كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1136 - 2005 / 3 / 13 - 11:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تفضل الأخ الكريم السيد نبيل البازي بتقديم بعض الملاحظات والأفكار حول مقال لي بعنوان: هل من جديد في القضية الكردية؟ ولِمَ إثارة الغبار حولها؟, فنشر في يوم 9/3/2005. تتلخص ملاحظات السيد نبيل البازي إلى أني تجنبت الإشارة إلى حقوق الكلدان والآشوريين في العراق عموماً وفي كردستان العراق بشكل خاص, كما يطرح بعض المطالب التي يفترض أن تناقش مع القوى السياسية الكردية وعلى الأرض مباشرة.
ابتداءً أرجو من الأخ السيد نبيل البازي أن يعود إلى مقالاتي التي أبحث فيها القضايا القومية, بما في ذلك قضايا القوميتين الكلدانية والآشورية, إضافة إلى التركمان في إطار العراق وكردستان العراق. لا شك في أن مقالاً واحداً لا يمكنه أن يبحث في كل شيء بل يفترض أن يركز على المسالة الأساسية التي يريد الكاتب معالجتها والتي أثير حولها الغبار لأسباب كثيرة, وأعني بها موضوع مطالب الكرد في المرحلة الراهنة. وهكذا كان هذا المقال الذي انصب موضوعه حول المسألة التالية: إن المطالب التي يطرحها الكرد اليوم ليست جديدة بل قديمة وصاغها قائد الشعب الكردي الراحل الملا مصطفى البارزاني في الأربعينيات من القرن الماضي. وقد نقلتها نصاً كما وردت في أكثر من مصدر يبحث في هذا الموضوع, وهي:
1. تشكيل ولاية كردستان, والتي تعني بلغة اليوم إقامة الفيدرالية الكردستانية.
2. تدخل ضمن هذه الولاية الألوية الكردستانية التي كانت قائمة حينذاك, وهي لواء كركوك ولواء السليمانية ولواء أربيل, ولم يكن دهوك ولواءً بل قضاءً حينذاك.
3. تدخل الأقضية التي أدمجت حينذاك بلواء الموصل وهي كردستانية بولاية كردستان, وهي الأقضية التي يتحدث عنها الكرد حالياً أيضاً, ومنها قضاء دهوك الذي أصبح فيما بعد محافظة.
وهي ثلاثة مطالب من مجموع تسعة مطالب طرحها الملا مصطفى البارزاني على وفد الحكومة العراقية في عام 1944, وهي ليست صياغتي للمطالب. وهذه المطالب لا تختلف عن المطالب التي يطرحها الكرد حالياً, بل متطابقة تماماً مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الولاية حينذاك تعني الفيدرالية في هذه الأيام.
عندما يصدر كتابي الجديد الموسوم "لمحات من نضال حركة التحرر الوطني للشعب الكردي في كردستان العراق" سيرى السيد البازي بأنه يتضمن فصلاً خاصاً حول الكلدان والآشوريين, باعتبارهم من أصل سكان العراق وأنهم ورثة الدولة الكلدانية والآشورية في العراق القديم, ولهم حقوق وواجبات كما لكل العراقيات والعراقيين. كما أن المقابلة التي أجراها أحد الأخوة من موقع (عينكاوة) على الإنترنيت يوضح موقفي من هذه المسألة. ولا أخشى في طرحي لرؤيتي في الموضوعات لومة لائم.
لا شك في أن هناك بعض القوميين الشوفينيين الكرد, وهم ليسوا كثرة, كما هم موجودون بين العرب وغيرهم من الأقوام, وكذلك بين الكلدوآشوريين, يرفضون الإقرار بالوجود القومي للكلدان والآشوريين, وبالتالي يرتكبون نفس الخطأ الذي ترتكبه كل القوى القومية المتشددة واليمينية في بلدان المنطقة.
إلا أن الأحزاب الديمقراطية الكردية أكدت في أكثر من مناسبة بأنها تعترف بوجود القوميتين (كلدو آشور) في كردستان العراق أولاً, إضافة إلى وجود التركمان, والعرب في كركوك أيضاً, وأنها تستجيب لحقوقهم.الثقافية والإدارية المشروعة ثانياً. وأنها تسعى إلى تعزيز التآخي وروح المواطنة الكردستانية والعراقية على حد سواء ثالثاً. ومع ذلك ما أزال أرى ضرورة أن يتخذ المسؤولون في كردستان العراق والعراق بشكل عام جملة من الإجراءات في مجال الدستور العراقي والممارسة العملية, ومنها:
1. أن يتضمن الدستور العراقي الدائم نصاً يشير بوضوح إلى أن العراق بلد متعدد القوميات. فإلى جانب وجود القوميتين العربية والكردية, توجد قوميات أخرى هي الكلدانية والآشورية والتركمانية, وأن لهذه القوميات الحقوق والواجبات التي تصان وتحترم في إطار الدولة العراقية وفي فيدرالية كردستان.
2. أن يتضمن دستور فيدرالية كردستان نصاً يشير إلى التعدد القومي لشعب كردستان وأن القوميات الأخرى لها حق التمتع بحقوقها الإدارية والثقافية ضمن الوحدة الجغرافية لكردستان.
3. تحريم العنصرية والشوفينية والتمييز القومي والديني والمذهبي بين سكان العراق وبين أتباع مختلف القوميات والأديان والمذاهب.
