أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اشتراكي جديد في قصر الإليزيه















المزيد.....

اشتراكي جديد في قصر الإليزيه


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3729 - 2012 / 5 / 16 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أخيراً حسم الفرنسيّون موقفهم وانتخبوا الرّئيس فرانسوا هولاند مرشّح اليسار وانهزم أمامه مرشّح اليمين نيكولا ساركوزي بعد ماراثون انتخابي مضنٍ، حيث عاد ممثل الحزب الاشتراكي إلى سدّة السلطة خلفاً للرئيس الفرنسي الرّاحل فرانسوا ميتران، الذي فاز في انتخابات العام 1981 الذي مثّل في حينها دائرة أوسع من الاشتراكيين واليساريّين، حين صوّت لجانبه الجمهوريّون وبعض قوى الوسط، وهو الأمر الذي تكرّر اليوم بفوز فرانسوا هولاند، الذي يطلق عليه “فرانسوا الثاني” تواصلاً مع فرانسوا ميتران “رقم 1” أو “فرانسوا الأوّل” .

ووفقاً للنتائج فاز المرشح الاشتراكي هولاند بنسبة 51،9% من الأصوات وبذلك يصبح هولاند زعيماً لإحدى الدول المهمّة في العالم التي تملك السلاح النّووي، وهي عضو في مجلس الأمن الدّولي، وتلعب دوراً رئيساً في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن علاقاتها مع العديد من دول العالم الثالث الإفريقيّة والعربيّة .

كان الرّئيس السابق ساركوزي قد وعد المراقبين بمفاجأة كبرى يوم 6 مايو/ أيار بعد أن أظهرت استطلاعات الرّأي عن تقدّم هولاند عليه بنسبة 4%، لكن هذه المفاجأة لم تحصل، وتلك إحدى دروس الانتخابات الفرنسية التي تعكس وجهة نظر الرأي العام الفرنسي بشكل عام، ورأي الناخب بشكل خاصّ، حيث شهدت فترة ساركوزي الممتدّة من العام 2007 ولغاية العام 2012 (خمس سنوات) تراجعات كثيرة في الكثير من المجالات، وترافقت تلك مع الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، الأمر الذي انعكس على فرنسا وحليفاتها، لاسيما دول الاتحاد الأوروبي التي عانت مشاكل كبرى وأزمات خانقة، والقسم الأكبر منها مازال مستمراً، فضلا عن تخبّط السياسة الفرنسيّة الخارجيّة .

إنّ انتخاب هولاند هو انتخاب لسابع رئيس للجمهوريّة الفرنسيّة الخامسة وفقا للتحقيب الفرنسي . وقد ابتدأت هذه الجمهورية العام 1958 على يد الرئيس شارل ديغول بالانتخاب المباشر، حيث انتخب لمرّتين، لكنه لم يتمكّن من إتمام مدّة رئاسته الثانية، فاضطرّ إلى الاستقالة في العام 1969 بعد فشله في الاستفتاء الشعبي بخصوص “الإصلاحات الجامعيّة والاجتماعية والاقتصاديّة” إثر الثورة الطلابية التي شهدتها باريس وعدد من المدن الفرنسية التي ترافقت مع تحرّكات عمالية واسعة .

وقد خلف الرئيس ديغول الرئيس جورج بومبيدو الذي توفّي في العام 1974 قبل انتهاء مدّة رئاسته ليصل إلى قصر الإليزيه الرئيس جيسكار ديستان حيث استمرّ حتى العام 1981 وفاز عليه الرئيس فرانسوا ميتران الذي قضى أطول فترة رئاسية فرنسية وأمدها 14 عاماً، حيث كانت مدّة الرّئاسة آنذاك 7 أعوام . ثمّ حصل الاتفاق على تقليصها الى 5 أعوام في مطلع العام 2002 .

انتهت مدّة رئاسة الحزب الاشتراكي والرئيس فرانسوا ميتران في العام 1995 وعاد اليمين إلى السلطة حين فاز الرئيس جاك شيراك الذي حكم فرنسا حتى العام 2007 ليخلفه الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي انهزم أمام الرئيس الجديد فرانسوا هولاند .

