أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي














المزيد.....

هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


مع الزمن والكتب بدأت أدرك طلاسم العالم والأشياء . كنت منشغلة بالقراءة والبحث في وقت كانت تتجه فيه ابنة عمي إلى ترتيب أحلامها ومشاعرها كما تصفف شعرها الأسود اللامع . مشكلتها كانت في جسدها الذي فاجأها بنمو مذهل أثار خوف أهلها . رايتك في لقائنا الأول تلمس بعينيك ردفيها البارزين ..أطلت النظر إلى صدرها فخفت للحظة أن يذهب عقلك بعيدا لكن سرعان ما أشفقت عليك وأنا أتذكر معرفتي بالرجل العربي الذي يبتلع رغباته وجنونه الذي لا ينضب ..تذكرت الجوع النفسي الداخلي الذي يرقد في دهاليز الجسد المقموع ..تذكرت كذلك بعض الكتب عن سيكولوجية المقهور ..حينها زال خوفي وغضبي – أنت تقول الغيرة وأنا أقول الحقد المقدس – أما بعد أن تحركت ابنة عمي وهي تودعنا ارتفع ردفاها ..اهتز صدرها المكتنز ..برزت قوة الفخذين المستديرين ..كنت مذهولا ومدهوشا ..تنظر ولا ترى .. سبقتك ذاكرة الجسد فحرمتك من التملي بهذا الجمال الساحر الأخاذ في صفائه البريء .ذاك الجمال الذي يمكن أن تعيشه وسط الغابة ..في الريف ..قرب النبع الصافي..عند جذور شجرة سامقة من الصفصاف الأبيض ..تلك الحياة التي تشحننا بها اللوحات الطبيعية فنولد من جديد بعد أن يفسح الحزن والأسى مجالا رحبا للفرح والأمل .كانت لوحاتك باهتة تسكنها العتمة والخفافيش لان رؤيتك كانت تقف عند الألوان . تأكدت أن الحزن واليأس عشش في دواخلك وعمى بصيرتك فكنت عبدا لجسد أثقل عليك بمطالبه البئيسة . أتمنى أن تفهم فكرتي حول الجمال انه ليس اقل من الرغبة الجنونية في التشبث بالحياة ..بحق الحياة بدل الموت البطيء في كيطو المنفى .
كتبي هي التي كانت تحملني إلى عالم معقد تشابكت خيوطه كما لو ان زوبعة رملية تعيق الرؤية السليمة للناس والأشياء . القراءة هي الوسيلة الوحيدة لتواصلي وحواري مع هذا العالم . كان بودي أن افهم ما حدث وكيف حدث . هاجسي الأول أن أقف عند الأسباب التي جعلت بيتنا لا كسائر البيوت . مع توالي السنين وقفت خائفة أمام هول الاكتشاف . شعرت في البداية بشيء يتحرك في أعماقي ويحرضني على الحرب وتدمير كل شيء ..هذه المدن الموبوءة بمظاهرها الزائفة الخادعة ..تلك المباني التي تقول التحول والازدهار الكاذب ..هذا الاسمنت المسلح بالحديد كشاهدة قبر ..هذه الواجهات الماكرة كسراب الصحراء ..كل شيء لابد من تدميره لأنه أقيم فوق الجثث والدماء . شيء ما يجتاحني لإزالة رموز المقبرة هاته . وأنت تقول في كتابك بان البناء لا يعني الازدهار ..كنت على حق لكن لم تتجرأ كما ينبغي وتعبر عن رغبة في داخلك تستحثك لتدمير هذا الزيف العفن المشحون بالمغالطات البصرية .كنت كذلك الطفل الذي شعر فجأة بقبح كل ما يحيط به ..نوع من القرف والتقزز المثير للغثيان يملاني كلما مررت بشوارع قسطنطينة ..كل شيء يبعث على الحقد. في غمرة هذا الجو الكئيب كنت ابحث عن فارس أحلامي كما يقول العقلاء ..ابحث عن رجل ضيعته الحرب وخربته المدينة فرمت به بعيدا وراء البحار . وضعت المدينة أسمال ماضيه فوق كتفه وقالت له بصوت صارخ = ارحل . هل كنت ذلك الرجل كما قيل لي . ليس من حقك أن تلتف على ماض لا يخصك وحدك . هم حرموني من أبي وأنت سرقت ذاكرته وتركت غبار الزمن يلعب لعبته القذرة وتسألني الآن لماذا " منعطف النسيان " فمن نسج خيوط هذه الرواية التي هزتك من ذا الذي نوم شخوصها في مستنقع الذاكرة الآسن وأغرى ساردها بلغة لا تخلو من الترهيب . بحثت عنك في جميع الأمكنة ..في الليل والنهار ..في العمارات والمكاتب ..كنت اسأل كالمجنونة أين هو خالد ولم أفز بجواب مريح . كثيرة هي القصص التي سمعتها عن أبي . لكن جميع الرواة اجمعوا في سردهم اللئيم الذي تسربله الأسطورة إلى درجة الحنق والغضب على أن اقرب الرجال إلى السي الطاهر هو خالد .صورة واحدة لرجلين تغلفها المبالغة إلى حد الكذب الشفاف . وكثيرا ما يقف السؤال منتصبا أمامي لماذا حول رجال الداخل أسطورة المقاومة والشهداء إلى خرافة تحكيها الجدات وتجمل بها خطب الأعياد والمناسبات بينما خنقها رجال المنفى في زوايا المقاهي والحانات يتسولون بها لقمة عيشهم النجس ...



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طفولة في.. ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- تونس لم تعد في تونس...
- ابن رشد ومشكلة النسبية
- الموت يحتضر...الجزء الاول
- عندما يضحك الوطن...
- تونس تمهل..ولاتهمل
- الاحذية
- الحفاة والكنغر
- يوميات عاشق =1) الامل الشاق
- لعبة الاواني
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني 2
- اغتيال
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني
- الكينونة والعدم
- مثقف المعارضة العربية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي