أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاشم مطر - في نقد المشروع الديمقراطي















المزيد.....



في نقد المشروع الديمقراطي


هاشم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين نهرين
«في نقد المشروع الديمقراطي»


لست بوارد الكتابة الشاعرية كما يبدو عنوان المقال، انما في وارد الاحالة او التأشير الى فكرتين. الأولى اكتسب معها اليسار المعيته من بيئة لم يكن طرفا فيها على النحو الذي يجعله عنصرا فاعلا بالتحولات، وحتى ان كان شاهدا فشهادته (مطعون) فيها في عصرنا لعدة اسباب، منها طبيعة مرحلة ازدهاره التي تزامنت مع معسكرين متعارضين متناحرين ووضع دولي منقسم بين شرق وغرب، تواصل بشكل شاهد تمثل بجيل المهاجرين يرون انحسار التجربة بمرارة واغتراب فيجعلهم على حافة التمني بل حتى الحفاظ على ما تبقى. اما الضفة الأخرى فهي ضفة التجديد والحداثة وعلى وجه التحديد الشباب والتجارب الحديثة.

مقالان لكاتبين مرموقين هما الاستاذ صبحي مبارك مال الله، والاستاذ جاسم المطير على صفحات العدد 15 من جريدة التيار الديمقراطي، يتحدث كل منهما من زاويته عن التيار الديمقراطي وتجربته،
تزامن ذلك مع مقال الاستاذ الدكتور تيسير الالوسي «أولويات البديل الديموقراطي في العراق» في الحوار المتمدن.
HTTP://WWW.AHEWAR.ORG/DEBAT/SHOW.ART.ASP?AID=317044

فوجدتها فرصة لفتح حوار اكثر جرأة.
اشير هنا ان كلا الكاتبين هما زملائي في التيار الديمقراطي، حيث الاستاذ صبحي منسق التيار في استراليا ونيوزلند، والاستاذ المطير منسقه العام في هولندا، اما الاستاذ الالوسي فهو ناشط ديمقراطي مرموق. وجميعهم من الاستاذة الكبار كل في حقل معرفته وشغله. انا كاتب هذا المقال المنسق العام لتيار الديمقراطيين العراقيين في الدنمارك. والجميع ينتمي الى الجيل الاقدم بهذا القدر او ذاك. وبهذا الكشف المبسط نكون سهلنا مهمة التعاطي مع النسق الديمقراطي وعلى وجه التحديد التيار الديمقراطي الوليد.

ان نكون ناشطين في الحقل الديمقراطي لا ينفي ذلك بأي حال من الاحوال ان نكون ضالعين (ربما) بوأد التجربة الجديدة من حيث لاندري. وحينما يواجهنا هذا القول الثقيل نكون قد اجبرنا انفسنا على معاينة الأمر من جوانبه الاخرى.
فكرة التيار الديمقراطي كمادة حياة جديدة يجب ان تتصف كذلك بمواصفات جديدة، أما ان تكون على نسق وخبب التجارب ووقعها الرتيب بالتكرار فذلك هو ما نأسف له ونكون قد وفرنا لانفسنا حسب حرية التداول المحدود وفق المنهل المتوفر من سجل الماضي الذي لم تسبر تجاربه وبقي كحالة خلاف اكثر من كونه علامة اتفاق. وبذلك نكون قد قدمنا وجبة بائتة مع منظر ربيعي مزهر حتى وان كان متخيلا فالخيال عنصر الابداع الاول. اضافة لذلك ان نكون في ضفة واحدة هي ضفة التيار الديمقراطي وما يحمله من أمل، لايعني بالضرورة الانسجام التام ووحدة الرأي بكافة الجوانب. ولذلك استميح الجميع عذرا بان تتسع صدورهم لسماع رأي مغاير بعض الشيء. عدم التجانس هذا يجب الا يضعنا بوارد قطع الطريق على حداثة التجربة نفسها، فهو غير جائز بأي حال من الأحوال، فكل ما نعنيه ونتصدى له غرض واحد هو ان نصل الى صياغة سليمة حداثية لفكرة التيار الديمقراطي واوجه نشاطه ومن ثم اهدافه.

