أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - ما زرعناه في مدارسنا نجنيه اليوم حصرما مر المذاق















المزيد.....

ما زرعناه في مدارسنا نجنيه اليوم حصرما مر المذاق


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 07:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل بضعة سنين اشتريت من مصر البرامج التعليمية من الابتدائي الى الثانوي وقمت بدراسة التعليم الديني فيها اودعته في مقال مطول باللغة الفرنسية نشر سنة 1989 يمكن رؤيته في موقعي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=110&action=french-enseignement-religieux-en

ما يحدث في مصر في أيامنا من هوس ديني هو نتيجة هذا التعليم، أخره ما صرح به ممثل قيادي بالجماعة الإسلامية في مصر: سنقاتل لتطبيق الشريعة ولو تطلب الأمر إراقة دماء. هذا التعليم الديني هو المسؤول أيضا عن المذابح التي اجتاحت الجزائر وراح ضحيتها الآلاف من الابرياء من قتلى وجرحى واغتصابات. فبعد انتهاء الاحتلال الفرنسي للجزائر قام المصريون بدور قيادي في البرامج التعليمية من خلال كوادر ازهرية الصنع والتفكير زرعت الفساد وخربت العقول واخرجت لنا جيلا من الاغبياء همهم تطبيق ما يسمى بشرع الله. وهذا التعليم الديني هو أيضا المسؤول عما يحدث في جميع الدول العربية والاسلامية من تزمت ديني واضطرابات وتعدٍ على الحرمات.
وهذا التعليم الديني لا يقتصر ضرره على طلبة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية بل يمتد للجامعات، خاصة كليات القانون والشريعة والمعاهد الدينية، ومنها الى الاعلام المرئي والمسموع. فما تعلمناه في صغرنا كثوابت لا بد ان يتحكم في تفكيرنا عندما نكبر.

وهذا التفكير يمتد تدريجيا الى الدول الغربية من خلال الأئمة الذين ترسلهم الدول العربية والإسلامية لرعاية الجاليات الإسلامية فيها ومن خلال الإذاعات المرئية والمسموعة التي دخلت كل بيت. ومن البيت خرجت مجموعة من الشباب والشابات في العواصم الغربية تصيح بمليء حناجرها بالشعار المعروف: الاسلام ديننا والجهاد سبيلنا عليها نحيا وعليها نموت، خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود... هذا ما تردد في شوارع باريس، مما حدى بأحد المسؤولين عن الطائفة اليهودية في فرنسا بتشبيه التيار الإسلامي بالنازية.

مما لا شك فيه أن الأكثرية الساحقة من المسلمين في العالم العربي والإسلامي وفي الدول الغربية يعشقون الحياة والحرية والأمان والطمأنينة، وليس من العدل ان نخلط بين التيار المتزمت وبين الأكثرية الصامتة. ولكن يبقى الواقع الذي لا يمكن ان نتغاضى عنه وهو اننا ربينا أجيالا بفكر ديني متزمت وزرعنا فيهم النواة التي لا تلبث ان تنبت مع أول زخة مطر وحراة شمس. وعامة يكفي راع واحد لكي يقود آلاف الخراف المسالمين الى المسلخ. هذه الملايين المسالمة تتحول فجأة الى افواج صاخبة فيختلط فيها الحابل بالنابل، ولا تدري من هو المعتدل منهم والمتعصب، ومن هو صاحب العقل السليم من المهووس. وحتى المعتدل منهم ينجر وراء المهووسين خوفا من أن يتهم في دينه.

