أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - صرخة فى وجه الحسبة















المزيد.....


صرخة فى وجه الحسبة


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3876 - 2012 / 10 / 10 - 06:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمرت نيابة القاهرة الجديدة باستدعاء الشاعر هشام الجخ، لسماع أقواله في البلاغ المقدم ضده من محامية تتهمه فيه بازدراء الأديان، في قصيدته: «بُنِيَ الإنسان على خمس» http://youtu.be/lrnW1t67SDg حيث كشفت تحقيقات محمود الدشلوطي، وكيل أول نيابة القاهرة الجديدة، وسكرتارية روماني ذكري، قيام «سلوى الفارسي» محامية، بتحرير محضر رقم 2051 لسنة 2012 إداري قسم القاهرة الجديدة ثان، تتهم فيه الشاعر هشام الجخ بازدراء الأديان، وأنه استخدم مقدمات دينية في قصيدته «بُنِيَ الإنسان على خمس»....وقدمت الشاكية جزءًا من القصيدة http://youtu.be/lrnW1t67SDg وقالت الشاكية أن الشاعر استخدم كلمات دينية وشبّه اسم القصيدة بأركان الإسلام الخمس....وأمرت النيابة بإشراف المستشار وائل الدرديري باستدعاء المحامية والشاعر هشام الجخ، لسماع أقوالهما في التحقيق ... هذا الخبر او الموضوع يفتح ملف إشكالية قضايا الحسبة.... حيث يجب ان نضع قضية الحسبة فى سياقها التاريخى، وأنها كانت تستهدف مكافحة الفساد الاقتصادى والإدارى، حيث يقوم المحتسب بمراقبة الأسواق للتأكد من صحة المكاييل وسلامة المعاملات، إلا أن المصطلح فى العقود الأخيرة أصبح يعنى مصادرة حرية الرأى والإبداع، ودور المحتسب – قديماً - كان يشبه "شرطة تنفيذ الأحكام" فى الوقت الحالى.... طوال التاريخ الإسلامى لن تجد للمحتسب علاقة بشئون الشعراء والعلماء والباحثين ، حيث كان المحتسب مسئولا عن الجوانب التموينية وبعض القطاعات والخدمات ، اما إذا سقط شاعر فى هجاء مسئول أو أحد الأعيان أو اتهم فى عقيدته فقد كان يذهب إلى القضاء والقضاة ولا شأن للمحتسب به!!!...

المسلمون الأوائل لم يعرفوا مصطلح "الحسبة" ولا شخص "المحتسب" الذى كان يقوم فى بعض فترات التاريخ الإسلامى بوظيفة "ليست مفتوحة ولا مباحة لأى مسلم"، انطلاقًا من كونه فقيهًا يعلم أحكام الشريعة الإسلامية....عرف نظام الحسبة والمحتسب منذ العهد الأموى ، وعرفت مصر بالتالى هذا النظام ، الا أن بعد الآراء تذهب إلى أن ذلك كان مع الدولة الطولونية ، فالباحثون حول ما إذا كان ذلك النظام إسلاميا صرفا أم أنه ماخوذ عن الدولة البيزنطية...الجدير بالذكر وجود حالات صارخة لاضطهاد و تعذيب وقتل المبدعين لاتهامهم بالكفر او تشكيك فى عقيدته تمت فى ظل مواقف ومواجهات سياسية فى المقام الأول ، ولو تأملنا سيرة الحلاج وابن الراوندى ومحنة ابن حنبل لوجدناها كلها معارك سياسية استغل الخلفاء والحكام جنوح العقيدة مبررا... الحسبة كانت للتغطية على مواقف واتجاهات سياسية بعينها، وبعضها كان لتصفية حسابات والانتقام أو التنفيس عن أحقاد خاصة تجاه كاتب أو مبدع، وبالتأكيد كان بينها ما يعبر عن مخاوف دينية وعقائدية !!!...الغريب فى الامر ان أن قضايا الحسبة واجهت شيوخا وعلماء أزهر ، كما واجهت بعض الكتاب والفنانين والمبدعين ، وفى قائمة الشيوخ يأتى الشيخ محمد أبو زيد من دمنهور عام 1917 الذى واجه الحسبة بسبب رأيه فى آدم أبو الخير ، والشيخ عبد الحميد بخيت عام 1955 بسبب رأى له حول صوم رمضان ، ذهب فيه إلى أن الصيام لو أدى إلى تعطيل المسلم عن عمله لجاز له أن يفطر دون قضاء أو كفارة ، ومن الكتاب والباحثين د.طه حسين وحتى د.نصر حامد أبو زيد... من ناحية اخرى الحسبة والمحتسب اختفيا من مصر فى القرن التاسع عشر منذ تولى محمد سعيد باشا حكم البلاد فى 1854، وأصبح جهاز الدولة الحديثة يقوم بمهام المحتسبين، إلى أن عاد "المحتسبون الجدد" على استحياء فى القرن العشرين....لذلك ارى أن هناك حربا ضد المبدعين باستخدام قضايا الحسبة التى أخرجها البعض من كتب الفقه الإسلامى، واستخدموها فى غير ما أراد الفقهاء الذين استهدفوا بالحسبة مراقبة الأداء الاقتصادى والمالى والإدارى بما يحقق المصلحة العامة....