حداثة الفكرة، تشكل المحتوى الذي جعل الكثيرين ممن اعتزلوا العمل السياسي التفكير بالانخراط في التيار بهذا القدر او ذاك، بل تشجع بعضا منهم ان يضع كامل طاقاته وان يسخر تجربته في خدمة المحاولة الجديدة. من جانب آخر تشجع الكثيرون على الاقتراب بخطوات متباينة من التيار، وعموما شكل هؤلاء حالة مساندة رائعة لم تحض بها حركة سياسية يسارية منذ اربعين عاما. اما المهم من هذا كله هو استجابة وسط اخر مهيئ ذاتيا بسبب تراكمات ما بعد التغيير للعمل فعليا في النشاط الديمقراطي. فيما بقيت شرائح كبيرة، وهي الأهم من حيث الاستهداف، بانتظار ما ستفسر عنه هذه التجربة، طريقة عملها وتوجهها وتقديمها للجديد.
وهنا نكون قد وصلنا الى اول صياغة للفكرة بمعنى الحداثة بأن تأخذ لبوسا اخرى غير تلك التي جرى استهلاكها بل اهترأت بفعل عوامل كثيرة، فاصبحت صوتا لا يسمعه حتى القريبين. ذلك ان عامل اليأس من واقع الحال مع فقدان الامل بتقديم حالة جديدة اصبح ضربا من ضروب المستحيل. هذا النمط المكرر للتجارب الذي لم يرق الى مستوى الخطاب الحداثي المطلوب اولا من تلك التجارب، عمق على نحو اوسع حالة الانزواء واليأس التي لازمت حركة المجتمع منذ اربعين عاما ولحد الآن.
ولكي نكون اقرب الى واقع الأمر، يفترض ان نعنى بحوهر الفكرة اولا ثم طريقة عرضها والترويج لها وفيما بعد هدفها. جوهر الفكرة يجب ان ينصب نحو تشكيل حالة عامة واسعة وبهذا يجب ان تكون مقنعة غير ملتبسة او مقنّعة، بقصد الشفافية والوضوح.
وبهذا اسجل اعتراضي على صيغة وآلية التشكيل الذي يأخذ نفس الصياغة القديمة بالتمثيل اي شكل الجبهات بين احزاب ومنظمات، رغم اهميتها تبقى مؤطرة وفق صياغة قديمة رنانة يختفي صوتها الى خارج حدود صالات الاجتماعات والاتفاقات. اضافة الى جملة الآليات التوافقية كدورية التنسيق العام كل اربعة اشهر، اسأل: ما الذي سينجزه المنسق العام خلال اربعة شهور؟ فما ان ينتهي من تحديد اتجاهاته حتى تكون فترة بقائه قد انتهت! وكأن الامر ترك عن قصد كي لا يتمكن التيار من متابعة خطواته.
اضافة الى الحق التمثيلي للأحزاب هو محبط بكل المقاسات، فاذا ما انفتحنا على تجربة جديدة نكون قد انفتحنا على اليات عمل جديدة اخرى غير نسبية التمثيل، ولا اعتقد ان هناك من سيعارض وجود القوى السياسية في قيادة التيار فيما لو ترك الأمر يتلاءم مع الالية الحرة الجديدة. فلا ضرورة لتسمية الحركة الجديدة بالتيار اذا ما كان توافقا بين احزاب وشخصيات، فهو تكرار لتجارب قديمة. وبهذا ينبغي على القوى السياسية ان تكون لها مبادرة شجاعة جديدة تحسب لها تأريخيا. تلك المبادرة التي يجب ان تنقل المجتمع من حالة الركود والجمود الى الحراك والفعل البشري المهم. فأسمحوا لي ان أقول: رغم كل الدعوات الى حضور انشطة احتجاجية ومطلبية لم يرق حضور القوة العددية الى مستوى الطموح بل محبطا بالكثير منها، فيتكرر السؤال لماذا؟ وتكرر الاجابة بأن الشعب مستنزف وفاقد للأمل.

هذا المدخل المبسط ارجو ان يكون فاتحة لدراسة معمقة واعية لظروف المجتمع ومستوى تأثير اليسار والعلمانية فيه، ثم التفكير مليا بفكرة المشروع ذاته وسبل توجيهه، واختيار الية جديدة لطبيعة نشاطه.
هذا ليس نقدا سلبيا او اجحافا بحق القوى المشاركة بالتيار، انما العكس فهي تستحق الثناء والتقدير بجهدها وريادتها ودورها المهم، انما ميلها الى الابقاء على نمطية المؤسسة يجعل من الفكرة ذاتها محدودة ولا تحمل مواصفات رواجها وتسويقها. وبهذا يفترض ان تكون فكرة تأسيس التيار فكرة شعبية عامة مسندة من قبل قوى اليسار والعلمانية تبتعد عن صفتها التمثيلية وتفتح الباب امام افكار وتجارب حداثية اخرى.

