أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الطائفية السياسية – الأفق المسدود (التجربة العراقية)















المزيد.....

الطائفية السياسية – الأفق المسدود (التجربة العراقية)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3712 - 2012 / 4 / 29 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن احدى البديهيات الجلية في نجاح تجارب الأمم والدول والأنظمة السياسية الديناميكية والعقلانية والإنسانية تقوم في تصنيعها لفكرة المرجعيات الكبرى العامة وتذليل مختلف أشكال وأصناف ومستويات التجزئة والبنية التقليدية. والسبب يكمن في أنها توجه القوى الاجتماعية بمختلف نوازعها وهمومها واهتماماتها وقدراتها صوب القضايا العامة والمنفعة العامة والمصلح العامة، أي صوب المستقبل. على عكس البنية التقليدية التي تجعل من التمسك بالماضي وتجاربه المحدودة همها الأكبر. بمعنى تبذير وصرف قواها وطاقاتها الجسدية والعقلية والروحية صوب أمور لا قيمة فيها بالنسبة للحرية والتطور والارتقاء. بل على العكس من ذلك.
والطائفية من حيث الأصل والجذر والبنية والاستعداد والغاية والوسائل تنتمي إلى الماضي والانغلاق والتقوقع، أي أنها احد أكثر الأشكال تقليدية وتخلفا في مجال البنية الاجتماعية والروحية. وذلك لأنها تجعل من الانغلاق والعصمة الذاتية مرجعية كبرى. مما يضعها دوما في تناقض مستعص مع الفكرة العامة.
وليس مصادفة أن تتحول الطائفية بشكل عام والسياسية بشكل خاص إلى قوة مدمرة للفكرة الوطنية والقومية، وذلك لأنها أفكار عامة. وهو أمر جلي في ظروف العراق الحالية، عندما تحول الانقسام الطائفي (السني- الشيعي) إلى قوة مدمرة للفكرة الوطنية (العربية) والقومية (العربية)، مع ما ترتب عليه من انحدار فكري وسياسي وأخلاقي وروحي لعل ظاهرة التدمير العشوائي والقتل المجاني للنفس والآخرين احد نماذجه "الرفيعة"، أي الأكثر تعبيرا للانحطاط الذهني والعقلي والأخلاقي والنفسي والاجتماعي. الأمر الذي يجعل من الطائفية السياسية احدى أكثر مظاهر الطائفية انحطاط للروح الإنساني، والأكثر تعبيرا عن الرذيلة والخيانة. وقد يكون موقف (القائمة العراقية) من إخراج قوات الاحتلال واستعادة الاستقلال السياسي والوطني الناجز الذي جرى تحويله من أيام فرح بمعايير الفكرة الوطنية إلى أيام إرهاب مادي ومعنوي وسياسي، والدعوة الدائمة للاعتماد على "الدول العربية" (والمقصود بذلك دول الجزيرة شبه العربية من إمارات مرذولة وملكيات صعاليك ومماليك متهرئة، التي أكثر من ناصبت العراق العداء على امتداد تاريخه الحديث والمعاصر) او دعم "الرئيس البرازاني" (أي أكثر الشخصيات تخريبا للفكرة الوطنية العراقية وأشدها انهماكا في المؤامرات الصغيرة والكبيرة) وما شابه ذلك، سوى احدى الأمثلة النموذجية بهذا الصدد.
كل ذلك يكشف عن أن الطائفية السياسية تؤدي بالضرورة إلى مستنقع الخيانة الفجة والعلنية للمصالح الوطنية. ليس ذلك فحسب، بل وتحويلها إلى أسلوب وشعار المعارك السياسية!! وهو اشد الأنواع والأساليب ابتذالا للفكرة السياسية أيضا.
كل ذلك يكشف عن أن الطائفية السياسية تؤدي بالضرورة إلى حالة الطريق المسدود. فهي تقف بالضرورة بعد تدمير كل ما يمكن تدميره أمام مخرجين، أما إدراك حالة الطريق المسدود وأما الانتحار. وكلاهما، رغم اختلافهما، يعبران من حيث الجوهر عن حالة همجية ومخجلة بقدر واحد.
إن الطائفية السياسية هي النتيجة الملازمة للانحطاط السياسي والدولتي والوطني والأخلاقي. كما أنها التعبير النموذجي عن بقاء وفاعلية وسيادة الغريزة والبنية التقليدية في العلاقات الاجتماعية والوعي والثقافة بشكل عام والسياسية بشكل خاص. وجميعها تتعارض وتتناقض مع فكرة الارتقاء والتقدم والحداثة والمستقبل والنزعة الإنسانية والحقوق المدنية. ذلك يعني أن الطائفية السياسية التي مازالت تنخر الكيان الاجتماعي والسياسي للعراق العربي، التي أخذت تتطابق مع حالة «الوعي الذاتي» لبعض القوى السياسية، بما في ذلك القومية والليبرالية(!) هي الصيغة الأكثر تخلفا وانحطاطا للطائفية. مع أن الطائفية هي بحد ذاتها تعبير عن التخلف والانحطاط في العالم المعاصر، وتتناقض مع مضمون الفكرة الإنسانية والحداثة والدولة الشرعية وفكرة المواطنة.