المحتسبون الجدد حولوا الحسبة إلى مصادرة حرية الكتاب والمبدعين عن طريق رفع دعاوى قضائية تتهم الكاتب بالمساس بالذات الإلهية أو الترويج للإلحاد، وطالت هذه الدعاوى كتابا مصريين، منهم نجيب محفوظ، ونصر حامد أبو زيد، وفنانين مثل الممثل عادل إمام....مما لاشك فيه أن قضية نصر حامد أبو زيد "أشهر قضية حسبة شهدتها مصر فى العقود الأخيرة"، حيث تقدم أبو زيد فى 1993 للترقية إلى درجة "أستاذ" بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ورفضت اللجنة ترقيته واصفة أحد بحوثه بأنها "كفر فى كفر"، وانتقل الأمر من الجامعة إلى وسائل الإعلام، ثم إلى القضاء، حيث طالب محام بالتفريق بين أبو زيد وزوجته ابتهال يونس الأستاذة بالكلية نفسها، وصدر الحكم بالتفريق بينهما، فغادر أبو زيد مصر....نصر حامد أبو زيد، ذلك المفكر والباحث، الذي اعتبرته الأوساط الثقافية في بداية التسعينيات، كبش فداء لقضايا الحسبة والتكفير، المفكر الذي أثارت قضيته جدلًا واسعًا بين مثقفي مصر، حيث تم تكفيره واتهامه بالارتداد عن الإسلام، وعمله على نشر الأفكار المضللة في المجتمع، نتيجة للأبحاث التي قدمها ليحصل على ترقية، والتي تناولت دراسات وتحليلات لنصوص القرآن والسنة، ففي ذلك الوقت اتهمه عبد الصبور شاهين، رئيس اللجنة المشرفة على ترقيته، بالكفر والإلحاد، واتهامه بالثورة على القرآن والسنة، والدعوة للتحرر من سلطتهم، وقام يوسف البدري بمقاضاته!!!...كان أبو زيد أول شخصية بارزة، يطبق عليها قانون الحسبة، حيث حكمت عليه المحكمة بتفريقه عن زوجته الدكتورة، ابتهال يونس، وعندها اختار السفر طواعية لهولندا، بدلًا من قيامهم بطرده من البلاد، وعاش هناك هو وزوجته حتى عاد ليلقى ربه على أرض وطنه في 5 يوليو 2010....

مما لاشك فيه أن الاستبداد السياسى أو الدينى أو الاجتماعى يستهدف قمع الحريات، وخير مثال على ذلك اغتيال الكاتب فرج فودة فى 1992 على أيدى متشددين إسلاميين، ومحاولة اغتيال الروائى نجيب محفوظ فى 1994 لاتهامه بالإساءة إلى الإسلام فى أعمال منها رواية "أولاد حارتنا" التى ظل محظور نشرها ؛ بحجة أنها تسيء إلى الأنبياء، لكن الرواية نشرت فى مصر منذ بضع سنوات بمقدمتين لاثنين من الكتاب المحسوبين على التيار الإسلامى هما أحمد كمال أبو المجد، أستاذ القانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ومحمد سليم العوا، الأمين العام السابق للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين ... الجدير بالذكر أنه بالرغم من إتاحة "أولاد حارتنا" وتعدد طبعاتها "لم يهتز إيمان الناس بالأنبياء ولا تراجع الإيمان فى المجتمع"!!!!... لقد أصبحت الحسبة أداة للقهر الفكري، والاعتراض على الرؤى والأفكار، التي قد يرى النظام أو أعوانه أنها تضر بمصلحتهم، عن طريقها أصبح لأي من كان فرض سيطرته على أفكار الآخرين، ومنعهم من التعبير بحرية عما يريدونه، حتى وإن كان مخالفًا للدين، فما شأنه في ذلك، ألن يتحمل الشخص ذاته نتائج معتقداته....والآن أصبحت قضايا الحسبة، أداة سياسية، تتحكم من خلالها النظم في الآراء والأفكار والتوجهات، التي يتم بثها في المجتمع، والتي قد تتناقض أو تهاجم أغلبها سياسات تلك النظم....