4. وأن تصدر قوانين وأنظمة وتعليمات تنظم حقوق القوميات المختلفة على صعيد كردستان وعلى صعيد العراق كله.
أدرك تماماً بأن شعباً لا يعترف بالقوميات الأخرى التي تعيش معه في منطقة جغرافية واحدة ولا يحترم حقوقها القومية المشروعة والعادلة, لا يحترم قوميته ولا حقوقه, ويقود المجتمع إلى كوارث لا حصر لها, والعكس صحيح أيضاً.
أدرك تماماً بأن اسم مدينة أربيل هو قديم ومتعارف عليه محلياً وعراقياً وإقليمياً ودولياً, وأعرف أيضاً بأن الاسم الكردي لهذه المدينة هو هاولير. وليس عيباً أن يكون للمدينة اسمان, كما أن بغداد لها اسمان هما بغداد ودار السلام, ويمكن أن يكتبا جنباً إلى جنب, أو أن يكون اللواء أربيل والمدينة هاولير. إن اسم أربيل معروف عالمياً ولها تاريخ قديم ولا يغير هذا الاسم التاريخي من كونها مدينة كردستانية. وكان بودي أن يبقى اسمها أربيل لمعانيه التاريخية والحضارية.
لم أتحدث في المقال المشار إليه في أعلاه عن الكلدان والآشوريين الذين كانوا أو ما زالوا يعيشون في كركوك والتهجير الذي لحق بهم, إذ تحدثت عن ذلك في مقالات أخرى. لقد كنت في مقالاتي واضحاً جداً, وبودي أن أعيد ذكر موقفي إزاء مدينة كركوك.
مدينة كركوك من حيث الجغرافية والتاريخ كردستانية, كما أنها عراقية, وهي مدينة متعددة القوميات والثقافات ويسكن فيها الكرد بجوار التركمان والكلدان والآشوريين والعرب. ويمكن أن تقدم هذه المدينة نموذجاً يحتذى به للتعايش السلمي والديمقراطي والحضاري بين القوميات والثقافات المختلفة, كما يمكن أن تصبح موقداً للمشكلات والنزاعات. وهذا يعتمد على الحلول الإنسانية التي نسعى إليها في هذه المدينة الغنية بالنفط.
أشرت في مقالي السابق إلى أن الحل يسير بالاتجاه التالي:
1. إعادة جميع المرحلين الكرد والتركمان والكلدوأشور قسراً من هذه المدينة بسبب سياسات النظام السابق العنصرية إلى المدينة, لأن ذلك يتماشى مع الحق والإنصاف وإزالة آثار العنصرية والتعريب والتغيير المتعمد للبنية السكانية للمدينة.
2. ترحيل العرب الذين رحلوا قسراً أو بالترغيب إليها من قبل النظام الصدّامي أو بسبب سياسات التعريب التي مارسها النظام إزاء هذه المدينة. وإعادتهم إلى أماكن سكناهم السابقة وبصورة إنسانية وحضارية وتعويض كل المتضررين من تلك السياسة. وهذا الترحيل لا يمس العرب الذين كانوا يعيشون في هذه المدينة قبل بدء تنفيذ سياسات التعريب العنصرية في المدينة.
3. إعادة بنية لواء كركوك إلى ما كانت عليه سابقاً وقبل إجراء التغييرات الكبيرة فيه, أي إعادة الأقضية والنواحي والقرى المقتطعة من اللواء إليه. ويمكن العودة في ذلك إلى التوزيع الإداري للأقضية والنواحي والقرى وفق الإحصاء الإداري لعام 1962, حيث لم يكن النهج السائد حينذاك فاشياً وعنصرياً,
4. يجري إحصاء السكان بعد إعادة ترتيب الأمور كما كانت عليه قبل الإجراءات العنصرية والتطهير العرقي التي مارسها الدكتاتور في العراق.
5. ويمكن ممارسة نفس الأسس على خانقين وغيرها من الأقضية التي يطرحها الكرد باعتبارها مناطق ضمن كردستان العراق والتي تعتبر من النواحي السكانية والجغرافية والتاريخية واللغوية كردستانية حقاً.
لم أخف على الأصدقاء الكرد وجهة نظري بشأن حقوق القوميات الأخرى في كردستان العراق. وقد قلتها بوضوح ورجوت منذ عام 2002, أي قبل سقوط النظام الدكتاتوري, إلى العمل من أجل إصدار قانون خاص بحقوق القوميات في اتحادية كردستان العراق. وكان الأمل أن يصدر مثل هذا القانون منذ فترة غير قصيرة, وأملي أن يصدر بأقرب وقت ممكن, إذ في ذلك موقفاً ديمقراطياً ومدنيا وحضارياً في آن واحد. إن المسائل التي تطرحها الأحزاب السياسية الكلدانية والآشورية يفترض أن تكون موضع نقاش مع القوى السياسية الكردية ومع حكومة اتحادية كردستان وفي داخل المجلس الوطني. ولا أجد ما يتعارض مع صدور قانون يؤمن الحقوق الثقافية والإدارية للقوميات الأخرى في كردستان العراق, بل أجده واجباً وضرورة ملحة. فالذين ساندوا القضية الكردية طوال عقود ينتظرون ذلك من الشعب الكردي وقواه الوطنية والديمقراطية.
برلين في 10/3/2005 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