أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزو محمد عبد القادر ناجي - -آفاق التنمية البشرية في ليبيا الجديدة- تحت شعار -التحول من الثورة إلى بناء الدولة-















المزيد.....



-آفاق التنمية البشرية في ليبيا الجديدة- تحت شعار -التحول من الثورة إلى بناء الدولة-


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 3943 - 2012 / 12 / 16 - 19:33
المحور: المجتمع المدني
    


"آفاق التنمية البشرية في ليبيا الجديدة"
تحت شعار
"التحول من الثورة إلى بناء الدولة"

الثورة هي التغيير الشامل والكامل لحياة الناس وواقع البلد ومن ثم الإنتقال الى مرحلة بناء دولة النظام والقانون لأن الثورة قامت للقضاء على التخلف والاستبداد من أجل تحرير الشعب وإقامة نظام جديد تسوده العدالة والمساواة ويكون القانون هو سيد الكل من خلال دولة تكون مكتفية ذاتياً في جميع المجالات وخاصة في مجال الأمن الغذائي ، ويحترم فيها الناس القانون وبالمقابل تحترم هذه الدولة إنسانية الأفراد داخل المجتمع ، ويتحقق فيها القضاء على البطالة وتستثمر قدرات البلد وقدرات الأفراد بما يسهم في البناء والتغيير ، ويبتعد المسؤولون والإداريون عن الصراعات على المناصب ، وتهتم بالبحوث العلمية في جميع المجالات ، وتسعى لرفع دخل الفرد الشهري واليومي والسنوي ، وأن تكون إدارات الدولة لمن يستحق وفق مؤهلاته لا من خلال دعم مليشيات عسكرية أو قبلية ، فلا نريد منها أن تعمل على إحراق اليابس والأخضر ، تتحقق فيها المصالحة السلمية بين الفرقاء، وبناء الدولة الجديدة، حيث أن التحكم في العنف، يتمُّ من خلال احتكار الدولة وحدها للعنف المشروع ، ومن خلال توسيع قاعدة النظام الاجتماعي بفتحه أمام النخب، والفئات، التي بقيت على هامشه. وكذلك من خلال توسيع حقوق المواطنة الكاملة للجميع ، والقضاء على بوادر الفتن والحساسيات القبيلية و هو ما يحاول أعداء الثورة استغلاله لخلق مزيد من الفوضي وإشعال الحرائق هنا وهناك .

من الذى يعرقل بناء الدولة الليبية ؟
إن الذي يعرقلها يضع نصب عينيه الأهداف والأغراض التالية :
• لكي يحاول إقناع الشعب والرأى العام الليبي بأن هذه الثورة هي عبارة عن مؤامرة من الخارج لإسقاط نظام الحكم في ليبيا واستعمار ليبيا من جديد والسيطرة على ثرواتها ونهب خيراتها ويستدل على ذلك مما هو حاصل الآن من انقسام وتشرذم في المناطق والقبائل الليبية ومن فساد مالي وإدارى لم يسبق له مثيل ولم يتحقق شيء من أهداف الثورة التي قامت من أجلها وهي رفع الظلم وتحقيق العدالة الإجتماعية وإقامة دولة العدل والمؤسسات والقانون .
• إقناع الدول المجاورة بعدم تسليم المتورطين في الفساد والطغيان المتواجدين على أراضيها والمتهمين بالتورط في نهب ثروات الشعب الليبي والمساهمة في إفساد الحياة السياسية حيث أن عدم التسليم بسبب أنه لاتوجد دولة في ليبيا لها مؤسسات ونظام حكم ديمقراطي ونظام قضائي مستقل ولايوجد سوى الفوضي الأمنية وعدم توفر الشفافية والنزاهة ووجود فساد إدارى ومالي كبير وفراغ أمني كما أنه لايوجد جيش نظامي يسيطر علي الأوضاع الأمنية والعسكرية في البلاد
ماعلاقة التنمية البشرية في قضية بناء الدولة ؟

لقد أضاع العالم النامي حوالي نصف قرن في الاعتقاد الخاطئ بأن التنمية تتعلق بتكوين ومضاعفة رأس المال المادي ، حيث أكدت الحقائق أن ثروة المجتمع لا ترتكز على ما يخزنه من موارد طبيعية و مادية فقط و إنما تشمل موارده البشرية أيضا و أن العنصر البشري هو أساس النهضة و التطور المادي للمجتمع، لذلك فإن سياسات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية الناجحة هي التي تقوم على حسن استغلال و استثمار العنصر البشري في المجتمع، و تُرجع الكثير من المدارس الاقتصادية و الاتجاهات الاجتماعية ظاهرة تخلف المجتمعات إلى عدم الاهتمام بالفرد و تنمية قدراته و استثمارها في حل مشاكل و معوقات المجتمع فالاستثمار في العامل البشري يعد من العوامل الهامة في تكوين رأس المال في المجتمع و هو يدعو إلى " توسيع إطار مفهوم رأس المال ليتضمن أيضا الاستثمار في الصحة و التعليم و التدريب، أيضاً لكي يتضمن الاستثمار في العنصر البشري"

وفي تقرير لجيمس سبيث المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي للتنمية البشرية المستدامة "مبادرة من أجل التغيير"، عرف التنمية البشرية المستدامة على النحو التالي:

" أنها تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل أيضاً ، وهي تجدد البيئة بدل تدميرها، وتمكن الناس بدل تهميشهم؛ وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، فهي تنمية في صالح الفقراء، والطبيعة، وتوفير فرص عمل، وفي صالح المرأة، وأنها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، وتزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم."


حيث أن رأس المال الاجتماعي يختلف عن باقي أشكال رأس المال الأخرى بأنه يهتم بالعلاقات الاجتماعية في المجتمع ولها أصولها ومدلولها الثقافي والحضاري في المجتمع والذي يدفع الأفراد إلى الشعور بالأمان والانتماء والثقافة السياسية والالتزام بالقوانين والأعراف الاجتماعية وتدعيم اتجاهاتهم والتعبير عن المشاركة في المشاعر والمنفعة وابتكار الأساليب والأدوات باعتبارها جزءاً من التقدم والرفاهية.

إن التنمية البشرية لا تعني تدمير القيم وإيجاد قيم جديدة بدلاً عنها ولكن تنبع من الواقع ومعالجة أي خلل قد يطرأ على التنظيم الاجتماعي، فهي إذاً عملية حداثة تنطلق من ثقافة محددة معتمدة على رأسمال اجتماعي فعال في تحمل مسؤوليتها وتبعاتها والقدرة على قيادته بنفسه وفق برامج تنموية تخطيطية فاعلة وواقعية ترتبط بالحاجات الخفيفة، وتساهم في تنمية رأس المال الاجتماعي وبناء وتنمية الشخصية التنموية.
المبادي التي تقوم عليها التنمية البشرية المستدامة ؟
إن التنميةالبشرية المستدامة تتمثل في المبادئ التالية:
أ‌- العدل: لكل إنسان الحق في جزء من الثروة وإمكانات مجتمعه تعادل قيمة إسهامه في إنتاجها

ب‌- التفويض: ويعني إعطاء كل إنسان إمكانية المشاركة في عملية اتخاذ القرارات وإمكانية التأثير في الإجراءات المزمع إنشاؤها

ت‌- الشفافية والحوار والمسؤولية

ث‌- التضامن بين الأجيال وبين الفئات الاجتماعية وبين المجتمعات من أجل:
1. الحفاظ على البيئة والمواد الخام لصالح الأجيال القادمة.
2. عدم إثقال الأجيال بالديون.
3. ضمان حصص عادلة من التنمية لمختلف الفئات.

ماهي المكونات الأساسية لمفهوم التنمية البشرية ؟
• الأنصاف : ويستخدم مصطلح الانصاف هنا بديلا عن مصطلحي المساواة والعدالة الاأقرب الى الخطاب الاجتماعي الذي ساد في ظل الحرب الباردة ،. ويتميز مفهوم الانصاف عن المفهومين السابقين بكونه يركز على تكافؤ الفرص، على الوسائل والمدخلات لا على النتائج والمخرجات، ويلتزم بمبدأ تحميل الفرد مسؤولية الإفادة منها، و يتطلب إعادة هيكلة جذرية في علاقات القوة في المجتمع، ويشمل ذلك:
1. تعديل توزيع ملكية الأصول الانتاجية، لاسيما تحقيق إصلاح زراعي
2. ادخال تعديلات هيكلية في توزيع العبء الضريبي من خلال اعتماد ضرائب تصاعدية تهدف الى إعادة توزيع المداخيل من الاغنياء الى الفقراء
3. إصلاح نظام التسليف بحيث يتمكن الفقراء وإصحاب المشاريع الصغيرة من الافادة من هذا النظام
4. تحقيق تكافؤ الفرص السياسية من خلال إصلاح نظام الانتخاب.
5. إلغاء المعوقات الاجتماعية والقانونية التي تحد من وصول النساء والمهمشين الى بعض المواقع المقررة في الشأن السياسي والاقتصادي.
 الإنتاجية : مفهوم التنمية البشرية المستدامة، يركز على زيادة النمو والإنتاجية بالتلازم مع تحقيق التنمية البشرية، و إمكانية تعزيز الارتباط الايجابي بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي اذا تم اتباع السياسات التالية المرغوب بها وهي:
1. التركيز على الاستثمار في التعليم والصحة، وتطوير مهارات الناس.
2. التشديد على بلوغ توزيع أكثر عدالة للدخل والاصول الإنتاجية.
3. خلق فرص عمل أفضل بشكل مستمر.
4. اعتماد سياسة مناسبة للإنفاق الاجتماعي، تتضمن قيام الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية الأساسية، وإنشاء شبكات الأمان الاجتماعي الضرورية، بالتلازم مع تمكين الناس وتقوية قدراتهم.

 الاستدامة :التنمية عملية شاملة لسياسات اقتصادية وتجارية واجتماعية، تجعل التنمية عملية قابلة للاستمرار من وجهة نظر اقتصادية، واجتماعية وبيئية ، ويتطلب ذلك:
1. عدم توريث الأجيال القادمة ديونا اقتصادية، او اجتماعية، تعجز عن مواجهتها.
2. استثمار الموارد الطبيعية بشكل علمي وعقلاني ، وما يتطلبه ذلك من تعديل في أنماط النمو ومعدلاته، والتكنولوجيا المستخدمة.
3. تعديل أنماط الاستهلاك المبددة للموارد الطبيعية والتي هي غير قابلة للاستمرار.
4. تحقيق العدالة والإنصاف في العلاقات الحالية.

 التمكين : ينظر مفهوم التنمية البشرية المستدامة إالى الناس باعتبارهم فاعلين في عملية التغيير الاجتماعي، وليسوا مجرد مستفيدين يتلقون النتائـج دون مشاركـة نشيطـة ،وبهذا المعنى، فان مفهوم التمكين هو أيضا من المكونات الأساسية للتنمية، وهو يعني أن يتمكن الناس من ممارسة الخيارات التي صاغوها بإرادتهم الحرة ، ويتطلب تمكينهم من القيام بدورهم هذا:
1. وجود ديمقراطية سياسية يتمكن الناس من خلالها من التأثير في القرارات المتعلقة بحياتهم.
2. وجود حرية اقتصادية بحيث يكون الناس متحررين من القيود والقواعد القانونية المبالغ فيها والتي تعيق نشاطهم الاقتصادي.
3. وجود سلطة لا مركزية بحيث يتمكن كل مواطن من المشاركة في إدارة حياته الوطنية والمحلية، انطلاقا من مكان عمله او سكنه.
4. مشاركة جميع المواطنين، لا سيما المؤسسات غير الحكومية وخاصة منظمات وجمعيات المجتمع المدني في صنع القرار وتنفيذ خطط التنمية.


 تغيير أساليب التعليم من أهم مقومات التنمية البشرية

عادة ما يوصف التعليم في الوطن العربي بأنه تعليم يهتم بشحن ذهن التلميذ بالمعلومات الجاهزة و يطلب منه استرجاعها يوم الامتحان بطريقة آلية. و هذا الأسلوب في التدريس يمارس بشكل رهيب في التعليم الجامعي، حيث نجد الطالب ملزما بإعادة كتابة ما قيل له سابقا. و هذا ليس حصرا على العلوم الإنسانية و الاجتماعية فقط بل ينتشر أكثر في بعض العلوم التجريبية كعلوم الطب و العلوم الطبيعية و غيرها. فالطالب فيها لا يعرف إلا الورقة و القلم ليسجل ما خزنه في ذاكرته و على هذا الأساس فإن معيار النجاح في النظام التقويمي هو الطالب الأكثر حفظا و الأقدر على استرجاع ما تعلمه، و لا يهمه الطالب إلا الحصول على المعدل الذي يؤهله للقبول الى المستوى الأعلى ، دون مراعاته لنوع التكوين و درجة التحكم في المعارف فهما و تطبيقا من خلال الممارسة و التجريب و تنمية المهارات السلوكية و استراتجيات التفكير في حل المشاكل، و هذه جملة الشروط التي تساعد الطالب على مواجهة عقبات عالم الشغل و تحديات الحياة بشكل عام. انه لمن العار ان لا نجد أثرا للجامعات العربية في الترتيب العالمي ،و في أحسن الأحوال نعثر عليها في آخر القائمة الإفريقية هذا ما كشف عنه التقرير الدولي لترتيب الجامعات و يمكن الاطلاع على تفاصيل أكثر للأرقام المرعبة على موقعه في الانترنت (

الواقع ان هذا النمط من التعليم التلقيني هو في أكثر الأحوال انعكاس للحياة السياسية و الاجتماعية للبلد، حيث الرأي الواحد هو السائد و النافذ. اما في المنظومة السياسية فنجد غياب واسع للديمقراطية و حريات التعبير، أضف الى ذلك نشوء الطفل العربي في أسرة لا تعرف الا تنفيذ الأوامر و تطبيق التعليمات ،و نفس الأجواء تعيشها المدرسة بحكم ان المعلم يحمل كل منهم الخصائص الفوقية للأسرة و المجتمع ليمارسوها بأسلوب أكثر حدة على التلاميذ ، فالحوار الايجابي و فتح فرص لإبداء الرأي و إتاحة الخيارات المتعددة للتلميذ امر لا اثر له في منظوماتنا التربوية و الجامعية . ان جوهر التعليم عند بعض المفكرين هو سلوكه طريق الثورة على القهر من اجل الوصول الى الحرية و تمكين المقهور (المتعلم) من التعبير عن قدراته و طاقاته الإبداعية التي وهبها الله له، و هذا المنهج يقوم أساسا على الحوار المتبادل و الفضاء الواسع من النقاش الثري .

بهذه الطريقة يتم قتل الوعي النقدي في التلاميذ و تحكم السيطرة على عقولهم في المدارس و الجامعات.و يكون النظام التربوي بذلك قد انتج صيغا و قوالب مكررة من الأفراد تفتقر الى الإبداع و الحس النقدي الرصين و القدرة على التنقل بين انماط التفكير المختلفة ليكون لدينا في النهاية منتوج تربوي يساهم في تكريس الوضع القائم بدلا من الشعور بالحاجة الى تغييره.
وفي ظل التغيرات العالمية الحالية و إفرازات العولمة ، أمام الأنظمة التربوية في العالم العربي فرص للإسراع من اجل تدارك الوضع و تغيير أنماط التعليم الجاري ليخدم الفرد الصالح ، القادر على البناء و المساهم في التغيير من اجل آفاق واسعة للتنمية البشرية .

فتحديث البرامج و عقلنة الفعل الدعائي من خلال دمج و ربط التربية مع الشروط التي يفرضها المحيط الاجتماعي و الاقتصادي كفيل بتفعيل المتكونين و تأهيلهم نوعيا من اجل تحسين المردود التربوي و الاجتماعي . و من جهة أخرى فإن الانفتاح على الخبرات الإنسانية التنموية الناجحة و استغلال التكنولوجيا الجديدة للإعلام و الاتصال يزيد من كفاءة المنتوج التربوي و يجعله واثقا و قادرا على المنافسة دون الشعور بالنقص و فقدان الثقة.

و تعتبر الدول الآسيوية من الدول التي ركزت اهتمامها على ضمان تعليم فعال و تنمية قائمة على استهداف عقل الطفل من اجل الإبداع و الابتكار و تحسيسه بالمسؤولية . حيث طورت بعض أنظمتها التربوية بما يتلاءم مع التخطيط الاستراتيجي و السياسة الوطنية الشاملة التي تسعى إلى تحقيق الصدارة في العالم على المستوى الاقتصادي و التكنولوجي، كل ذلك من خلال تنمية الفرد كراس مال بشري لا يمكن تعويضه. و الدراسات العلمية كالتي قامت بها الرابطة الدولية لتقييم الانجاز التعليمي تعطي صورة عن تقدم التعليم في دول آسيا مقارنة بالدول الأكثر تقدما
من هنا ينبع الاهتمام الفائق بالتعليم في جميع مراحله الابتدائية و المتوسطة و الثانوية حتى المرحلة الجامعية. بحكم انه مصدر الطاقة البشرية و مكون فعال لرأس المال الاجتماعي و الفكري و الثقافي للفرد. لقد أولى الاقتصاديون و الاجتماعيون و كبار المفكرين أهمية بالغة للفرد المتعلم كعنصر مفعل لدينامكية التنمية الاجتماعية و الاقتصادية، و اعتبره مالك بن نبي العنصر المؤسس للحضارة كما قد يكون سببا في انهيار الحضارة و انحطاطها "لا يقاس غنى مجتمع بكمية ما يملك من أشياء بل بقيمة ما يملك من أفكار". و إذا كانت التنمية البشرية حسب ما يعرفها المجلس الاقتصادي الاجتماعي للأمم المتحدة هي عملية تنمية مهارات و معارف و قدرات أفراد الجنس البشري، فان الحضن الطبيعي الملائم لتحقيق هذه الخصائص هو النظام التربوي و التعليمي. فكلما ارتفعت نوعية التعليم و حقق نجاعة في إكساب أفراده هذه الخصائص و السمات كلما ارتفع مستوى التنمية البشرية، و دفع الحركية الاقتصادية و الاجتماعية إلى الأمام.

ويرى المفكر الاقتصادي نادر فرجاني فيرى أن الاستثمار يقع في البشر أساسا من خلال التعليم مولدا رأسمال جوهريا للأفراد و الأسر و المجتمعات، على صورة اتجاهات ايجابية، و معارف و قدرات. و في الآونة الأخيرة تبلورت مفاهيم عديدة كلها تسعى إلى المساهمة في التنمية البشرية بطريقها الخاصة:من ذلك مفهوم:
رأس المال الاجتماعي social capital الذي يهتم بالبحث في انساق العلاقات الاجتماعية ، رأس المال الفكري intellectuel capital و هوالذي يضع الفكر و الإبداع مركز اهتمامه و رأس المال الثقافي Cultural Capital و هو أرقى أشكال رأس المال الإنساني. ( نادر فرجاني 1998)



ماهي عوائق قيام الدولة المدنية الحديثة ؟

 المرحلة الانتقالية لبناء الدولة الجديدة : فلا يمكن قيام دولة مدنية حديثة إلا بمرحلة انتقالية تسود فيها العدالة الانتقالية التي تخضع فيها كل الاعتداءات والجرائم والانتهاكات إلى عدالة قضائية محايدة صريحة وشفافة حقوقية، ومحاكمات جنائية يتساوى أمامها كل أفراد المجتمع لإعادة الحقوق وتعويض الانتهاكات، وجبر الضرر، والاعتراف بحقوق المعتدى عليهم، واحترام الكرامة الإنسانية وغيرها، ومن دون ذلك لا يمكن فرض الاستقرار والوئام والانتقال إلى بناء الدولة المدنية الحديثة.

 بروز الإيديولوجية الدينية المتعصبة : حيث أن بروز تيار التوجه الإسلامي المتعصب بشكل كبير بحكم مكانة وقدسية الدين في نفوس ووجدان الشعب الليبي المنبهرة بقوة تأثير جماعة تدعي مرجعية الدين في العلاقات والمعاملات والممارسات والتوجهات السياسية وفرضها في بناء الدولة الجديدة كون التيارات الإسلامية تنظر إلى كل أمور الحياة والعيش نظرة دينية. ولهذا كثيرا ما يحتمي الإسلاميون خلف الهالة الدينية والعبارات المقيدة باسم الدين للسيطرة على السلطة، وفرض التوجهات السياسية التي تتعارض مع مصالح الناس ورغباتهم وطموحاتهم الدنيوية التي تكفل بها سعة الدين بأبعاده والاستخلاف في الأرض.

 تأثير الواقع ومعطياته بناء على بنيوية المجتمع وتركيبته القبلية والعصبوية : باعتبار الانقسامات والتكتلات والتعصب في المجتمع عوامل معيقة وهذا الوضع يعوق بناء الدولة المدنية الحديثة.

 دور الخارج من خلال بعض الدول التي لا ترغب بنجاح ثورات الربيع العربي ، وتضخ الأموال الكثيرة لإفشال مشروع الدولة في هذه الدول حتى لا ينتقل إليها التغيير ، أو من أجل العمل لعمليات النهب للثروات من خلال عودة المسؤولين السابقين إلى قيادة الدولة

 بروز ظاهرة المثبطون للهمم : الذين يتكلمون عن مآسي الأمة ومظاهر الضعف فيها ، وعوامل التخلف التي أصابتها ، بشكل متكرر ومتزايد ومبالغ فيه ومغلوط في كثير من الأحيان ، فالكثير من هؤلاء يتحدثون عن أخطاء الناس وتقصيرهم وإهمالهم ، فيصنعون الفشل في نفوس الشباب ويثبطون من هممهم في بلوغ المعالي لصالح أمجاد هؤلاء المثبطين للعزائم ، دون أن يتجهوا للوم أنفسهم أولاً ، ويرجعون بالأمراض التي أصابت المجتمع إلى غيرهم ، دون اللجوء إلى العمل الجاد والاجتهاد لتحقيق المجد والعلو ، فالآماني المعسولة لا تغني عن تحقيق المعالي المأمولة ، الشباب هم طاقة الأمة والمجتمع وهم مصدر قوته وعزته وعماده وهم من أسباب بلوغ المعالي والقيم ومن أهم مقومات بناء مجد الوطن والأمة ، وذلك لصناعة تاريخ مجيد للشعب والأمة والمجتمع ، كون الشباب هم رجال الغد وهم الأصل الذي يبنى عليه مستقبل الأمة والمجتمع ، لأن مرحلة الشباب هي الفترة الذهبية من عمر الفرد وهي التي ترسم ملامح مستقبله ، حيث أن الشباب يتسم بالقوة والحماسة والقوة والنشاط والشعور بالذات ، والاعتداد بالرأي ورقة المشاعر ورهف الأحاسيس ، والاستعداد للتضحية في سبيل المبادئ والقيم والأفكار والمعتقدات التي يحملها الفرد ، حيث للشباب سلوكيات ترتبط أساساً بطريقة تصوره للأمور ونظرتهم إلى ما يدور حولهم ، لذلك يجب على المجتمع الحرص على غرس مبادئ الولاء للمبادئ الحقة والعادلة ، وإبعاد الشباب عن مزالق الغواية والفساد لبلوغ معالي المجد وفق أصول وضوابط تضبيط منطلقات وغايات الشباب ، حتى لا يضطرب الشباب ويضيع في دوامة النظريات والأفكار الفاسدة الهدامة للمجتمع والفرد على حد سواء ، فالشباب هم نتيجة غرس المجتمع للقيم والمبادئ ، فإن كانت غرسه فاسدة فسيكون مستقبل المجتمع فاسدا ، أما إن كانت هذه الغرسة طيبة فسيكون مستقبل المجتمع طبقيا ، وأهم شيئ لغرس الغرسة الطيبة هو الأخذ بأسباب العلم النافع والحرص على الاهتمام بتطوير المجتمع وعدم الركون إلى الجمود والركود والاشتغال بسفاسف الأمور وإبعاد الشباب عن الدعة واللامسؤولية وإشراكهم في أمور وقضايا تهم مجتمعهم وأمتهم وشعبهم ، والابتعاد عن ممن يثبط هممهم وتطلعاتهم .

هذه العوامل حتماً تحول دون تحرر الفرد ودون تحقق وتكامل دور المواطن كقيمة عليا وكشخصية قانونية وسياسية أمام التصنيفات والتمايزات في المواطنة التي فرضها رجال السلطة، كونها تخل بدور المواطن كصاحب عقد اجتماعي مع الدولة، الأمر الذي يخل بأسس تكوينها كدولة عصرية حديثة متعارف عليها.

لماذا قامت الثورة في ليبيا ؟
بعد أكثرمن أربعين عاماً من الديكتاتورية والفساد الإداري الذي شمل جميع مجالات الحياة في ليبيا ، قامت ثورة 17 فبراير التي سعت لإنشاء دولة ذات نظام ديمقراطي ومؤسساتي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وتأكيد سلطة القانون على مستوى الممارسة السياسية أو على مستوى التشريع والقيم، التي تحكم إدارات المؤسسات والعلاقات بين إدارات الدولة ، وتوضيح قواعد العمل السياسي مثل (التناوب السياسي، إجراء الانتخابات التشريعية والجماعية، بشكل منتظم، القانون الجديد للأحزاب، المفهوم الجديد للسلطة) ؛ تأهيل المؤسسات واستكمال الإصلاحات (التي تهم ميادين : القضاء،والإعلام ، والحقل الديني، وعالم الأسرة ، وملاءمة التشريع الوطني للمقتضيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ، وبالتالي فإن الثورة الليبية قامت من أجل الحرية والدولة المدنية ، حيث أن نظام الاستبداد والفساد في ليبيا قبل ثورة 17 فبراير تأسس على المحسوبية والقبلية ، ولم يكن قد عوق فقط قيام الدولة، بل عمل على تفكيك المجتمع، وهو ما أوجد ظاهرة الانتماءات والعصبيات المناطقية والقبلية

الإدارات الليبية بعد الثورة مالها وما عليها ؟

من المعلوم أن الإدارات المسؤولة في الدولة هي اليد المنفذة لعملية بناء الدولة من خلال طروحات ومبادئ وأفكار وتطلعات الشعب الليبي الذي استطاع أن يجمع بين التشبث بهويته المتعددة والتصميم، على الانخراط في الحداثة، وعلى احتلال مكانته داخل العالم المعاصر، في إغناء وتطوير شخصيته، بخصائص ثقافية أصيلة، وفي ممارسة تقاليده الاجتماعية الخاصة، كما يشهد على ذلك غنى وحيوية تراثه الروحي والثقافي.

لكن الانقسام الذي حدث في إداراته بعد انتصار الثورة أعاق من سرعة الانتقال نحو بناء الدولة الجديدة فقد انقسمت الإدارات الليبية بعد الثورة إلى فئتيتن ، فئة كانت مناهضة لنظام القذافي وكان أكثرها في المعتقلات أو في المنفى ، وفئة أخرى ، انشقت عن نظام القذافي وأيدت ثورة 17 فبراير ،و تتفق الفئتين بأنه لم يكن هناك دولة في العهد السابق بسبب ما قام به نظام القذافي من تعدي على الأعراف والقوانين والتلاعب بالحياة السياسية والثقافية والاقتصادية ، لكن هناك شكوك بين هاتين الفئتين حول جدية بناء الدولة الجديدة في ليبيا ، وتسود عندهم نظرية الإقصاء على أساس أن المنشقين ما هم إلا بقايا للنظام السابق ولا يمكن لهم أن يقيموا دولة عصرية على اعتبار أنهم عاشوا في ظل النظام السابق الذي اتسم بالفساد وسوء الإدارة ، بينما يرى المنشقون أن الفئة الثانية عاشت في الظلام أو في دول أخرى ولها أجندة خارجية ، والكثير منهم لاخبرة له في إدارة شؤون البلاد أو في فهم الواقع الليبي ، وعليه تعمل الفئتان على التهييج الشعبي مما يؤدي إلى مزيد من التوتر والاحتقان ، بل يصل البعض من كلا الفئتين إلى اتهام الطرف الآخر بالعمالة والخيانة والتبعية لأجندة خارجية ، ولحل هذا الخلاف نرى ضرورة إيجاد نخبة غير مسيسة من الفئتين وفق منطق ديمقراطي تفرض على الجميع التصرف بعقلانية للانتقال من الثورة نحو بناء الدولة مع ضرورة التمسك بحرية الصحافة والإعلام ودعم منظمات المجتمع المدني .

لذلك من المفترض على هذه الإدارات الجديدة أن تعمل على بناء مشروع وطني له خطوات محددة للانتقال من الوضع الثوري إلى بناء الدولة الجديدة مع مراعات الخصوصيات الثقافية والمجتمعية للشعب الليبي .
وأن يكون المفهوم المحوري لهذا المشروع، يتمثل في "التنمية البشرية". وهو يوفر فرصة متميزة للإحاطة بمجموعة كبيرة من الموضوعات والأسئلة، المترابطة، مع بعضها البعض ، وتغذية النقاش العمومي وفتحه على أوسع نطاق، حول السياسات العمومية التي يتعين تفعيلها في المستقبل في ضوء الدروس المستخلصة من إخفاقات الماضي ،وأن ترتكز دوافع هذه الدعوة للنقاش على القناعات التالية :

 تصحيح المسار : حيث أن مصير ليبيا هو بين أيدي أبناء الشعب الليبي ، فليبيا على مفترق طرق، وتطمح إلى التنمية البشرية، لذلك يتعين على الإدارات الوطنية اعتماد اختيارات منسجمة وتسريع الوتيرة وتعميق مشاريع الإصلاح، وتحقيق القطيعة التامة مع الممارسات والسلوكات التي ظلت تعيق التنمية في ليبيا

 النقاش المثمر والبناء : في مجال تدبير الحياة السياسية من أجل تلاقح الأفكار والمفاهيم والتحاليل، طالما كان الهدف هو خدمة المشروع الوطني المتفق عليه الجميع

 الممارسة الديمقراطية الموطدة: لأنها هي وحدها التي يمكن أن توجه ليبيا نحو السير الثابت على طريق النجاح، فممارستها بمثابرة، مدعومة بتحمل كل واحد من أبنائها لمسؤولياته، مع تحلي الجميع باليقظة، يجعل منها واقعية لا مجرد ترف فكري أو حلماً يستحيل تحقيقه.

 استحضار الأبعاد المحددة للتنمية البشرية : من خلال محاولة القيام بقراءة لماضي ليبيا وتاريخها في ضوء المرجعية القانونية والإثنية والمفاهيمية، المتداولة اليوم، دون مراعاة الطابع النسبي للسياسات العامة، حتى لا ينزلق بنتائجه تجاه عدم الإنصاف والوفاء بالأمانة إزاء الفاعلين في تلك الحقبة ، كما أن تغذية النقاش، مع استخلاص العبر والدروس من التجربة الماضية للبلاد، واقتراح بعض مسالك التفكير لاستشراف المستقبل ،سيسهم في تحريك الروح الوطنية ومراعاة شروط الموضوعية.






