أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم مطر - محاولة في فك لوازم العشق















المزيد.....

محاولة في فك لوازم العشق


هاشم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 18:08
المحور: الادب والفن
    


الى د. عبد الحليم المدني- استاذي

هذا النشيد الذي تأجل بفعل عوامل ارضية، انتشله شيء ما في الأعالي بصمت عجيب، تأمل في رحلة تصوفه الأثيرة نازلا نحو الأرض بعد ان طوت السماء له ملاحفها وهو يطير نحوه (هو) فاصبحت ومضة او رمشة عين ترى وربما لاشيء.
تلك المناظر التي حبسته كانت إلآهية محكمة الرتج، توزعت ارتاجها بحكمة عجيبة على جسد مهمل وابقت على نثار الروح يعوم في فجر مذاب بالخمرة وسَكر السر العجيب. الكثير من الكلام لا ينفع انما للتأمل معناه. وللرضى كسوة من نور اسوة بما يرتديه موزع الاكوان و(كاشف الضر عن البائسين).

المنظر الأول: تحول الخدر الى يقظة، فأبهره المعنى في كل رسم التبس عليه، فلم يجهد نفسه ولم يجتهد بالعثور على الصورة الأثيرة التي غابت في تداعيه مع الحقول والنسيم. فها هي (الوصفة السحرية) التي طالما اطبق قبضتيه عليها فأنفلتت كالزئبق من بين الاصابع في كل مرة، تعود الى الظهور من حنايا الاحدب الكون الرفيع. انبهر في وقت ليس للبهرة او الصباح مكانا هناك، انما النفس التي تنشق عن معناها فتبدو رسما يحسم المعنى فتحرقه الآية. كل شيء منشور للقلوع من دون ريح، ولا شيء فـ(هو) الذي وسع كل شيء.
درجات مطيبة مسومة بكشف السر بلا جبر ولا خافقين. رآه؛ (هو)، (هي) ضمائر غائبة تدله على نصف لم ير له حدود. حبسه المنظر في هذيان قال عنه وقتها: صِحافهُ ملونة من درجات الفضة المطعمة بلون الاستبرق ممشوق بتعشيق غيوم رشقت اعطافها، مُخدِرات تصل الأرض بالسماء فتبدو الجبال رمثا والبحار نقشا. ملفوفة بقماط الوليد الذي كان (هو) منذورا لمصير محبته الأثيرة يبحث عنها في كل شيء. اطبق جفنيه فهو يرى بقلبه مساقط الضياء وما بينها من جنان لم توصف بكتاب. كانت هي تذوب بطيب الرياحين وجلال خلع عذار الحياء، هي الأجمل من بين ما رأى وما تحايل الخيال به بالوصف والترتيل. منزّلة المعاني معقودة بمقطف تحمل فيه اوصاف المحبة اليه. وتدله على سرها، سحرها السرمدي المكشوف والكاشف لقلوب الأقربين.

المنظر الثاني: تحول كما عادته يضبط جلسته مع دقات قلبه، فأكتشف انه لا يجلس على اريكة ولم يتكئ على مسند، انما محفة من ضياء. توسطت (هي) سبع درجات من الشمع المذاب وابتسامة ساخرة من المعاني وما تتلوها. - الم تفهم ما أقول؟ قالت.
كيف يفهم بعد كل اشواط الأذى الذي احاط بجسم وقتما كان له اربع جهات؟ والأن لا يحسب الوقت بأجراء النهار والليل!.
اسدلت الغيمة على ناضريها بما يشبه العتب، تختلس النظر من بين كثيف الضباب، تتأرجح بين عمودي الضياء اللذين حضرا بقدرة قادر مرصعان بالاستبرق الغليظ والسندس الناعم والتماعات من الشذى المسدس يفوق الوصف، فلامس كعبيها سواحل الفضة لشيء ازلي دائم الحدوث. هو الفرح بلقاء أثير، حاولت منعه من النزول فالمناظر التالية تجعله اكثر غربة مع كل اقتراب. تأمل اطراف ثوبها المضاء بالشرر وبحث المجرات عن مستقر جديد، ومع عودة ارجوحتها لذيل السديم التقت عيناه بعينيها. كان كسولا كالشراب يباعد بين أمرين: القرب والبعد. اكتشف ان لسعة الشوق لا تحسبها الفيزياء الكونية ولا تسبرها ارقام الرياضيات، انما كانت تتبع خيوط النظر القادم من المستحيل، اسماه (المنتهى)، عيناها، والذاهب الى نفس المكان الذي جعل للصخر ورقا وللمحبة أمرا يصدر عن لاعج اثير. شحبت الخيوط مع ذهاب ارجوحتها وعودتها، - متى تعود!؟