فاز فرانسوا هولاند كما توقعت استطلاعات الرأي، لاسيما وقد تمتّع بدعم وتأييد قوى اليسار بشكل خاص والحركة العمالية وحزب الخضر وبعض أنصار تيار الوسط الفرنسي، لاسيما رئيسه فرانسوا بايرو، في حين تراجعت شعبية ساركوزي تدريجياً على صعيد تحالفاته مع أحزاب اليمين أو على صعيد الشارع الفرنسي، فلم يتمكّن من الحصول حتى على دعم مارين لوبان زعيمة التيار اليميني المتشدّد التي قرّرت التصويت بورقة بيضاء وتركت الخيار لأنصارها لانتخاب من يرونه مناسباً .

لقد اتّهم ساركوزي بتقسيم الفرنسيين وعدم الالتزام بتعهّداته التي قطعها للشعب الفرنسي خلال حملته في العام 2007 التي قيل إنّ الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي كان قد موّلها بخمسين مليون يورو، وهو الأمر الذي نفاه ساركوزي خلال حملته ومناظراته الأخيرة عشية الانتخابات، بل اعتبره أمراً لا أخلاقياً، وكان عدد من القياديّين الليبيّين السابقين قد أكّدوا حصول مثل هذا الدّعم، وهو الأمر الذي فعله سابقاً الرئيس العراقي صدام حسين حين دعم جاك شيراك في العام ،1995 وقيل إنّه دعم الرئيس جيسكار ديستان في السبعينات أيضاً .

وشهدت فترة ولاية ساركوزي انخفاض مستوى النموّ الاقتصادي، تلك التي اتّسمت بالانكماش واتساع نطاق البطالة وتدهور القدرات الشرائية للناس وتراجعت روح المنافسة، كما اتّهم من جانب خصومه بالفساد والرّشى . ولعلّ واحداً من أسباب نجاح هولاند هو الشعارات المعاكسة التي رفعها ضدّ شعارات وتصرّفات ساركوزي مثل شعار “توحيد الفرنسيّين” وشعار “العدل والمساواة” و”منح الشباب مستقبلاً أفضل”، وقد طغى على حملته الانتخابية شعار “الآن” وكأنّه صدى لثورات الرّبيع العربي التي ابتدأت من تونس إلى مصر وشملت قطاعات الشباب بالدرجة الأساسية في الكثير من البلدان العربية، رافعة شعارات تدعو إلى الحرية والكرامة ومحاربة الفساد .

أراد هولاند أن يقدّم نفسه وتيّاره الاشتراكي بشكل خاصّ واليسار بشكل عامّ باعتباره تيار التغيير على أساس توحيد الفرنسيّين، في إشارة إلى خصمه ساركوزي المتّهم بتفريق الفرنسيّين، في حين أنّه يريد هو توحيدهم وتجميعهم، وهو جوهر رسالته التغييريّة للناخب الفرنسي الذي قال له: لقد حلّ موعد التغيير “الآن”، إذ لم يعد الانتظار مقبولاً .

وتحت شعار “الآن” عاد الاشتراكيون واليسار إلى سدّة الرئاسة بعد غياب دام 17 عاماً، ولم تنفع كلّ الوعود التي أرادها ساركوزي أن تصبح حقيقة، باللّعب على عنصر المفاجأة والتأثير النفسي ومحاولة مخاطبة ما يطلق عليه “الأغلبيّة الصّامتة” واستنهاض قوى اليمين، لاسيما المتطرّف لممارسة دورهم والإدلاء بأصواتهم لمصلحته .

فرانسوا هولاند أو فرانسوا الثاني أو فرانسوا “رقم 2” هذا هو الرئيس السابع للجمهورية الفرنسية الخامسة، والذي سيحكم فرنسا إلى العام ،2017 فماذا سيكون موقفه إزاء أزمة الوحدة الوطنية الفرنسية وارتفاع تيّار التشدّد والتّعصّب، لاسيما ضدّ الأجانب بشكل عامّ والعرب والمسلمين بشكل خاصّ، في ما يتعلّق بالحجاب وممارسة بعض الطقوس الخاصّة، التي يعتبرها البعض جزءاً من الخصوصيّة، في حين اعتبرها التيار اليميني المتشدّد تجاوزاً على العلمانية الفرنسيّة وعلى الثقافة الاندماجيّة الموحّدة .