التنمية البشرية هي مشروع وطني لأجل بناء ليبيا الجديدة

لإحداث التنمية البشرية الفعالة في المجتمع الليبي نقترح إعداد مشروع يهتم بعدة قضايا تهم المجتمع الليبي من خلال نخبة من المتخصصين في هذه المجالات وإيصال نتائج هذه المشاريع إلى المؤتمر الوطني العام من خلال الوزارات المتخصصة التي تنفذها بدورها بعد إقرارها من المؤتمر الوطني العام ، وهذه المشاريع تهتم ب :

• دراسة خصائص المجتمع الليبي الديموغرافية والسكانية وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض للوصول لأعلى درجات الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الليبي

• دراسة بقضايا الأسرة والنساء والشباب : من خلال مشاريع التنمية البشرية لجميع الفئات والأعمار داخل المجتمع الليبي

• دراسة النمو الاقتصادي والتنمية البشرية لأفراد المجتمع الليبي من خلال نشر الوعي الثقافي والعلمي والحضاري بين جميع أفراد المجتمع الليبي

• دراسة المنظومة التربوية، والمعرفية، والتكنولوجيا والابتكار

• دراسة المنظومة الصحية والطبية وكفاءآتها في هذا المجال

• دراسة الخدمات الأساسية للأفراد من سكن وعمل ومواد أساسية لحياته

• دراسة ظاهرة الفقر وعوامل الإقصاء الاجتماعي.

• دراسة البيئة في المناطق الليبية المختلفة ، والغطاء النباتي فيها

• دراسة الأبعاد الثقافية والفنية واللغوية لأبناء الشعب الليبي

• دراسة التنمية الاقتصادية والسياسية للأفراد


ويجب أن تقوم كل لجنة علمية من هذه اللجان بدراسة استشرافية للدولة الليبية، في أفق سنة 2025، وكذلك الدراسة المقارنة لليبيا بعينة تتكون من مجموعة بلدان خلال المرحلة الممتدة بين 1955 و 2011 ؛ ويجب أن تستعين هذه اللجان بنخبة من الخبراء في المجالات المذكورة ، وأن تتسم النقاشات مع طواقم اللجان العلمية بحرية التعبير وبإرادة خدمة الوطن ، وأن يتسم إعداد نتائج دراسات اللجان العلمية بالمنهجية العلمية ، وأن توجه إلى الرأي العام ولأصحاب القرار في الدولة من الإدارات المتخصصة من خلال تقرير عام حول مفهوم "الإمكانيات البشرية"، الذي يعد محرك التنمية البشرية وغايتها. وفي ضوء ذلك، سيتم تقويم التجارب السابقة وما اعتراها من نواقص، وذلك من خلال عدة محاور لمسار التطور البشري في ليبيا من خلال تقويم التجارب السابقة ، ودراسة الوضع الحالي ، وبناء استراتيجية مستقبلية


ماهي إستراتيجية بناء الدولة الليبية الجديدة ؟

تقوم هذه الاستراتيجية من خلال تقويم النتائج وبناء الإستراتيجيات في مختلف المجلات ، وذلك من خلال عدة أمور أهمها :

• تطوير الإمكانيات البشرية في ليبيا : كشعب له خصوصية ديمغرافية تنوعية لسكانه، وله تراث اجتماعي ومكون طبيعي وثقافي يجب مراعاته في إطار تحقيق أعلى درجات الوحدة الوطنية

• تشجيع الكوادر البشرية في الدولة الليبية على الإهتمام بالمسار المؤسساتي للدولة من خلال إقامة دولة المؤسسات المتسمة بالنهج الديمقراطي

• تشجيع الإمكانيات البشرية الليبية في مجالات الصحة، والتربية، والخدمات الأساسية، والحماية الاجتماعية ومحاربة الفقر

• تعبئة الإمكانيات البشرية، من خلال زيادة قوة العمل وإنتاج الثروات ، من خلال التنمية الاقتصادية .

• الاستثمار الأمثل للثروات الطبيعية والموقع الجغرافي ، بوصفها إطارا وموردا للتنمية البشرية من خلال تنمية الثروات الطبيعية والمادية، لإنشاء بنية تحتية متطورة

• دراسة التطورات ومكامن العجز والمكتسبات، في مختلف الميادين والتي تحمل العديد من الإشكاليات الكبرى التي تستدعي انعطافات حاسمة من أجل تشييد مجتمع ودولة متطورة

• إعطاء الفرصة للفاعلين السياسيين لبلورة هذه البرامج وتفعيلها والدفاع عنها .
• الإهتمام بالشباب كونهم أساس التنمية البشرية والصعوبات التي تعترض تحقيق الذات، والتكوين المحدود والبطالة، ومختلف أشكال العوز والحاجة ؛ كونها معطيات تدفع إلى تنام الشعور بالإحباط واليأس.

• العمل على إنشاء دولة المؤسسات من أجل بناء دولة عصرية دستورية فيها تعددية حزبية، التي تسمح لمختلف مكونات المجتمع الليبي بالتمثيل داخل المجلس الوطني الليبي، و استبعاد خيار الحزب الوحيد، والالتزام باحترام حق تنظيم معارضة مشروعة، تتمتع بحرية التعبير عن آرائها ومواقفها، وفسح المجال أمام صحافة تعددية و فتح المجال أمام تبلور ثقافة سياسية تعددية، تتيح الدخول في مسار حقيقي للانتقال الديمقراطي ، فلا يمكن بناء الدولة الجديدة المستقرة إلا بحكم صالح قوامه الجد والعمل المثمر، القائم على حفظ كرامة الإنسان وصيانة حقوقه في الحكم والتشريع والمجتمع والحياة، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الديمقراطية، وحتى لو كان لها بعض الأخطاء فإن أفضل علاج لها هو المزيد من الديمقراطية، وهذا يضمنه دستور للبلاد يكون حارساً أميناً ودرعاً واقياً للحكومة، التي يجب عليها أن تتقيد به نصاً وروحاً، في كل أعمالها، أما التصرفات الغير دستورية، بما فيها التصرفات الدستورية التي تقوم من خلال دساتير نشأت بأسلوب غير ديمقراطي ، تلك الدساتير التي تسود فيها تصرفات الحكومة في إنشائها للدستور، من خلال إرادتها هي أو بامتزاج إرادتها مع إرادة الأمة، لأن الدستور الصحيح هو الدستور الذي تستقل فيه إرادة الأمة بشكل مطلق دون أي تدخل من الحكومة فيكون وليد إرادتها

• الحفاظ على التوازن بين استقرار المؤسسات وتحركات المعارضة، وبين ضمان الأمن والحرية والمشاركة في الحكم : من خلال مشاورات وطنية على نطاق واسع، وإعداد ومراجعة الدستور، وإقرار القوانين والأنظمة، وإعادة هيكلة المؤسسات، وإعادة تنظيم أجهزة الدولة، وإدماج النخب السياسية والإدارية ، والمشاركة الواسعة للأحزاب في الحكومة

• كشف أي انتهاك لحقوق الإنسان والعمل على تحقيق أعلى درجات الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية من خلال إقامة حياة ديمقراطية فعالة.