المنظر الثالث: اصبعان يتلامسان، او على وجه ادق خنصران، ولحظة جنون (ابليسة) مبتكرة تفصلهما عن بعض من جديد. هو الغيب يمعن (بالأذى) مرة اخرى. ابتسمت - مازال انسيا!. قالت.
اصبح المنظر اكثر وضوحا وكأن الشماته تأخذ فعلها على غرار الحلم. وللؤم بأشده يباعد بابتكار مريب ما جعل للقلب ميلا وللعقل فطنة. شلال ومساقط اخرى جميعها من ضوء يتكسر على منبت واحد تدلق انهارا من اللون ذاته، يسبحان بفرط التذاذ ورغبة كل في مكان لايتصلان. كأنهما بين مرجي بحر (لايبغيان) في الزمان المكان فلا يعرف له اسما. ومع فيض عطري مغامر تسمر فهو لا ينوي النزول لكن حواف الوقت كانت قد ادركته فلفته بقماط ريح معفر بنفحات جعلت لكل شيء معنى وسبب. فاخرجته من الـ (نيرفانا) مكتئباً او الى ما يشبه الدهشة.
ابعدا خنصريهما برجفة اطلقت البروق والرعود، صور وئدت ملامحها منذ لا زمن بمعناه جعلت كل شيء يختفي ويغيب مع خنصرها الذاهب بالمعنى الآجل لأجل مؤجل. حمتله بضع رشقات اخرى من ريح، يحاول عكس الاتجاه كما السمك، لكن الأحدب كان يدور ويدور. ومع الامنيات الغائبة امسك صدره كما عروة خابية من نور مختومة لم يلحقها الضرر من زمن سليمان حتى لانت له الرياح واسقر له المقام. ومع اول جرم يقع بين جبارين تحاورا عن (السبب)، الأمر والعصيان، تخاذل كما نحلة اضلت طريقها فأدلقت عسلها على من لايشتهيه. فلا اثر يقتفيه ولا خنصر يلامسه، سوى قهقهات ترددت وشموع اوقدت، مطفئة الجفون لا تسيح، تأملها بما يشبه العرس من دون عروس.

المنظر الرابع: ما الذي فعلته بنفسك تُوغل بالرضا حد مفاتن تغيب وافراح تؤجل وقلق لا مفر منه تُمسك به كما تمسك بشعرة منها تتطاير معها كي لاتنفلت من بين اصبعيك وتضيع.
وجوه وجوه ووجوه تبدأ بالظهور تعرب خلف ابتسامة طيبة عن شيء وتضمر آخر فلا يعرف من السنابك اهي اولها ام شحتها ام النظير له معناه. كان يتلوى بصافية النور البعيد ويتلظى بشوق اثير لما غادره من الصور. فعلى امتداد النظر الذاهب نحو المناظر التالية كاد يستمع لهمس تحذيرات تطلقها (هي)، قواديس تتوالى فارغة سيسكن احداها فيحبس فيها على مر الزمان ازليا.
قطفت له بشيء بارد افلته فأمسكه كاد قلبها يقع ثم يستقيم مع ارتجاف خصلة من شعر (نخلة) هناك حيثما كانت تراه ولا يراها. تنفس قطعة الزمهرير باضمومة معطرة تذكره برغاباته التي كاد يطولها، يرق لها قلبه رقاق حديث لم يدركه. وبينما هو غارق في وصال الخيال ويصب زيت خابية النور على شفتيه يلعق باقيه سمع الارتجاج الذي فصل المنظرين وفصلت الرتج.

