أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثورة سورية أم ثورة إسلامية في سورية؟















المزيد.....

ثورة سورية أم ثورة إسلامية في سورية؟


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 17:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مع تقدم الزمن بالثورة السورية، أخذ يبرز لها وجه إسلامي متمركز حول عقيدة الإسلاميين (وهي شكل ما للإسلام)، وليس حول القضية السورية العامة. وما يثير التساؤل هو ما يبدو من أن هذا الوجه برز فجأة وعلى نحو مبالغ فيه في صيف هذا العام، بعد أكثر من عام وربع العام على الثورة. قبل ذلك كانت المظاهر الإسلامية أقل عددا، وتنتمي من حيث النوع إلى الإسلام الاجتماعي العام. هذه المظاهر الأخيرة استيعابية، فيما تغلب الصفة الاستبعادية على المظاهر الصاعدة اليوم.
فما الأصل في هذا الظهور المندفع الذي يشبه استيلاء رمزيا على ثورة ضد الطغيان، لها محركات اجتماعية معلومة، ولم تتفجر نصرة لدين أو تحقيقا لعقيدة، على ما توحي تعبيرات متواترة للمعبرين عن هذا الوجه الإسلامي؟ هل يحتمل أن هذا هو الوجه الخفي للمجتمع السوري الذي لم تتح له فرصة للظهور؟ أو الذي لم نكن نعرفه لضآلة فرص تعرفنا على مجتمعنا المحجوب؟ أم أن تحولا زلزاليا عميقا يصيب المجتمع السوري خلال 600 يوم طويلة وكثيفة من التنكيل المستمر، فيدفع إلى السطح طبقة أعمق من وعيه واجتماعه؟ أو ربما يكون هذا وجها مصطنعا، تواطأت على ظهوره مؤثرات مالية وإيديولوجية وإعلامية خارجية، خليجية تحديدا؟
نميل إلى أن هذا الوجه هو أساساً نتاج تضافر كل من القسوة الوحشية والتمييزية التي تعرضت لها البيئات السورية الثائرة، والدعم الذي قدمته شبكات مالية وإيديولوجية تشرط دعمها المادي بشروط عقدية محددة، وعلى خلفية تآكل طويل الأمد للدولة العامة والفكرة الوطنية. هذه الجهات سلفية العقيدة تحديدا، يلتئم بعضها حول رجال دين معروفين في بعض دول الخليج العربية، منهم الكويتي نبيل العوضي والسعودي محمد العريفي، فضلا عن عدنان العرعور، السوري المقيم في السعودية منذ عقود، على ما أظهر تقرير موسع أصدرته مؤخرا المجموعة الدولية المهتمة بالأزمات ("هل هو الجهاد؟ المعارضة الأصولية في سورية"، 12 تشرين الأول الماضي).
كان المجتمع السوري الثائر قد خبر خلال عشرين شهرا حالة انكشاف تام وفقدان جذري للسند، مع تعرضه لاستهداف تمييزي من قبل نظام طغموي ليس مبرأ من الطائفية، ويلقى دعما فاجرا من قوى ذات هويات طائفية فاقعة، فقد بعضها مقاتلين كانوا يقومون بـ"واجبهم الجهادي" في قتل الجيران السوريين. وهو ما يشكل بيئة ممتازة لتأثير الدعاة السلفيين، المحليين والعرب، وللتعبئة حول واجبهم الجهادي الخاص.
من جهة أخرى، بتبسيطها وإجاباتها الواضحة على أسئلة من نوع: من هو العدو؟ وما هي المشكلة؟ وماذا نريد؟ توفر العقيدة السلفية لقطاع غاضب من القاعدة الاجتماعية للثورة إطارا نضاليا ووجهة للغضب وشعورا واضحا بالغاية المرتجاة. يتكون هذا القطاع من الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى في الضواحي والبلدات والأرياف، وقد خبرت أشد تدهور في أوضاعها ومقدراتها في سنوات حكم بشار الأسد، بفعل التحول نحو اقتصاد السوق ونشوء سوق عمل جديدة محابية لشرائح اجتماعية أعلى. وهي لذلك بالذات غاضبة، وسهلة التعبئة السياسية. يذكِّر الأمر بجاذبية حزب البعث لقاعدة اجتماعية مشابهة في خمسينات القرن العشرين. الفرق بين الجالتين يكمن في الجمهور المتضرر، وفي نوعية العرض الإيديولوجي المتاح.
وكميل عام يبدو أن العقيدة الدينية، وفي صيغها الأكثر تبسيطا وتشددا بخاصة، هي الأنسب اليوم كأرضية فكرية للمقامة المسلحة في مواجهة قوة عدوانية متطرفة. ولها في ذلك ميزة عظيمة: إضفاء قيمة إيجابية على الموت في المعركة: الاستشهاد، واعتبار المعركة ذاتها واجبا دينيا: الجهاد.