كنت يوما في مؤتمر في جامعة بيت لحم وكان عن موضوع العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. وسألت أحد المسؤولين الفلسطينيين ما هو سبب وجود مئات الآيات القرآنية في الكتب المدرسية التي تعلم للمسلمين والمسيحيين في المدارس الفلسطينية وخلو تلك الكتب من أية إشارة الى الإنجيل أو التوراة وهما من تراثنا المشترك. وكان جواب المسؤول اننا في بداية الطريق ولا يمكن ان نطلب من الدولة الفلسطينية الناشئة تغيير البرامج التعليمية بين ليلة وضحاها. فأجبته أن الأمر اليوم هو نفسه ما كان عليه قبل خمسين سنة عندما كنت في المدرسة الابتدائية لا بل زاد الطين بلة. ومن الواضح انه ليس هناك أية ارادة من قبل المسؤولين الفلسطينيين وغيرهم في تغيير برامجهم التعليمية، لا بل هناك ارادة معاكسة تثبت ان هناك رغبة في أسلمة المجتمع وكبت غير المسلم وفرض الإسلام بصورة أو بأخرى على الجميع. وما أقوله عن غير المسلم يمكن ان اقوله عن المفكرين الأحرار بين المسلمين ذاتهم. فالفكر الذي يعلم في مدارسنا هو فكر تزمتي لا يسمح بقبول الرأي الآخر. وما زالت كل جامعاتنا تعلم ان المرتد يقتل ويحرم من الميراث ويفصل عن زوجته، وانه يحق للمسلم التزوج من مسيحية بينما لا يحق للمسيحي التزوج من مسلمة. لا بل ان مجلس وزراء العدل العرب وافق على قوانين تجدونها في الموقع الرسمي للجامعة العربية تسير في هذ المسار. وهذا امر طبيعي جدا عندهم. فهؤلاء الوزراء الأغبياء قرروا ما تعلموه منذ صغرهم. فالشجرة تقع حيث تميل.

وما ندرسه في مدراسنا وفي جامعاتنا ومعاهدنا يردده علينا مشايخنا المعتبرون. فردا على سؤال بخصوص من يرفض تطبيق الشريعة الإسلامية بحجة أنها لا تناسب العصر يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي:
أصحاب وجهة النظر الفاسدة هذه نقول لهم: راجعوا إيمانكم أولا. الذي يحاول أن يعرض مبادئ الشريعة على أفكاره ليقول هي تصلح أو لا تصلح نقول له: راجع إيمانك أولا. أنا لا أقبل من أحد يعلن أنه مؤمن ومسلم أن يقف هذا الموقف. بل أقول له: أنت مؤمن بالله وبرسوله وبصدق هذا أو غير مؤمن؟ فإن كنت مؤمنا فلا بد أن تلتزم... أنا لو لي من الأمر شيء، أو لي من حكم تطبيق منهج الله شيء لأعطيت سنة حرية فيمن يريد أن يرجع عن إعلان إسلامه أن يقول: أنا غير مسلم وأعفيه من حكم الدين في أن اقتله قتل المرتد.

وانقل لكم هنا قول القرضاوي:
إن العلماني الذي يرفض ـ مبدأ ـ تحكيم الشريعة من الأساس ليس له من الإسلام إلا اسـمه، وهو مرتد عن الإسلام بيقين، ويجب أن يستتاب، وتزاح عنه الشبهة وتقام عليه الحجة، وإلا حكم القضاء عليه بالردة، وجرد من انتماءه إلى الإسلام، و سحبت منه الجنسية الإسلامية، وفرق بينه وبين زوجه وولده، وجرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة.

