أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟















المزيد.....

مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3804 - 2012 / 7 / 30 - 09:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر مشروع إملاء وتحلية منخفض الثرثار، من أكبر مشاريع السيطرة والخزن المائي في العراق والشرق الأوسط، وربما العالم. فهذا المنخفض الأرضي الطبيعي، تصل طاقته التخزينية إلى 83 مليار متر مكعب، وهي كمية هائلة تقترب من إيرادات دجلة والفرات معا لمدة عام كامل. بدقة أكثر نقول: إنَّ مجموع كميات الخزين المائي للمنشآت العراقية على نهر دجلة، بما فيها منخفض الثرثار، تصل إلى أكثر من 114 مليار م3، وهذه الكمية، تشكل 237 % ، أي أكثر من الضعفين والثلث من معدل الإيراد السنوي لنهر دجلة فقط. أُنجز الناظم التابع لمنخفض الثرثار لتغذية البحيرة فيه سنة 1956، ولم تكن وظيفته حين إنشائه إروائية، بل كانت استيعابية وإنقاذية لبغداد من فيضانات دجلة العاتية. كذلك يمكن الاستفادة منه لسد حاجة نهر الفرات عند الحاجه، عن طريق ناظم التقسيم، أو المناوره في التشغيل، وإطلاق حاجة دجلة مقدم مدينة بغداد عن طريق ذراع "دجلة – الثرثار". و على الرغم من إنجاز المشروع بصفته التصريفية، ولكن مشكلة ملوحة المياه فيه، والتي كانت تصل 2500 قسم/ مليون، جعلت من غير الممكن الاستفادة منه كخزان مائي للأغراض الاقتصادية، وإنما فقط لأغراض استيعاب مياه الفيضانات. وقد وضع المهندسون العراقيون مشروعاً طموحاً لتحلية مياهه، بوشر بتطبيقه سنة 1978، على أمل أنْ ينتهي تنفيذ الخطة بعد اثني عشر عاما، أي سنة 1991 لتدوير مياه البحيرة زمنا، ثم توجيه نسبة من المياه المالحة إلى الفرات دون أن تؤثر على مياهه، ولكن الظروف التي مر بها العراق أوقفت المشروع أيضا.
لقد أدركت السلطات العراقية المختصة منذ السبعينات ضرورة ربط حوض دجلة الأدنى وروافده بحوض الفرات. ونحن نفضل هذه العبارة لوصف واقع الحال بدلا من عبارة " تحويل حوضي الفرات ودجلة (وروافده) إلى حوض واحد موحد"، لئلا يساء فهمها، وتحسب على مناط المطالبات التركية غير العلمية والغرضية باعتبار الحوضين حوضا واحدا. ومما يذكره الباحث فؤاد الأمير بهذا الخصوص من مبررات للعملية التي أسميناها ربط الحوضين، أنّ المياه الإروائية المسحوبة من الفرات للأغراض الزراعية سنة 1980 والبالغة (13.12كم3)، كانت تقارب المياه الإروائية المسحوبة من دجلة وروافده والبالغة (14.01كم3)، حيث أن هناك زراعة مكثفة على الفرات الأوسط والأدنى، رغم أنَّ المياه شحيحة. ويضيف، بأن هذا الوضع ظلَّ مستمرا حتى الآن، حيث لم ينفذ في تركيا وإلى الآن مشروع كبير على دجلة، هو سد "أليسو" ولهذا، كانت هناك وفرة "نسبية" في مياه دجلة يمكن توفيرها للفرات عند الضرورة، والحل منذ ذلك الوقت - ولحد الآن - هو عبر تحلية الثرثار. ولهذا، كان، ولا يزال، من المهم جداً تحلية مياه الثرثار. ومن جانبنا نضيف، أنَّ هذه الفرصة ستضيع، أو في الأقل ستكون أكثر صعوبة في التنفيذ، حين تنجز تركيا سدها العملاق أليسو، أو سواه على دجلة، إنْ تمكنت فعلا من تمويل تشييد السد وهزيمة الحركة الاحتجاجية العالمية ضده، وفي هذه الحال، ستنتهي فترة الوفرة المائية التي يمكن استخدامها في تحلية وتعبئة منخفض الثرثار وتصبح شيئا من الماضي.
إن مستويات الملوحة في مياه منخفض الثرثار، كانت تصل في السبعينات إلى حوالي 2500 قسم/ مليون، نصفها أملاح كبريتية، وثلثها تقريبا كلوريدات. وإنَّ مصدر 65% من هذه الملاح، هو تربة قاع، وجوانب المنخفض نفسه. وما تبقى ينجم عن عمليات التبخر والتسرب وغيرهما، وبهذا المعنى فهي مياه غير صالحة للاستهلاك البشري والحيواني ولا في الأغراض الاقتصادية الأخرى، إنما يمكن الاستفادة من المنخفض كخزان مائي عملاق لتصريف مياه الفيضانات.
