أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - الحياة اليومية في بابل















المزيد.....

الحياة اليومية في بابل


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 14:24
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مااشبه اليوم بالبارحة !!!
كان البابليون يعتنون بشعرهم واجسادهم ويستعملون الزيوت لزيادة نعومة البشرة وطراوتها . وكانوا يفضلون استعمال زيت السرو والاس والسدر لرائحته الجيدة . واستعمل البابليون للغسل الصابون الذي يتكون من اوكسيد الصوديوم او البوتاسيوم الممزوج بالزيت او الطين الحر الجيد . وكان البابليون يستحمون بحمامات بخارية من ان لاخر . وبالنسبة للنساء كن يفخرن بتسريحة شعرهن القصيرة المجعدة التي كانت تتموج الى الاسفل وتشد بشريط واحد فقط .
كانت النساء يستعملن الصبغ الاسود للحواجب والاهداب والاخضر لضلال العينين , والاحمر للشفاه والخدود . وكان من الشائع صبغ باطن اليد والارجل بالحناء , ووضع الوشم على الجلد . وكن يحملن حقائبهن النحاسية المعلقة بحلقة صغيرة بشكل دائمي . وكانت تحتوي على منقش وسكين وملقط وملعقة لتنظيف الاذن . ومن الامور التي لاتنسى مراة اليد البرونزية والمشط المصنوع من الخشب او العاج .
كانت ملابس الرجال والنساء متشابهة ولها نفس الطول . وكان ثمة رداء فضفاض يصل الى الركبة . وكانوا يرتدون ( وكذلك النساء ) ثوبا لامعا مخطط باكمام قصيرة , وكان عند النساء يصل الى الارض . وكان بالامكان ارتداء سترة فوق هذا الثوب . وللوقاية من البرد كان يلقى على الكتفين معطف صوفي قصير . اما الناس الاثرياء فكانوا ينتعلون صنادل تثبت بسيور جلدية تحيط باصابع القدم والكعب . وللمسيرات الشاقة ولاسيما في الجبال كانوا يستعملون الجزمة العالية المربوطة بشريط . واما غطاء الراس , فشكله يختلف من عصر الى اخر . ففي عهد حمورابي كان يفضل اعتمار قلنسوة مدورة بجوانب عريضة ملتوية . وفي فترة متاخرة كانوا يكتفون بلف عصابة حول الراس .وكانت النسوة المتزوجات يخفين شعرهن اذا خرجن الى الشارع تحت منديل للراس .ويغطين وجوههن بحجاب شفاف .
وكان لهن الحق قانونيا بارتداء العباءة التي كانت بمثابة علامة تفرقهن عن الرقيق والبغايا , اللواتي حرم عليهن ذلك كعقاب صارم .
ومن هنا يتضح معنى كلمة ( جلابيب ) الوارد ذكرها في سورة الاحزاب الاية 59 :
( ياايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما . )
رغم اختلاف الفقهاء والعلماء حول معنى كلمة ( جلابيبهن )الواردة في هذه الاية , الا ان معناها الواضح هو نوع من العباءة قد لاتغطي الراس بل توضع فوق الكتفين فنازلا , لتمييز المراة الحرة عن الامة ( مقالتنا – حجاب المراة في الاسلام – بتاريخ 12 -8 – 2011 م ). وبالتالي فان الحجاب والبرقع كانا نتاج العهد العباسي كما كتبنا في مقالتنا . والجلابيب تشريع بابلي ظهر في الاسلام ربما بتاثير الموروثات اليهودية الماخوذة من البابليين .
كان البابليون يفضلون الاكلات النباتية كالبصل والخيار والقرع والرقي والبطيخ .وكانوا يطبخون انواع المرق من حبوب الفاصوليا واللوبيا والعدس والذرة والشعير . والمادة الرئيسية هي الخبز والذي يتم اعداده من قبل ربة البيت ,او الجارية , اذ انهم يتذوقون الخيز طريا ساخنا . ويستعملن لذلك تنور من الطين ( فرن ) يدفن غالبا في الارض . ومواد الوقود تتكون من روث البهائم المجفف والمسمى في جنوب العراق ( دمن , درج , مطال ) (هل يحتوي على قليل من التبن ؟؟؟ ) . ومن الفواكه يتناول البابليون التمر والرمان وكذلك الفواكه المستوردة من اشور ( والتعبير للمؤلفة ) مثل التفاح والعرموط والعنب . وكانت اللحوم غالية الثمن ولا تتواجد على المائدة على الدوام . ومن اللحوم المتوفرة , لحم الدواجن , مثل الدجاج والحمام والبط والوز , حيث ان بالامكان تربيتها في المنزل . ونادرا مايجري تناول لحوم الاغنام والماعز والابقار , اذ يحتفظ بها لايام الاعياد الكبيرة .
وكانوا يعدون السمك للاكل على انواع مختلفة , فياكلونه مقليا او مسلوقا او مملحا ومجففا . ومن كان محظوظا في العيد فانه يستطيع الاستمتاع بلحوم الغزال والارنب والحمار الوحشي . اما منتوجات الحليب فمرغوبة جدا وتعمل على شكل جبن او لبن مخثر ( خاثر باللهجة العراقية ) . وكانت النسوة يحضرن انواع الاكلات اللذيذة ويضفن اليها العسل واللوز والفستق والزيت والتوابل .ولايام الاعياد كن يعددن الحلويات والفطائر الحلوة المحشوة بالتمر والتين واللوز . ويشرب البابليون الماء مع الاكل عادة .
