أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 1















المزيد.....


فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 1


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 3721 - 2012 / 5 / 8 - 21:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بتاريخ 4/ 5/ 2012 ، قرأت على عجل مقالة للرفيق عذري مازغ الموسومة "فائض القيمة في - زوبعة فنجان-" المنشورة في العدد 3719 من الحوار المتمدن ، فأعجبتني طريقة عرضه الجديد لهذه النظرية العلمية الفذة و التي ستبقى حية و نافذة المفعول حتى زوال النظام الرأسمالي . و لتطرق الباحث الكريم إلى "تبسيط" الموضوع على نحو واف من طرف ماركس ، تذكرت الكيفية التي بسّط فيها المرحوم الدكتور إبراهيم كبة هذه النظرية لأحد الطلبة بعجالة ، فوددت إطلاع قراء الحوار المتمدن الأعزاء عليها كجزء يسير جداً من واجب الوفاء لهذا العالِم العراقي الكبير المغدور ، فكتبت التعليق التالي بعنوان "مقال رائع" في المقالة :

"الرفيق الكبير ألأستاذ عذري مازغ المحترم
أشكركم و أعترف أنني قد تعلمت من مقالكم الرائع هذا الكثير .
التبسيط مهم و مطلوب و لكنه أمر صعب جداً .
بالمناسبة ، في بلدكم الثاني العراق عاش بين ظهرانينا وزيراً و أستاذا و مربياً جليلاً عالم إقتصاد فذ هو الدكتور المرحوم إبراهيم كبة (و هو أحد الذين غدر بهم أهليهم مثل كل العقول العراقية الكبيرة المغدورة منذ عام 1963 و لحد الآن) . الدكتور المذكور كان يتقن تسع لغات . مرة بسّط قانون فائض القيمة لأحد محدثيه من زملائي الطلاب ، أمامي ، فقال :
العمل وحده هو خالق القيمة بفضل إنتاج العامل للبضاعة في نظام الإنتاج الرأسمالي .
الرأسمالي لا يعمل ، إذن هو لا يخلق أية قيمة .
من أين تأتيه عوائد الإنتاج ما دام لا يعمل ؟
الجواب : من سرقة حقوق العامل الخالق الوحيد للقيمة .
ذلكم هو فائض القيمة ،
تحياتي و تقديري لكم " إنتهى .

حينها لم أكن قد إطلعت على أي من ملابسات المقال أعلاه ، و لا السجالات السابقة التي دارت حوله بين الأستاذين عذري مازغ و يعقوب إبراهيمي لندرة زياراتي للموقع مؤخراً بسبب المرض ، حتى أنني كنت أطلب من إبني "علي" إرسال ما أكتب للحوار .
في نفس اليوم 4/5/2012 ، و رد في نفس المقال التعليق التالي على تعليقي أعلاه :

" 18 - الى حسين علوان حسين 14: تبسيط أم تشويه
2012 / 5 / 4 - 15:13
التحكم: الحوار المتمدن يعقوب ابراهامي
أنت تقول: التبسيط مهم و مطلوب و لكنه أمر صعب جداً
لديّ ثلاث ملاحظات: 1. التبسيط ليس أمراً صعباً جداً لمن يفهم الموضوع الذي يريد تبسيطه. التبسيط صعب جداً فقط لمن لا يفهم الموضوع
2. التبسيط لا يعني الأبتذال. لا يمكنني أن أتصور موضوعاً لا يمكن تبسيطه دون تشويهه. وعلى كل حال الأمانة الفكرية أهم من التبسيط
3. إذا كنت تعتبر شرح الدكتور المرحوم إبراهيم كبة لنظرية فائض القيمة مثالاً لتبسيط نظرية فائض القيمة فإنني أعتبر شرحه مثالاً لتشويه هذه النظرية مع كل احترامي وتقديري للدكتور الراحل ابراهيم كبة " إنتهى .