• دعم مؤسسات المجتمع المدني : حيث أن العمل الوطني في النظام الديمقراطي الدستوري، يحتاج إلى رأي عام نير مطلع على الحقائق، من خلال مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام والصحف، لأنها تنقل أعمال الحكومة إلى الشعب، كما أنها تنقل رغبات الشعب وآماله للحكومة، وتهدي الحكومة أفضل الأساليب والوسائل التي يجب أن تسلكها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وتدلها على مواقع الخلل والخطأ، من خلال نقد موضوعي علمي غايته مصلحة الوطن قبل كل شئ، ولا يكون ذلك إلا بإعطاء وسائل الإعلام والصحف ومؤسسات المجتمع المدني، الحرية التي يكفلها لها الدستور، فلا حياة لمجتمع ولا ارتقاء له، بدون النقد، فالنقد للمعارضين أفضل للوطن من ثناء الموافقين المؤيدين، ولكن هذا النقد يجب ألا يسمح، لدعاة الحزبية الضيقة الذين يريدون الاستئثار بالحكم، وتهديد مصالح بعض الفئات وتهديدهم ، أن يصلوا إلى مرحلة من القوة بحيث يمكنهم من السيطرة على الحكم من خلال انقلاب أو عصيان أو ما إلى ذلك، لأنهم بذلك يكونوا أعداء للشعب وللحكم الديمقراطي، فشدة النظام في هذه الحالة يجب أن تكون ضرورية لابعادهم باعتبارهم يحملون أفكاراً هدامة للمجتمع والنظام والشعب، وبالتالي فإن وصول مثل هؤلاء إلى الحكم، سيدمر الديمقراطية، وسينشر الطغيان، وسيولد الحقد والضغينة في نفوس الشعب وسيدفعه إلى الانفجار الذي قد يهدد سلامة ووحدة الوطن، ولتجنب وصول مثل هؤلاء إلى هذه المرحلة يجب على النظام والحكومة، الاستناد بحركتهم الوطنية على مبدأ التربية الوطنية من خلال التنمية البشرية لشرائح الشعب الليبي التي تجعل الشعب يقدس وطنه، بحيث يتساوى أفراد الشعب، كلهم في الحقوق والواجبات، من خلال إكسابهم مناعة، ضد هؤلاء المروجين للتفرقة الإقليمية والقبلية والحزبية، وكل تربية لا تقوم على هذا المبدأ، تكون سبباً في تخبط الرأي العام، وانقسام أبناء الشعب الواحد على بعضه، فانحلال الرابطة الوطنية في الشعب هو الذي يفسح المجال لنمو النزاعات والإقليمية والحزبية والقبلية المنافية لمصلحة الشعب والوطن، وهذا ما يفسر –في الدول المتقدمة- إدراك وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، لواجبها، في الظروف الاستثنائية، حينما يتعرض الوطن للخطر سواءاً في الداخل أو في الخارج، فحبها لوطنها يجعلها تتناسى خلافاتها، وتنبذ الآراء والمشاكل التافهة، أمام مصلحة الوطن العليا، كما أن التنمية البشرية للأفراد، تجعل المواطن يشعر بالمسؤولية، فيؤدي واجبه في المعمل والإدارة والأرض والجيش والأعمال الحرة، بكل نزاهة وأمانة، وارضاءاً لضميره، وحباً باستقامة الحكم، وسعياً وراء خلق الثقة في نفوس الناس بالنظام والحكومة، دون أي شيء آخر، وبالتالي يكون هذا الشعب بالمقابل موضع ثقة النظام والحكومة، وموضع تقديرهما، أما أولئك الذين يهملون واجباتهم، ويسيؤون استعمال صلاحياتهم في الحكومة أو في الإدارات المختلفة للدولة، معتمدين على مركزهم أو على شخصيات تحميهم في الدولة، أو على حزب سياسي يستندون إليه،أو على قبيلة ينتمون إليها ، فيجب على الحكومة ألا تتردد في إقصائهم عن إدارتها، حرصاً على سمعتها وعدم نفرة الناس منها.

• القضاء على الفساد الإداري في الحكم : فإذا أصبح الحكم أداة استغلال وأعطيت الوظائف والأعمال في الإدارات إلى المحسوبين والمنسوبين لأقارب وأنصار مسئولي الدولة الكبار، أو المسيطرين على الدولة من خلال الجيش أو الأجهزة الأمنية، فستسود الفوضى ويعم الفساد وستكون النتيجة النهائية سقوط الحكومة أو النظام، وانتشار المظاهرات والإضرابات والاعتصامات وما إلى ذلك ، ولحل هذه المعضلة يقتضي على الإداريين في الحكومة، أن ينموا روح المسؤولية الفردية، وأن يشعروا بواجبهم، كما أن على الحكومة، الإشراف الإداري القوي الذي يراقب سير أعمالهم، والخشية والرهبة من المسؤولية، كما يجب عليها أن تراعي في اختيارهم المؤهلات والكفاءات والأخلاق والمصلحة العامة، والاعتبارات المادية والمعنوية، وأن يخضع تعيينهم وترفيعهم وتسريحهم لقواعد وضوابط عادلة، منصفة، تحول دون التعيين والترفيع الاستثنائي والعزل التعسفي، وأن توسع في صلاحياتهم بدرجة تقضي على الروتين الذي يسبب البطيء والتعقيد والفوضى في الإجراءات الحكومية، وعلى الإهمال لمصالح الشعب في الإدارات، ويبقى الاصلاح هو الطريق إلى نهضة الدولة ، ذلك الاصلاح الذي يقوم على إدخال الاصلاح على المنهج القديم دون تقويضه ودون التضحية بشخصية الشعب، على شرط أن يكون هذا القديم قد أفرز من قبل الشعب.

• حل مشكلة استمرار ثقافة مقاومة التغيير المتسمة بطابعها المتمركز والقبلية والمناطقية الإقليمية ، وبعدم إبدائها سوى لاستعداد محدود للثقة وتفويض الاختصاصات فتبقى اللامركزية الإدارية، بعيدة عن مصاحبة ثقافة التغيير المركزية وتقويتها ودعمها بكافة الوسائل الممكنة

• نقل المعسكرات من المدن إلى المناطق التي يجب أن تكون تلك الوحدات فيها دفاعا عن السيادة الوطنية، والإبقاء على معسكرات معينة للشرطة ( الأمن العام ) وحراسة المنشآت العامة.

• معالجة الاختلالات الأمنية والاقتصادية والإدارية والتموينية،والإشراف على إعادة إنتاج النفط والغاز وبقية الثروات وتنظيم تصريفها للتصدير وللاستهلاك المحلي.

• تشكيل لجنة تعويضات تقوم بعملية حصر شامله للأضرار التي لحقت بالمواطنين والتجار ورجال الأعمال سواءً في المباني والممتلكات أو الخسائر بالأرواح وهي الأهم ، على أن يتم التعويض على فترات متقاربة وبحسب الأولوية والضرورة.

• ملء الشواغر في الجهاز الإداري للدولة أكان على مستوى السلك الدبلوماسي ومحافظي المدن ورؤساء المصالح والمؤسسات العامة والهيئات أو على مستوى مدراء عموم المديريات والإدارات العامة،وإعادة ترتيب أجهزة القضاء واستكمال تشكيل المجالس الأهلية المؤقتة للمديريات والمحافظات لملئ الفراغات في الإدارة المحلية خلال المرحلة الانتقالية.

• إجراء حوارات شامله مع مختلف القوى والفعاليات حول شكل الدولة القادمة ،وإعداد مشروع دستور انتقالي يأخذ بعين الاعتبار حصيلة الحوارات التي سبقت إعداده وخصوصية المرحلة القادمة، إجراء الاستفتاء العام على الدستور الانتقالي ، وإعداد قانون الانتخابات العامة في ضوء الدستور المستفتي عليه.

• إعداد الخطط المناسبة التي تحول دون تبذير المال العمومي والارتشاء والمحسوبية التي ما تزال متفشية من خلال الإدارة المركزية والأجهزة الوطنية اللامركزية ، بالرغم من التدابير والنوايا الحسنة من خلال تحسين شفافية إبرام الصفقات العمومية، واعتماد قواعد عادلة ومحفزة في تدبير الموارد البشرية، وإحداث مجالس محلية للحسابات، واللجوء المتكرر إلى المراقبة الداخلية والخارجية.