لم تكن فكرة التيار للأسف بهدا المعنى الذي يطلق مبادرة كبرى، فعلى امتداد عامين ورغم الاتساع الملحوظ لتوسع قاعدة التيار الا ان السواد الاعظم من الناس بقي خارج الهدف. هذه اولى التداعيات التي يجب على التيار اخذها على محمل الجد والمسؤولية باعادة انتاج نفسه قبل فوات الآوان، فما زالت الفكرة تمتلك عناصر وجودها وتألقها فيما لو جرى العناية بها وتقديمها كمشروع جديد.

في حدود هذا المنطق او خارجه قليلا تأتي مساهمات الزملاء النشطاء وفق تحميل لغوي مترهل بالبرنامجية التي لا تختلف عليه احزاب اليسار واليمين وحتى الردكالية الاسلامية، فأين اذن حداثة المشروع؟. حداثة المشروع تكمن في مكان اخر هو ان يكون مقنعا للناس ان يصل لهم اولا كي يكون سياقه الخطابي البرنامجي رائجا يختاره الاخرون من بين البرامج الاخرى، المتشابهة اصلا، وان كانت مماثلة له، فهنا تكمن حقيقة المصداقية وهي سمة اعلامية تحريضية مهمة. سيما ان التجارب الحديثة تأخد الصفة العامة والشعارات العريضة. هناك فرق كبير ان تنبري مثلا لعقد صفقة (مصالحة سياسية) لاصوت لك فيها وبين ان تضع امكانياتك عمليا لانشاء مدرسة او قرية نموذجية او تحديث مدينة صغيرة او اي مشروع عملي اخر.

لا اعرف حقا لماذا يحمّل التيار الديمقراطي هذا الارث الذي ذهب اليه الاستاذ صبحي مبارك بتوصيفه للتيار الديمقراطي بقوله: «ويحمل القيم الديمقراطية والأرث السياسي الذي ناضل من أجله الشعب العراقي ومنها دحر المعاهدات الأستعمارية وخوضه الأنتفاضات الكبرى المعروفة والتي قام بها الشعب أنذاك». انتهى المقتطف.
اقول ان تاريخنا هو تاريخ سجال وخلاف، وعندما تتوالى الاجيال تكون الرؤى مختلفة الى حد بعيد عن الرؤية المكتسبة، ربما اختلف بهذا القدر او ذاك مع رؤية الاساذ صبحي لكنني اتفق معه بمفهوم المواطنة. فلماذا نترك المشتركات كأولويات بينما تكون انطلاقاتنا من مبدأ مختلف عليه اصلا او على اقل تقدير بحاجة الى مراجعة. ينسحب هذا القول على مفاصل اخرى كانت على نحو مسلمات كثورة 14 تموز، للحد الذي يدعونا بان نختارها رمزا لتاريخ العراق وجعلها عيدا وطنيا؟ او حتى الموقف من احداث كبيرة اخرى ما زالت على طاولة الاكادميين والباحثين. لست بوراد (مع او ضد) ابدا، انما اقول ان منطلقات التيار الديمقراطي يجب ان يكون لها منهل آخر من واحة اخرى. اسأل: متى راجعت الاحزاب اليسارية تاريخ العراق حتى تؤخذ كثوابت من قبل التيار، الفكرة الناهظة الجديدة؟. اعتقد ان على الاكاديميين الناشطين في قوى التيار الديمقراطي ان يقدموا وجبة ذات مذاق مختلف عما اعتاد الناس عليه عقودا، تتناسب مع حركة المجتمع واجياله بكل الانقطاعات والانحسارات. ربما هناك من يقول: ليست الحداثة بمعنى القطع مع التاريخ!. اجيب: وهل قيام الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي ليس تأريخا؟ او عهد التسلط التركي لـ 400 عام ليس كذلك؟. اضيف: نحن لسنا بحال سجال لم ينته، انما بصدد واقع، بمعنى ان تكون منطلقاتنا من يوم ولادتنا، نتصل بحدث الماضي بمعايير منضبطة غير مرهقة للمنهج الجديد.