و تعجبت في حينها : معلوم أن موضوع التبسيط هو كفاية (competence) متقدمة ، تحتاج إلى القدرة على التعميم (generalization) ، و هي أس المقدرة المطلوبة لإستخلاص القانون العام من الملاحظات الخاصة بالموضوع المدروس بعمق ، فكيف يكون مجرد فهم موضوع ما كافٍ لتبسيطه ؟ كل عباقرة العالم يدينون بعبقريتهم للقدرة على تبسيط المعضلات ، فكيف – و الحالة هذه – يمكن الحكم على كون "التبسيط ليس أمراً صعباً جداً لمن يفهم الموضوع الذي يريد تبسيطه " ؟ ثم ما هذا الهجوم على شخصية علمية فذة مثل الدكتور إبراهيم كبة ؟ كما تألمت في حينها لكون هدفي في الوفاء للمرحوم الدكتور أبراهيم كبة قد إنقلب إلى ضده . و تعجبت و أنا أتساءل في نفسي كيف تسنى ليعقوب إبراهامي القفز إلى هذا الحكم الجائر : " فإنني أعتبر شرحه مثالاً لتشويه هذه النظرية " و الدكتور إبراهيم كبة أستاذ متخصص في الإقتصاد السياسي و يعقوب إبراهامي ليس متخصصاً فيه ؟ و كيف يمكن الحكم على هذا التبسيط الماركسي بكونه "تشويهاً" لماركس ، و الدكتور عالم ماركسي دَرَس و درّس مؤلفات ماركس أكاديمياً في أرقى الجامعات العالمية بنصوصها الأصلية ؟ هل يمكن أن يكون قد خانني أنا التعبير بعد أن بلغت أرذل العمر ، فأسأت من حيث أبتغي التمجيد للذكرى العطرة لهذا الرجل الذي قلما يجود زمننا العربي الرديء بمثله ؟ ( في حينها كنت أتصور أن يعقوب إبراهامي ، بإعتباره شيوعياً مخضرماً ، يستوعب أكمل الإستيعاب هذه النظرية الماركسية العلمية ، و لم أكن أدري أنه لم و لن يفهمها مطلقاً ، بل و يستبدلها متعمداً بالخرافات و التزييفات التي يذرها في عيون قراء الحوار المتمدن الأعزاء كما فعل "زيوس" بعيني "فينيوس" ، مثلما سيتبين لي و للقراء لاحقاً .) أعدت قراءة تعليقي ، فلم أجد فيه هنّات ذات بال ، فتصورت أنني ربما قد فاتني أن أورد السياق (المقام) الذي ورد فيه هذا التبسيط ، فقررت وجوب قيامي بشرحه أولاً ، و أيراد سياقه ثانياً ، و التطرق إلى تبسيط آخر شامخ البلاغة و الدلالة للدكتور إبراهيم كبة الفقيد للملمة ما يمكن لملمته من فشلي السابق ، و من ثم حفز يعقوب إبراهامي بصيغة التحدي لتقديم تبسيط موجز من عنده ، فلعل عنده ما هو أفضل أو يوازي ما كان عند الدكتور الفقيد ، فيفيدنا من علمه شيئاً جديداً ينورنا بألق المعرفة الباهر . كتبت له :