وفي ظل وصول التيار الإسلامي للحكم، فقد بات من الضروري، تقنين تلك القوانين وووضع الحدود لمؤيديها، وخاصة في ظل تعالي أصوات العلمانين، مطالبين بتوفير الحماية لهم ولأفكارهم من التيار الإسلامي، كإجراء احترازي مستقبلي ... بعد ان أصبح مفهوم الحسبة الآن مرتبطًا بمفهوم "الردة" أي أن من يتحدث فيما يخالف الدين والشريعة، يعتبر مرتدًا عن الإسلام، وقد يتم اتخاذ إجراء ضده بإهدار دمه، مثلما حدث مع فرج فودة ، المفكرالمصري العظيم، الذي اعتبرت الجماعات الإسلامية آراءه ارتدادًا عن الدين، أو قد يكون تطبيق الحسبة أو حد الردة، عن طريق التفريق بين الزوجين، والنفي خارج البلاد، كما حدث مع الدكتور نصر حامد أبو زيد!!!...ومنذ قضية أبو زيد وقد تم تحديد اختصاصات الجهات المسئولة عن الحكم، في تلك القضايا، وهو النائب العام، الذي له الحق في قبولها من عدمه، وفي الآونة الأخيرة، تزايدت أصوات الجماعات السلفية لتطبيق الحسبة، وتوسيع نطاق الجهات المسئولة عن البت فيها، بما يشبه جماعات الأمر عن المعروف والنهي عن المنكر، التي يدعو إليها الجماعات السلفية ...

انهم يريدون وضع العقل والفكر والابداع تحت مقصلة محاكم التفتيش الدينى !!..من الاشكاليات المتفرعة من موضوع الحسبة اشكالية تعبير القيم الاسلامية لانه تعبير واسع وفضفاض وغامض ومن الممكن تفسيره كل على هواه ويصادر ما يحلو له وما لا يروق له بحجة مخالفة القيم الاسلامية !!! الجدير بالذكر ان الكثير من أمات الكتب الدينية مثل البخارى وغيرها من الممكن مصادرتها تحت هذه اللافتة لو طبقنا منهج التربص والتعنت والتفسير المغرض او لو طبقنا عليها نظام الحسبة !!! انظروا الى حديث رضاعة الكبير وفتوى العبيكانhttp://youtu.be/n8SRf-sen7A .. هذه الفتوى القائمة على حديث ارضاع الكبير هى الفساد بصور مشروعة وعلى ذمة مشائخ كبار مثل العبيكان في زمن كثر فيه الفساد وفتواه ستزيد الفساد أضعافاً مضاعفة "ستزيد الطين بلة" ، فالفتوى مجانبة لأصول الافتاء في الشريعة الإسلامية ، ولا يقبلها العقل البشري ولا النفس السوية من نفوس البشر....وأتخيل هنا لو أن أحد الموظفين اضطر للعمل في مكان ما إلى جانب موظفة ،هل ستزداد الطلبات بجانب اوراق التوظيف للموظف الجديد أن يطلب منه شرب جالون حليب ليصبح ابناً بالرضاعة للموظفة، والله هذا هو الفساد الشرعي ... وإنه فساد اجتماعي بثياب شرعية !!!.. أليس من السهل محاكمة البخارى بتهمة الخروج عن القيم الاسلامية وازدراء الدين لانه نشر هذا الحديث فى كتابه !!... المحتسبون الجدد ماذا سيفعلون فى احاديث أبى هريرة التى تسىء لعلى ابن ابى طالب وترفع من شأن بنى أمية !!! هل سيرفعون قضية على الطبرى الذى يطعن فى ابن عباس : ( انه حين كان واليا على البصرة سرق ستة ملايين درهم من بيت المال - مثل نواب القروض - وهرب الى مكة واشترى ثلاثة من الجوارى الحسان ... مما اغضب على ابن ابى طالب فكتب له : " أما تعلم أنك تأكل حراما .. وتشرب حراما" ) ... السؤال هل سيمارس رجال الحسبة الجدد ومحاكم التفتيش الدينى هواية رفع القضايا والمصادرة مع كتاب البخارى احد اهم كتب التاريخ الاسلامى كما فعلوا مع هشام الجخ ومن سبق هشام الجخ !!!..