عرض الاستاذ صبحي مبارك برنامج التيار، وهو امر جيد، ولكن ما قيمة البرامج التي تزدحم بها صفحات الاتنرنت والفيس بوك لتجمعات ديمقراطية ومنظمات واحزاب من دون مريدين. ربما من المفيد ان اذكر بمقولة علي ابن ابي طالب (لارأي لمن لايطاع). اعتقد ان خطوة واحدة وسط زحام المارة انجع من الف برنامج. نعم يجب ان نكتب انما كتاباتنا يجب ان تكون باتساق الحدث اولا ومدى تفاعل الناس مع اول جملة نقولها. اقول علينا الا ندور بدائرة المسلمات التي ننتقد فيها الاسلام السياسي، فاليسار ايضا له سلته الجاهزة الحاوية على الذخائر والفرائد التي ما عادت مقنعة بالنسبة للكثيرين. تلك المفاهيم التي تنحدر وكأنها سيل وكتحصيل حاصل، للحد الذي لم تقلب فيه تجارب عظيمة وفترات طويلة من تاريخ العراق القديم والحديث من قبل السياسيين، فقد بقي جهد الاكاديميين بعيدا عن رؤية حركة اليسار للأسف، وبذلك لم يقدم منجزه النقدي وتوصلاته الحداثية، بل ابقي على حالة التراكم المشبعة بابتسارات مبهمة. فعندما نلهج برفع المقدسات وجعل كل منتج، من اي مصاف، عرضة للنقد والتمحيص ونخضعه للمنهج التاريخي، لماذا لا يشتمل ذلك على تاريخنا المعاصر كذلك وتجاربنا الذاتية؟ هذه العصبوية تجعلنا خارج المنطق نفسه (التاريخي) وبذلك تفوت الفرص واحدة تلو اخرى.
نرى ان عموم الصيغ البرنامجية تعتمد صياغات بمجملها جاهزة، بينما تجارب الشعوب المتقدمة تجري حسب استحداث مفرداتها من بيئة التجربة ذاتها، معمدة ومسندة بدراسات واستنتاجات علمية مدهشة، تجعل المرء يقترب من نفسه ومشكلته بالملموس الواقعي، ولست بوارد المقارنة فـ بالوقت التي تتجه الشعوب نحو مستقبلها تتجه شعوبنا نحو خسائرها للحد الذي يجعلها تنحو باتجاه معاكس يمنعها من الامساك ببداية ما، وبهذا القدر تدور كذلك برنامجية الاحزاب والقوى على حد سواء مهما اختلفت توجهاتها، انما يجري تلميعها وترتيشها بصيغ (ملهمة) في اغلب الاحيان.
هنا لابد ان تأخذ الحركة الجديدة دورها بالمبادرة البرنامجية وفق منطق الحداثة والحاجة ووفق قاعدة الدراسة والتحليل، ولا يقوم بهذا الجهد الا الاكاديميون والدارسون على قاعدة اخضاع النظرية للواقع وليس العكس على شاكلة (الثورات) بلي المنطق التاريخي فتأتي التجارب مشوهة، بل تدخل المجتمع في متاهات عظيمة وربما لاخروج منها اذا ما استسلمت للمسلمات ومنطق التعويم. اما السياسيون فدورهم محفوظ في مكان آخر. وبهذا الفصل نكون قد وصلنا الى البداية الصحيحة لوضع الخطط البرنامجية التي ستفضي الى الفعل الجماهيري المنتظر.

اضافة لذلك جملة الالتباسات الدخيلة التي ارهقت جسد المجتمع، كما جاء مثلا بمفهوم (الاجتثاث) الذي خلط المجرم بالانسان العادي فكان سببا لحرب اخرى تميزت برفع مستوى الاحقاد والثارات، رغم ميلي الحازم الى محاسبة المجرم على قاعدة الاجرام. وحتى التسويق الطائفي فهو ينضوي تحت نفس المبدأ وهو جاهزية الارض او الامعان بتنشيط شجر يابس. فواحد من اسبابه هو انحسار فكر اليسار المتحضر وركونه الى زواياه حسب. هذا التباعد جعلنا ننتهي الى حالة القطع مع الماضي كإعلان يبعدنا عن الفشل ونتنصل من مسؤوليتنا التاريخية كحركة يسار كانت لامعة ومضيئة في وقت من الاوقات. هذا ما تبرزه سيرة عشرة سنوات لم نعلق على شماعتنا اليسارية سببا واحدا يحملنا المسؤلية وانما ننحى باتجاه القاء اللوم واسباب الانحدار الى امر اخر .

