أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - موقف الفلسفة من الشعر والشعراء














المزيد.....

موقف الفلسفة من الشعر والشعراء


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1069 - 2005 / 1 / 5 - 07:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك تعارض في التوجهات بين الفلاسفة والشعراء، فالفيلسوف يستند في تحليله للظواهر الاجتماعية إلى منظومة من المناهج العلمية والتفسيرات العقلانية. ويتخذ من منظومة قيم الخير المسطرة لقياس أبعاد الظاهرة في المجتمع، فأن اتفقت وقياسها جاز اعتمداها وإن اختلفت تم رفضها واعتبارها مناهضة لتوجهاته.
في حين تهيمن على الشاعر حالة من الهيام والعواطف التي ليست لها عوالم محددة، فتارة تجانب قيم الخير وتارة أخرى تتقاطع معها وتميل نحو اتخاذ المصالح الشخصية كأساس للتوجهات. ولاتبالي بمدى توافقها مع منظومة قيم الخير، بل في أغلب الأحيان تعي تماماً أنها مناصرة لقيم الشر لكنها تعتمدها كمنهج لتحقيق المصالح الخاصة.
ويعتقد ((أفلاطون))" أن الشعر دجل كالتصوير، إذا نزع عنه سحر اللفظ بدا شاحباً فقيراً يستطيب وصف العواطف. ويعتبر متقلب، ولايجد له موضوعاً في العقل الثابت الهادئ فيهيج العواطف ويشل العقل، مثله مثل الطاغية الذي يقلد السلطة للأشرار ويضطهد الأخيار".
وتجد الفلسفة أن الهيام الذي يكتنف إحساس الشاعر يجعله غير موضوعي في نقل أحاسيسه بصدق وواقعية، بل أن بعض الشعراء يربط إحساسه بمصالحه الخاصة فأن توافقت معها أزجل في مديح من يحقق له تلك المصالح حتى لو تعارضت أحاسيسه مع قيم الخير لتصب في محصلتها لصالح قيم الشر.
لذا فأن إحساس الشاعر قد لايكون صادقاً في أغلب الأحيان، حين يتعلق الأمر بتحقيق مصالحه الخاصة. ويميل أغلب الشعراء إلى مديح الحكام والأشرار في سبيل حصولهم على مغانم شخصية، وقلما تجد هناك شاعراً متوافقاً مع ذاته ومناصراً لقيم الخير خلال كامل مسيرة حياته الشعرية.
ويعبر ((أفلاطون)) عن توافق الشاعر مع قيم الشر أكثر من قيم الخير قائلاً:" نحن مع إعجابنا بمحاسن الشعر، ننعته بأنه معلم الوهمَّ. لذلك نضع على رأس صاحبه أكليل من الشوك وندور به في المدينة، ثم نعمل على نفيه ونحن نجزل بمديحه، ولانستبقي غير الشاعر سديد الرأي وهادئ النسق ويحاكي قيم الخير وليس قيم الشر".
كما تجد الفلسفة أن أغلب الشعراء غير صادقين في مشاعرهم، ولايوفقون في نقل صورة حقيقية عن الواقع. ويأتي وصفهم للوقائع والأحداث والأحاسيس بما لايتفق والحقيقة، لأن الوهمًّ والخيال يسيطر عليهم وقلما يستخدمون عقولهم في إصدار أحكامهم على الظواهر الاجتماعية لأنهم يميلون أكثر نحو عالم الغيب والخيال. وتحكمهم الألفاظ والمفردات اللغوية في تصوير الواقع، وهذا ما يؤدي بهم إلى إصدار أحكام غير مطابقة للعقل والحقيقة.
ويعتقد ((هيراقليط))" أن الشعراء يكذبون كثيراً وغير صادقين في مشاعرهم".
وتجد الفلسفة أن انطلاق الشعراء من عالم الخيال والوهمًّ، لايمكنه أن يلتقي وعالم الواقع والحقيقة، لذا فأن أحكامهم الجازمة للظواهر والأحداث الاجتماعية تثير الشفقة والحيرة والتساؤل عن حقيقية ادعائهم بالمعرفة وشؤون الحياة.
ويعود هذا التعارض بين الفلسفة والشعر إلى اختلاف المنطلقات الأساسية لكل منهما، فالفلسفة تنطلق من الواقع وتحتكم إلى المنهج والعقل في تفسير الظواهر الاجتماعية. في حين أن الشعر ينطلق من عالم الخيال لتفسير ومحاكاة الأحداث والظواهر الاجتماعية وتغلب عليه أحكام الوصف غير الواقعي لمكونات الظاهرة. لذا نجد أحكام الفلسفة على الشعر أحكاماً قاسية، نتيجة اختلاف الرؤى وتعارض منظومة الفهم والإدراك للظواهر بين الطرفين.
ويعتقد ((سقراط))" أن الشعراء على شاكلة العرافين، نظراً لما هم عليه من شاعرية. ويعتقدون أنهم يفهمون ويدركون بشكل أعمق من غيرهم في كافة شؤون الحياة، بينما هم يجهلونها جهلاً مطبقاً".
وإذا تم إسقاط أحكام الفلاسفة على شعراء العصر الحالي، ستجد أن (أغلبهم) ينطلق من مصالحه الشخصية للتعبير عن الواقع الاجتماعي، بل أن العديد منهم جانب قيم الشر وساندوا الطغاة والحكام الأشرار من خلال قصائدهم في المديح والتبجيل.
ومازال العديد من الشعراء العراقيين الذين جانبوا قيم الشر يتفاخرون بقصائد تمجيد الحروب وتأليه الطاغية وبأوسمة الخزي والعار التي نالوها، ولم تستيقظ ضمائرهم الميتة بالرغم من الكشف عن عشرات المقابر الجماعية على امتداد مساحة الوطن.
والبعض الأخر من الشعراء يدعو لفك الارتباط بين قيمة الشعر وموقف الشاعر من القضايا الإنسانية، ويطالب بميزان آخر لتقييم الشعر والفن من خلال اعتماد معيار قيمة الشعر ورصانته لتقييم الشاعر!.
ويعلق الشاعر ((عبد الحميد الديب)) على هذا الموقف المتذبذب للشعراء قائلاً:
"يا رجال الشعر والفن الرصين لعن الله أباكم أجمعين".
ويبقى أن نشير إلى أن الفلسفة تستند إلى منهج علمي وعقلاني في إطلاق أحكامها على ظاهرة اجتماعية ما، لذا فأن أحكامها غير جازمة وغير شمولية وتتغير بتغير الواقع والعوامل والظروف، لأن العلم لايؤمن بالأدلة الثابتة والنصوص المقدسة وأحكامه تميل أكثر نحو مناقشة وتقييم عمومية الظاهرة وليس خصوصيتها. وتبقى هناك شواذاً خارجة عن حدود الظاهرة ولاتشملها الأحكام!.
لذا يتوجب عدم التعميم في إصدار الأحكام على الشعر والشعراء من خلال أحكام الفلسفة على ظاهرة ما، بل يتعين الإشارة إلى أن عمومية الظاهرة وأحكامها لاتنفي وجود شواذاً لها. والتقييم الصحيح لظاهرة ما يتوجب أن يحتكم لمجمل حيثيات الظاهرة (العام والخاص)!.
وفي هذا الإطار يتوجب الإشارة إلى أن هناك عدداً ليس بقليل من الشعراء الذين جانبوا قيم الخير، وكانوا في مقدمة قوافل الشهداء المدافعين عن الحقيقة وقيم الخير.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال
- موقف السلطة الفاشية من الثقافة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - موقف الفلسفة من الشعر والشعراء