" 21- إلى يعقوب إبراهامي 18 : ليس تماماً
1. صحيح أن التبسيط صعب جداً لمن لا يفهم الموضوع ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، فكيف يستطيع تبسيطه أصلاً ؟ و لكنني أختلف مع رأيكم بكون التبسيط ليس أمراً صعباً جداً على من يفهم الموضوع الذي يريد تبسيطه . التبسيط يحتاج إلى أكثر بكثير من مجرد فهم الموضوع المراد تبسيطه ؛ و لذلك فليس بمستطاع كل من يفهم موضوعاً ما أن يبسّطه لنا ، لماذا ؟ لأن التبسيط يحتاج فوق الفهم إلى التعمق بالموضوع نفسه أولاً ، و ربطه بالموضوعات و الوقائع الأخرى المتعلقة به ثانياً ، و تحليل مكوناته ثالثاً ، و من ثم الخلوص إلى أبسط صياغة عامة له رابعاً ، كما يتطلب إمتلاك ناصية اللغة خامساً و ذلك عبر القدرة على الإتيان بالسهل الممتنع من قبيل : الدين أفيون الشعوب . و لذلك نجد تشومسكي يعتبر معيار التعبير عن مقولات أية نظرية بأقل و أبسط ما يمكن من الكلمات أحد المعايير الأساسية لتفضيل هذه النظرية عن النظريات المنافسة لها في نفس الموضوع أو الحقل المعرفي .
2. هذا صحيح .
3. أختلف تماماً بخصوص تقييمكم للتبسيط الذي قدمه الدكتور إبراهيم كبة لنظرية فائض القيمة و الذي يجمع بين الركن الأساس الذي تقوم عليه كل النظرية (و بدونه لا يمكن الحديث عن فائض القيمة أصلاً ) و هو أن العمل وحده هو خالق القيمة (و هذا المبدأ يعود لريكاردو و الذي إستعاره ماركس منه) ، و بين جزء الجملة الموجودة في البيان الشيوعي و التي تقول أنه -... في المجتمع البرجوازي .... أولئك الذين يعملون لا يمتلكون شيئاً ، و أولئك الذين لا يعملون يستطيعون تملك كل شيء.... و بين ما هو موجود في "رأس المال" حول سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه ، و بين مبدأ كون فائض القيمة لا ينطبق إلا على أسلوب الإنتاج الرأسمالي . و بالمناسبة ، هذا السؤال قدمه طالب في الصف الأول من قسم الإقتصاد للأستاذ للدكتور الجليل الأستاذ إبراهيم كبة فيما كان متوجها لإلقاء محاضرة للصفوف الرابعة ، و كان الموقف يتطلب التبسيط لكون الطالب مستجداً ، و كان بعثياً (مسؤول مرحلة) لا إطلاع له بالماركسية .
4. أتحداكم أن تبسّطوا فائض القيمة و بعدد مماثل من الكلمات أفضل من الدكتور الجليل و الذي كان – مثل كل العلماء – يحل أعوص المعضلات الفكرية بتحليلها إلى أبسط مكوناتها الأساسية . مرة سأله أحد الدينجية : "دكتور شنو رأيك بكتاب الصدر : إقتصادنا ؟" أجاب : " ليش هوا أكو إقتصاد إسلامي ؟ " الإنتقاد سهل ، أما الإبداع فهو صعب ." إنتهى .

أتاني بنفس اليوم الرد التالي من يعقوب إبراهامي :

" 27 - إلى حسين علوان حسين
أنت تقول: ما هو موجود في (رأس المال) حول سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه
إذا كنت أفهم نظرية كارل ماركس في فائض القيمة بصورة صحيحة (أي كما أراد كارل ماركس أن نفهمها) فإن ماركس لا يمكنه أن يتكلم على الإطلاق عن سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه
كل نظرية كارل ماركس في فائض القيمة، كما أفهمها (ومن المحتمل جداً أنني لا أفهمها بصورة صحيحة)، مبنية على أن الرأسمالي لا يسرق شيئاً من العامل الأجير لديه. العلاقة بين الرأسمالي والعامل هي علاقة تبادل سلع بقيمتها الحقيقية
هل تستطيع أن تقول لي أين وردت هذه الجملة في كتاب (رأس المال)؟ هل تستطيع أن تذكر النص الأنكليزي للجملة التي يتحدث فيها كارل ماركس عن سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه؟ " أنتهى .