يقول الاستاذ صبحي مبارك: «السؤال هل يستطيع أن يكون التيار بعيداً عن الصراع السياسي الدائر الآن بين الكتل السياسية؟! الأجابة بالنفي، لأن هذا الصراع له تداعيات سوف تحدث وسيكون تأثيرها على الشعب مباشرة، فلابد أذن للتيار أن يعلن عن موقفه فيما يحصل ولهذا سيكون التيار طرفا في هذا الصراع.». انتهى المقتطف.
هنا اود الاشارة الى علامة القطع (الاجابة بالنفي) للاستاذ صبحي، فلا اعرف لماذا نمعن دوما وكأن الحياة لم تلد سوى مولودا واحدا!. ولماذا يتوجب علينا لبس بدلة خاطها خياط لم نختاره ولم نُسأل حتى عن لونها؟ ان خالفته شخصيا وقلت نعم! اكون قد جاريت نفس المفهوم الخاطئ، اما اذا ما امعنا بالمحاولة فسننفتح على الف احتمال. اسأل فقط: ما دخل التيار (بمؤتمر المصالحة الوطنية) هل من سأله عنها؟ وبالامس فقط صادق مجلس النواب على مصادرة اصوات الناخبين من بينها الاحزاب الكردية! قبلها جرى الاعتداء على متظاهري ساحة التحرير ، قتل بعض، اعتدي على مقر الحزب الشيوعي ومقر حزب الامة ثم مقر جريدة طريق الشعب، ثم مقر اتحاد العمال، الاعتداء على مظاهر الحياة المدنية وحرية المرأة والعديد من الشواهد التي لايسعها المقال.

ارى ان يعنى التيار باصوات الناخبين ممن انتخبوا ومن لم ينتخبوا والذين بلغت نسبتهم اكثر من 40 بالمئة هذ اذا استثنينا اصوات الخارج البالغة اكثر من ثلاثة ملايين صوت. لا اريد الانجرار الى مناقشة تفضي الى سجال، نعم نحن جزء من واقع انما لنا هامشنا الذي يجب ان ينقل التيار الى الجماهير كحالة مجتمعية-سياسية مقبولة. نتأثر بالاحداث ولكن لا اثر لتفاعلنا من دون جاهزية وهي عدتنا العددية وانفتاحنا على فئات وشرائح عظيمة. اسأل هل اهتم التيار كعنصر مؤثر متفاعل بالمسيرات المليونية الى الاماكن المقدسة في الوقت الذي يرزح 99 بالمئة منها تحت الحيف والحرمان! وبنفس الوقت هي اكثر الشرائح التي تكثر فيها الشكوى والتذمر ولكن مع كل انتخابات لا تنتخب غير من سلبها قوتها، اليس ذلك حري بالرصد، اليست هي تلك الجماهير التي بستهدفها التيار الديمقراطي؟. ربما قائل يقول «انها اثار الماضي وعسف الحاضر» هذا بحد ذاته ليس اجابة انما مدخلا لسبر واقع الامر وهو ما يعنينا وقبلنا المفكرين والاكادميين. مثال اخر: الانحياز والانجرار الى الهوية المذهبية والطائفية وحتى العشائرية اليست هي الاخرى جديرة باهتمام التيار كونه حالة مجتمعية ضرورية لانتاج نمط مغاير من العلاقة واعادة تصميم المنوذج (الموديل) بصيغة حداثية ذات مواصفات جريئة؟. قطعا هناك من يقول: «انه واقع الأمر»، وهذا امر جيد، فما هو اذن سبب التشكيل الجديد اذا ما كان يدور بفلك السياسة المعلنة مع مشاركة ضمنية -عن طيب خاطر- بالابقاء على محاباة واقع يكريس التخلف لا بل العودة بالمجتمع الى الوراء.