• استقلال القضاء : حيث يجب أن يتمتع القضاء بالاستقلال المطلق بدون أي تدخل من السلطة السياسية أو أي سلطة داخل الدولة، وإلا فسوف يختل وسيؤدي هذا الاختلال إلى أن تتوقف ثقة الشعب بالحكومة وتأييده لها على ضمانها العدل والحرية والمساواة للجميع على السواء، وإقناعها الشعب بأن ذلك قائم قولاً وفعلاً، وبكل صدق، وإفهامها إياه أن الحكومة لم توجد إلا لخيره وخدمة مصالحه، لا للسيطرة عليه والتحكم به والتمتع بسلطان الحكم ، كما يجب على الحكومة أن تصارح الشعب حول الوضع الراهن وتقديمها له حسابات كاملة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في الدولة، لأن كتم الحقيقة يولد في نفوس الشعب سوء الظن بها، فيفقد ثقته وتأييده لها، فإذا ما حققت الحكومة تلك المصارحة، يتحول الشعب إلى كتلة متراصة فيعتقد أن كل ما يصيب بلده يصبه هو، وأن الدولة كلها ملكه، فيدافع عنها بكل أمانة وإيمان ،
لكن هذا لا يعني أن يسير المسؤول بوحي الشارع لأن الانسياق وراء جوه العاصف الصاخب وحماسه الملتهب يعد مجازفة بمصير الوطن، على اعتبار أن الشارع غير مسئول ، فالغير مسؤول ينتقد ويعترض، ويطلب ويقترح، لكن المسؤول يزن الأمور بميزان المصلحة والإمكانيات، لأنه عالم ببواطن الأمور، فيجب أن يميز بين ما يجب أن يكون وبين ما يمكن أن يكون، لأن أي خطأ يرتكبه المسؤول قد يقلب الأمور رأساً على عقب، فالوطني الحق هو الذي يواجه الحقائق ويبتعد عن الخيال ويقدم على كل ما يعتقده خيراً وصواباً ، فالاحتراف الوظيفي للمسؤولين والإداريين هو الذي يبني ويصلح ويبعد الوطن عن كل خطر قد يتعرض له، وهذا الاحتراف قائم على الأخذ والرد والمداورة والمحاورة من أجل جلب منفعة أو دفع ضرراً، لأن الصراحة والخلق القويم والتصرف الحكيم، مع تجنب سياسة الخداع والمكر من أهم أسباب النجاح في معالجة المشاكل وحل القضايا الصعبة.

• التغلب على الانحرافات والممارسات غير القانونية، مثل تعيين الكفاءة غير المؤهلة ؛ وعدم استقرار موظفي الإدارات والمسؤولين الإداريين ؛ وعدم الاعتبار الممنهج للاستحقاق ، ووجود البيروقراطية المفرطة ، وتقلب الهياكل الإدارية والتعالي المفرط، لبعض الإداريين على الآخرين ، والانفعالية في التسيير، وضعف الاستشارة والحوار، وعدم إعمال مبدأ التفاوض لفضّ التوترات والنـزاعات الإدارية .

• ضمان الأمن المائي للبلاد، و تطوير الزراعة وضمان التزويد المنتظم للمدن بماء الشرب.

• حل المليشيات المسلحة : حيث أنه لابد أن تسرع الحكومة لحل المليشيات وتنفيذ برنامجها الداعي لدمج مقاتلي الشرطة والجيش، و أن تضع يدها على مقدرات الوضع الامني .. وتكون هي الوحيدة المسيطرة وتفرض قوتها وليس جهة ما على الأمني ، وضرورة القضاء على الجهوية أو القبلية الموجودة فيها، لأن ذلك يضعف الوحدة الوطنية

• إلغاء الأجهزة الأمنية وإعادة منتسبيهما إلى المرافق المدنية والوحدات العسكرية التي جاؤوا منها والإبقاء على مجموعة الأمن الخارجي فقط .

• الاهتمام بمدارس الأطفال وتزويد الإدارة والاقتصاد الوطنيين بالأطر الليبية الضرورية، لتحقيق التنمية ، والانفتاح على العالم، ومواكبة الحداثة، وتقوية الروابط الاجتماعية ، وعودة المنقطعين عن الدراسة وتقوية قيم المواطنة، والحد من بطالة حاملي الشهادات، ومعالجة مشكلة الخريجين غير المهيئين لمواجهة تغيرات ومستلزمات الاقتصاد والمجتمع العصريين.

• العمل على تكوين الكوادر العلمية الرائدة لفائدة الإدارة، وفي إنتاج مثقفين وعلميين ذوي سمعة عالمية، و توفير مجالات للخبرة والتفوق، منتجة لكفاءات ذات مستوى عال (مهندسين، وأطباء، ومعلومياتيين، وإداريين، وقانونيين، وأساتذة... إلخ(

• نزاهة أساتذة الجامعات والمعاهد العليا :حيث يجب على أساتذة الجامعات اتخاذ سبل العدل في الحكم على قدرات الطلاب ومدى استيعابهم للمواد المقررة بالحرص على التقييم الدقيق بالانتباه الدائم والإكثار من الاختبارات الجزئية والدورية ، وليس فقط الامتحانات السنوية أو نصف السنوية ، من خلال التنويع الهادف لاكتشاف المواهب والقدرات

• الإهتمام بقطاع الصحة والخدمات الطبية : وإعادة تنظيم هذه القطاعات وتمويلها والارتقاء بها إلى مستوى يستجيب لمتطلبات التنمية البشرية للسكان، وتتمثل إحدى مقومات هذه الاستراتجية في التأمين الإجباري عن المرض، الذي تم الشروع في تطبيقه بشكل تدريجي.

• العمل على التحكم في البطالة : والقضاء على آفة الفقر وإحداث مؤسسات للضبط، واعتماد آليات ناجعة للسياسات الجبائية والمالية والنقدية، والتحكم في التضخم، وتطوير نظام مالي وطني، وكذلك بناء نسيج مهم من المقاولات الصغرى والمتوسطة، ونواة صلبة للمجموعات الخاصة ،والتخلي التدريجي للدولة عن التدخل في الاقتصاد، لفائدة القوى الصاعدة للسوق، وتوفير الشروط الملائمة لقيام سوق عصري، مع ربط الاقتصاد الوطني بالنموذج الليبرالي، المنفتح على شبكة المبادلات الدولية ، بما يحقق تحسن مستوى المعيشة، بشكل عام، بما في ذلك ارتفاع مستوى الدخل والقدرة الشرائية والطاقة الاستهلاكية وسبل الادخار.

• الاهتمام بالقطاع الفلاحي الذي يعاني من قصور كبيرة ، ليس فقط بسبب قلة الماء، ولكن أيضا بالنظر إلى المعيقات المرتبطة بالنظام العقاري، وبنوعية الأنشطة الزراعية

• تشجيع الاستثمارات الخارجية وإحداث عدد أكبر من المقاولات، و ضمان وحدة مصادر المياه والتحكم في الاستهلاك واقتصاد هذا المورد

• دولة المؤسسات أساس الدولة الليبية الجديدة : حيث أن الدولة المؤسساتية المعول قيامها يجب أن تستجيب لمتطلبات الديمقراطية والمعايير الدولية التي تنظم دولة الحق، والحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان ، وتشجيع الأحزاب السياسية و التنظيمات النقابية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، و المنظمات غير الحكومية العاملة في الميدان الاجتماعي، والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، وعن حقوق المرأة، والجمعيات الثقافية والرياضية، هذه الديناميكية للدولة الجديدة تتقوى وتتنوع، لتفتح آفاق جديدة للبلاد.

• ضرورة وجود إطار قانوني لحرية الصحافة والإعلام والنقابات

• سياسة الانفتاح على الصعيد الدولي والحضور الفعلي على الصعيدين الإقليمي والدولي، و انضمامها إلى المعاهدات الدولية الكبرى، ونشاطها في هيئة الأمم المتحدة،و جعل الانفتاح الاقتصادي والتجاري خيارا استراتيجيا ، والانخراط ، في عدة اتفاقيات للتبادل الحر.

• معالجة القصور في مجال إنتاج المعرفة : من خلال التربية والتكوين، ومحو الأمية، والإنتاج الثقافي،و نشر المعارف الضمنية، والبحث العلمي والابتكار ، ونقل قيم المواطنة والانفتاح والتقدم، وما يعتريها من تراجع على مستوى جودة التعلمات الأساسية الضرورية لتنمية القدرات (القراءة، الكتابة، الحساب، التحكم في اللغات(

• اختيار المنظومة الإدارية القادرة على اتخاذ القرار البعيد عن الارتجال والتسرع من خلال الاختيار الأنسب للكوادر المؤهلة القادرة على تحقيق التنمية والتخطيط السليم

• الإيمان بثقافة التقويم : هذه الثقافة لم تكن راسخة في تفكير وممارسة العديد من تنظيمات ومؤسسات ليبيا فالسياسات العامة المنوطة بالإداريين المشرفين على تسيير الشأن العام وبالمنتخبين، لم تكن تخضع للتقويم، ومن ثم، للاستدراك والتصحيح، لتجنب آثارها السلبية المحتملة على المجتمع والفرد ، وحتى في حالات القيام بالمراقبة والمحاكمة، فإن نتائجها نادرا ما تنشر للعامة أفراد المجتمع ، وقلما يتم إطلاع المواطنين المعنيين عليها، وهذا ما حدًّ من مصداقية ونجاعة عدد مهم من المؤسسات والمشاريع

• ضرورة المحاسبة للإدارات المتورطة في انتهاك القوانين الإدارية والعامة: حيث أن المحاسبة أو تقديم الحسابات، وكذلك تطبيق العقوبات الإدارية أو السياسية أو القضائية أو الانتخابية، المترتبة عن نتائج تلك الحسابات، وفي المقابل فإن الإحساس بالإفلات من العقاب سيشجع على التلاعب بالمال العام ، وسدفع إلى تكرار الأخطاء أو التهاون، علاوة على منح مكافأة غير مستحقة للعديد من الأشخاص المفتقرين للكفاءة فالمواطنين لا يرتبطون في علاقاتهم المهنية على أساس نوع من التعاقد مع الإدارة ، فإذا كانت عليهم واجبات كمواطنين، فلهم أيضا حقوق، ومن بينها الحق في المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تدبير الشؤون العامة .

