أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - عن الخلافة وأوهامها (٣)














المزيد.....

عن الخلافة وأوهامها (٣)


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3621 - 2012 / 1 / 28 - 09:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


.. ونأتى إلى علاقة الخلافة بمصر. كيف بدأت؟ وكيف قام الخليفة العثمانى بغزو مصر؟ وماذا فعل فيها؟

كان سلطان مصر فى هذا الزمان قنصوة الغورى وكان يقوم كل عام بالواجب المصرى وهو رعاية الأماكن المقدسة فى مكة والمدينة والقدس.

وكان حاكم مصر يشرف بنفسه على صناعة كسوة الكعبة وتسفيرها فى احتفال مهيب مع ركب المحمل. وأتى البريد إلى قنصوة بأن الخليفة العثمانى يحشد حشوده لغزو مصر فوجه رسالة إلى سليم الأول جاء فيها «علمنا أنك جمعت عساكرك، وأنك عزمت على تسييرهم علينا، فتعجبت نفسنا غاية التعجب لأننا والحمد لله من سلاطين أهل الإسلام وتحت حكمنا مسلمون موحدون».

ويرد عليه الخليفة العثمانى كاذباً «يعلم الله وكفى به شهيداً أنه لم يخطر ببالنا طمع فى أحد سلاطين المسلمين أو مملكته، أو رغبة فى إلحاق الضرر به فالشرع الشريف ينهى عن ذلك» (ابن إياس- بدائع الزهور فى وقائع الدهور- الجزء الثانى- صـ١٢٤)، لكن الحقيقة هى أن الخليفة العثمانى كان مصمماً على غزو مصر. ولم يكن ينتظر سوى فتوى شرعية تسمح له بأن يقوم بغزو بلد يسمى سلطانه نفسه بأنه «خادم الحرمين الشريفين»، ويقوم بكسوة الكعبة، ويحتضن الأزهر الشريف.

وأخيراً عثر الخليفة على ضالته فى فتوى مثيرة للسخرية جاءت على يد قاضى عسكر الأناضول كمال باشا زاده استند فيها إلى الآية الكريمة «ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون» والأرض هى مصر لأنها وردت فى آية قرآنية مشيرة إلى مصر. أما «عبادى الصالحون» فهم طبعا العثمانيون. وسارع مفتى الآستانة إلى مساندة فتوى قاضى العسكر فأصدر فتوى تقول «من مفتى الأنام شيخ الإسلام فتوى بوجوب غزو مصر لأن أهلها قطاع طرق، والقتال ضدهم غزو جهاد والمقتول فى هذه الغزوة شهيد ومجاهد»، وتقترب الجيوش العثمانية من مصر ويرسل سليم الأول إلى حاكمها آنذاك طومان باى رسالة يقول فيها «إن الله قد أوحى إلىَّ بأن أملك الأرض والبلاد من الشرق إلى الغرب كما ملكها الإسكندر ذو القرنين وأنا خليفة الله فى أرضه، وأنا أولى منك بخدمة الحرمين الشريفين».

ويروى ابن إياس فى كتابه فظائع مخيفة ارتكبها جنود الخلافة ضد المصريين، ونقرأ و«اتجه الجنود العثمانية إلى الطحانين فأخذوا البغال والخيول، وأخذوا جمال السقايين، ونهبوا كل ما فى شون القمح من غلال، ثم صاروا يأخذون مواشى الفلاحين ودجاجهم وأوزهم وأغنامهم وحتى أبواب بيوتهم وخشب السقوف أخذوه، وأرسل سليم واحداً من أكثر رجاله وحشية هو جان بردى الغزالى إلى الشرقية»، ونعود إلى ابن إياس ليصف ما حدث «فوصل جان بردى الغزالى إلى نواحى التل والزمرونين والزنكلون ونهب ما فيها من أبقار وأغنام وأوز ودجاج، وقام بأسر الصبيان وسبى البنات باعتبار أنهم أبناء كفار وراح يبيعهم فى أسواق المحروسة بأبخس الأثمان.

