أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - كيف واجهوا اللحظات الأخير قبل الموت ؟














المزيد.....

كيف واجهوا اللحظات الأخير قبل الموت ؟


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3644 - 2012 / 2 / 20 - 13:39
المحور: حقوق الانسان
    


بعد أن زارت السيدة "رندة خضر" زوجَها الأسير البطل "خضر عدنان "، قالت على لسانه إنه يحس بأنه يعيش آخر لحظاته، ونحن طبعا نتمنى له السلامة وأن يعود لعائلته وشعبه معافى وحرا، وأن يخرج من معركته منتصرا؛ ولكنا هنا نتساءل عن ماهيّة شعوره، وإحساسه وهو ينتظر الموت في أي لحظة ؟ بعد أن تجاوز الشهرين مضربا عن الطعام !

أغلب الناس جربوا الإحساس بالجوع، إما طوعا أثناء الصيام، وإما غصبا بسبب الفقر، وهناك الآلاف يقضون نحبهم جوعا في كل يوم - خاصة في أفريقيا - ولكنهم أبدا لم يختاروا هذه النهاية المأساوية بأنفسهم، وهناك المئات اختاروا الموت انتحارا، إما عن طريق العمليات التفجيرية، أو بطرق مختلفة أخرى، لكن هؤلاء ماتوا فورا وأنهوا معاناتهم خلال لحظات .. ولكن بطلنا الشيخ "عدنان خضر" – وهو ليس انتحاريا بالمطلق – اختار لنفسه هذا الطريق الشاق والصعب والطويل، بكل ما فيه من معاناة وألم شديدين، لإيصال رسالة للعالم بأنه إنما ينشد العدالة، ويرفض الظلم ويواجهه سجّانه بأمعائه الخاوية وبصبره، وأنه يخوض إضرابا عنوانه: "ليس حتى الموت، وإنما حتى الحرية".

ويؤكد خبراء التغذية أن الإنسان بعد هذه المدة من الإضراب عن الطعام تحصل في داخله تغيرات كيميائية كبيرة وخطيرة، خاصة مع اقتراب نفاذ المخزون الدهني من جسده، فيفقد قدرته على الحركة، وحتى على الكلام، ويتولى الدماغ مسؤولية تنظيم فعالياته الحيوية ببذل أقصى طاقة ذهنية ممكنة، مما يجعله يشعر بالصداع الشديد والوهن والضعف والألم، حتى تخور قواه تماما، ويبدأ بالهلوسة وفقدان التركيز، مع تعرضه لمخاطر جسيمة قد تمتد لأمد طويل حتى بعد إنهاء إضرابه، ومن النادر جدا أن يتمكن إنسان من النجاة بعد هذه الفترة الطويلة.

لكن أسيرنا الحر كان استثنائيا في كل شيء، في جَلَده وتحمله واجتيازه درب الآلام، وفي معنوياته العالية وإصراره على الانتصار، واستعداده للموت شهيدا على أن يتراجع؛ ومع كل هذا فهو إنسان، ولا بد أن تخيلات الموت وألم الفراق، وصور أطفاله، كانت تجتاحه في كل ثانية. وحده من يعرف ما هي الأسئلة التي كانت تجوب في خاطره ؟ وما هي أمنيته الأخيرة ؟ وكيف كان يمضي اللحظات وهي تمر عليه كالسنين ؟ وما هي الذكريات التي كانت تلح عليه ...

في مشهد آخر مغاير، في صبيحة يوم ماطر يلفه الضباب، كانت مجموعة من الأطفال يركبون حافلة يظنون أنها ستوصلهم إلى مدينة الألعاب، ولا يعرفون أنها حافلة الموت التي ستشهد آخر عهدهم بالدنيا، إذْ فجأة - وبينما هم يصرخون فرحا وترقص قلوبهم طربا كلما اقتربوا من حفلتهم (الأخيرة) - سمعوا دويا هائلا، ورأوا نيرانا كالبركان تقترب من أجسادهم الطرية، لم يعرفوا ماذا يفعلون ؟ وإلى أين يهربون ؟ وهل سيأتي آباءنا لنجدتنا ؟ وهل ستغضب علينا أمهاتنا إذا متنا بهذه السرعة ؟ ربما مئات الأسئلة دارت في مخيلاتهم البريئة، طفلان منهم واجها الموت بطريقة استثنائية: تقدما من بعضهما البعض، وأحتضن كل منهما الآخر، ربما اعتقد كل واحد منهما أن الآخر سيحميه، وربما أرادا الموت معاً صديقان متحابان متعانقان؛ حتى لو تفحّم جسداهما الغضّان. وحدهما فقط من يعرف هل كانا خائفين؟ أم أنهما أرادا مواجهة الموت بهذه الطريقة الاستثنائية ؟ ولكنا نعرف حجم الحسرة، وفداحة الخسارة، والألم الذي سيظل يعتصرنا طويلا. ونعرف أيضا أن فلسطين تقدم لنا كل يوم قصة جديدة وفريدة، وأنها ستظل تواجه الموت بشجاعة، وأنها ستنتصر عليه لا محالة.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن على جبهة الصراع
- في عيد الحب
- فتاوى على الهواء، وبأسعار منافسة
- كيف أصبحت إيران المهزومة قطب إقليمي ؟
- فتيات سجينات – قصص مروعة
- إشكالية المرأة الإعلامية - الإعلاميات الفلسطينيات نموذجا .
- نساء بلا وجوه
- عندما نكتب عن غزة
- توقعات العام 2012
- فهم أسباب الثورات العربية ونتائجها السلبية انطلاقا من فهم طب ...
- استخدامات الطاقة البديلة والمتجددة في فلسطين
- ماذا بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات ؟!
- المفاجئ والمتوقع في فوز الإسلاميين في الانتخابات
- في السعودية حرائق وعيون فاتنة
- مناقشة في أطروحات من يدعو لحل السلطة الفلسطينية
- حصاد خمسة سنوات من حكم حماس لغزة - الوضع الأمني والاقتصادي
- الحريات العامة في عهد حماس
- من هو فارس عودة ؟؟
- لسنا استثناءً على هذه الأرض
- المليار السابع


المزيد.....




- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - كيف واجهوا اللحظات الأخير قبل الموت ؟