المنظر الخامس: غلالة من هواء لفته وسلّم يفضي الى جنان وردية في الأعلى وخيوط الحلزون الذاهب اليها اصبح يتسلقه بقلبه، وما تحته ليس اكثر من صور الفؤوس والصولجانات، ثم السيوف، ثم شهاب تنطلق وتثور وسمط جنود ذاهبون.
مع غياب الأثر الذي تفقده برحلته وجعل نزيف روحه وقفا لمحبة، لم تبدو لناظريه اكثر من سراب فلم ترده (المكالمة). ومابين محلين، بين قوس الوتر وسهمه، وبين رأسه ومرماه استسلم لغيبوبته وما يزال بـ (إبتداء). تلك المرارة التي اوشكت ان تهرئ نسيج بساط عودته فتشبه بالوليد العجوز ناسيا اسمه فنادته به من موضع يلوح منه اذى الجمال وسره العجيب. حيث كان الضوء مركبا يحمل اليه رشقات من كلام عذب وصل مسمعيه بالكاد بأول حروف النور تتقافز كما وعول شكّلتها الغيوم من تحته فهي سر المحاكاة الذي لم يجد له سببا غير انها، اي الغيوم، ترش ما فيها فتوصل محبتها (هي) جبيبته اليه، وهذه اول مرة يسامح جسارته لانه استفاق من غشيته فسيقتله الهيام.

المنظر السادس: على وشك الصدود ونزع الحجب الذاهبة مع نفس راضية تعوم، كانت الهضاب الناعمة تنعسه فيفيق على عبارة ترددت وينطلق صداها يخترق خمس طبقات وواحدة يقيم فيها هي ما تبقى له ترفل بالخيال تضعه بعيدا عن التمني. -لم اقل لك تعال؟ قالت.
الأرجوحة والأصبع من جديد لم يمسسه، كان يصعد وينزل مع حبليها المضائين مصحوبة بشرائط اللون العجيب، يلتف على نفسه كما الحلزون ينفلت من مكان ويذهب. امسك بخصلة منه فتلونت يداه بلونه وتغطت برميس منه. اطبق قبضتيه عليه، اي على شريط النور الملون وعاد به الى منظره الأخير.

المنظر الأخير: اللون
هذا المنظر لا يشبه ستة مناظر رأها، فقد تشبه(هو) بصانع الفضة التي جعلها تسيح ويصنع منها الصلبان والأهلة والآيات، يناوبها على صدرها (هي) فيخفت وهجها؛ والتماعها اقل بكثير من رقة كان يعاينها، بالوان اربكته تجاوزت حدود ابتكار قوس قزح وسحر الغياب الذي جعل منه دواة وفرشاة. فيض عظيم من سواحل مضاءة بالوان اللهب والجليد مع كل ما تبتكره الطبيعة من قياسات بلا حدود وتقذف للبشر بشرر اسرار جديدة.
افلت من بين اصابعه خيطي الارجوحة التي بدأت تغيب يراها بين السحب اقواسا لاتحتمل انحناءاتها فتتكسر بالتماع يأتيه بالودق الذي يرسم له حدود حصته من اذى الاشتياق (لها-له) من جديد. حبسته خيوط المطر في منظر جديد.



#هاشم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد المشروع الديمقراطي
- كنت جميلا بما يكفي ان تغادر بصمت
- حداد
- زهرة
- سوسن ابيض للكاتب المبدع محيي الأشيقر -البحث عن زمن جديد-
- أصدقائي والخريف
- «كيفك انت» :الرسالة التي تذكرها صاحبي
- مجزرة النرويج وفكرة المواطنة لجيلنا الثاني


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم مطر - محاولة في فك لوازم العشق