إستغربت جداً من صدور مثل هذا الرد من شيوعي مخضرم . كيف لا يمكن لماركس أن يتكلم "على الإطلاق عن سرقة البرجوازي لقوة عمل الأجير لديه" ؟ معلوم أن العمل خالق القيمة ، و البرجوازي لا يعمل ، فمن أين يحصل على الأرباح الهائلة من إنتاج أجراءه العمال للبضاعة ما دام لا يخلق قيمة و لا يسرق قوة عمل العامل ؟ لماذا إذن نادى ماركس عمال العالم قاطبة للثورة ضد مستغليهم البرجوازيين ، و سمّى أول أولئك الثوار : " بالذين هبوا لاقتحام السماء " ؟ ثم ما دواعي وجود الحركة الشيوعية في العالم أجمع أصلاً إذا كانت " كل نظرية كارل ماركس في فائض القيمة مبنية على كون الرأسمالي لا يسرق شيئاً من العامل الأجير لديه" مثلما يكتشف يعقوب إبراهامي في آخر زمن ، و كانت "العلاقة بين الرأسمالي والعامل هي علاقة تبادل سلع بقيمتها الحقيقية " ؟ من أين ليعقوب إبراهامي بكل هذه التخرصات بحق عمنا المسكين ماركس و التي تشخصه كمفكر رأسمالي الهوى و ليس شيوعياً للنخاع ! ثم هل ملايين الشيوعيين الذين أمضوا زهرة شبابهم في سجون الطغاة (و منهم الشيوعي العراقي يعقوب إبراهامي نفسه ) و ملايين شهداء الحركة الشيوعية العالمية الذين جادوا بأنفسهم أقصى غاية الجود كانوا كلهم أغبياء و مغفلين مخدوعين لا يفقهون الماركسية ، و كان نضالهم كان عبثاً و عبطاً لكونهم لا يمتلكون عقلية واعية مثل عقلية يعقوب إبراهامي لكي يفهموا ماركس و جوهر النضال الشريف لتحقيق الهدف النبيل المشروع لإنعتاق البشرية كلها من الإستغلال بإقامة الشيوعية ؟ هل يعقوب إبراهامي أفهم بالماركسية من الشهداء روزا لكسمبورغ و كارل ليبكنخت و غرامشي و أيرنست تلمان و غيرهم من الأساطين ؟ ماذا عن شهداء الحزب الشيوعي العراقي و عددهم بالآلاف و منهم فهد و صارم و حازم و ساسون دلال و سلام عادل و أبو العيس و الحيدري و العبلي و و و ؟ هل عاد ماركس للحياة على غفلة من ملايين الشيوعيين في العالم ، و لم يختر سوى الماركسي النحرير يعقوب إبراهامي ، فنفخ في صدره وحده بنص جديد لـ "رأس المال" يلقيه على مسامعنا على غرار الناسخ و المنسوخ ؟
قلت لنفسي : دعك من هذه الوساوس كلها ، و استجب للطلب المشروع لرسيلك في تزويده بالدليل النصي القاطع بالإنكليزية و الذي يثبت إستخدام ماركس لمفردة "سرقة" البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه ، فربما كانت هناك ثغرة في معلومات يعقوب إبراهامي في هذا الموضوع بالذات ، إذ لا يوجد شيوعي يعرف كل شيء عن الماركسية ، خصوصاً و أن رسيلك يبدو أنه رجل متواضع ، بدليل أنه لا ينفي إحتمال كونه لا يفهم نظرية فائض القيمة بصورة صحيحة . زودته بالدليل المطلوب بنفس اليوم ، و لكي أسترعي إنتباهه للكلام الخطير الذي يُنطق به ماركس جزافاً ، فقد لجأت إلى إستخدام عنوان لردي باللهجة العراقية نستخدمه في عتاب الأحبّة : " عيني يعقوب ، هذا شلون حچي ؟" ، و تعمدت الإكتفاء بذكر إسمه الأول مثلما يفعل الأصدقاء المقربين في مخاطبة بعضهم البعض ، مع كلمة "عيني" .
في اليوم الثاني ، جاءني الرد المفرح التالي :