امر آخر اذا ما اخذنا مثالاً معاصرا سبعينيا، كانت مدينة الثورة، صدام، الصدر- فيه منبرا يساريا مهما، كذلك مدن اخرى، اصبح انحدارها مفزعا في وقتنا الحاضر. قبلها كان الفيض الوجداني لمناهظة الاحتلال عنصرا هاما في هذه المدينة ومدن مشابهة كانت قلاعا لليسار في وقت من الاوقات. لكن السؤال هو: من قطف الثمار؟ بالطبع يمكن وصفه براكبي الموجة والتيارات التي ولدت بعد الاحتلال، فتلك الجماهير كانت مجهزة وجاهزة للفعل المناهض، لكن قوى اصحاب الامر كانت بعيدة بما يكفي ان تساقط ذكاءها على الواقع. هنا وجهان للحقيقة الاول: (تنصل) قوى اليسار عن مسؤلياتها التاريخية، خذ مثلاً اصحاب مناهظة الاحتلال الحقيقين من قوى اليسار وسياستها ما بعد الاحتلال او ما قبل السقوط، الامر الذي ادى الى فراغ خطير بحيث اصبح من السهل جدا اختراق العقل الجمعي المتحفز بفعل سنين الحروب والتعبئة الأديولوجية، وثاني وجه للحقيقة هو غياب الدراسة المعمقة المتدرجة مع التحولات التي تفضي حتما الى استنتاجات جديدة.

لا اخفي ميلي لقوى اليسار والشيوعيين غير ان ذلك لا يعفيني من الاشارة الى دورهم الخافت في التيار. المادة الكتابية والخطابية الفرحة ليست نصرا او اثباتا لصحة التكتيك او الهدف. اورد مثالا:
قبل فترة قصيرة وباستضافة من قبل غرفة ينابيع الخاصة بـ(الانصار الشيوعيين) على البالتوك لنشطاء من قوى التيار الديمقراطي في الخارج من المملكة المتحدة والمانيا وفرنسا والسويد والدنمارك، تحدث الاستاذ حسان عاكف، وهو قائد شيوعي مرموق، تحدث عن نجاحات التيار، بالمناسبة لم يكن ضيفا انما مساهما متداخلا، تفاجأت فعلاً من الجرعة الزائدة في خطاب الاستاذ عاكف وكأن التيار سجل حضوره اللافت بين الجماهير وعقده لمؤتمرات حضرها خمسة الآف في عموم العراق. واوضح في تعقيب آخر بأن قوى التيار كما هي «ومن يريد ان ينشط فلينشط فالساحة موجودة»!. بهذا اعود الى الخطاب الجديد وجدواه اولا بتجميع قوى اليسار والعلمانية فالاكتفاء بنجاحات انيه هي اصلا من رحم اليسار المؤدلج بالغالب ليست نصرا ولا تعد خطوة للأمام. وحدة القوى مهمة للغاية فهي صاحبة العلاقة والأقرب للمشروع الديمقراطي، انما نمطية تجارب اليسار يجب الا تنعكس على المحتوى الجديد، فبذلك نكون قد غيرنا التسميات فقط وابقينا على القوى العددية والنوعية كما هي، ناهيك عن اليات العلاقة بالواقع الجديد. ان الحداثة التي يشملها المشروع يجب ان تستهدف اوساطا خارج قوى اليسار نفسه، وبهذا يجب ترسيم منهج نظري وعملي مختلف عن انماط سائدة. لا دخل لنا كتيار ديمقراطي بما تخطط له الاحزاب فهو شأن داخلي محض، علاقتها بالسلطة والاحزاب، مجلس النواب، نظرتها الى المحاصصة، مؤتمرات المصالحة الوطنية، الشراكة الوطنية، دخولها الانتخابات او الدعوة المبكرة لها وغيرها. الا ان ما يعنينا هو تشكيل آخر مختلف لا تحده الرؤى ولا يتوقف عند ايدولوجية او نزعة سياسية مرحلية، ومع اختلاف الزمن ودور الشباب نكون قد اقتنعنا ان الاتيان بمشاريع جديدة تفضي الى نجاحات ملموسة هو الحاجة الاساسية للمشروع الديمقراطي. ناهيك عن ملء الفراغ او اشغال الضفة التي لم تشغلها قوى اليسار.