لقد وضع المخطط الهندسي العراقي هدفا له، هو تحلية مياه المنخفض بالتدريج، وعبر خطة تدوير المياه باستمرار وبشكل محسوب، ليتحول المنخفض في النهاية إلى خزان للمياه العذبة سعته 19 مليار م3، وكانت السعة المطموح إليها، أو الممكنة، تصل إلى 37 مليار ونصف المليار م3 من المياه العذبة. وكانت خطة تحلية المياه قد نصت على أنْ تتم من خلال عملية تدوير المياه حيث تطلق كميات المياه الزائدة أو خلال الفيضانات من دجلة والفرات باتجاه الثرثار عبر قناة "الثرثار/الفرات" وسعتها (500)م3/الثانية، وعبر قناة "الثرثار/دجلة"، وسعتها (600)م3/الثانية. ومقابل هذه المياه التي تدخل المنخفض، تطلق المياه المالحة باتجاه الفرات، وبنسبة لا تتجاوز سدس المياه الجارية في النهر لئلا تؤثر على مياهه العذبة. لقد قدرت الخطةُ الفترةَ الزمنية اللازمة لإتمام عملية التحلية باثني عشر عاما، كان مقررا أن تنتهي في سنة 1991، كما أسلفنا ليتحول الثرثار من منخفض مائي مالح لاستيعاب مياه الفيضان إلى خزان ضخم جداً للماء العذب. وبهذا يتحرر العراق من ثلاثة أرباع إرتهانه المائي وغير المائي لدول الجوار، ويستمر في خوض معركته في الدفاع عن انهاره وفق مبادئ القانون الدولي مستندا إلى قوته الجديدة واعتماده الروح البناءة في التعامل مع الشعوب المجاورة على أساس التعاون والصداقة وحسن الجوار والندية.
إن سد أليسو، لم ينجز بعد، ولكن محاولات السلطات التركية لإنجازه متواصلة، وعلى هذا ينبغي على السلطات العراقية أن تحسب حساب أسوأ الاحتمالات، وتسارع لاستكمال مشروع تحلية مياه الثرثار. ويمكن ضمان استمرار هذه العملية، في حال صعَّدت تركيا تجاوزاتها العدوانية، وأقامت سد أليسو، من خلال ربط مشروع سد بخمة على نهر دجلة، بمشروع الثرثار ربطا برنامجيا ومباشرا وذلك من خلال استغلال نسبة ثابتة من الخزين المائي لسد بخمة الممول من الميزانية الاتحادية وليس من ميزانية الإقليم، في ضمان مناسيب دجلة بدرجة كافية لاستمرار تدفق المياه نحو الثرثار طوال العام. بهذا الشكل يمكن التعويض عن فقدانات المياه المحتملة والواقعة فعلا من الفرات، واستمرار عملية التحلية حتى نهايتها. إنَّ العامل الوحيد في تحقيق انتصار كبير وحاسم في معركة إنقاذ الرافدين والعراق ككل هو عامل الوقت. وهذا العامل يرتبط ارتباطا وثيقا بعامل الإرادة، وهذه فرصة تاريخية منحها القدر للعراق والعراقيين و قد لن يجود بمثلها مستقبلا فلا ينبغي إهدارها.
إن هذا المشروع في حال تنفيذه، هو ومشروع بخمة، وربطهما عبر دجلة ببعض، سينقذان العراق إلى الأبد من الارتهان لتركيا وإيران ويضمن استقلاله السياسي والاقتصادي مع استمرار دفاع العراق عن رافديه ولكن انطلاقا من حالة مستقرة وصلبة وتفادي كارثة التصحير وزوال النهرين سنة 2040 كما توقعت المنظمات الدولية ومنها منظمة اليونسيف. خصوصا وأن هذه الكارثة الوشيكة لم تعد سرا من الأسرار أو أنها مجرد معلومات يتم تداولها على نطاق ضيق بل أصبح وثائق منشورة تتداولها وسائل الإعلام العالمية، فثمة تقرير تحدثت عنه وزارة الموارد المائية العراقية ونسبته إلى "المنظمة الدولية للبحوث" فيما نسبته مصادر إعلامية إلى " المنظمة الأوروبية للمياه". وقد أدلى مصدر رسمي في وزارة الموارد المائية بتصريح صحفي جاء فيه ( أن التقرير المعد من قبل "المنظمة الدولية للبحوث" تحدث عن "تناقص حاد" بالحصص المائية الواصلة ضمن حوض نهر الفرات التي ستصل الى 32 مليارا و 140 مليون متر مكعب في الثانية بحلول عام 2040 مقابل احتياجات العراق التي ستبلغ حينها 23 مليار متر مكعب، أما حاجة كل من سوريا وتركيا فستصل الى 30 مليار متر مكعب، منوها بان الواردات النهائية للنهر لن تكفي لتغطية الاحتياجات الكلية لها، الأمر الذي يؤدي الى خسارة العراق موارد النهر بالكامل.) وليس لعبارة " خسارة العراق لموارد النهر بالكامل معنى آخر غير "زوال النهر بالكامل"!