وبغض النظر عن كل التوصيفات الممكنة لطبيعة الطائفية السياسية في العراق المعاصر، فان مما لا شك فيه هو كونها ظاهرة لها تاريخها الخاص. وهو تاريخ يتعارض مع ابسط مقومات تكون العراق الثقافي. وذلك لان الطائفية السياسية فيه ليست محاولة للبحث عن تناسب أو «اعتدال» يحفظ إمكانية العيش المشترك، كما هو الحال بالنسبة للمناطق التي تتعايش فيها «نسب» من الطوائف. بل يمكننا توكيد العكس، بمعنى أنها الصيغة التي تفتعل وتصنع نسبا لا ضرورة لها من حيث الجوهر. الأمر الذي جعل منها «منظومة» الخراب وليس «العيش المشترك». من هنا تحول الطائفية السياسية في ظروفه الحالية إلى القوة الفاعلة في توسيع «منظومة» الانحطاط المادي والمعنوي الشامل.
إن جذور الطائفية السياسية في العراق تكمن أساسا في أربعة مقدمات هي كل من بنية الدولة الحديثة، والنظام السياسي الاستبدادي، والبنية التقليدية للمجتمع والثقافة، والراديكالية الحزبية. مما يتطلب بدوره بلورة رؤية منظمة تنطلق من إدراك هذه المقدمات ووضع البدائل لها عبر تأسيس وبناء الدولة والنظام السياسي والمجتمع والثقافة وتذليل نفسية وذهنية الراديكالية السياسية (الحزبية) على أسس عقلانية وشرعية جديدة. بمعنى تذليل مقدماتها من خلال بلورة منظومة متكاملة في الموقف منها. خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنها احد المصادر الكبرى لانحلال العراق وحالة الفوضى الفاعلة فيه. كما أنها ضمانة إرساء أسس تطوره المستديم والديناميكي.
ويحدد هذا بدوره الانطلاق من إدراك الأولويات. والأولوية هنا هي للنظام السياسي وكيفية إدارة الدولة. فتجربة ما يسمى بالمصالحة الوطنية من خلال توافق وشراكة القوى السياسية في ظل هيمنة النفسية الطائفية وذهنيتها لا تعمل في الواقع إلا على تعميق الفرقة وتوسيع مداها الباطني وجعلها نظاما مقبولا لديمقراطية مشوهة. بينما تكشف تجارب الأمم عموما عن أن دكتاتورية "متجانسة" أفضل من ديمقراطية مشوهة. بعبارة أخرى، أن أنصاف الحلول وأنصاف المثقفين وأنصاف المتعلمين اخطر بكثير من شخص غير مثقف وغير عالم وغير متعلم.
بعبارة أخرى، أن الوحدة الوطنية والوفاق الوطني والجامعة الوطنية ليست لعبة الوفاق السياسية بمختلف أشكالها من محاصصة وتوافق وشراكة ولا حتى المساومة السياسية بأفضل أشكالها، بل النتاج الموضوعي والضروري لتكامل الشعب والدولة والمؤسسات الحقوقية والشرعية في عملية بناء الهوية الوطنية، أي كل ما يتعارض مع الطائفية السياسية أيا كان مظهرها وممثلها ودعواها العلنية.
إن بلوغ هذه الحالة، كما تكشف تجربة العراق الحالية تفترض أيضا سياسة تتسم بنوع مما يمكن دعوته «بالإجبار الشرعي" للجميع على ممارستها والوقوف أمام نتائجها وتقبلها كما هي من اجل إعادة النظر فيها واستخلاص الدروس والعبرة منها.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصير التاريخي للغلو السلفي السياسي في العالم العربي
- الكواكبي ومرجعية الدولة السورية
- الكواكبي- الإصلاح والثورة!
- فلسفة الإصلاح والحرية عند الكوكبي
- الخطأ والخطيئة في المعادلة السورية
- سوريا وإشكالية موقعها في الصراع العربي والعالمي
- الأبعاد الجيوسياسية في الصراع الروسي - الأمريكي حول إيران وس ...
- الفيتو الروسي والقضية السورية
- رد على مقال الطيب تيزيني (دبلوماسية في خدمة الجريمة)
- الوحدة والتنوع في الظاهرة الإسلامية في آسيا الوسطى
- -الإسلام السياسي- المعاصر في آسيا الوسطى
- إشكالية ومفارقة الظاهرة الإسلامية في آسيا الوسطى
- الظاهرة الإسلامية المعاصرة في آسيا الوسطى
- هادي العلوي - شيوعية القيم
- هادي العلوي أديب الفكر الحر
- هادي العلوي ومنهج النقد المتمرد!
- هادي العلوي - شخصية إشكالية
- هادي العلوي –بقايا أبدية!
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (6-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (5-6)


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الطائفية السياسية – الأفق المسدود (التجربة العراقية)