المحتسبون الجدد يرون الابداع بيجامة او جلابية او عباءة يفصلونها حسب المقاس والرغبة !!! وهذا جهل فظيع بالابداع لانه حرية ونحن لا نرغب اطلاقا ان تكونوا شيوخ خفر الرقابة والحسبة باسم النهى عن المنكر !!... انهم يريدون من هشام الجخ وكل مبدع ان يمشى جنب الحائط !!! انهم يريدون منا ان نتعلم شروط الكتابة ( الدايت ) الخالية من البروتينات العقلية والكوليسترولات الابداعية !!!.. انهم يريدون منا ان نكتب طبقا لمواصفاتهم القياسية المعتمدة فى اكشاك ودكاكين ومحلات الوهابية الاخوانية او الوهابية السلفية الجهادية !!! تلك المواصفات القياسية المتأسلمة تريد الدخول فى تلافيف دماغ المبدع وتجعله يكتب بدون اى مطبات غير شرعية لانها مستخلصة من حبة البركة وزيت الكافور وبول الابل !!... هم يريدون من هشام الجخ وكل مبدع قبل ان يرتكب جرم الابداع ان يجرى كشف الهيئة حتى يحصل على درجة شاعر شرعى او كاتب شرعى او مؤلف شرعى مع تقصير الثوب وحف الشارب واطلاق اللحية !!!.. انهم يريدون وضع الابداع تحت ميكروسكوب عمامة الفقية !!.. هذه الكوميديا السوداء هى ما نعيش فيه ويخرج علينا بعض تجار الدين الذين يستخدمون الدين قناعا يخفون تحته عقدهم النفسية ومطية لتحقيق اهدافهم الخفية !!! .. انهم يمارسون أسوأ انواع الديكتاتورية باسم الحسبة او النهى عن المنكر !!! الغريب انك لاتستطيع التناقش والتحاور معهم لانهم قد ألغوا عقولهم وتركوها فى ثلاجة النصوص الدينية المأخوذة من الكتب الدينية مثل البخارى ومسلم وغيرها !!... عجيب أمرنا كيف ننظر للدين ، وكيف يرى من يدعون أنهم شيوخنا الدين.... الشيخ "العبيكان" يريد إرضاع الكبير ليخرج من حرج "كثرة الوافدين" الذين تغص بهم البلاد وخالطوا النساء في المطابخ والحمامات....الخ، وشيخ المسجد في أمريكيا يعيش بنعم وخير هذه البلاد التي أنعم الله عليها ولو دخل المستشفى واحتاج زراعة عضو لجسده لإنقاذ حياته لما تأخر النظام الطبي في أمريكيا ومشافيها عن ذلك ولما نظروا للحيته وعباءته وفتواه التي لا تبيح تبرع المسلم لغير المسلم ، ثم سيدة تلبس بطريقة فاحشة تسأل إن كان الدين يجيز مثل هذا التبرع أم لا، وفي النهاية أفهام اختلطت ورؤى اختلفت ثم يقول البعض اختلاف رأي !!!..