وكانت البيرة ( الجعة ) المصنوعة من الحبوب منتشرة ايضا بشكل واسع . وللبابليين خبرة عالية في صناعة البيرة . اذ يخمرون ستة عشر نوعا مختلفا من البيرة وذلك حسب التنويع في اضافة المواد الخام . ومن انواع البيرة المعروفة , البيرة السوداء التي لعبت دورا كبيرا بين المشروبات الروحية . وكانوا ينتجون من العنب نوعا رديئا من الشراب . اما الشراب الجيد فيستورد من سوريا وارمينيا . من المشروبات الروحية المفضلة ,شراب النخيل الذي يحصلون عليه من العصير الذي كان يسيل من ثقوب يعملونها في جذوع النخيل , والذي يتم تخميره خلال ثلاثة ايام , اما نسبة الكحول فيه فتكون عالية . ولايحتسي الرجال هذه المشروبات غالبا في البيت بل في الحانات التي تديرها النساء ! , كما في صاحبة الحانة التي مر عليها جلجامش . تهيمن على هذه الحانات اجواء اللهو والطرب . وكان الرجال يشربون حتى الثمالة , بحيث كانت بطونهم تنتفخ وهم يترنحون .
وكوصفة ضد الالام الناتجة عن الكحول كان يوصى بسحق خمسة انواع من بذور النباتات ومزج المسحوق بالشراب وتجرعه دفعة واحدة دون تذوقه . والفرق بين العراق البابلي وعراق اليوم الاسلاموي ( والملاحظة لكاتب المقال ) ان الشباب يشربون البيرة والكحول اليوم في السر وبدون حانات ولا نساء يبعن الخمر وابي نؤاس ينعى شارعه ودجلة سيكف قريبا عن حمل المياه الينا بعد انجاز مشاريع السدود التركية .
يتكون طعام الفطور عند البابليين من وجبة دسمة .ولكن ظهرا يتناولون وجبة خفيفة بسبب الحرارة الشديدة , وبعدها ينام اغلب الناس لبضع ساعات . اما الوجبة الرئيسية فيتناولونها مساء .
كانت العائلة تجتمع في ابرد غرفة بالبيت حيث تمتد الايدي الى الطعام اللذيذ. وكان استعمال الملعقة والشوكة نادرا جدا . والى اليوم يتناول العراقيون بعض الاكلات باليد مثل التشريب . وكان البابليون يستمتعون بالمساء حيث تعود اليهم حيويتهم . اما الاطفال فيخرجون للشوارع ويلعبون بالصنوج الطينية او بالقوس والنشاب , والرجال يلعبون الكعاب ( الجعاب باللهجة العراقية ) او يتجمعون حول لوحة لعب باحجار ملونة. والنساء يجلسن في فناء الدار سوية , وهن يتبادلن اطراف الحديث , ويقمن بالغزل بنشاط . وبين حين واخر ترتفع في احدى الحلقات المرحة اغنية تصاحبها ضربات على الطبلة تتردد في الشوارع التي تجنح رويدا رويدا الى الهدوء .
الخاتمة : عند اطلاعنا على الحياة اليومية في بابل نجد ان الحياة في جنوب العراق وخصوصا في الارياف لم تتغير عبر اكثر من ثلاثة الاف سنة . كان سكان جنوبي العراق منذ زمن سومر وبابل يسكنون البيت الطيني المسقف بالحصران المطلي بالطين والمسمى باللهجة العراقية ب (الصريفة ) , ولا زالوا الى يومنا هذا يسكنون نفس الصريفة رغم ثروات العراق النفطية الهائلة . ولازالوا الى اليوم يستخدمون نفس التنور الطيني السومري والبابلي ونفس روث الحيوانات كوقود ونفس الخبز والاكلات البابلية , سوى اختفاء مظاهر الفرح وحلول مظاهر الحزن بدلا عنها تيمنا ببكاء ولطم العراقيين القدماء على موت الهتهم كالاله تموز مثلا وشق ملابسهم كما يفعل العراقيون اليوم بالحزن والبكاء واللطم والتطبير على موت الامام الشهيد الحسين بن علي بن ابي طالب وباقي الشهداء من ائمة اهل البيت من الشيعة .
على المودة نلتقيكم ...
المصدر
( رحلة الى بابل القديمة ) , تاليف المؤلفة والباحثة د . ايفلين كلينكل – ط1 – 1984 م – ( طبعة خاصة ) – ترجمة د . زهدي الداوودي – تصدر عن دار المدى للثقافة والنشر وتوزع مجانا مع جريدتي المدى والاتحاد الصادرتين في بغداد – العراق .



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دردشة دينية
- مفهوم الهجرة في الاسلام
- جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة .. ج 2
- جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة
- مزامير بني صهيون من الليبراليين
- نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية
- مفهوم الخروج في اليهودية والمسيحية والاسلام
- الصدفة في صنع الحضارة
- تفتيت المسيحية من الداخل , المورمون انموذجا
- شتراوس والاعراق والتاريخ
- هل هناك علاقة بين تنوع الثقافات والاعراق؟
- المشتركات بين ( الشلة ) وبين السياسي العراقي المعولم
- البغاء واسبابه
- موقف اباء وفلاسفة المسيحية من المراة
- المراة والملكية الخاصة والرجل
- تخلف الديانات من تخلف مجتمعاتها
- الاختلافات في الثقافات
- تصحيح الخلل في النفسية العراقية
- الامة العراقية والامة الكردستانية
- الكتلة التاريخية التي ستنقذ العراق- ج 2


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - الحياة اليومية في بابل