|
الشيخ القابع وراء الأكمة .
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 12:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقول العرب في أمثالها : وراء الأكمة ما وراءها ، و المناسبة أن امرأة وعدت صديقها بلقاء ، فظل يترقبها وراء أكمة ، و لكنها لم تأت لحبس أهلها لها ، فقالت أوتحبسوني و وراء الأكمة ما وراءها ؟ ، و في تونس اليوم هناك أكمة الحكومة ، و هناك من يقبع وراءها ، و هو شيخ من شيوخ السياسة ، تخفى في جبة مقدسة ، يذكر حالها بحال ما آل إليه قميص عثمان على يد معاوية ، أما المرأة فهي تلك السلطة الناشئة التي يريد الشيخ بها وصلا ، لتصبح ببركاته مُلكا عضوضا و ديكتاتورية غاشمة . الأكمة تخفى ، إنها حجاب أو نقاب أو ستار ، و في سيرك السياسة فإن اللاعبين على الحبال يتدرعون بها ، في حربهم على البؤساء ، فهم لا يظهرون إلا لممارسة المزيد من التخفي ، فيكون النفاق و الكذب و الدجل ، صنائع و حرفا ، يتبارى فيها المتبارون ، فهم ليسوا الحكومة و لا تأثير لهم عليها ، فهي وحدها مالكة مصيرها ، بينما صنعتهم تقديم مشورة الحكماء . يحتكر الشيخ الحقيقة المطلقة ، الواحدة الوحيدة ، و هي التي على الجميع التسليم بها باعتبارها مقدسة ، فالشيخ رضي الله عنه هو منتجها ، و من خالفها كان من الخوارج والشواذ والشراذم و الأغراب و الأشرار، المحشورين لا محالة في ديار الكفار و الأبالسة . كما يحتكر الشيخ القيم ، فإذا نطق حضرت في كلماته الفضيلة و الصدق و الوفاء ، و غاب الرياء و الكذب و النميمة ، فهو المثال و الجمال و الكمال ، و السلام على من اتبع سبيله ، فلا غاية له غير ذاته ، فالشيخ للشيخ شيخ ، و هذا الامتلاء يجعل المريدين من حوله و أكثرهم ممن يبيتون على الطوى ، تابعين لا يلوون في يده عصا ، فهو الشيخ و هم القبيلة ، أو هم الفرس و هو الشكيمة . التقاء الشيخ و الشعب مثل التقاء الساكنين في لغة العرب ، كلما حضر أحدهما حذف سابقه ، فعندما يسود الشيخ يحذف الشعب ، و عندما يسود الشعب يحذف الشيخ ، و من العبث الحديث عن الديموس اليوناني و مرافقه الكراتوس في هذه الحضرة المقدسة . في السياسة للشيخ سلطة آسرة ، يستمدها من تلك الجبة المقدسة ، فرغم أنه يلامس بجبهته التراب و يتضرع إلى السماء ، و يركع و يسجد مثل بقية المؤمنين ، فإنه ليس كالآخرين ، فهو الأقدر على فهم أوامر الخالق و نواهيه ، و عندما ينتقل من الديني إلى السياسي يتقمص دور الحق و المطلق ، فهو الذي يأمر ، و هو الذي ينهى، و على الجميع طاعته ، حتى أن بإمكانه الإفتاء بتكفير و قتل من خالفه في السياسة ، كما لو كان قد خالف في الدين الباري نفسه . عن الشيخ التونسي قال وزير سوري أنه رآه على باب أمير قطري ، و قد تسلم مائة و خمسين مليون دولار أمريكي ، و عنه نقل صحفي انكليزي شهير ، في جريدة لا تقل شهرة ، و قد تواترت مثل هذه الأقوال ، حتى أن رئيس الأكمة التونسية السابق تحدث عن المال الذي كان يهطل مثل شلال على حركة الشيخ السياسية ، زاعما جهله لمصدره ، و الطريف أن الرحال قد حط به هو نفسه بعد خروجه من الأكمة في قصر الأمير القطري . هل أصبح الشيخ الذي وراء الأكمة عاريا تماما ؟ لا ليس بعد ، و لكنه في طريقه لملاقاة مصيره ، وقتها لن يكون وراء الأكمة غير بيداء مقفرة ، كل شئ سيصبح أمامها فتفقد إغراءها ، أي ما كانت ترفل فيه باعتباره سرا من أسرارها ، ففي لعبة الديمقراطية التونسية سيزداد إيقاع المشهد الفضائحي قوة و دراماتيكية ، و ستتجول الفضيحة من مدينة إلى مدينة ، و من قرية إلى قرية ، و من شارع إلى شارع ، و في ثنايا ذلك قد يكتب فصل آخر من فصول الانتفاضة التونسية ، فلابد لليوم من غد ، هذه الجملة الممزوجة بالحكمة التي يقال أن تلميذا تونسيا قد قرأها بطريقة طريفة ، تنطبق تماما على الشيخ القابع الآن هناك .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية /الحلقة الثالثة .
-
الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية / الحلقة الثانية
-
شيطان مصطفى بن جعفر وشبح زين العابدين بن على
-
الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية .
-
أبو يعرب المرزوقي و ابن رشد و قشرة الموز
-
الربيع العربي و زمهرير جهنم .
-
عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل
-
المرأة و الثورة
-
المرأة العربية الآن
-
هل انتصرت الثورة في تونس ؟
-
جانفي شهر الانتفاضات التونسية
-
القوى اليسارية والنقابات العمالية في الربيع العربي
-
سيدي بوزيد التونسية : ماذا نملك ؟ لا شئ ، ماذا نريد ؟ كل شئ
...
-
منير العوادي سلاما !
-
الانتفاضة التونسية : شيئان في بلدي خيبا أملي !
-
مصر : الدم و الحرية أبناء عم !
-
عرس الدم التونسي
-
ماذا يحدث في كلية الآداب بالقيروان / تونس ؟
-
الفلسفة والتاريخ
-
رسائل ماركس وأنجلس حول الديانة الإسلامية
المزيد.....
-
لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما
...
-
الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر
...
-
مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل
...
-
مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين
...
-
تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
-
البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
-
مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
-
أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
-
أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|