وسارعٍ المصريون بشرائهم من سوق العبيد والجوارى ثم يهبونهم لأهاليهم. سليم الأول ممثلا للوالى التركى يقول عنه إبن إياس إنه كان سكيراً شرساً «وكان يصبح كل صباح وهو مخمور فيحكم بالعسف والظلم وهو مخمور» ويلخص إبن إياس ما فعله جند الخلافة فى مصر قائلاً «لقد أشعلوا فى مصر جمرة نار» ولعل هذه الأيام هى التى لقنت المصريين شعاراً ظلوا يهتفون به أمداً طويلاً «يا رب يا متجلى أهلك العثمانلى».

وتظل العلاقة المصرية- العثمانية على الدوام علاقة خصومة، فالمصريون يهتفون فى أعماقهم «يا رب يا متجلى أهلك العثمانلى»، لكنهم يواصلون الخضوع للخليفة العثمانى باعتباره خليفة للمسلمين وأمير المؤمنين. ووجد المصريون أنفسهم فى هذا التناقض المربك حتى كانت الثورة العرابية. ومنذ البداية حاول عرابى ألا يصطدم بالخليفة، ويروى ويلفرد بلنت أشهر مؤرخى الثورة العرابية «أكد لى عرابى: نحن جميعا أبناء السلطان نعيش كأفراد أسرة واحدة فى بيت واحد، كل منا له إقليم من الإمبراطورية، أى له حجرة مستقلة فى المنزل، وهى حجرة خاصة بنا نتصرف فيها وفقاً لإرادتنا ويجب ألا نسمح لأحد بأن يعبث بسيادتنا أو وضعنا المستقل» (بلنت- التاريخ السرى للاحتلال البريطانى لمصر- بالإنجليزية- صـ٧٠).

وينتشر نفوذ عرابى ليس فى مصر وحدها بل فى عديد من البلدان، ووصل نفوذه الجماهيرى حتى الهند والسودان، ولهذا كره الخليفة عرابى وأرسل حملة إلى مصر لتأديبه. وفى الوقت الحرج تماماً وبينما الجيوش البريطانية تغزو مصر وجيش عرابى يحاول المقاومة تصل إلى مصر آلاف من نسخ جريدة «الجوائب» وهى الجريدة الرسمية للخلافة الناطقة باللغة العربية، ويقوم بتوزيعها على جنود عرابى ومناصريه عملاء الخديو توفيق، وفى صدرها ما يلى «بيانامه.

بإرادة سيدنا ومولانا السلطان أمير المؤمنين وخليفتنا الأعظم إشعارا لجميع المسلمين بأن الأفعال التى أجراها عرابى وأعوانه فى مصر مخالفة لإرادة الدولة العلية السلطانية ومغايرة لمصالح المسلمين وبناء على ذلك تقرر أن عرابى وأعوانه عصاة بغاة وبهذه الصفة تجرى معاملتهم» وتكون الضربة قاضية فكثير من المواطنين والجنود ترددوا بعد أن اتهمهم الخليفة أمير المؤمنين بأن من يقف مع عرابى عصاة بغاة. وانتصر الإنجليز.

وظل المصريون يرددون فى قلوبهم «يا رب يا متجلى أهلك العثمانلى» ويرددون معها «الولس هزم عرابى».



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الخلافة وأوهامها (٢)
- ٢٥ يناير.. الشعب.. الحكومة.. الجيش
- عن الخلافة وأوهامها (١)
- هل هى الفوضوية؟
- لماذا تخلّفنا؟
- عيده المئوى .. نجيب محفوظ والمسيحيون
- بيزنس الإفتاء
- مرة أخرى.. هل الليبرالية كفر؟
- الإخوان - الجهاديون - السلفيون .. العلاقات المتشابكة
- محاولة لفهم ما يجرى
- هل الليبرالية كفر؟
- عن الإرهاب الإخوانى
- المتأسلمون وتحالفاتهم
- الشيخ صفوان أبوالفتح
- فلماذا أسميناهم متأسلمين؟
- عن تجديد الفكر الديني
- ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام
- حول تعديل الدستور - جحا الاخر
- حول تعديلات الدستور : جحا .. والجمل .. والحمار ... هل أصبح ا ...
- حول تعديل الدستور:حكاية جحا .. ولجنة الدكتورة أمال


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - عن الخلافة وأوهامها (٣)