ثمّ ماذا سيكون موقفه إزاء أزمة الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً انهيار اقتصاديات بعض دوله؟ ولولا المساندة القوية لما تمكّن اقتصاد اليونان والبرتغال أو حتى إسبانيا من الصمود، وبعد ذلك ماذا سيكون الموقف إزاء استمرار وضع اليورو في حالة من عدم الاستقرار؟ وكيف السبيل لسياسة فرنسية متوازنة إزاء الولايات المتحدة، سواء في إطار الاتحاد الأوروبي أو على أساس مستقلّ ومنفرد؟

كيف سيتعاطى الرئيس الجديد في فرنسا مع القضايا العربية ولاسيما القضية الفلسطينية، حيث لايزال الشعب العربي الفلسطيني محروماً من حقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرّف، وفي المقدمة منها حقّه العادل والمشروع في إقامة دولة مستقلّة وعاصمتها القدس على أساس حقّ تقرير المصير المبدأ القانوني الدولي المعروف وارتباطاً مع حقّ عودة اللاّجئين؟ وكيف سيتصرّف فرانسوا هولاند إزاء غزّة المحاصرة منذ خمس سنوات ويستمر عدوان “إسرائيل” عليها على نحو صارخ وخلافاً للقانون الدولي؟ وما توجّهات الرئيس الفرنسي الجديد إزاء الاستيطان والدولة اليهودية النقية وجدار الفصل العنصري وغيرها من الأسئلة والاشكالات إزاء بؤرة التوتّر العربية “الإسرائيلية” التي تهدّد السلم والأمن الدوليين وتؤثر في الاستقرار العالمي .

وإذا كانت تلك الأسئلة مطروحة على الرئيس الفرنسي الجديد، فماذا سيفعل العرب إزاء فرنسا والرئيس المنتخب، وما الملفات التي بحوزتهم لإدارة حوار شامل وعلى جميع المستويات مع فرنسا لصالح قضاياهم، سواءً في دول الربيع العربي أو في الدول التي مسّها الربيع العربي وتنتظر إجراءات تغييريّة بدأت في بعضها؟ سواء على مستوى علاقتها منفردة مع فرنسا أو الاتحاد الأوروبي، أو على المستوى العربي خصوصاً إزاء الصراع العربي - “الإسرائيلي”، الذي أسهم في تعطيل التنمية، وكان عقبة أساسيّة أمام سياسات الإصلاح والانتقال الديمقراطي أو مبرّراً لذلك .

هذه أسئلة الرئاسة الفرنسية بقدر ما أسئلة العرب إزاء فرنسا، فماذا سيفعل الرئيس الاشتراكي الجديد الذي وصل إلى قصر الإليزيه؟ وكيف سيتصرف العرب إزاء الإليزيه أيضاً؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوّية وأدب المنفى !
- الدولة البسيطة والدولة المركّبة
- الربيع العربي والأقليّات
- ليبيا: الفيدرالية المدنّسة والمركزية المقدّسة
- مواقف خاطئة للحزب الشيوعي
- القضاء الدولي والقضاء الوطني: علاقة تكامل أم تعارض؟
- نقد قيادة الحزب الشيوعي
- 50 مادة في الدستور العراقي تحتاج الى إصدار قانوني
- مواطنة -إسرائيل-
- عن ثقافة التغيير
- رسالة الى الحزب الشيوعي السوداني
- نعمة النفط أو نقمته في الميزان الراهن
- السياسة والطائفة
- حقوق الإنسان والمواقف السياسية
- الأحزاب العراقية بلا قانون
- 3 تريليونات دولار خسرتها أمريكا في العراق
- لا تقديم للنظرية على حساب الوقائع الموضوعية
- الشيوعيون والوحدة العربية
- الحرب العراقية – الإيرانية عبثية ، خدمت القوى الإمبريالية وا ...
- الميثاق الاجتماعي العربي: تنازع شرعيتين


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اشتراكي جديد في قصر الإليزيه