فإذا اجتمعت هذه الأوضاع مع وجود شبكات دينية سياسية ناشطة سلفا، تملك المال أو تقدر على جمعه، وتنزع تلقائيا إلى إدراج الثورة في السورية في سياق صراع إقليمي ذي بعد طائفي ظاهر (ويوفر خصوم الثورة المجاهرون ما يحتاجه الراغبون من أنصارها من براهين عليه)، صار هذا التطور اللافت أمرا مفهوما.
قبل الثورة كان في سورية مجموعات سلفية دعوية مبعثرة. هناك جهاديون أيضا، لكن مجال عملهم يقع في البرزخ الغامض الذي يتفوق علم أجهزة المخابرات السورية به علم غيرها. وبينما لا يبعد أن سلفيين دعويين تحولوا إلى سلفيين مسلحين في مسار الثورة، وأن سلفيين جهاديين أفلتوا من قبضة النظام وانقلبوا عليه، فإنه لا يبعد أيضا أن بعض مظاهر الوجه الديني الظاهر اليوم صناعة مخابراتية.
لكن هل يتعلق الأمر بتحول عميق وغير عكوس، يُرجّح لآثاره أن تدوم طويلا بعد زوال محرضاته المباشرة؟ أم بتحول عارض وضحل، يمكن أن ينعكس بسهولة بعد ارتفاع أسبابه القاسرة، بحيث تعود الروح المعتدلة، الدينية والدنيوية، التي وسمت الثورة السورية طول عام وأكثر إلى فرض نفسها؟ ليس التقدير سهلا. فالتجربة الكاوية التي يمر بها ملايين الناس في عشرات المواقع البلد تتسبب في تصلب نفسي ينجذب إلى العقائد الخلاصية الواضحة والمبسطة، أكثر من أية أفكار مركبة.
ثم أن عنف التجربة، ولا نزال في غمارها، يضعف فرصة أن تستطيع أية أصوات سياسية دينية معتدلة إسماع صوتها أو التأثير على جمهور يتعرض لنزع إنسانيته. الأحرى أن يشكل هذا الشرط بيئة مناسبة لأصوات تحريضية مهتاجة لتفرض نفسها وأجندتها أكثر وأكثر، دون اعتراضات قوية من أحد. وفي مثل هذه الشروط تنزع الفروق بين الإخوان والسلفيين، وبين هؤلاء والسلفيين الجهاديين، إلى التضاؤل، ودوما لمصلحة الطرف الأكثر تشددا. وقد يكون من محصلات الثورة السورية أن يخرج الإخوان الطرف الإسلامي الأضعف.
ليس هذا هو الميل العام هو الوحيد الشغال في الثورة السورية، لكنه الأقوى، ويبدو أن الزمن يلعب لصالحه أكثر من غيره.
ومعلوم أنه كلما كانت ظروف الثورات أشد قسوة كان هذا أنسب للمتشددين فيها. في الثورتين الفرنسية والروسية صعدت لجنة السلامة العامة والبلاشفة، بينما احترق الجيروند والمناشفة بنار المعاناة العامة.
ولذلك يحتمل أنه كلما طال الأمد بالثورة السورية وبالحرب الأسدية عليها كان هذا أنسب للمجموعات الأكثر تشددا، وأسوأ لأية أصوات ومجموعات أكثر اعتدالا. وعليه فإن سياسة الاعتدال، والمدخل إلى أوضاع سياسية أقل استبعادية في سورية ما بعد الأسدية، هي سقوط النظام الآن. البارحة أفضل.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلة العلاقة بين العلمانيين والإسلاميين السوريين
- ياسين الحاج صالح - كاتب سوري - في حوار مفتوح مع القارئات وال ...
- بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!
- حوار متجدد في شؤون الثورة السورية وشجونها
- هل الثورة مكتفية أخلاقيا؟
- أخيرا، استراتيجية أميركية حيال الصراع السوري... خاطئة
- الثورة السورية ومسائلنا الكبرى الثلاثة
- حوار في شؤون الثورة السورية وشجونها
- سياسة بين سياسيين، وإلا فحرب بين محاربين
- جماعة -ما تبقى-: السنيون السوريون والسياسة
- جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية
- الموجة الإسلامية الثالثة والثورة: بعض الأصول والدلالات والآث ...
- الثورة في خطر!
- مأزق الثورة السورية
- حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- حوار حول الثورة السورية والموقف الدولي
- كتاب -العقد الأخير في تاريخ سورية...-: جدلية المنهج المنفتح ...
- نزع القداسة عن الثورة
- حوار حول الشأن السوري والطائفية والمستقبل
- ما الاعتدال وما التطرف في الشأن السوري؟


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - ثورة سورية أم ثورة إسلامية في سورية؟