أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - البصلات المحروقة















المزيد.....

البصلات المحروقة


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 15:37
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ سنواتٍ قليلة تم استدعائي من قبل أحد الفروع الأمنية بسبب كتاباتي في جريدة ((قاسيون)). ولدى مثولي أمام رئيس قسم الأحزاب, وبعد مقدمته الترحيبية وإبداء إعجابه بالنصوص التي أنشرها أردف قائلاً: (لكننا عاتبون عليك جداً؛ فأنت لا ترى إلا النصف الفارغ من الكأس؛ ألهذه الدرجة نحن سيّؤون بنظرك يا رجل؟! هل يعقل أنه لا يوجد لدينا أية إيجابية؟! اشتهيت أن أقرأ لك مقالاً واحداً تلمّح فيه إلى وجود بارقة أمل في هذا الوطن. ولكن عبثاً. وأضاف مستطرداً: للأمانة, أعترف بأنك تجيد نشر الغسيل الوسخ بجدارة. ومشكلتك أنك لا تحسب حساب الأعداء الذين يستفيدون من كتاباتك ويشهّرون بالوطن استناداً إليها). وأذكر حينها أنني أجبته: أن لا يكون ولا إيجابية في هذا الوطن, فهذا غير ممكن حتى في أعتى الديكتاتوريات بطشاً وأكثرها استبداداً في العالم. لا شك أنه يوجد ما يرضي المرء, ولكن التطرّق إليه ليس من اختصاصي ولا من وظائفي, فلديكم ما يكفي من المدّاحين من الذين لا يرون إلا النصف الملآن من الكأس وفي كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وفي أغلب أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية. وكافة المنظمات النقابية والمهنية والشعبية.. أما بخصوص نشر الغسيل, فأعتقد أن الملامة تقع على من قام بتوسيخ الغسيل لا على من قام بنشره. وإذا كنتم حريصين على سمعة البلاد, فعليكم استخدام أقوى المنظفات فعاليةً في هذا المجال, والمتمثلة بالشفافية وبالإعلام الحرّ وبالقضاء النزيه. وبالتالي المحاسبة الحازمة والعادلة. فأجابني بكسل: (ونحن سنسعى إلى ما تقول, وليست غائبة عن ساحة تفكيرنا وحياتك, إلا أن بصْلتك محروقة للأسف, وتستعجل الأمور قبل أوانها).
ومنذ أشهر جمعني حظي العاثر مع (نمرة) من البشر ديدنهم الدفاع عن النظام وتبرير أخطائه ومثالبه مهما كانت فاقعة..! معتبراً أن رجالات الحكم لدينا, مجموعة من القديسين المعصومين عن الخطأ.. لا يتفوّهون إلا بالحكم والأقوال المأثورة. مع أنهم هم أنفسهم يخجلون من تبرير أفعالهم وممارساتهم كلها, ويعترفون أحياناً بأخطائهم. وعلى الرغم من أنني تاريخياً أتحاشى الجدل مع أمثال هذه النمرة, لقناعتي بعدم الجدوى وإنه سيكون مضيعة للوقت, إلا أنني اضطررت إليه بسبب قدرة محاوري على الاستفزاز والاستدراج إلى حلبة النقاش. وكنا نتحدث عن مبادرة الجامعة العربية في حلّ الأزمة السورية فقلت له: حبّذا لو أن السلطة تفقئ حصرمة في عيون الأعداء وتخلي سبيل جميع المعتقلين السياسيين دفعةً واحدة, لا أن تفرج عنهم بالقطارة.. وأن تتوقف كلياً عن توقيف أيّ شخص بسبب آرائه السياسية.. فأجاب ساخطاً: (وهل تعتقد بأن السلطة مبسوطة لاعتقال كل هذه الأعداد؟ نقوم بالتحقيق معهم, ونحيل من يستحق منهم على القضاء, ومن كان بريئاً لن نخلّله, بل سنخلي سبيله حالما يتوفر الظرف الملائم. أم أن بصْلتك محروقة كالعادة وتريد أن يتم كل شيء فوراً وبعصا سحرية؟)