لا حظ الاختلاف هنا:
على اثر الدعوة لانتخابات مبكرة اصدر التيار الديمقراطي في المملكة المتحدة مذكرة نشرت للتوقيع، لم تتطرق للانتخابات المبكرة وانما الى قانون الانتخابات ذاته. وهذا التباين بالرأي والموقف يجعلني انظر الى دور الاخوة في المملكة المتحدة كعنصر فاعل مهم بالرؤية الجديدة للحدث، فهم لم يقولوا نحن مع اوضد الانتخابات المبكرة وانما دعو الى اصلاح النظام الانتخابي. فلماذا يتوجب علينا تكرار تجارب سابقة بدخولنا انتخابات خاسرة اصلا تجعلنا موضع تندر وشماتة، بل تفقدنا قوة عددية كان يفترض ان نحرضها بعدم الانسياق لانتخابات تفتقر الى ابسط قانون انتخابي ديمقراطي. بل تجري الدعوة الآن الى انتخابات مبكرة تتناغم مع الصوت العام لقوى اخرى ومن دون جاهزية مُرضية!.
لا اجد حرجا بالقول ان اليسار العراقي سيحضى على اربعة مقاعد في الانتخابات القادمة سوء ان حصل على اصوات او لم يحصل، فكل البرلمانات الحديثة لاتعمل من دون وجود اليسار فيها، وبهذا سيحدد اليسار وتجمد حركته كما حصل من قبل. اما اذا كان ذلك هو سقف الاحزاب اليسارية فلا يجب ان يكون للتيار الديمقراطي نفس السقف، فهو حالة مقبولة وحركة مهمة ستفوز بالكثير من المقاعد فيما لو جرى ادارة الموقف بحكمة ورؤية معاصرة وبروح مشاكسة ذات هدف وطني عام.
اختم ملاحظتي هذه بضرورة تجريب نمط خطاب محدث ينبع من رؤية التشكيل الجديد للأحداث وليس انعاس جاهز لرؤية جاهزة او الاتيان بجسد قديم بحلة مختلفة.

ما ذهب له الاستاذ تيسير في مقاله (أولويات البديل الديموقراطي في العراق)، هو ترسيم اكاديمي مهم اتوسم بالاستاذ الالوسي مساهمة من نوع آخر او يكملها على نحو اكثر ملامسة للواقع. غير انه اقترب بحذر من المشكل وفتح بابا لحوار مخلص.
وما كتبته له كتعليق على مادته، «ان الامر للاسف لحد الان لم يرق الى ابعد من النظرية، ذلك لغياب الاداء الشعبي. هذا يدعونا بطبيعة الحال الى ما اكرره دوما بضرورة اطلاق مبادرة لليسار، فلا اعتقد ان حدود التيار الديمقراطي كافية لمثل هذا الفعل. اقول ذلك وانا اساهم بفاعلية بنشاط التيار الديمقراطي الذي ارى فيه فسحة من الامل بجذب الفئات صاحبة الرأي الآخر والمهمشة والمضللة. ان هذا بحد ذاته يستوجب الخروج على حدود الترسيم النظري والبرامج والشروع بما هو اني وملح وعلى قاعدة مبادرة شجاعة لكل قوى اليسار وشخوصه من المفكريين والاكادميين، على ان يستهدف سواد الشعب الاعظم، ووفق خطاب مفهوم وواضح»، ازيد عليه هنا ان الاكثار من الجرعة الاكاديمية الفكرية ستفعل عكس المطلوب، سيما ان الادب اليساري وغيره فيه ما يكفي لملء الف كتاب
اصاب هنا الدكتور تيسير بتشخيصه لحالة الانحدار، قوله:

«إلا أنَّ مهمة وقف الانحدار ما زالت تعاني من تفكك الجبهة الديموقراطية أو ضعف في وحدتها؛ كما أننا مازلنا نجدها لم تتبنَّ برنامجا نوعيا بديلا بالمستويين الاستراتيجي والتكتيكي؛ أو أنها مازالت ببداية مشوارها العملي بهذا الاتجاه وهي تعمل بطريقة ردّ الفعل في الغالب أو التعامل مع اللحظي الآني ما يشكل عقبة كأداء في انتقال تلك القوى نحو إدارة الأزمة بطريقة موضوعية حاسمة. ولكن السؤال النوعي يتمثل في: هل سيتمكن من يقود التيار الوطني الديموقراطي اليوم أن يتجه نحو مثل هذه التطلعات إجرائيا؟ أم ستبقى الأمور مقصورة على طروحات نظرية و-أو محاصرة بحدود موضعية متقطعة لا ترقى للمنتظر؟»

