من الحيوانات"، سيّما في مناطق الفاو والسيبة و أبي الخصيب جنوب شرق البصرة، حيث طغت مياه البحر المالحة على قناة شط العرب بسبب انخفاض مستوى المياه فيها.
لم تكن الأسباب مجهولة أو غامضة، بل قالت مصادر مسؤولة في مجلس المحافظة صراحة، إنَّ السبب في ما يحدث هو ( انخفاض منسوب المياه في دجلة والفرات بسبب سياسات تركيا وسوريا المائية وعدم توفير حصة العراق المائية المتفق عليها). وأضافت تلك المصادر ( أن تحويل الإيرانيين لمجرى نهري القارون والكرخة اللذين يصبان في شط العرب إلى داخل الأراضي الإيرانية ساهم هو الآخر في تفاقم الأزمة).
وكان من نتائج ارتفاع نسبة الملوحة في مياه الشط إتلاف بساتين النخيل في مناطق الفاو وأبي الخصيب، والقضاء على معظم مزارع الثروة السمكية. وشلَّ الحياة الاقتصادية لسكان المنطقة وفي الانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي. أما الحلول فقد جاءت ترقيعية، وهي من قبيل اقتراح طريقة لتحلية المياه وفق المعايير البحرية، وتسيير قوافل حوضيات مياه الشرب، وإطلاق الوعود بإنشاء العديد من محطات التحلية، وهي وعود تعود العراقيون على النظر إليها كمجرد وعود لا سبيل إلى الوفاء بها. واستمرت مئات العوائل بالهجرة من المنطقة نحو مركز المحافظة البصرة.
لمعرفة مستوى الملوحة في مياه شط العرب، يخبرنا أحد الباحثين (أنَّ مسؤولاً في محطة البراضعية لتنقية الماء التي تغذي مناطق سكنية واسعة من البصرة، قال إنَّ نسبة الملوحة وصلت إلى 6015 جزء من المليون (TDS) وهي نسبة خطرة وتنذر بكارثة حقيقية في مياه الشرب"، مشيرا إلى أن النسب السابقة كانت لا تتعدى 1000 جزء من المليون). علاوة على ما تقدم، فإن نسبة 70 % من المجاري الصحية وقنوات تصريف المياه الملوّثة في البصرة تصب في شط العرب. كما تقوم بعض المصانع الإيرانية برمي نفاياتها السامة في مياه الشط.
ويتوصل الباحث العراقي المتخصص د. حسن الجنابي، إلى نتيجة قاتمة مفادها ( لقد فقدت بيئة شط العرب إثر ذلك، خصائصها الساندة للحياة، وأهمها خصوبة التربة، وكذلك القدرة على تعويض وتجديد المخزون السمكي والأحياء المائية الأخرى...فإذا تلوثت المياه العذبة، أو تردت نوعيتها، أو أصبحت مالحة فإن المخزون السمكي المعتاد سوف ينضب وتنقرض الانواع المحلية المعتادة من الأحياء المائية، ولذلك يضطر الصيادون البصريون للبحث عن الصيد في أماكن أبعد لم يألفوا الاصطياد بها، وهذا يفسّر مأساتهم وحوادث اعتقالهم المتكررة من قِبَل دول الجوار...مع ذلك، فالمنطقة بحاجة إلى دراسة علمية وتفصيلية لتقييم مستويات التردي البيئي والزراعي للتعرف على مديات تراجع الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من الزراعة والصيد، واعتماد تلك الدراسة كأساس لإعادة تأهيل المنطقة وفق خطة متكاملة تهدف إلى مساعدة التجمعات البشرية في القرى والمدن على البقاء في أماكنهم وتجنب النزوح قبل فوات الآوان).
أما عن الحلول الجذرية التي كثُر الحديث عنها من قبل الجهات الرسمية والشعبية، فلعل من أكثرها إثارة للاهتمام مشروع تشييد جسر على شط العرب، فقد دعا عشرات الباحثين والمختصين العراقيين، خلال مؤتمر تخصصي حول ظاهرة شح المياه عقد سنة 2009 في البصرة، الحكومة العراقية إلى الإسراع بتنفيذ مشروع إنشاء سدٍّ على شط العرب لوقف تدفق مياه البحر المالحة في مجراه نحو الشمال.
أما الباحث حسن الجنابي فقد رفض فكرة تشييد سدٍّ على شط العرب من أساسها، واصفاً الفكرة بأنها( لا تخلو من براءة) وقد تكون مفردة "البراءة" بديلا مخففاً لمفردة "السذاجة"! ولكنه يضيف بأنها ( غير واقعية بل ومضرّة) معللا ذلك بعدم إمكانية إقامة سد لتخزين المياه كسد دوكان وغيره، لأنَّ شط العرب يقع في أرض سهلية منبسطة، ولكنه يضيف بأنَّ من الممكن إقامة سدة كسدة الهندية لغرض رفع مناسيب المياه لا غير. وحتى هذه السدة لن تكون ذات فائدة بسبب قلة أو انعدام الإيرادات المائية.ثم إنها ستشكل عائقا أمام الملاحة في الشط. وبدلا عن التعويل على إنشاء سد على شط العرب، يقترح الباحث التعويل على القانون الدولي، ومقاضاة الأطراف التي تلحق ضررا بالعراق ومواطنيه ملاحظاً أنَّ ( القانون الدولي للمياه لا ينظم علاقات الدول والحكومات فقط، بل يمكن لأي مواطن متضرر أو مجموعة مواطنين متضررين بسبب سوء إدارة الموارد المائية من قبل إحدى الدول المتشاطئة التقدم بشكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. وهناك أكثر من وسيلة بإمكان المواطنين المتضررين من خلالها تقديم شكاواهم، بعيدا عن القنوات الدبلوماسية الرسمية لتجنب إحراج الحكومة المرتبطة باتفاقية نافذة مع جيرانها). والواقع فإنَّ هذه الطريقة في مقاضاة الأطراف التي تلحق الضرر بالعراقيين، وهي دول مجاورة، سيكون مفيداً جداً ويمكن تثقيف الناس المتضررين في تلك المنطقة به كحلٍّ ممكن، ولمنظمات المجتمع هنا دور كبير تلعبه.