" 29- الى حسين علوان حسين 28: فائض القيمة والسرقة
2012 / 5 / 5 - 06:38
سأحاول أن أجيبك بالتفصيل بعد أن أقرأ ثانية الفصل المشار إليه من كتاب رأس المال. الآن أريد أن اسجل بسرعة الملاحظات التالية: 1. كان خطأً من جانبي أن أقول أن ماركس لم يستخدم كلمة سرقة أبداً. ربما كان خطأً في التعبير أكثر مما هو خطأ في الفكرة نفسها
2. ما أردت أن أقوله هو أن ربح الرأسمالي (وفقاً لنطرية فائض القيمة) لا يأتي من سرقة الرأسمالي للعامل بل يأتي من طبيعة نظام تبادل السلع في النظام الرأسمالي
3. الرأسمالي يربج (وربحه ينبع من فائض القيمة) حتى إذا دفع للعامل كامل قيمة قوة عمله (أي لم يسرقه) وفقاً لقوانين تبادل السلع المتفق عليها في المجتمع الرأسمالي. الرأسمالي يربح أكثر كلما أطال يوم العمل أي كلما سرق العامل
4. أعتقد أن ماركس يتكلم في هذه الفقرة من وجهة نظر العامل نفسه إلى هذه العملية وهو يرى فيها سرقة. أنا تكلمت من وجهة نظر قوانين تبادل السلع
5. على كل حال كان من الخطأ (كما قلت) التأكيد على أن ماركس لم يستخدم تعبير سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه. على ضوء هذا يبدو شرح (تبسيط) الدكتور ابراهيم كبة لنظرية فائض القيمة معقولة (وعبقرية) أكثر مما رأيتها في الوهلة الأولى " إنتهى .