وقد أدان العلمانية مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في دولة البحرين، من 25 - 30 رجب 1419هـ (14 - 19 نوفمبر 1998م) . وهذا هو قراره:
أولًا: إن العلمانية وهي الفصل بين الدين والحياة نشأت بصفتها رد فعل للتصرفات التعسفية التي ارتكبتها الكنيسة.
ثانيًا: انتشرت العلمانية في الديار الإسلامية بقوة الاستعمار وأعوانه، وتأثير الاستشراف، فأدت إلى تفكك في الأمة الإسلامية، وتشكيك في العقيدة الصحيحة، وتشويه تاريخ أمتنا الناصع، وإيهام الجيل بأن هناك تناقضًا بين العقل والنصوص الشرعية، وعملت على إحلال النظم الوضعية محل الشريعة الغراء، والترويج للإباحية، والتحلل الخلقي، وانهيار القيم السامية.
ثالثًا: انبثقت عن العلمانية معظم الأفكار الهدامة التي غزت بلادنا تحت مسميات مختلفة كالعنصرية، والشيوعية والصهيونية والماسونية وغيرها، مما أدى إلى ضياع ثروات الأمة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وساعدت على احتلال بعض ديارنا مثل فلسطين والقدس، مما يدل على فشلها في تحقيق أي خير لهذه الأمة.
رابعًا: إن العلمانية نظام وضعي يقوم على أساس من الإلحاد يناقض الإسلام في جملته وتفصيله، وتلتقي مع الصهيونية العالمية والدعوات الإباحية والهدامة، ولهذا فهي مذهب إلحادي يأباه الله ورسوله والمؤمنون.
خامسًا: إن الإسلام هو دين ودولة ومنهج حياة متكامل، وهو الصالح لكل زمان ومكان، ولا يقر فصل الدين عن الحياة، وإنما يوجب أن تصدر جميع الأحكام منه، وصبغ الحياة العملية الفعلية بصبغة الإسلام، سواء في السياسة أو الاقتصاد، أو الاجتماع، أو التربية، أو الإعلام وغيرها.
التوصيات:
يوصي المجمع بما يلي:
أ - على ولاة أمر المسلمين صد أساليب العلمانية عن المسلمين وعن بلاده، وأخذ التدابير اللازمة لوقايتهم منها.
ب - على العلماء نشر جهودهم الدعوية بكشف العلمانية، والتحذير منها.
جـ - وضع خطة تربوية إسلامية شاملة في المدارس والجامعات، ومراكز البحوث وشبكات المعلومات من أجل صياغة واحدة، وخطاب تربوي واحد، وضرورة الاهتمام بإحياء رسالة المسجد، والعناية بالخطابة والوعظ والإرشاد، وتأهيل القائمين عليها تأهيلًا يستجيب لمقتضيات العصر، والرد على الشبهات، والحفاظ على مقاصد الشريعة الغراء.

ما قاله الشعراوي والقرضاوي وما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي قبل سنين يجد اليوم صداه في الشارع العربي والإسلامي. وهذا هو نتاج التعليم الديني في مدراسنا وجامعاتنا وما تتفوه به إذاعاتنا المرئية والمسموعة. فهل من عجب مما نسمعه اليوم من هوس ديني وما نراه من صراعات في الشارع العربي والإسلامي؟ ذاك ما زرعناه وهذا ما نحصده. فهل يجنى من الشوك العنب؟

----------------------
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي
[email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتجاج من احد قرائي على مقالاتي اليومية عن الختان
- مسلسل جريمة الختان 84: الختان علامة تمييز ومخالفة
- مسلسل جريمة الختان 83: الختان وتأثير الثقافة الغالبة
- مسلسل جريمة الختان 82: الختان والتأثير المهني
- مسلسل جريمة الختان 81: الختان والتأثير الإجتماعي
- لمن تكتب يا سامي؟
- الختان: سؤال للقراء
- مسلسل جريمة الختان 80: الختان والتأثير العائلي
- مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ث ...
- مسلسل جريمة الختان 78: وسائل معالجة بتر الذات الشاذّة
- مسلسل جريمة الختان 77: لماذا يبتر الناس أنفسهم ولماذا ختن اب ...
- مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)
- مسلسل جريمة الختان 75: المعالجة الطبّية لآثار ختان الإناث
- مسلسل جريمة الختان 74: آراء حول استعادة الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 73: كيف تستعيد غلفتك
- مسلسل جريمة الختان 72: استرجاع الغلفة في التاريخ
- مسلسل جريمة الختان 71: الختان وعلاج إلتهاب الحشفة والغلفة
- براءة الأطفال أهم من سخافة الأنبياء وأتباعهم
- جرموا تشويه الأديان!
- مسلسل جريمة الختان 70: الختان والتهاب المسالك البوليّة


المزيد.....




- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي الذيب - ما زرعناه في مدارسنا نجنيه اليوم حصرما مر المذاق