• معالجة الاختلالات الكبرى في مجالات عديدة : مثل القضاء واللامركزية والعلاقات بين الإدارة والمواطنين، أما الرشوة فإنها تمثل تجليا آخر لسوء الإدارة بما أنها تهدد مصداقية المحاسبة (من خلال التلاعب بالقواعد المنظمة) والإدماج (من خلال تجاهل حق المواطنين في المعاملة المنصفة)، وتبرز خطورة الرشوة أكثر في التعامل معها وكأنها سلوك عادي، مما قد يضعف من علاقات الثقة بين المواطنين والإدارة، ويشوش على مناخ الأعمال العامة والخاصة .

• مراعاة المرونة والقدرة على التكيف في وضع الكوادر الوطنية، بشكل يجعلها قابلة لإدماج المستجدات ومختلف الإثراءات البديلة ، وتوفير شروط اندماج قوي للدولة الليبية في اقتصاد ومجتمع المعرفة ؛وإعادة بناء اقتصاد تنافسي يستفيد من الانفتاح ويكافح جميع أشكال الإقصاء وإعادة تنظيم الضمانات والتغلب على الفقر؛ واستغلال فرص الانفتاح وتجنب مخاطره.

• تحقيق الأمن والاستقرار السياسي :حيث أن الانخراط في الممارسة السياسية العادية لن يتحقق دون توفير محيط يضمن الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية، ودون تأمين دور فاعل بل ومؤسساتي للمعارضة السياسية.

• تعزيز سياسة اللامركزية في الإدارة وتشجيع العمل المشترك ما بين القطاعات الوزارية، وبالنسبة للجماعات المحلية فإنه ينبغي أن تتمتع الإدارات الإقليمية بتفويت واسع للاختصاصات والموارد، خاصة في مجال إعداد التنمية الاقتصادية، كما يجب العمل على "استقرار الخريطة الإدارية"، بالاعتماد على تقسيم إداري للمحلايات بشكل أكثر عقلانية، وعلى ترسيخ دور المستويين الاستراتيجيين للامركزية الإدارية للمناطق الليبية ، أي الجماعات المحلية ، كونها تشكل مشروع مهم لخدمة الديمقراطية، ولرفع مردودية السياسيات التنموية.

• استمرار دور مؤسسات الرقابة الإدارية والمالية في لعب دوراً حاسماً في كشف أي انتهاكات قد ترتكب في الإدارة ، على غرار دور وسائل الإعلام.

• إقامة المدارس النموذجية : من خلال إنشاء مدارس يكون لها إشعاع في محيطها، مندمجة في بيئتها وحاملة لأفكار التقدم ؛ وقادرة على ربح رهان الجودة والاستجابة لمتطلبات المستقبل، ويتحمل فيها رجال التعليم، بعد إعادة الاعتبار والمصداقية والاحترام لهم، كامل مسؤولياتهم تجاه أجيال المتعلمين الناشئين، حيث سيكون في مستطاع مدارس كهذه أن تمد البلاد بالموارد البشرية ذات الكفائة الأكاديمية والمهنية لبناء اقتصاد المعرفة وربح معركة التنمية، ومن شأن مدارس بهذه المواصفات أن توفر للبلاد كذلك النخب السياسية والاجتماعية القادرة على إنجاح المشروع الديموقراطي الوطني ، ومن ناحية أخرى، فإن الأمة التي تنخرط في مجتمع المعرفة لا يمكنها الاكتفاء بنقل التكنولوجيات، بل ينبغي لها أن تتوافر على بناءآت وقدرات ذاتية في مجال البحث والتنمية ، وعلاوة على ذلك، فإن إنجاح الاندماج في مجتمع المعرفة لا يمكن أن يتحقق دون الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات .

• التطور الصناعي والخدمي : فمن خلال تطور التنمية البشرية سيؤدي ذلك إلى تطور قطاع الصناعة والخدمات الحيوية الجديدة فيما إذا نجحت ليبيا في الاندماج في اقتصاد المعرفة، مع مراعاة العدالة الاجتماعية وتساوي الجميع أمام الضريبة، وتنافسية المقاولات الوطنية
، وهنا على الدولة الجديدة أن تحسن من قدرتها التنافسية لربح حصص جديدة في الأسواق الاقليمية والدولية، وذلك بالاستفادة من رفع الحواجز الجمركية، وانخفاض التكاليف الجمركية ، للوصول لأسواق جديدة ، ونهج استراتيجية مبادرة، في مجال التصدير، بالتوازي مع سياسة عقلانية لاجتذاب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية؛ وذلك ضمن استراتيجية شاملة ومتجددة لتسويق المنتوج الليبي في الخارج

• القضاء على التمييز بين الرجل والمرأة من خلال ثقافة المساواة :فعلى الدولة من خلال التنمية البشرية أن تقوم بتغيير ازدواجية التعامل مع كلا الجنسين في المجتمع الليبي وتحقيق المساواة، وكذلك المطالبة بحماية المرأة على اعتبار أنها لا تزال تعاني من الحرمان والقهر الاجتماعي المتمثل في حرمانها من حقوقها الأساسية كاختيار الزوج والعمل في إدارات الدولة العليا وتدني مستوى الأجر وغيرها من أشكال التمييز الاجتماعي؛ وعلى هذا الأساس تسعى التنمية البشرية لحماية وتعزيز الفئات المهمشة والفئات المستضعفة.



#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاضرات في القانون المدني
- محاضرات في القانون التجاري
- عامر يا شهيد الأمة
- الشهيد القائد عامر محمد ناجي ثائر من أجل الحق والعدل
- رأي الشهيد القائد عامر محمد ناجي في الحياة والموت والشهادة و ...
- المدى الزمني لسقوط الأسد ونظامه الإرهابي
- سيناريوهات الثورة السورية حسب المعطيات الداخلية والظروف الدو ...
- استراتيجية شهيد الثورة السورية الشهيد البطل عامر محمد ناجي ل ...
- الشهيد البطل عامر محمد ناجي شهيد مدينة دوما الأبية
- من أجل إنشاء مركز للدراسات الاستراتيجية والمستقيلية
- الشباب أمل الأمة في تقدمها
- ملاحظات حول مشروع دستور الجمهورية الليبية
- الإعلام النازي الأسدي في سوريا
- من يحكم سوريا الطائفة العلوية أم الأسرة الأسدية**الجزء الأول ...
- ياسوريا ثوري ثوري
- التناقضات الداخلية التي هزت سورية
- مساهمة العوامل الخارجية في عدم الاستقرار السياسي في سوريا - ...
- خطة عمل مقترحة لمنظمات حقوق الإنسان
- المرأة السورية قدوة المرأة العربية في النضال والتضحية
- بروز ظاهرة الفقر في سوريا في العهد الأسدي الدوافع والأسباب


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزو محمد عبد القادر ناجي - -آفاق التنمية البشرية في ليبيا الجديدة- تحت شعار -التحول من الثورة إلى بناء الدولة-