لمت نفسي على سوء ظني السابق . و فرحت كثيراً . الرجل يعقوب إبراهامي شيوعي قح ، يمارس النقد الذاتي على نحو بناء و شجاع ، و هو لا يتردد عن الإعتراف بالخطأ ، ليس لمرة واحدة ، بل لمرتين ، و هذه الظاهرة جوهرية تظهر جوهره الشيوعي الأصيل . ليس هذا فقط ، بل أن الدكتور إبراهيم كبة قد إستعاد عبقريته المضيعة ، و هذا هو المطلوب . و فوق كل هذا ، فلدينا هنا إعتراف صريح من يعقوب إبراهامي بكون "الرأسمالي يربح من فائض القيمة " ، و لما كان فائض القيمة هو سرقة بعظمة لسان عمنا المسكين ماركس ، إذن الرأسمالي حرامي ، أو " الرأسمالي يربح أكثر كلما أطال يوم العمل أي كلما سرق العامل" بعظمة لسان يعقوب إبراهامي ، و ها قد أستعاد شهداء و سجناء الشيوعية شرفهم الذي كاد أن يضيع لو لا إعتراف يعقوب إبراهامي هذا ، و الذي جاء في الوقت المناسب و قبل فوات الأوان و ضياع الفرصة . نحمدك يا رب على نعمك الواسعة التي أنعمت بها على أحبابك الشيوعيين المتقين الذين سيدخلون الجنة لمحاربتهم الحرامية !
لا ، ليس تماماً . يبدو أن ما كسبته أنا من هذا الحوار – التي أؤمن بكونه سيبقى مثمراً للنهاية – سأخسره حالاً ما دامت لدينا ثمالة من خرافات من قبيل :" أن ربح الرأسمالي لا يأتي من سرقة الرأسمالي للعامل بل يأتي من طبيعة نظام تبادل السلع في النظام الرأسمالي " ، و "أن الرأسمالي يربح حتى إذا دفع للعامل كامل قيمة قوة عمله (أي لم يسرقه) وفقاً لقوانين تبادل السلع المتفق عليها في المجتمع الرأسمالي " .
شنو الموضوع ؟ هل لدينا هنا ماركسية جديدة ؟ طيب : كل شرح ماركس الطويل العريض لفائض القيمة في "رأس المال" يتأسس على شرحه لعمليتين إثنتين : الأولى هي عملية "إنتاج القيمة" التي يقدم فيها ماركس الأدلة بالأرقام حول كيف أن الرأسمالي إذا أعطى للعامل كامل قيمة قوة عمله فسيخرج من العملية الإنتاجية صفر اليدين لأن من يضيف قيمة للبضاعة و هو العامل الأجير قد أخذ كل إستحقاقه ( ثلاثة شلنات لقاء ست ساعات من العمل لتحويل عشرة ليبرات من القطن إلى عشرة ليبرات من خيوط الغزل قيمتها الكلية 15 شلناً) ، و بالتالي لا يبق شيء للرأسمالي العطّال البطّال لكونه لم يضف أية قيمة للبضاعة لعدم مشاركته في العملية الإنتاجية ، و لذلك فأنها لا تحصل مطلقاً قي النظام الرأسمالي . بعدها ينتقل إلى الحالة الثانية المعاكسة تماماً - و التي لا يمكن أن يسود غيرها في كل النظام الرأسمالي - عندما يوضح بجلاء عبقري كيف أن نظام الأجور في الرأسمالية يُشَرْعِن للرأسمالي ألتجاوز على حقوق العامل و ذلك بتمديد ساعات عمله اليومي إلى اثنتي عشرة ساعة بنفس الأجر اليومي البالغ ثلاثة شلنات ، و إجباره على العمل ست ساعات إضافية في اليوم الواحد غير مدفوعة الأجر لكي يسرق لنفسه قيمتها الفاضلة غير المسددة للعامل و قدرها ثلاثة شلنات ، فيتسنى له أن يخرج في نهاية كل يوم عمل بربح بنسب متفاوتة حسب طول مدة العمل الزائد للعامل و تركيز العمل و عدد العمال الإجراء لديه ، فلا يخرج من العملية الإنتاجية صفر اليدين مثلما يحصل لو أنه كان شريفاً و أقلع عن السرقة و أعطى لكل عامل حقه مثلما هو مبين في الشرح للعملية الأولى . ماركس واضح في شرحه هذا ، فمن أين يأتي يعقوب إبراهامي بالتلفيقات أعلاه ؟ هل يمكن أن يكون يعقوب إبراهامي لا يعرف معاني الكلمات الواردة في نص "رأس المال" و الذي يستطيع قراءته على الأقل بالعبرية و العربية و الإنكليزية ، فيقلب دلالات النص الصريحة رأساً على عقب في كل هذا اللغات دفعة واحدة ، أم الواحدة بعد الأخرى ؟ هل يقرأ نص ماركس التالي الذي يلخص شرح الحالتين أعلاه بالمقلوب ؟:
If we now compare the two processes of producing value and of creating surplus-value, we see that the latter is nothing but the continuation of the former beyond a definite point. If on the one hand the process be not carried beyond the point, where the value paid by the capitalist for the labour-power is replaced by an exact equivalent, it is simply a process of producing value; if, on the other hand, it be continued beyond that point, it becomes a process of creating surplus-value.

و ترجمتي له (الشرح بين الأقواس من عندي):
و الآن ، إذا ما قمنا بمقارنة عملية إنتاج القيمة (أي تلك التي تنطوي على دفع الرأسمالي لكامل قوة العمل المبذول من طرف العامل و التي يرفضها الرأسمالي مسبقاً لكونها لا تحقق أي ربح له) و عملية خلق فائض القيمة (و التي تنطوي على تشغيل العامل ست ساعات عمل إضافية غير مدفوعة الأجر تذهب قيمتها للرأسمالي في المثال السابق ) ، فسنرى أن العملية الأخيرة ليست إلا تمديداً للعملية الأولى لتتجاوز نقطة (زمنية) محددة (أي النقطة الفاصلة بين عملية "إنتاج" القيمة و "خلق" فائض القيمة ؛ بين مدة قوة العمل المسددة المعادل و مدة قوة العمل المسروقة ) . فمن ناحية ، إذا كانت العملية لا تتجاوز هذه النقطة – حيث تكون القيمة التي يدفعها الرأسمالي لقوة العمل مستبدلة بمعادلها (النقدي) بالضبط - فهي ببساطة عملية لإنتاج القيمة ؛ أما ، من الناحية الأخرى ، إذا ما تواصلت العملية لتتجاوز تلك النقطة (الزمنية) ، فأنها تصبح عملية خلق للقيمة الفائضة .

