أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - العلمانية والمواطنة... والخيار البديل















المزيد.....

العلمانية والمواطنة... والخيار البديل


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 10:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الاحتقان الطائفي المتزايد والخطير الذي تواجهه المنطقة العربية والمُستند على حوامل التطرف الديني والمذهبي قد يقودنا إلى الهاوية. وإنجازات "الربيع العربي" في إسقاط الاستبداد السياسي والديكتاتوريات في أكثر من بلد عربي ستظل محدودة ما لم تتم الإطاحة بأنواع الاستبداد الأخرى وخاصة استبداد التطرف الديني والانغلاق والتعصب واستبداد الطائفيات بأنواعها. وتحقيق هذا ليس بالأمر اليسير، ولكنه قيد الاستطاعة والوعي الجماعيين، ذلك أن الانحدار إلى مهاوي الطائفية والتطرف الديني تجربة مكرورة ومملة ودروسها الدموية مكتوبة بالدماء ولا تزال تنز في أكثر من أفق. والخطر الكبير يكمن في إحدى الحقائق المؤلمة التي تشير إلى أن بعض المجتمعات لا تتعلم من تجارب غيرها حتى لو كانوا جيرانها المقربين، وتصر على أن تدفع الثمن الباهظ الخاص بها كي تصل إلى ما وصل إليه الآخرون من قناعات... ودمار. وفي اللحظة العربية الراهنة تقف بعض المجتمعات على مفترق طرق سيحدد مستقبلها لعقود قادمة، فإما أن يتسارع الوعي الجمعي ويلجم استعار الطائفيات والتعصب ويدفع بدولة المواطنة والديمقراطية والعلمانية الدستورية إلى الأمام، وإما الانحطاط إلى التشظي الداخلي والحروب الأهلية.

وتتعدد الأسباب والظروف المولدة للطائفية واحتقاناتها وانفجاراتها ولا تحتاج إلى عبقرية في التحليل لوضع اليد عليها. داخلياً وخارجياً تضافرت عوامل عديدة لدفع أسوأ ما في المجتمعات إلى السطح، وهو الأسوأ الذي بقي على الهوامش في الشطر الأغلب من تاريخها، وفي حال تمكن من السيطرة على التيار العام في أي حقبة من الحقب فإن النتيجة المباشرة كانت الانحطاط. داخلياً اشتغلت سيطرة الخطاب الديني واحتلالاته للفضاء العام، على قولبة الثقافة الجمعية وفق شرعنة الفعل الاجتماعي والسياسي، الفردي والجماعي، تبعاً لإملاءات الخطاب الديني، والنقمة الكامنة على الآخر المختلف والنظر إليه نظرة عدائية، حتى لو كان هذا الآخر "الشقيق العقدي أو الإيديولوجي".

أما خارجياً فقد اشتغلت الحروب الاستعمارية التي اجتاحت المنطقة خلال القرنين الماضيين وما تزال تجتاحها على نزع الصدقية والإيمان بالأفكار والطروحات المدنية والليبرالية، كما عملت على الربط الآلي، غير الموضوعي، بين تلك الأفكار والغرب الاستعماري مما أفقدها فاعليتها وشعبيتها. ويطول التحليل هنا ولكن الجهد والإبداع مطلوبان في كيفية إبطال مفاعيل الطائفية وقطع الطريق على الدمار الذي تقود إليه مجتمعاتها وبلدانها. ولا يبدو أن هناك أفقاً يخرج المجتمعات العربية والإسلامية من مآزقها الحالية ويحميها من غول الطائفية والتطرف سوى تحولها إلى دول مدنية دستورية قائمة على المساواة التامة بين الأفراد على أساس المواطنة، وفي إطار علمنة الدولة كجهاز يخدم الناس والأفراد بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم وانتماءاتهم.