لا يا سادة ، هذا خسف وليس حرية رأي وغزارة في الفهم للنصوص الشرعية.... هذا تخلف لا يرتضيه الدين ولا يرضاه نبينا صلى الله عليه وسلم ولا ربنا سبحانه وتعالى ، وهذا الدين متين ، فلنوغل فيه برفق ، فليس الشيخ من استطالت لحيته وغزر شعرها ثم قام يهرشها ليعود لنا بفتوى صدرت من بين فكيه، بل الدين يتمثل بمظهر تلك اللحية وبعلم صاحبها من نصوص الدين ما يمكنه من استصدار الفتوى دون تطرف ولا انحراف....المتأسلمون قاطبة اقوالهم وافكارهم مقدسة لايمكن الاقتراب منها او المساس بها من خلال الرأى الحاد والمزاج العنيف وسلاطة اللسان وضعف الحجة والبيان !!! واذا لم يذعن له المخالف كال له السباب والشتم واوسخ الالفاظ واقبحها !!! وهذا ما نلمسه مليا فى اللهجة الغاشمة واللغة الطغيانية التى تطفو على كلامهم مع المخالف لهم !!... مما لاشك فيه ان كل من يتبع دينا او مذهبا يعتبر ان دينه او مذهبه هو الافضل والا لما اتبعه !!.. وهناك ما لايقل عن 40 دينا ومذهبا فى عالم اليوم نذكر منها على سبيل المثال : ( الاسلام / اليهودية /المسيحية البوذية / الكنفوشية / الهندوسية / الشنتو / السيخ / الايزدية / الذارادشتية / البهائية / الرومنى (الغجر ) ...الخ ) ... اغلب هذه الأديان والمذاهب سبقت الاسلام فى الظهور وجميعها تشترك فى ثلاثة اشياء هى :
1- اقامة الشعائر الخاصة بالدين (ٌRituals)...
2- مجموعة قوانين اخلاقية او شريعة ( Code of ethics)....
3- فلسفة تشرح معنى الحياة ( Philosophy of life)....
فلماذا يحتكر دين ما الحقيقة ويتجاهل الاديان الآخرى ويلغى الاديان الآخرى ... او بمعنى ادق لماذا يحتكر اتباع دين ما الحقيقة الكاملة ويسفهون ويصادرون معتقدات الغير باسم الحسبة والنهى عن المنكر !!!... الحسبة هى التى جعلت الحلاج يصرخ قائلا :«أيها الناس، اعلموا أن الله قد أباح لكم دمى، فاقتلونى.... اقتلونى تُؤجروا وأسترح.... اقتلونى تُكتبوا عند الله مجاهدين، وأُكتب أنا شهيد»... وهو القائل ايضا : قال: «مَنْ كُوشف بالمباشرة ولوطف بالمجاورة، وترقَّى بعد أن توقَّى، وتحقَّق بعد أن تمزَّق، وتمزَّق بعد أن تزندق، وتصرَّف بعد أن تعرَّف، وخاطب وما راقب، وتدلَّل بعد أن تذلَّل، وقُرِّب لما خُرِّب، وكُلِّم لما كُرِّم؛ فما قتلوه وما صلبوه. .»....لو كان الحلاج قد قضى حياته خامل الذكر، لا له ولا عليه؛ لما كانت الويلات قد حاقت به، ولا كان قد تعرَّض للحسد والحسبة والمحنة.... لكن شهرته الواسعة، ومكانته الروحية عند كثيرين من أهل زمانه، والرموز والتشبيهات التى استعملها فى شعره ومقالاته؛ أدت جميعاً إلى إطلاق الاتهامات عليه !!..كالكفر، وممارسة السحر، والزندقة، والشعوذة، والتشيع، وادعاء النبوة، وتناسخ الأرواح، وتسخير الجن، وادعاء الألوهية، والجنون، والحلولية، والتآمر على السلطة، والنصب والاحتيال، ومحاولة الزنى بالمحارم، وهدم أركان الدين....الخ ...هذه التهم لا يمكن أن تصدُق كلها على شخص واحد، حتى لو كان الشيطان نفسه!!...ومن كثرة التهم وزيادة الشائعات، قال بعضهم للحلاج إن الناس مختلفون فى أمره، بين فريق يتهمه وفريق يبجله.... فردَّ عليه الحلاجُ بأن الذين يبجلونه يحبونه وينحازون إليه، والذين يهاجمونه يحبون الله وينحازون إلى الشريعة، فالفريق الثانى هو الأقرب للحق! وقيل له إن فى أشعارك ما يدعو للحلولية والتجسد، فقال: «مَنْ زعم أن الألوهية تمتزج بالبشرية، فقد كفر» وقالوا له: أنت كافر حلال الدم.... فقال «دمى حمى وظهرى حرام ولا يحل لكم أن تتأوَّلوا علىَّ بما يبيحه، وأنا اعتقادى الإسلام، ومذهبى السنة؛ فالله الله فى دمى»...