غير أنَّ هذه الفكرة، كما نعتقد، لا تشكل حلاً شاملاً وكاملاً، والجنابي نفسه يقرُّ بهذه الحقيقة حين يكتب ولكن يمكن النظر إليها بمنظار كونها ليست أسوأ من لا شيء!
وبالعودة لفكرة الشركة الإيطالية، لإنشاء سدٍّ على شط العرب للتخلص من تملح المياه، يبدو أنَّ شركة أخرى للاستشارات تدعى "ميد إنيرجيا"، تقدمت بمشروع مختلف يقوم على أنَّ ملوحة مياه شط العرب ليست ناجمة عن تدفق مياه البحر القادمة من الخليج، أو إغلاق إيران لنهر القارون، بل أن سبب المشكلة يعود لتصاريف المجاري التي يتم التخلص منها عبر الأنهار المتفرعة من شط العرب). وأن الشركة أوصت بتنفيذ مشاريع لمنع تصاريف شبكات المجاري مع مياه شط العرب إضافة إلى إنشاء سد عليه واقترحت للسد ثلاثة مواقع: الأول، عند مدخل شط العرب في قضاء الفاو. والثاني، قرب ميناء أبو فلوس في قضاء أبي الخصيب. والأخير، في منطقة كتيبان الواقعة شمال البصرة". علماً بأن المقترح الأول حسب أحد مهندسي الشركة هو الأفضل، لكنه يتطلب موافقة إيران. ولكن انتقادات كثيرة وجهت لهذه الدراسة ووصفتها بغير المقنعة وغير العلمية. وهناك جهات سياسية وحزبية رفضت هذه الدراسة وما شابهها من دراسات، وأصرَّت على بناء سد كبير على شط العرب. وقد علل مراقبون سياسيون و بعض ممثلي منظمات المجتمع المدني هذا الإصرار من قبل الحكوميين على بناء السد لجهة كونه فرصة للإثراء والاختلاسات والفساد المالي الذي ينخر جسد الدولة العراقية من أقصاها إلى أدناها. وفيما يستمر تقدم اللسان الملحي القادم من الخليج في شط العرب وتزحف الكثبان الرملية على الأراضي الزراعية البصرية النادرة يواصل المسؤولون الرسميون نقاشاتهم البيزنطية وسط أجواء استشراء الفساد المالي والإداري.
وإذا ما قارنا بين ما فعلته السلطات الإيرانية، منذ أن تنازل لها صدام حسين عن الضفة الشرقية من شط العرب، مع ما قامت به الحكومات العراقية منذ السبعينات إلى اليوم، سنصل إلى نتائج مخيبة بل وفضائحية فقد ( تمكنت إيران من إحياء الجانب الشرقي لشط العرب عبر استحداث ثلاث مدن، وهي مدينة خسرو وأباد وجزيرة نينو السياحية، إضافة إلى انشاء مناطق سياحية أخرى وملاعب كرة قدم وستة موانئ متوسطة، أي أنها حولت الشط إلى جزء مكمل لطلتها على الخليج. أما على الجانب العراقي فلم تنشأ حتى الآن أي مشاريع تجارية أو اقتصادية أو سياحية، وحتى سكان المنطقة هاجروا بعد ارتفاع الملوحة وموت البساتين )كما يكتب كاظم فنجان الحمامي ، أما الضفة العراقي المقابلة فقد أصبحت بفضل الإهمال والفساد الحكومي مكبا للنفايات بعد أنْ كانت أجمل شاطئ لأبهى نهر في الشرق.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرانز كافكا بعيون عربية
- شط العرب في معاهدة أرضروم وما بعدها
- شط العرب بعد قرن من الأطماع الإيرانية
- نصف قرن من التجاوزات المائية الإيرانية
- التجاوزات العدوانية الإيرانية على أنهار العراق/ توثيق أولي
- سوريا: الدم المسفوك لا يحتمل مزايدات الساسة!
- زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!
- ربيع الأكراد والخلط بين الصهر القومي والاندماج المجتمعي
- مَن يعرقل إكمال سد بخمة وإنقاذ دجلة ولماذا ؟
- الحدث السوري في ضوء التجربة العراقية: ضرورة الموقف المُرَكَّ ...
- مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟
- -الجزيرة- و-العربية- و-فن- احتقار عقل المشاهد!
- العراق بين إيران وتركيا.. منعطفات التاريخ وثوابت الجغرافيا
- الأسس العامة لميثاق شرف لإنقاذ الرافدين من الزوال / ج5من 5ج ...
- -لجنة العلوي- تحذر السعودية وتنتقد قمة القاهرة وتناشد أربكان ...
- وزارة الخارجية وقانون المجاري المائية الدولية : تقصير أم توا ...
- وقفة عند التصريح الأخير للحزب الشيوعي العراقي: وداوها بالتي ...
- لماذا ينبغي إلغاء -اتفاقية الإطار الإستراتيجي- بين العراق وأ ...
- قراءة في أوراق لجنة هادي العلوي للدفاع عن الرافدين
- مقومات قائمة انتخابية ديموقراطية ضد الطائفية والتبعية في الع ...


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - شط العرب اليوم : إنها الكارثة!