في موضع آخر ينوه المصدر بأنَّ منظمة أخرى تدعى "منظمة المياه الاوروبية" توقعت جفاف نهر دجلة بالكامل في ذات التاريخ، حيث يفقد النهر سنويا ما يعادل 33 مليار متر مكعب من مياهه، بسبب "السياسة المائية الحالية التي تتبعها تركيا"، بالتالي فأنَّ العراق، وفي حال عدم تمكنه من إتمام اتفاقات دولية تضمن حصصه المائية بشكل كامل، مقبل على ما أسماه بـ "كارثة حقيقية ستلحق بملايين الدونمات الزراعية في البلاد، وهو ما يعني تحول العراق لجزء من صحراء البادية الغربية خلال مدة لن تتجاوز الخمسة وثلاثين عاما المقبلة.
ومن الجدير بالذكر أنَّ وزارة الموارد المائية العراقية كانت قد حذرت في نهاية سنة 2010، من أنّ سد " أليسو" التركي ومشروع "الغاب" الهادف لتشييد 22 سدا بسعة خزن تتجاوز 100 مليار متر مكعب، سيحرم العراق من ثلث مساحة أراضيه الصالحة للزراعة و بالتالي سيدفع بآلاف الفلاحين الى ترك مهنهم الزراعية والاتجاه الى المدن في هجرة معاكسة، فضلا عن تسببه بنقص الحصص المائية التي تؤثر سلبا في مجالات مياه الشرب وتوليد الطاقة والصناعة و إنعاش الأهوار والبيئة. ولكن يبدو أن الوزارة العراقية وحكومتها تنسى تحذيراتها بمجرد انتهاء الدوام الرسمي فلا نعلم شيئا عن أي إجراءات ترتبت على إطلاق تلك التحذيرات سوى أنَّ الحكومة قالت في بيان من سطرين إنها ستشكل مجلسا أعلى للمياه لحل هذه المشكلة! أما مشاريع الإنقاذ الحاسمة كسد بخمة ومشروع الثرثار فقد أهملت وعرقلت لسنوات وسيتواصل إهمالا وعرقلتها ما لم تتحرك منظمات المجتمع المدني والشخصيات والقوى السياسية البناءة و غير الملطخة بالفساد، على ندرتها، وتضغط على السلطات التنفيذية والتشريعية العراقية لتبدأ عملية إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتطلق العمل مجددا في هذين المشروعين الواعدين.
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الجزيرة- و-العربية- و-فن- احتقار عقل المشاهد!
- العراق بين إيران وتركيا.. منعطفات التاريخ وثوابت الجغرافيا
- الأسس العامة لميثاق شرف لإنقاذ الرافدين من الزوال / ج5من 5ج ...
- -لجنة العلوي- تحذر السعودية وتنتقد قمة القاهرة وتناشد أربكان ...
- وزارة الخارجية وقانون المجاري المائية الدولية : تقصير أم توا ...
- وقفة عند التصريح الأخير للحزب الشيوعي العراقي: وداوها بالتي ...
- لماذا ينبغي إلغاء -اتفاقية الإطار الإستراتيجي- بين العراق وأ ...
- قراءة في أوراق لجنة هادي العلوي للدفاع عن الرافدين
- مقومات قائمة انتخابية ديموقراطية ضد الطائفية والتبعية في الع ...
- بحث علمي أوروبي يدحض خرافة العنف الدموي العراقي بالأرقام / ا ...
- الفاتحون العرب المسلمون يصابون ب-داء العنف العراقي- !ج8 من 9 ...
- كيف ستنتهي هيمنة الإسلام السياسي الشيعي في العراق؟
- طقوس الانتحار الجماعي الملكي في أور القديمة وخرافة العنف الع ...
- الأساس القانوني لمقاضاة تركيا وإيران دفاعاً عن الرافدين قبل ...
- المنهجية التاريخية ودراسة ظاهرة العنف في العراق / ج6
- شعب العراق ضحية لظاهرة العنف أم الجلاد ؟ /ج5
- الفصل الخامس : الحضور الكثيف للمفردات الأكدية والآرامية في ا ...
- العنف المجتمعي في القراءات المتعسفة .. العراق مثالا/ج 4
- كتاب جديد / الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات ا ...
- الغربيون والجذور التاريخية لوصم -الآخر- بعار العنف /3


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