ابتدأت محنة الحلاج كما يحكى الخطيب البغدادى فى (تاريخ بغداد) والذهبى فى (سير أعلام النبلاء) فى زمن الوزير العباسى «علىّ بن عيسى»الذى انتابه قلق من شعبية الحلاج وشهرته، فاستمع إلى الوشايات الزاعمة بأن الحلاج نصير للقرامطة الثائرين على الحكم العباسى، فأمر الوزير بحبس الحلاج.... لكن السجن لم يكن كافياً، خاصةً أن المسجونين والسجانين لاحظوا طيلة السنوات التى حُبس فيها الحلاج، أنه كان كثير العبادة دائم الصلاة ليلاً ونهاراً....وقد سُجن معه، وزارَه فى الحبس؛ بعضُ مشايخ عصره، منهم «أبو العطاء بن خفيف» الذى سُئل عن اعتقاده فى الحلاج، فقال: رجلٌ من المسلمين. فقالوا: قد كَفَّره المشايخ وأخرجه الناسُ من زمرة الموحِّدين! فقال: إن كان الذى رأيته منه فى الحبس لم يكن توحيداً، فليس فى الدنيا توحيد... الوزير حامد جاء إلى الحلاج بالكتب والدفاتر التى جلبها العسكر من داره أثناء سجنه، وأحضره من السجن وقال له : وجدنا فى كتبك رسائل من أناس يزعمون أنك المهدى المنتظر، وآخرين يزعمون أنك صاحب الناموس الأكبر، وآخرين يزعمون أنك الله؛ فما تفسير ذلك؟ فأخذ الحلاج يدفع عنه هذه الكتب وهو يقول: هى كتبٌ لا أعرفها، وهى مدسوسة علىَّ ولا أعرف ما فيها، ولا معنى لهذا الكلام....واحتار الوزير (حامد) فى أمر الحلاج، واحتال لقتله؛ فلجأ إلى الفقهاء من (أهل الحسبة) الذين هم أشباه فقهاء السوء فى كل زمان، من ذوى الميل إلى كل وزير وسلطان..... ففتش هؤلاء فى فؤاد الحلاج ونقَّبوا فى أفكاره، وأمروه أن يكتب (اعتقاداته) فى صفحات، ثم عرضوا ذلك على المشايخ حتى يظفروا بسقطةٍ ما، فما استطاعوا.. ومع ذلك، عقدوا للحلاج محاكمة (مغلقة)...

وعندما وجدوا فى كتب الحلاج عبارة تقول إن الإنسان إذا عجز عن الذهاب للحج، يعمد إلى موضع فى بيته فيطهِّره ويعمل فيه ما يشبه المحراب، ثم يغتسل ويُحرم ويطوف سبعة أشواط، فتُحسب له حجة!... فأقرَّ الحلاج بأنه رأى ذلك مذكوراً فى (كتاب الإخلاص) للحسن البصرى..... فزعق فيه الفقيه (القاضى) أبوعمر: «كذبت يا حلال الدم، هذه زندقة يجب بها القتل..» ...وتعلَّق الوزير حامد بما قاله الفقيه (أبوعمر) وأمر بكتابته فتشاغل أبوعمر بالكلام مع الحلاج، فألحَّ عليه حامد وقدَّم له الدواة، فكتب بإحلال دمه..... ودعا الوزير بقية الفقهاء لتأييد الحكم، فقال له الفقيه الآخر الذى كان يشارك فى محاكمة الحلاج (أبو جعفر البهلول): لا يجب بهذا قتلٌ، إلا إذا أقرَّ الحلاج أنه يعتقده، لأن الناس قد يروون الكفر ولا يعتقدونه.... فلم يأخذ الوزير بهذه (الفتوى) وراح يجمع توقيعات الفقهاء الحاضرين على الحكم بالإعدام، والحلاج يصيح: ظهرى حمى، ودمى حرام.... فلم يلتفت إليه أحد من الحاضرين...ثم أرسل الوزير بالتوقيعات التى جمعها إلى الخليفة العباسى (المقتدر) واستأذنه فى قتل الحلاج، وألحَّ، فأذن له الخليفة.... فلما أصبح استدعى الحلاج وضربه ألف سوط، فما تأوَّه وما زاد عن ترديد «أَحَدٌ، أَحَد» فرفعوه على الصليب، وقطعوا يديه، ثم رجليه، ثم حَزُّوا رأسه بالسيف، ثم أحرقوا جثته وحملوا رماده إلى منارة المسجد وألقوه فى الهواء لتُسفيه الرياح.. كان ذلك سنة 309 هجرية....