ومنذ أسابيع وخلال الحديث مع موالٍ آخر عن دور الإعلام في المعركة الدائرة حالياً. أبديتُ نقداً للإعلام المحلي الذي لم يرتقِ حتى الآن إلى مستوى الحدث, وأعطيتُ مثالاً فقلت: حبّذا لو أن القنوات التلفزيونية السورية والإذاعات والصحافة.. تعقد ندوات يومية تستضيف خلالها كافة الأطياف السياسية من معارضة وموالاة, فقد مللنا من سماع الرأي الأوحد, بحيث تتم هذه النقاشات بإدارة حصيفة محنّكة تتناول مختلف جوانب الأزمة وطرق الخروج منها.. أعتقد أننا نستطيع حينها شدّ المواطن تدريجياً إلى إعلامنا. وهذا الوضع المرتجى يساهم برفع سوية الثقافة عند شعبنا ويعلّمنا فن الحوار الحضاري. فأجاب بنزق: (غريب أمرك فعلاً, إنك كمن يجلب الدبّ إلى كرمه, عوضاً عن محاكمة هؤلاء العملاء عما اقترفت أيديهم من استدعاء للتدخل الخارجي ومن التآمر على الوطن, نكرّمهم وننصّبهم ممثلين لما تسمونه الحركة الشعبية ونستضيفهم على منابرنا..؟! وأضاف بعد زفرة حارقة: ومع ذلك قد نقدم على ما ذكرت, ولكن ليس قبل أن نحسم المعركة معهم في الميدان ونسحقهم سحقاً. أم أن بصْلتك محروقة وتستعجل الأمور قبل أوانها كعادتك؟)
ومنذ أيام وأثناء حواري مع أحد المعارضين البارزين في (هيئة التنسيق) وبعد أن بذلتُ جهوداً جبارة لإقناعه بضرورة قبول المعارضة بالجلوس إلى طاولة الحوار مع النظام للتباحث في شأن الأزمة وكيفية الخروج منها, لأنه لا مناص عاجلاً أم آجلاً من الجلوس.. وأن شعار إسقاط النظام عن طريق العنف بات وهماً لكلّ ذي بصيرة. سألته معاتباً بسخرية: أم أنكم تخشون من أن يزعل منكم حمد وسعود وأوباما وأردوغان والجيش الحر ومنظمة القاعدة وباقي المنظمات السلفية والجهادية الأخرى..؟ فأجابني: (يا سيدي سنجلس, ولكن ليس قبل أن (نُنَهْنِه) النظام من الإنهاك والتعب. إننا نسعى حالياً إلى تحسين شروط التفاوض من خلال الضغوط المكثفة عليه التي نمارسها مع حلفائنا. نعم سنجلس إلى طاولة الحوار ولكن ليس قبل أن يترنّح النظام.. فظروف التسوية لم تنضج بعد كما نرى. لكنك كالعادة, دائماً مستعجل وتثبت لي يوماً بعد آخر بأن بصْلتك شديدة الاحتراق فعلاً!)
ومنذ ساعات كنت في اجتماعٍ حزبي وقد تضمّن جدول الاجتماع بند "الحكومة الجديدة". وأثناء دوري في تقديم مداخلة حول هذه الحكومة قلت: منذ سنوات ونحن نشير إلى علّة العلل في هذا الوطن؛ ألا وهو الفساد الكبير. وقد ارتقى خطابنا في الأشهر الأخيرة وصولاً إلى المطالبة بتأميم شركات النفط الأجنبية العاملة في الأراضي السورية. وكذلك الأمر تأميم شركتي الخلوي. وأظنّ أيها الرفاق أننا كنّا سبّاقين في طرح هذه الأهداف الوطنية على غيرنا من الأحزاب. وهذا شرفٌ كبيرٌ لنا. أما وقد استلمنا أهم منصب حكومي (لأول مرة في تاريخ العالم العربي يتم إسناد حقيبة النائب الاقتصادي لشيوعي) فقد آن الأوان لتنفيذ ما طالبنا به. والجماهير تنتظر منا صدمة إيجابية كبيرة تتذكّرنا من خلالها الأجيال القادمة.. فما كان من أحد الرفاق إلى أن علّق قائلاً: (لا شك رفيق أن ما ذكرته في غاية الأهمية.. لكن يجب عدم الاستعجال في طرح هذه الأفكار حالياً..) عندها تصاعدت في داخلي فجأةً أبخرة البصل المحروق, فما كان مني إلا أن قاطعته وأنا محزون النفس وقلت: أوافقك يا رفيق بالعشرة وأرجوك أن لا تسهب بالشرح, لأنه معروفٌ عني بأن جميع بصلاتي ليست محروقة فحسب, بل ومتفحّمة أيضاً!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غاز.. غاز!
- حَدَثَ في -بوركينا فاسو-
- اللاءات الخمس و(النعمات) العشر
- الفاكهة المحرّمة
- الطبيب الذي لا يخاف
- قراءة في أعمال المجلس المركزي لهيئة التنسيق الوطنية
- رخصة بيع فلافل
- حكايات شخصية
- الثعلب
- حمامة وكوسا وأشياء أخرى...
- حين يتّسخ الضوء
- الجار قبل الدار
- سوبر ديلوكس
- القتل الرحيم
- الاحتفال الطبقي
- عزة نفس
- بعض أسرار الحرب السادسة
- القدر
- ما أحوجنا إليها
- قانا


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - البصلات المحروقة