والخيار البديل هو الإمعان في الأسلمة الحركية وخاصة بعد وصول الحركات الإسلامية للحكم في أكثر من بلد عربي. وعلى رغم الشعبية الظرفية لـ"الإسلاموية" التي تجسدت في نتائج الانتخابات هنا وهناك إلا أنها ساهمت في إشاعة خوف شرائح ونخب عديدة في العالم العربي، ولأنها لم تنجح في طمأنة الخصوم والمحايدين إزاء نواياها المستقبلية، فإن الخوف من وصولها للحكم، سواء بالسلم أو بالعنف لم يخفت، بل تكرس حالياً. ولأنها أثبتت أنها الأقدر على الفوز بأية انتخابات تقام في أي من البلدان العربية، فإن الحماس لفكرة الديمقراطية ذوى في كثير من دوائر المثقفين، والديمقراطيين، وأعداء الاستبداد. لقد وفرت "الإسلاموية" من دون أن تريد مسوغاً لا مثيل له لمعظم الأنظمة العربية كي تتهرب من أية استحقاقات للدمقرطة والانفتاح السياسي عبر سنوات طويلة. وانحصرت الخيارات التي تواجه المجتمعات العربية عملياً بين استمرار الوضع الاستبدادي القائم، أو المغامرة بقبول حكم الإسلاميين. ولأن تجارب الإسلاميين في الحكم، سواء في السودان، أو أفغانستان، أو غزة، أو مشاركاتهم فيها في غير بلد عربي، لم تقدم النموذج البراق الذي يقطع مع ما تعودت عليه المنطقة من فشل وقمع وانحطاط، فإن الرهانات على خوض تلك المغامرة بالنسبة لكثيرين لم يعد لها معنى.

وتقود محدودية الخيارات هذه إلى ترسخ وتعمق المأزق العربي الراهن على المستوى الداخلي ومستوى طبيعة الحكم السياسي والشكل الذي ينظم العلاقات بين السلطات المختلفة، وبين الحاكم والمحكوم، وما يمكن أن يحافظ على الحد الأدنى من التماسك الشعبي والاجتماعي في وجه تهديدات الانقسام والتجزئات الإثنية والطائفية الأهلية. وتضاف إلى ذلك توترات متفاقمة على المستوى الخارجي والإقليمي تعمل على تعظيم التحديات التي تواجهها كل دولة عربية على حدة. فمن تحدي اليمين الإسرائيلي، إلى توسع النفوذ الإيراني، إلى الرغبة التركية في لعب دور إقليمي أكبر، إلى آثار ومنعكسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وغير ذلك كثير.

ولكن الغريب في الأمر وإزاء مخاطر حقيقية لتفتت بلدان عربية إضافية (السودان واليمن مثالاً قريباً، بعد الصومال وفلسطين)، وتصاعد شبح الطائفيات في بلدان أخرى، واستعار أوجه التطرف بكل أشكاله، الرسمي والإسلاموي، ليس ثمة محاولات على أرض السياسة الواقعية تهدف مواجهة هذه الاستعصاءات والأزمات. بل هناك مزيد من "الإسلاموية"، التي على رغم فشلها المدوي، لا تزال تسيطر على الفضاء العربي. بل وتؤثر في اتجاهات السياسات المحلية والخارجية للدول والحكومات التي قد تنزع في المجمل العام نحو استراتيجية المزايدة على حركات الإسلام السياسي، وصوغ خطاب إسلاموي رسمي ينافس ذلك الذي تطرحه تلك الحركات. ومعنى ذلك أن كل الصراع على إيجاد حلول واقعية يتم نقله إلى مستوى تجريدي وشعاراتي ونظرياتي لا معنى له. ففي الوقت الذي تتفتت فيه المجتمعات، وتتهدد فيه الدول بالتقسيم، وتنعدم مساحات التسامح، وتستفحل الأمية، وينكمش الاقتصاد، وتتضاعف معدلات البطالة، وتدق "القاعدة" بوابات أكثر من بلد، فإن الجدل والسجال والنقاش حتى على مستوى رسمي يتقهقر إلى مستويات تحوم حول جواز تمثيل الصحابة في برنامج تلفزيوني أم لا!



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناء: ضرورة تعديل المنظومة الأمنية
- -حزب الله- وإضاعة الفرصة
- خالد الحروب - كاتب وباحث أكاديمي / مدير مشروع الاعلام العربي ...
- إعلان قطاع غزة -محرراً-: خطوة في المجهول!
- الوسط السياسي: ارتطام الشعار بأرض الواقع
- ليبيا: قيام الجمهورية الأولى
- فوز مرسي: بداية عقلنة الإسلاموية ونهاية أدلجتها؟
- هيكل وتدمير سوريا وشعبها من اجل روسيا والصين
- كيف دمر نظام الأسد سوريا؟
- انتخابات مصر ومستقبل العرب
- الصين و-الربيع العربي-: نظرة من الداخل
- روسيا والصين... والثورات العربية؟
- فتاوى دينية أم تفكك إجتماعي؟!
- الجابري ودور المثقف الناقد
- أتاتورك والخلافة... الوعي المزيف
- دروز بلغراد... -أوديسة- في البلقان!
- الديمقراطية وإدارة الاختلاف
- عقد اجتماعي عربي جديد
- الثورات العربية... واللامبالاة الجماعية!
- معايير نجاح الثورات العربية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - العلمانية والمواطنة... والخيار البديل