كلا ، لا يمكن هذا ، لا يمكن أن يكون الشيوعي العراقي ملفقاً على ماركس . ما العمل ؟ لعل أس المشكلة هي أنني لست ممن يمتلكون القدرة على الإقناع ، و لا مزية الإعتراف بالتقدم الحاصل في مواقف الرسيل . لماذا لا أحاول إدامة الحوار معه بقول شيء جميل لكي تلين قناته ، و أشرح له من جديد ما يمكن شرحه ، و انتظر النتيجة دون القفز إلى استنتاجات متسرعة قد تورث الندم ، و لات ساعة مندم . أقول له بنفس اليوم :

30 - حبيبي يعقوب : أشقد حلو هذا الحكي !
2012 / 5 / 5 - 07:23
عندما نقول بمبدأ كون العمل وحده خالق القيمة نصل حتماً إلى إستنتاج سرقة البرجوازي لقوة عمل العامل .
البرجوازي يمتلك رأس المال (مكائن + مواد أولية ) .
البرجوازي لا يعمل على الآلة ، أي لا يخلق أية قيمة مضافة ، و لكنه يحصل على عوائد هائلة .
العامل وحده يعمل على الآلة ببيع قوة عمله للبرجوازي .
من أين تأتي العوائد الهائلة للبرجوازي ما دام لا ينتج قيمة لكونه لا يعمل على الآلة ؟
الجواب الوحيد هو من سرقة قوة عمل العامل عن طريق إستقطاع نسبة من نتاج قوة العمل للعامل لا يدفعها لصاحبها الشرعي العامل ، بل يدخل قيمتها في جيبه كفائض قيمة مسروق من كد العامل .
لو قام البرجوازي بدفع كل حق سلعة قوة العمل للعامل ، لأغلق معمله و أراح و استراح .
هذا يعني أن النظام الرأسمالي بطبيعته قائم على سرقة العامل ، و بدون هذه السرقة لا يبقى هذا النظام ، أي يموت .
لماذا يستطيع الرأسمالي سرقة قوة عمل العامل ؟ لأنه يمتلك رأس المال المسروق أصلا من العامل :المنتِج الوحيد للقيمة و المحروم من رأس المال .
هذا التناقض يحل بتشريك و سائل الإنتاج أي بالإشتراكية .
و مادام كل رأسمال البرجوازي مسروق ، جاز قانوناً إعادته لأصحابه الشرعيين : العمال . إنتهى .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفأر -شار- ، و الحيّة -أم دَيّة-
- حكم القَراد في مزبلة الوهاد
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 5 (الأخيرة)
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 4
- مرض الزعامة البارونية في الأحزاب الشيوعية / 3
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية / 2
- مرض الزعامات البارونية في الأحزاب الشيوعية العالمية / 1
- المرأة في العالم العربي : بين جدران و باب موصد كلما حركه الس ...
- كشكش و شركاه
- حكاية تنين العراق
- حنقبازية سوق الصفافير
- ليس في الأمر غرابة
- إجوبة مختصرة على أسئلة مهمة
- ملحمة السادة العميديين في الكفل عام 1983
- هل نسي رافد ؟
- ريما أم عظام
- ليلة زيارة الموتى للمقابر
- القتل و الإبتزاز و الدفن : مجرد تجارة ، ليس إلا
- رجع الوجع / الحلقة الأخيرة للرواية / 20
- رجع الوجع / رواية بحلقات / 19


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - فائض القيمة بين ماركس و الإكتشافات الجديدة لإبراهامي / 1