ما ذهب اليه الاستاذ جاسم المطير في معرض نقده للتيار الديمقراطي وتحميله مسؤلية اعادة انتاج ثقافة الشباب، بعد ان لاحظ انحسار دوره وتدني مستوى ثقافته وعدم انفتاحه على مصادر الثقافة وعدم معرفة الشباب بسلسلة المفكرين الذين ازدحمت بهم قائمة الاستاذ جاسم المطير، هو من حيث الواقع يعد نمطا مكررا للخطاب التقليدي السائد اصنفه بخطاب (التوصيف). حيث ان خلطه بين حالة التداعي والقاء عبء المسؤولية على حركة ناهظة هو بحد ذاته يفقده موقع القدم التي يغرسها بالارض كي يأتي بالجديد او بمساهمة متفردة، ومع جملة التحميلات المهجرية وداخل الوطن يضيع الخيط ويجعلنا في موقع البراءة من الأمر. مع كون الاستاذ المطير هو منسق التيار في هولندا، بحثت في مقاله عن نتفة تضيء تجربة الديمقراطيين العراقيين في هولندا، كمثال او محاولة للتدقيق ونقل المفهومية او المقارنة والمقاربة، لكني للأسف لم اعثر على ما كنت ابحث عنه. ولكن من منظور عام اعتقد ان الاستاذ المطير قد اثار امرا جديرا بالبحث والمسؤلية، وهو التواصل المعرفي بين الاجيال خصوصا وان تلك الانقطاعات والصدوع التي احدثتها المؤثرات الغريبة في جسم المجتمع قد الغت كل وسائل الابقاء على المعادل الثقافي ناهيك عن التعليمي والاكاديمي. ومن منهل تداعياته المشوبه بالحنين لشيء انقضى، يخلص الاستاذ المطير الى اختلاف اوجه التخلف والانحطاط الثقافي، وهذا توصيف مهم، غير انه لم يمس الحقب المهمة ودور المثقفين فيها، بمعنى آخر لم ينكأ جرحا كي يستطبه، وبذلك تبقى الكتابة على سبيل التداعيات حبيسة (البيت الواحد). ارجو ان يكمل اللاستاذ المطير مساهمته المهمة على نحو تضيئ تجربته المناحي المفقودة وهو اهل لها، مع تحيتي له ورفعة مقامه.

كي لا اكون متجنيا على دور الرواد فهم من اسس وابدع، انما حالة القطع والانقطاعات التي تمثلت باكثر من ثلاثين سنة كانت كافية ان يوصف بسببها جيلهم بالتأخر بفهم الواقع وتصديه للمعضلات الكبرى من دون استثناء للساسة والزعماء. ففي نهضة الشعوب الحقيقية لانرى غير المفكرين والاكاديميين من يتصدر المشهد ويأتون بالمداخل التي تلهم مسيرة الشعوب وتطبعها بافكار التقدم والحداثة. وهنا لابد من الأشارة الى كبار المثقفين العراقيين خصوصا في المهجر، بعضهم رحل من دون ان يترك بصمته كما تركها عمالقة الفكر الأنساني العالمي كاحداثيات الهمت شعوبهم فيما بعد.

شيئ اخير اضيفه: يختص بهذا النوع من الكتابة، ارجو ان يترك لها التيار فرصة التعبير على اعلانه الخاص فهو الحاوية المخلصة للتأثير والتأثر، ولا يتوجب حصرها داخل قوسين (التغريد خارج السرب). ارتأيت ان اجرب المقاس الديمقراطي على التيار ذاته، وبذلك عمدت الى التغريد داخل السرب. وعذرا على تجاوزي بعض النقاط الحمر ببعض أجزاء المقال.



#هاشم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت جميلا بما يكفي ان تغادر بصمت
- حداد
- زهرة
- سوسن ابيض للكاتب المبدع محيي الأشيقر -البحث عن زمن جديد-
- أصدقائي والخريف
- «كيفك انت» :الرسالة التي تذكرها صاحبي
- مجزرة النرويج وفكرة المواطنة لجيلنا الثاني


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاشم مطر - في نقد المشروع الديمقراطي