ومع ان الذهبى صاحب سير اعلام النبلاء هو الذى ذكر أخباره؛ رغم انه لم يكن يحب سيرة الحلاج ويتشكك فى عقيدته، إلا أنه حكى ما له وما عليه، وذكر فى ثنايا هذه الحكايات رأيه الذى يجب ان يكتب بماء الذهب .... حيث قال الذهبى فى كتابه (سير أعلام النبلاء14/ 343 ) :
(ما ينبغى لك يا فقيه أن تبادر إلى تكفير المسلم إلا ببرهان قطعى، كما لا يسوغ لك أن تعتقد العرفان والولاية فيمن قد تبرهن زَغَله.... فلا هذا، ولا ذاك.... بل العدل، أن من رآه المسلمون صالحاً محسناً، فهو كذلك.... وأن مَنْ رآه المسلمون فاجراً أو منافقاً، فهو كذلك...أما مَنْ كانت طائفة من الأمة تضلِّله، وطائفة تثنى عليه وتبجله، وطائفة ثالثة تقف فيه وتتورَّع من الحط عليه؛ فهو ممن ينبغى أن يُعرض عنه، وأن يفوَّض أمره إلى الله، وأن يُستغفر له فى الجملة.... لأن إسلامه أصلىٌّ بيقين، وضلاله مشكوكٌ فيه.... فبهذا تستريح، ويصفو قلبك من الغل للمؤمنين...ثم اعلمْ أن أهل القبلة كلهم، مؤمنهم وفاسقهم – سوى الصحابة - لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيدٌ ناجٍ، ولا أجمعوا على مسلم بأنه شقىٌّ هالك.... حتى إن أبا بكر الصديق وهو فرد الأمة، تفرَّقوا فيه، وكذلك عمر بن الخطاب، وكذلك عثمان وعلىّ وابن الزبير والحجاج والمأمون وبشر المريسى وأحمد بن حنبل والشافعى والبخارى والنسائى، وهلمَّ جرا من الأعيان فى الخير والشر إلى يومك هذا....فما من إمام كامل فى الخير، إلا وهناك أناسٌ من جهلة المسلمين يذمونه ويحطُّون عليه، وما من رأس فى البدعة إلا وله أناسٌ ينتصرون له.... فانصفْ وتورَّع واتقِ، وحاسب نفسك.... وإذا شككت فى شخص ولم تعرف حقيقته، فتبرأت مما رمى به؛ أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلاً)... لقد وصلنا الى نهاية كلام الذهبى الذى يجب ان يكتب بماء الذهب على مآقى العيون لانه كلام من ذهب ... وما وصلنا الى استئصال شهوةُ الحسبة وحُمَّى الحكم على الناس، وعلى أفكارهم....

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ائتلاف شباب الثورة ورقة التوت الاخيرة التى فضحت الجميع
- لا حذاء للديمقراطية يامرشد الاخوان
- عفوا نحن فى زمن جاهلية الاخوان
- الماسة والاحجار
- ما المانع اذا ايها القدر!!!!!
- يامرسى اللى اختشوا ماتوا
- ما احوج اقباط مصر لمناضل يخلصهم من ظلم الاضطهاد!!!
- هل يستطيع الشعب السعودى الثورة على هذا النظام الموالى لاسرائ ...
- احبك يا بحر الرقة والحنان
- فض الاشتباك بين اشكالية اسلام النص واسلام التاريخ
- الاسبرطية والشيوعية والتحريضية الاخوانية الكفاحية هى المشروع ...
- البلوتوث الانسانى(التخاطر عن بعد)
- لن تستطيعوا فهم ما يجرى حولكم حتى تفهموا النظام العولمى
- الأخضر الإبراهيمي هو القنطرة لاستعادة تركيا مجدها السياسى فى ...
- افيقوا الفيلم المسىء للرسول طعم لتغذية الفتنة الطائفية وتقسي ...
- كل ما بداخلى مات
- الفيلم المسىء للرسول هل هو حرية رأى ام تحريض على فتنة طائفية ...
- موسى الصدر والجعد بن درهم من ابلغ الامثلة على القتل الاستهدا ...
- يعنى ايه كوشيز مصر (محمد وديع ) يكون فى السجن وعتاة المجرمين ...
- يا مرسى تعلم من ارسطو ربنا يهديك


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - صرخة فى وجه الحسبة